تشهد الحروب والصراعات عمليات تجنيد قسري لشبان وشابات بهدف تعويض النقص في كوادر القوات المتصارعة ودعم الحرب العناصر البشرية اللازمة.. وهذا ما شهدته سورية خلال سنين أزمتها.. لكن لوحظ اعتماد بعض أطراف الصراع (أو أغلبهم) على تجنيد الأطفال القسري في المعارك والمواجهات وهذا ما اتبعته فصائل كردية تسيطر على مساحات مهمة من سورية
ويمكن القول أن الأطفال المجندين في مناطق سيطرة الوحدات الكردية في الشمال الشرقي من سورية ، يمثلون قسمًا من عمليات تجنيد الأطفال في البلاد من قبل أطراف النزاع.
وكان تقرير لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة “يونيسيف” في أيلول/ سبتمبر 2017، قال إن عدد الأطفال المجندين في صراعات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنها سورية تضاعف خلال عام واحد، وإن عدد الأطفال الذين تم تجنيدهم في القتال ارتفع من 576 عام 2014 إلى 1.168 حالة عام 2015″.
الوحدات وخطف الأطفال
تسعى الوحدات الكردية التي تمثل السيطرة والقوة الحقيقية لما يعرف بقوات سورية الديمقراطية “قسد”، إلى تعزيز سيطرتها وتوسعة قاعدة مقاتليها عبر التجنيد الإجباري الذي فرضته على سكان مختلف المناطق التي تسيطر عليها.. متجاوزة قضية الترغيب والدعوة للإنضمام والإغراءات المادية إلى فرض التجنيد بالقوة.
وأشار تقرير صدر عن منظمة “هيومن رايتس ووتش” في 3 آب آغسطس 2018، قالت فيه إن وحدات حماية الشعب الكردية، تجنّد الأطفال، وبينهم فتيات، وتستخدم بعضهن في الأعمال القتالية، على رغم تعهداتها بوقف هذه الممارسة.
الإشكالية الأعمق في قضية التجنيد المذكور، تمثلها حالات اختطاف الأطفال وضمهم بالقوة لتلك الميليشيات في خطوة تشابه تصرفات حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) المصنف إرهابيًا لدى دول كثيرة.. خطوة أثارت غضبًا شعبيًا ومطالب أممية بإلغاء تصرفات تخالف مواثيق الحروب والنزاعات الدولية.
وبحسب شبكة “شام” السورية، سبق أن قامت ميلشيات “قسد”، باختطاف العشرات من الأطفال وعلى وجه الخصوص الإناث، بهدف نقلهن لمعسكرات التجنيد الإجباري في صفوف الميليشيات الكردية، شمال شرق البلاد، وبذلك تواصل الميليشيات تجنيدها للقاصرين مع تكرار الحدث ذاته في مناطق سيطرتها.
حيث فتح تعنت الوحدات الباب على مصراعيه أمام الاستياء الشعبي في مناطق سيطرة “قسد” نظرًا لعدم الاستجابة لمطالب إيقاف التجنيد وإعادة المخطوفين، ورغم الأوامر الظاهرية لقائد “قسد” العسكري، مظلوم عبدي، التي أطلقها استجابة للضغوط الأممية والغربية والتي يبدو أنها لم تلق آذانًا صاغية؛ حيث تواصل الشبيبة الثورية عمليات خطف وتجنيد الأطفال على الرغم من جميع المطالبات لهم بإيقافها.. ما رفع سقف الغضب ضد الإدارة العامة وقيادات “قسد” لعدم قدرتهم على وضع حد لهذا الهيكل العسكري الذي يقتل الطفولة بخطفه للأطفال.
الشبيبة الثورية الكردية
رصدت جهات حقوقية عدّة حوادث اختطاف لأطفال خلال شهر أكتوبر تشرين الأول الجاري، مثل خطف طفلة اسمها (ف. د)، تبلغ من العمر 16 عامًا وتنحدر من منطقة عين العرب (كوباني)..اختطفت وجرى تجنيدها في صفوف “الشبيبة الثورية”.
كما جرت حادثة أخرى لطفلة تدعى (ر. ع) من مدينة الدرباسية في ريف محافظة الحسكة، وتم سوقها إلى معسكرات الهيكل العسكري، رغم رفض أهلها التام وخوفهم على حياة طفلتهم، حيث طالبوا بإعادتها على الفور، علمًا أن الطفلة تولد عام 2004، أي أنها تبلغ من العمر 16 عامًا.
