يشهد الملف اليمني حالة من الضبابية، بعد فشل الجهود الأممية والدولية في تمرير خطة لوقف إطلاق النار، في ظل رسائل ميليشيات الحوثي المتناقضة بشأن موقفها من خيارات الحرب والسلام، وسعيها لتوسيع مناطق سيطرتهم، إلا أن دور سلطنة عمان وضع بارقة أمل جديدة للجهود الإقليمية والدولية لإيجاد صيغة توافقية وخريطة طريق جديدة لإنهاء الأزمة.
وزير الخارجية اليمني السابق “أبو بكر القربي”، كشف عن خريطة طريق جديدة لإنهاء الحرب في اليمن، اذ يجري نقاشاً موسعاً في “سلطنة عمان” حول مسودة اتفاق لإنهاء الحرب في اليمن، تتكون من 21 بندا من إعداد الخارجية الأمريكية والمبعوث الأممي الجديد لليمن.
وتوقع “القربي” عبر “تويتر”، أن تساهم النقاشات الموضوعية في بلورة رؤية لإنهاء الصراع، تقود الأطراف إلى كلمة سواء وحل عادل وشامل”، مؤكداً أن “الفريق الاستشاري الدستوري بادر بتقديم خارطة لوقف النزاع في اليمن بنظرة دستورية وحيادية من أطراف الصراع”.
الوثيقة والبنود ٢١..
بدورها، كشفت مصادر يمنية وخليجية مطلعة عن تطورات مهمة بشأن الحل السياسي للحرب في اليمن خلال المرحلة المقبلة”، موضحة أن “هناك اتصالات وجهود مكثفة لإعداد مسودة بنود اتفاق لإنهاء الحرب في اليمن، بين وزارة الخارجية الأمريكية والمبعوث الجديد إلى اليمن وسلطنة عمان إضافة إلى السعودية”.
وأكدت المصادر أن “المسودة تتكون من 21 بندا عملت على إعدادها وزارة الخارجية الأمريكية والمبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، وتتمثل بنود المسودة بوقف إطلاق النار أولا بين الأطراف كافة، إضافة إلى متابعة إلغاء القرار 2216، تمهيدا لتطبيع الوضع، وإنشاء مجلس رئاسي من خمسة أعضاء اثنين من شمال اليمن واثنين من جنوبها، وتعيين رئيس مجلس توافقي لفترة انتقالية من خمس سنوات”
كما تتضمن مسودة الاتفاق اعتماد الكونفدرالية خطا عريضا في الحل السياسي الشامل، واعتماد شكل حكم كامل الصلاحيات أشبه بالحكم الذاتي في الأقاليم، ويتم تقسيم الشمال لإقليمين اذ يتولوا الحوثيون إدارة شمال الشمال وحتى محافظة إب، وتتولى الحكومة اليمنية الإقليم الثاني شريطة أن تكون الحديدة ضمنها، ويتشكل الجنوب من إقليمين كاملي الصلاحيات وذلك حتى الاستفتاء في أول السنة الخامسة للفترة الانتقالية”.
وتطرح قضية جنوب اليمن لاستفتاء شعبي جنوبي بإشراف أممي، وسيتم طرح الاستفتاء في بداية العام الخامس من الفترة الانتقالية، ولكن يظل اليمن تحت البند السابع من لائحة مجلس الأمن، على أن يتم إنشاء مجموعة دولية بالإضافة إلى عشر دول تضم كل من تركيا وإيران ومصر والسعودية والإمارات.
كما تنص مسودة الاتفاق على بقاء سلاح كل إقليم لذاته وفق اتفاقية سلام وعدم تحرك القوات وإعادة الانتشار، ويحظر دخول السلاح الثقيل والصواريخ والتسليح النوعي عن اليمن.
وتشكيل حكومة وفاق وطني مصغرة على أن تبقى الخارجية تحت إشراف المجلس الرئاسي وتعمل الأمم المتحدة على إرساء مبادئ العدالة التصالحية وأن يتم نشر قوات سلام دولي في 17 منطقة يمنية من ضمنها الحديدة بعد أن ينسحب الحوثيون منها على أن تظل الصليف ورأس عيسى ضمن إقليمهم وتفتح جميع المطارات اليمنية ويتم الاتفاق على إعادة خارطة تموضع الحوثي في محافظة تعز بجنوب غرب اليمن.
