بدأت تتساقط الأوراق عن شحنة “الرمان المفخخ”، بضربات سريعة ومتلاحقة، ليعود إلى الواجهة دور ميليشيا “حزب الله” في تصنيع وتهريب المخدرات، بعد القرار السعودي بحظر استيراد الخضار والفاكهة اللبنانية.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه السلطات السعودية عن ضبط أكثر من الملايين من حبوب “الكبتاغون” المخدر قادمة من لبنان ومخبأة داخل فاكهة “الرمان”، أكد مسؤول لبناني أن “الشحنة كانت قادمة من سوريا وهناك من سهل طريقها على الأراضي اللبنانية”، وذلك في إشارة إلى ميليشيات “حزب الله” التي تقاتل إلى جانب نظام الأسد في سوريا وتسيطر على المعابر غير الشرعية بين البلدين.
من “الفرقة الرابعة” إلى “حزب الله”..
رئيس نقابة مصدّري ومستوردي الفاكهة والخضار في لبنان “نعيم خليل” قال: “لا يوجد موسم رمان في لبنان حالياً، والشحنة المضبوطة في السعودية ليست لبنانية بل مرّت بالترانزيت من سوريا عبر لبنان إلى السعودية”.
بدوره، أكد رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع في لبنان “إبراهيم ترشيشي” أن “تجاراً سوريين يقفون وراء تهريب شحنة الرمان المحشو بالكبتاغون، عن طريق لبنان”. موضحاً أن “تجاراً سوريين يستأجرون المبردات من أجل نقل هذه الفاكهة المحشوة بالمخدرات”.
ويسيطر حزب الله اللبناني على المناطق الحدودية مع سوريا، ومعابر التهريب غير الشرعية بين البلدين، فيما كثف الحزب خلال الأعوام الأخيرة السيطرة على الأراضي السورية المحاذية للحدود مع لبنان في منطقة القلمون الغربي، وشق طرق تهريب إلى لبنان في تلك المناطق بتسهيل من الفرقة الرابعة التي يقودها شقيق “بشار الأسد”.
كما أكدت مصادر مطلعة لـ”مرصد مينا” أن “منطقة (القلمون الغربي) أصبحت مركزاً لنشاط حزب الله في تصنيع الكبتاغون، وتنتشر معظم المعامل في منطقة تدعى الجوزة”. لافتة إلى أن “شخص يدعى (حسن دقو) يديرها بالتنسيق مع الفرقة الرابعة التي تقوم بتأمين الحماية له”.
ونشرت وسائل إعلام لبنانية قبل أيام خبر اعتقال أبرز المتهمين بتصنيع وتجارة حبوب الكبتاغون المخدرة في لبنان “حسن دقو” ابن بلدة الطفيل اللبنانية الحدودية الخاضعة لسيطرة النظام السوري و”حزب الله” اللبناني، اذ ألقت القبض عليه مع 4 من مساعديه، بينما تمكّن الباقون من الفِرار، قيل إن وجهتهم كانت تركيا.
مصادر لبنانية أكدت أن “سبب توقيف دقو، كان مصادرة شحنة كبتاغون تم تهريبها إلى ماليزيا؛ تمهيداً لإعادة تهريبها من ماليزيا عبر أثاث منزلي إلى المملكة العربية السعودية لإبعاد الشبهة”. موضحة أنه “بناءً على مذكرة توقيف، تمّ إلقاء القبض على حسن دقو؛ كان قد أرسلها الإنتربول من ماليزيا”.
وكان مستشار الديوان الملكي السعودي، “عبد الله بن محمد المطلق”، قد اتهم في وقت سابق كل من ميليشيا “حزب الله اللبنانية” وميليشيات الحوثي اليمنية، المدعومتين من إيران، بالتورط بعمليات تهريب المخدرات إلى الأراضي السعودية. مؤكداً أن “حزب الله والحوثي يسعون للنيل منها من خلال استهداف شبابها بتلك المواد.