وتناقلت صفحات محلية صورة تظهر وثيقة تظهر معلومات شخصية عن الطفلة المخطوفة من قبل الميليشيات، بشكل يرفع من ممارسات وانتهاكات “قسد” مع تصاعد كبير في وتيرة تجنيدها للأطفال، خصوصًا القاصرات.
لترتفع مطالب ذوي المخطوفتين ومعارفهام بإعادة الأطفال إليهم.. كحال جميع أهالي الأطفال المختطفين، حيث يواصل الأهالي مناشدة الجهات الحقوقية المحلية والدولية للضغط بغية الإفراج عن أطفالهم.
وتستمر الوحدات الكردية عبر ما يعرف بـ “الشبيبة الثورية” باستخدام الأطفال عبر تجنيد متواصل لهم يقوم بتحويلهم إلى أداة عسكرية بدلًا من السماح لهم بحياة طبيعية ونيل أبسط حقوقهم كالتعليم.
و “الشبيبة الثورية” واحدة من أبرز الجماعات العسكرية الكردية، التي تقف وراء عمليات اختطاف القاصرين في مناطق شمال شرق سوريا، فقد اختطفت مؤخرًا 15 قاصرًا مؤخرا، (من بينهم ابنة أحد قائدة “المجلس الوطني الكردي”) بحسب وسائل إعلام معارضة.
وتعرف “الشبيبة الثورية” بالكردية بـ”جوانن شورشكر” وهي مجموعة تتألف من شباب وشابات أغلبهم قاصرون لا يتبعون فعليًا لأي من مؤسسات “الإدارة الذاتية”، ويتم غالبًا قيادتهم من قادة عسكريين ينتمون لحزب “العمال الكردستاني” المعروف اختصارا بـ”بي كي كي”.
حيث ذكرت تقارير أن حزب “العمال الكردستاني” يعتمد على هذه المجموعة للقيام بعمليات خطف وضرب النشطاء المعارضين لهم في سورية، وحرق مقار “المجلس الوطني الكردي” وتهديد المعارضين لـ “الإدارة الذاتية”.
تزايد في الحالات
اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إدارة وقياكة “قسد” بزيادة وتيرة تجنيدها للأطفال خمسة أضعاف، مشيرة إلى استهداف “قسد” لأطفال النازحين في المخيمات بهدف تجنيدهم في صفوف قواتها.
حيث سبق أنّ وثقت جهات حقوقية ارتفاع معدل تجنيد الميليشيات الكردية للأطفال بشكل مضاعف في الفترة الأخيرة (بعد توقف مؤقت) حيث أشارت إلى استهداف “قسد” لأطفال النازحين في المخيمات بغية تجنيدهم في صفوف قواتها.
في حين تواصل ميليشيات قوات سوريا الديمقراطية “قسد” عبر ما تعرف بـ الوحدات الشعبية ووحدات حماية المرأة.. تواصل إجبار القاصرين على الالتحاق في صفوف قواتها؛ بالرغم من نفيها المتكرر لعدد من التقارير الحقوقية التي صدرت مؤخرًا وهي تدين “قسد” بتجنيد القاصرين وزجهم في المعارك والمعسكرات التابعة لها.
كما أشارت تقارير إلى أن أكثر من 15 قاصرًا اختطفتهم مؤخرًا “الشبيبة الثورية” في عموم مناطق سيطرة “قسد”، حيث نقلوا إلى معسكر للتدريب بأطراف مدينة الحسكة، ليتلقوا تدريبات عسكرية قاسية قبل تجنيدهم ضمن صفوف القوات التابعة لـ “الإدارة الذاتية”.
وجرت العديد من حالات الاختطاف في مناطق عين العرب (كوباني)، وفي أرياف الحسكة وحلب.. وفي تصريح إعلامي في شهر يوليو تموز الماضي؛ قال الصحفي الكردي “شيرزان علو”: إن “وتيرة اختطاف الأطفال تصاعدت خلال الأيام القليلة الماضية”.
أما عن العدد الحقيقي للمختطفين، أكد علو أنه: “لا أرقام واضحة، حيث لا يعلن الأهالي كلهم عن اختطاف أطفالهم، لأسباب منها الخوف على مصيرهم في حال تم تداول اسم المختطف إعلاميًا، وأيضًا في بعض الحالات يفضل الأهالي عدم الإفصاح لإفساح المجال أمام محاولة إعادة أطفالهم من خلال وساطات محلية”.
ليبين الصحفي الكردي أنه “غالبًا ما يتم اقتياد الأطفال المختطفين إلى معسكرات سريّة، داخل الأراضي السورية، أو خارجها في شمال العراق (ذات الغالبية الكردية)”.