إلى جانب ذلك، تضمنت الوثيقة إنشاء مجلس إعمار اليمن والعدالة التصالحية ودفع تعويضات تقدر بـ100 مليار دولار، وتتحمل دول الخليج نصف تكاليف الإعمار في اليمن والذي سيتواصل لمدة 5 أعوام،و بالإضافة إلى تشكيل هيئة للبنك المركزي من تسعة أعضاء من بينهم خبير إقليمي وآخر دولي ويتم إعداد خارطة الإيرادات السيادية فقط مع بقاء إدارة كل الإيرادات المحلية ذاتية لكل إقليم وتشكل سبع مجموعات عمل مختلفة منها عسكرية واقتصادية مقرها مؤقتا سلطنة عمان لإعداد تفاصيل عملية للبنك المركزي وغيره من القضايا الأمنية والوضع الإنساني والإعمار.
رد حكومي..
رد الحكومة اليمنية على تسريبات بنود الوثيقة جاء بشكل غير مباشر، اذ شدد وزير الخارجية “أحمد عوض بن مبارك” خلال لقائه عبر اتصال مرئي مع السفير الهولندي لدى بلاده “بيتر ديرك هوف” على أن “الحكومة تحرص على تحقيق السلام المستدام والوصول إلى تسوية سياسية وفقا للمرجعيات الثلاث المتفق عليها وطنيا ودوليا، والتعاون الوثيق مع مبعوث أمين عام الأمم المتحدة هانس غروندنبرغ وضرورة الاستفادة من التجارب الماضية والبناء عليها لتحقيق سلام شامل ودائم”.
والمرجعيات المقصودة هي المبادرة الخليجية (2011) ونتائج مؤتمر الحوار الوطني (2013-2014) وقرارات مجلس الأمن الدولي خصوصا القرار رقم 2216 الذي يلزم الحوثيين بترك المناطق الخاضعة لهم وتسليم السلاح.
وتقود السعودية، منذ مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها الجماعة أواخر 2014.
في المقابل تنفذ ميليشيا “أنصار الله” هجمات بطائرات دون طيار، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة؛ تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وداخل أراضي المملكة.
واجتمعت أطراف النزاع في اليمن في ديسمبر/كانون الأول 2018، لأول مرة منذ عدة سنوات، على طاولة المفاوضات، التي نظمت تحت رعاية الأمم المتحدة في ستوكهولم. وتمكنوا من التوصل إلى عدد من الاتفاقيات المهمة، لا سيما بشأن تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الاستراتيجية ووضعها تحت سيطرة الأمم المتحدة.
إيران والمساعي العراقية..
تسريبات الوثيقة تزامنت مع اعلان العراق عن عقد قمة في بغداد يتوقع انطلاقها يوم السبت المقبل، وتجمع القمة إيران وخصومها من دول الخليج العربية، بهدف تهدئة التوتر الذي دفع الجانبين صراع مفتوح في السنوات القليلة الماضية.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤولين أن “الاجتماع، الذي سيبحث الحرب الدائرة في اليمن وانهيار لبنان وأزمة المياه على مستوى المنطقة، وربما يخطو خطوة صوب تقارب سعودي إيراني رغم أن الدولتين لم تعلنا بعد مستوى تمثيلهما في الاجتماع”.
كما أكدت المصادر أن رئيس الوزراء العراقي “مصطفى الكاظمي” وجه الدعوة بالإضافة إلى السعودية لكل من مصر والأردن لحضور اجتماع بغداد وكذلك لتركيا والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تشارك بلاده في تنظيم القمة.
وكان التوتر بين السعودية وإيران قد تزايد بعد اعتداء وقع في العام 2019 على منشآت نفطية سعودية أدى إلى توقف نصف إنتاج المملكة النفطي لفترة وجيزة. وحملت الرياض إيران مسؤولية الهجوم، غير أن طهران نفت صحة هذا الاتهام الذي تبنته ميليشيات الحوثي.
ويؤيد كل من البلدين طرفا مختلفا في الحرب الدائرة في اليمن وقد قطعا العلاقات في 2016 لكنهما استأنفا المحادثات المباشرة في العراق في أبريل نيسان الماضي، ويأمل العراقيون أن يحضر الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي الذي ينتمي إلى المحافظين الاجتماع ويتوقعون حضور وزراء من دول خليجية من بينها السعودية والإمارات.
يشار إلى أن سفير إيران في العراق “إيرج مسجدي” كشف الأسبوع الماضي، على تطورات مهمة جدا في العلاقة مع المملكة العربية السعودية بضمنها حرب اليمن، وأنه يوجد تقارب إيجابي مع السعودية حول عدد من الملفات العالقة في المنطقة”، موضحاً أن “من ضمن هذه الملفات ملف الحرب في اليمن التي تشنها السعودية للعام السابع على التوالي”.
وتشعر السعودية بالقلق من إحياء إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن المحادثات النووية التي قد تفضي إلى تخفيف العقوبات المفروضة على طهران وترى في التواصل وسيلة لاحتواء التوتر دون التخلي عن مخاوفها الأمنية من الهجمات التي تحمل مسؤوليتها لإيران وميليشياتها في المنطقة.