معامل التصنيع..
رد السلطات اللبنانية جاء سريعاً بعد “شحنة الرمان” اذ دعت وزارة الخارجية “السلطات للعمل بأقصى الجهود لضبط كل عمليات التهريب عبر تكثيف نشاط الأجهزة الأمنية والجمارك على المعابر الحدودية في ضوء القوانين اللبنانية التي تجرم الاتجار وتهريب وتعاطي المخدرات، لقمع هذه الآفة وتفشيها ولمنع الإضرار بالمواطنين الأبرياء وبالمزارعين والصناعيين وبالاقتصاد اللبناني”.
وأعلن الجيش اللبناني يوم الخميس ضبط معملا لتصنيع المواد الأولية لإنتاج مخدر “الكبتاغون” بمحلة “الشراونة” في بعلبك شرقي البلاد” مؤكداً أن “وحدة من الجيش داهمت مع مجموعة من مديرية المخابرات في محلة الشراونة – بعلبك، منازل عدد من المطلوبين ومعملا بداخله معدات وآلات لتصنيع المواد الأولية لإنتاج المخدرات (كبتاغون)”. لافتة إلى أنه “تم تسليم المضبوطات للمراجع المختصة وتجري متابعة الموضوع لتوقيف المتورطين”.
إلى جانب ذلك، كشفت مصادر سورية في وقت سابق أن معامل التصنيع لا تقتصر على الأراضي اللبنانية، وفي الأراضي السورية أيضا وهي محمية من قبل نظام الأسد، مشيرة إلى “وجود 14 معملاً لإنتاج المخدرات في منطقة واقعة على الحدود بين سوريا ولبنان، وتلك المنطقة تضم كل منطقة القلمون الغربي وسرغايا ورنكوس وعسال الورد والجبة وتلفيتا وبخعة والطفيل ومضا والصبورة”.
ولفتت المصادر إلى أن “تلك المعامل تدار بشكلٍ مباشر من قبل ميليشيات حزب الله بالتنسيق مع ميليشيا مسلحة موالية للنظام السوري وأصبحت خلال السنوات الماضية مركزاً نشطاً في مجال المخدرات من حيث التصنيع والاتجار والترويج”.
في ذات السياق، أوضحت المصادر أن “عمليات تصنيع المخدرات تتم بمساعدة ودعم من قبل ميليشيات حزب الله اللبناني، والذي يسيطر على المنافذ الحدودية غير القانونية بين البلدين، والتي لا تخضع لأي رقابة رسمية من قبل الدولة اللبناني”.
مسؤول أمني لبناني أكد اليوم الاثنين لوسائل الاعلام أن “موفدين رسميين من الدول عقدوا منذ أكثر من أسبوع اجتماعات مع مسؤولين أمنيين لبنانيين شددوا خلالها على ضبط المسالك الشرعية أو المعابر غير الشرعية التي يستخدمها المهربون لإيصال سمومهم إلى بلدانهم” موضحة أنهم “قاموا بتزويد من التقوهم بلائحة أسماء المصانع التي تتولى تصنيع المواد المخدرة والمنتشرة في عدد من المناطق البقاعية، وتحديداً في البقاع الشمالي وفي المناطق الحدودية المتداخلة بين لبنان وسوريا”.
المصدر الأمني أوضح أن “هناك محميات عشائرية تتولى توفير الحماية للمصانع التي تنتج المواد المخدّرة الواقعة في مناطق ليست خاضعة لسلطة الدولة وإنما لقوى الأمر الواقع، وأن معظم هذه المصانع موجود في المناطق الحدودية المتداخلة بين لبنان وسوريا، ومنها المستخدمة للتهريب والتي تربط بين البلدين بطرقات معظمها مستوفية لشروط السلامة المرورية بخلاف الطرقات الشرعية”.