إدانة واستنكار
المرصد “الأورو متوسطي” لحقوق الإنسان، ندد وبشدة بعمليات الاختطاف التي تقوم بها “قسد” ورميهم في معسكرات التجنيد الإجباري.
حيث طالب المرصد الجهات الدولية المعنية بضرورة التدخل ووقف الانتهاكات المتلاحقة بحق الأطفال في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
وأصدر المرصد الحقوقي الدولي (مقره جنيف السويسرية)، بيانًا في الـ 5 من يوليو تموز 2020، أدان فيه اختطاف “قسد” الطفلة رونيدا داري (11 عامًا) من مدينة عامودا بريف الحسكة الشمالي، مشيرًا إلى أن عملية الاختطاف هذه ليست الأولى، حيث تتبع “قسد” سياسة تجنيد الأطفال وإشراكهم في العمليات العسكرية قسرًا دون الالتفات إلى الحماية الخاصة التي أقرها القانون لهم.
كما أوضح المرصد “الأورو متوسطي” أن عدد الأطفال المجندين قسرًا في معسكرات “قسد” وصل إلى 86 طفلًا حتى مطلع يوليو/ تموز 2020.. ليذكر بـ حظر القانون الدولي الإنساني مشاركة الأطفال في النزاعات المسلحة، منوهًا إلى أن مشاركة الأطفال في الأعمال العدائية انتهاك للقواعد الإنسانية.
كل المكونات مستهدفة
اتبع حزب العمال الكردستاني عبر أجنحته سياسة خطف الأطفال الأكراد لتغذية صفوفه بالدماء الشابة.. لكن الاعتماد على العرقية لم يعد معتمدًا في عمليات الاختطاف الأخيرة للأطفال بحيث تم تجاوز المكون الكردي إلى غيره من المكونات فكالت عمليات الخطف والتجنيد الأطفال والقاصرين العرب..
الخبير العسكري السوري “عبد الله الأسعد” أكد في حوار صحفي مع صحيفة الاستقلال أن “كل الأطفال الموجودين ضمن سيطرة قسد هم مجبرون على الانضواء تحت لوائها”.
وقال الأسعد: إن “الأكراد لهم نظام داخلي لالتحاق الشباب إلى صفوف قسد، أي بمعنى إذا كانت عائلة لديها شاب واحد تحت سن الـ 16 عامًا، فيجب انضمامه إلى التنظيم، أما إذا كان في العائلة 3 شباب، فيأخذ اثنين ويترك واحد”.
ليؤكد الخبير العسكري أن “اختطاف الأطفال وحرمانهم من التدريس لا يقتصر على الذكور فقط، وإنما هذه الممارسات تطال الفتيات أيضًا، ويجب عليهن الذهاب إلى الجبال والقتال مع تنظيم قسد”.
حيث أشار إلى أن “هذه الظاهرة تنتشر لعدم وجود عناصر كثيرة من أبناء المكون الكردي، وأن قسد يجند الشباب العربي وبدأ بتصفية شيوخ العشائر من أجل أن تكون الساحة خالية لهم ويفرض شروطا جديدة”.
كما كشف الأسعد أن “قوات سوريا الديمقراطية تضع حواجز بين القرى الكردية والعربية، من أجل منع هؤلاء القاصرين المختطفين من الهروب وإجبارهم على القتال في صفوفه”.
أما الصحفي جوان رمّو، وفي تصريح له في يوليو تموز 2020 أكد أن العدد الحقيقي لحالات اختطاف الأطفال ضخم، إلا أنه لا يتم ذكر كل هذه الحالات، بسبب مخاوف الأهالي من التعرض لمضايقات من عناصر “العمال الكردستاني”.
حيث أرجع رمّو، تزايد حالات الاختطاف مؤخرا إلى محاولة “العمال الكردستاني” تعويض النقص في كوادره، بسبب الخسائر التي تكبدها خلال العمليات العسكرية التركية الأخيرة ضد معاقله شمال العراق.
قفز وتحايل
يخالف تجنيد الأطفال الاتفاقيات الدولية.. فـ البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل يذكر بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلّحة، على ألا تقوم الجماعات المسلّحة غير التابعة للدولة بتجنيد أطفال دون سن 18 سنة لأي غرض كان.
كما أن المادة 1 من اتفاقية حقوق الطفل في البروتوكول تحدّد “أن المقصود بالطفل، هو كل إنسان يقل عمره عن 18 سنة”، وفق البروتوكول.