يذكر أن منطقة سهل البقاع على الجانب اللبناني من الحدود، تعتبر من أكثر مناطق لبنان والمنطقة زراعة للحشيش والمواد المصنعة للمخدرات، حيث تحتكر مجموعة من العشائر اللبنانية، المدعومة من حزب الله مزارع الحشيش هناك، في مقدمتها “آل زعيتر”.
ضربات متتالية..
الكشف عن شحنات المخدرات لم تتوقف عند السعودية، اذ أعلنت النيجر يوم السبت الفائت، إتلاف 17 طنا من الحشيش قادمة من لبنان، كانت في طريقها إلى ليبيا، ﻭﺗﺒﻠﻎ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺸﺤﻨﺔ ﺣﻮﺍﻟﻲ 37 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺩﻭﻻﺭ.
كما، أعلنت اليونان في اليوم نفسه “السبت”، عن ضبط أكثر من 4 أطنان حشيش مخدر مخبأة في شحنة آلات صنع الحلويات “الكب كيك” قادمة من لبنان إلى سلوفاكيا، وقيمتها حوالي 33 مليون يورو. موضحة أنه “تم ضبط شحنة المخدرات بعد معلومات من الجانب الأميركي، وتلقي مساعدة من السعودية في ضبط شحنة المخدرات المتجهة من لبنان إلى سلوفاكيا”.
الشحنة وصلت إلى مرفأ بيريوس في أثينا باليونان يوم 14 إبريل الماضي، وكان من المفترض أن يتم نقلها عبر قطار إلى سلوفاكيا مروراً بجمهورية شمال مقدونيا وصربيا وهنغاريا، وكانت كميات الخشيش المخدر مخبأة في مكنات صناعية لصنع حلوى الـ”كاب كيك”.
يشار أن السعودية أحبطت الجمعة تهريب أكثر من مليوني قرص مخدر من نوع “إمفيتامين” مخبأة في شحنات الفواكه اللبنانية، لافتة إلى أنه تم القبض على المتورطين في محاولة تهريبها بمحافظة حفر الباطن، وهم (5) متهمين، منهم (4) مواطنين.
وكشف السفير السعودي لدى لبنان، “وليد بخاري”، أنه تم إحباط تهريب أكثر من 600 مليون حبة مخدرة مصدرها لبنان خلال السنوات الست الماضية، إضافة إلى مئات الكيلوغرامات من الحشيش المخدر. موضحة أن: “الكميات التي يتم إحباط تهريبها كافية لإغراق الوطن العربي بأكمله بالمخدرات والمؤثرات العقلية وليس السعودية وحدها”.
يذكر أن السلطات في الخليج ومصر والأردن قد أعلنت في أوقات سابقة عن ضبطهما لشحنات كبيرة من المواد المخدرة، قبل دخولها إلى أراضيهما، مشيرتين إلى أن “سوريا ولبنان هي منشأ تلك الشحنات”. كما ضبطت إيطاليا شحنات ضخمة من المخدرات وبخاصة حبوب الكبتاغون قادمة من موانئ تابعة للسلطات السورية.
وكشفت تقارير إعلامية أن ارتفاع نفقات الحزب وتراجع التمويل، تدفع الحزب إلى محاولة توسيع الأسواق التي يروج فيها منتجه من المخدرات، لافتاً إلى أن “سيطرته على المطارات ومرفأ بيروت وانتشاره بالقرب من الحدود السورية – الأردنية، القريبة جداً من منافذه الحدودية غير الشرعية بين لبنان وسوريا، منحه فرصة كبيرة لنقل تلك المخدرات إلى دول كثيرة”.
التقارير اكدت أن “نشاط الحزب تجاوز حدود القارات، اذ وصل إلى قارة أمريكا اللاتينية، التي تنشط فيها أكبر عصابات تهريب المخدرات في العالم، بالإضافة إلى امتلاك الحزب وإيران علاقات جيدة مع بعض أنظمتها السياسية الحاكمة، ما مكن الحزب من تحويلها إلى سوق كبيرة يجني منها ملايين الدولارات”.