في حين يشير تقرير “تجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العدائية في القانون الدولي للعام 2017” وفق تحقيق استقصائي لوحدة التحقيقات الاستقصائية السورية “سراج”، أشار إلى استمرار تجنيد الأطفال في مناطق الوحدات الكردية بعد أن أدخلت تلك الوحدات تعديلًا على اتفاق بينها وبين منظمة دولية اِتُفق عليه للحد من الظاهرة..
حيث “وقّعت وحدات حماية الشعب، ووحدات حماية المرأة، والإدارة الذاتية الديموقراطية على (سند الالتزام) بموجب نداء جنيف، بأنهم سيقومون بفرض حظر تام على استخدام الأطفال دون الـ 18 في الأعمال العدائية.
لكن وخلافًا لأحكام البروتوكول الاختياري، أدخلت الوحدات الكردية تحفظًا يذكر أنه سيسمح للأطفال البالغين من العمر 16 سنة وما فوق بأن يصبحوا أعضاء في قوات وحدات حمایة الشعب بمحض إرادتهم!
كما سیشاركون في أنشطة غیر عسکریة، ولا یسمح لهم بالمشارکة بشكل مباشر أو غیر مباشر في الأعمال العدائیة”.
وفي حزيران/ يونيو، أعلنت “نداء جنيف” أن المجموعة ستعدّل مدونة قواعد السلوك التي تعتمدها بحيث لا يحق إلا لمن بلغ 17 سنة أو أكثر الانضمام.
إلى ذلك، سبق أن قال المرصد “الأورو متوسطي”: إن قوات “قسد” المدعومة مِن التحالف الدولي اختطفت، خلال شهر ديسمبر أيلول 2019، نحو 200 طفل من داخل (مخيم الهول)، وعزلتهم في أحد المعسكرات التابعة لها لتجنيدهم واستخدامهم في القتال.
كما يعمل “حزب الاتحاد الديمقراطي” عبر وحداته الكردية التي تهيمن على “قسد”، على إطلاق حملات للتجنيد الإجباري تحت مسمى “واجب الدفاع الذاتي” في جميع مناطق سيطرته، حيث يقوم من أجل ذلك حملات دهم واعتقال تشمل الشبان والفتيات لسوقهم إلى الخدمة قسرًا.
طرق ووسائل
تعتمد الوحدات الكردية طرقًا مختلفة لجذب الأطفال وتهيئتهم للانخراط في صفوفها في مرحلة ما قبل الخطف (أو مرحلة التجنيد الاختياري) الذي يعتمد على غسيل الأدمغة السابق للتجنيد (هناك غسيل للأدمغة في معسكرات التدريب) واستغلال نقاط الضعف المعيشية أو المشاكل التي يقع فيها أولئك الأطفال مع ذويهم أو مع المجتمع بهدف استقطابهم..
الكاتب الكردي “هوشنك أوسي”، المقيم في بلجيكا، والمتابع لموضوع تجنيد الأطفال، قال وفق ما نقله تقرير الوحدة الاستقصائية: إن سبب لجوء حزب الاتحاد الديموقراطي PYD وذراعه العسكرية وحدات حماية الشعب YPG لتجنيد الأطفال هو حاجته إلى مقاتلين يملأون الجبهات بحجة محاربة تنظيم “داعش” وحماية المناطق الكردية من التنظيمات الإرهابية والتكفيرية، مشيرًا إلى أن تجنيد الأطفال هو من مصادر التزود بالمقاتلين، ووقود الحروب من قبل الجماعات والأحزاب المسلحة..
يضيف أوسي: “لا يوجد مصدر آخر لرفد الجبهات بالعناصر إلا بطريقتين فإما الإقناع والاقتناع أو التجنيد الإجباري للأحداث والقاصرات”.
وبحسب شهادات أطفال وذويهم، وتقارير منظمات حقوقية، تستميل الوحدات الصغار.. عبر إنشاء تجمعات خاصة، تحت مسمّى “كومينات” منها واحد فقط للأطفال، (الكومين هو بمثابة “مجلس الحي أو القرية”، وهو اسم يطلقه الحزب على مجالس الأحياء)
وكالة أنباء “هاوار” نيوز المقربة من الوحدات، في 11 أيار 2017، فإن افتتاح “كومينات” الأطفال يهدف إلى “تنظيمهم وتوعيتهم وتنمية مواهبهم وقدراتهم الثقافية، الفنية، والتعليمية”.
في تصريح قديم نقلته ذات الوكالة، قالت الرئيسة المشتركة لكومين عفرين للأطفال، نورا حسن، خلال فعاليات افتتاح الكومين، “سيتعلم الأطفال في هذا الكومين دروسًا ثقافية، فكرية، أدبية وتعليمية، في الوقت الحالي، ومع مرور الوقت سيكون هناك مشاريع ومخططات أخرى لتنمية مواهب الأطفال وقدراتهم”. ودعت جميع أولياء الأطفال بإرشاد أطفالهم إلى الكومين.
حيث يُعتبر الحضور إلى الكومين، والتعرف إلى مبادئ حزب PYD وأفكاره خطوة على طريق وضع هؤلاء الأطفال على طريق حمل السلاح، حين يلقنونهم أفكاراً مثل “الانتقام هو طريق الحرية”، و”نحارب العالم لأجل زعيمنا”، بحسب ناشط حقوقي من سكان مدينة عفرين، في تعليقه لـ “سراج”.
من الطرق الأخرى (غير الخشنة)، إقحام صور مقاتلي الحزب والوحدات في المناهج الدراسية التي فرضها حزب العمال عبر واجهته PYD في مناطق سيطرته (مناطق الإدارة الذاتية)، حيث يعمل على إظهارهم بصورة الإنسان المثالي أخلاقيًا.. والبطل القومي، وكذلك تسمية الشوارع والمدارس بأسماء القتلى.. بهدف جذب الأطفال وتغيير تفكيرهم.
واعتبر هوشنك أوسي، أن تجنيد الأطفال “مغطى بشعارات قومية تغازل المشاعر والعواطف القومية لدى الأكراد، على اعتبار أن هذا القتال هو في سبيل المطالب والحقوق الكردية..
إلا أن هذا السلوك، لا يخدم الفكر القومي أو المشروع القومي – وفق أوسي- كما أن تجنيد الأطفال وفق القانون الدولي جريمة حرب وجرائم الحرب قطعًا لا تخدم الأفكار القومية والحقوقية لأي شعب”.
ليعتبر الكاتب أنّ “لجوء الحزب لتجنيد الأطفال للقتال في مناطق أخرى كدير الزور والرقة وفي كوباني (عين عرب) بمثابة عرف بالنسبة إليه، وسلوك قديم”. (في إشارة إلى أسلوب حزب العمال الكردستاني خلال عقود من الاختطاف وتجنيد الأطفال القسري).
من زاوية أخرى يطل البعد المالي كأسباب أخرى تدفع الأطفال للانضمام إلى الميليشيات، مع ما يترافق معه من عنف أسري وفقر مدقع بعدما تسبب النزاع طيلة السنوات الماضية بارتفاع معدلاته إلى مستويات قياسية.
بعد الخطف والتجنيد
كشف نائب رئيس رابطة المستقلين الكرد السوريين، رديف مصطفى، أن الأطفال المختطفون يخضعون إلى عمليات تدريب عسكرية مكثفة، بالإضافة إلى دورات أيديولوجية في مناطق سرية، تهدف إلى زرع أفكار الحزب المتطرفة داخل عقول هؤلاء، حيث يتم “غسيل أدمغة” القاصرين والقاصرات، ليكونوا كوادر حزب “العمال الكردستاني” المستقبلية.
مصطفى، وخلال تصريحات صحفية في 7 يوليو تموز 2020 كشف أن: “العمال الكردستاني، لم يتوقف يومًا عن خطف الأطفال والقاصرين بهدف التجنيد في صفوفه”، لافتًا إلى أن “عمليات الخطف هذه التي تنتهك حقوق الإنسان والطفل، تتم على نطاق سري، في مناطق شمال شرقي سوريا، وتحديدًا في المخيمات التي تؤوي العائلات الكردية النازحة، من عفرين وغيرها”.
ليؤكد أن “العمال الكردستاني والأحزاب السورية التابعة له، يولي تجنيد الأطفال أهمية قصوى، فإن اختطاف الأطفال بهدف التجنيد، يعد أحد مرتكزات عمل “العمال الكردستاني”، رغم تعارض ذلك مع كل المبادئ الحقوقية الدولية”، مشيرًا إلى “استحالة توثيق كل حالات الاختطاف”.
وبيّن مصطفى أن “عددًا كبيرًا من حالات الاختطاف تتم بشكل سري، ولا يستطيع أهالي الطفل التصريح لوسائل الإعلام بذلك، على أمل أن يستجيب الاتحاد الديمقراطي لمناشداتهم بعيدًا عن التصعيد عبر وسائل الإعلام”.