شكلت منطقة الساحل والصحراء، بيئة خصبة لانتشار المجموعات الإرهابية والتنظيمات الأصولية ذات الفكر المتشدد، والتي لاقت بيئات مناسبة تسمح بتعزيز تواجدها وتحقيق أهدافها، ولعل انتشار جماعة “بوكو حرام” أحد الأمثلة الفعلية على ذلك.
وذكرت تقارير أمريكية سابقة، عن وزارة الدفاع أن ما يصل إلى ألفي مسلح ينتمون لتحالف موالي للقاعدة ينشطون في غرب أفريقيا، وذكرت واشطن بوست أن تنظيم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” الذي خطط لهجوم أودى بحياة أربعة جنود أميركيين في النيجر عام 2017 لديه المئات من المسلحين الذين ينشطون في شمال شرق مالي.
وأطلق مسؤولون أمريكيون في حوار صحفي مع “واشنطن بوست ” مخاوف جديّة من وجود مخططات تعاون بين القاعدة وتنظيم داعش للسيطرة على مساحات شاسعة في تلك المناطق، وأوضحت الصحيفة أن المسلحين ينسقون الهجمات ويحددون مناطق نفوذ متفق عليها بشكل متبادل، ضمن خطط متكاملة في منطقة الساحل جنوب الصحراء الكبرى.
من جهته، أشار الجنرال داغفين أندرسون، رئيس العمليات الخاصة للجيش الأميركي في أفريقيا إن هذه المناطق شاسعة وقد تستقطب مسلحين عراقيين وأفغانيين، محذرًا من أن ما يحدث ليس مجرد أنشطة إرهابية “عشوائية”، بل حملة موجهة تهدف إلى جمع هذه الجماعات “لقضية مشتركة”، وهو ما قال إنه “يشكل خطرا على الولايات المتحدة”.
ووفق مقابلات أجرتها الصحيفة مع أكثر من 10 مسؤولين وقادة عسكريين كبار من الولايات المتحدة وفرنسا ودول غرب أفريقيا فإن الجماعات المتشددة استخدمت تكتيكات متطورة بشكل متصاعد في الأشهر الماضية،حيث تغلغلوا في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وأقاموا كمائن للقواعد العسكرية واستولوا على القرى والبلدات بهجمات مفاجئة.
ورأى المسؤولون الذين أجروا المقابلات، أن هذه المجموعات لم تعلن “الخلافة” مخافة أن يتم التدقيق في أنشطتها من قبل الدول الغربية، لكنهم “يستثمرون في الوقت ” من أجل التدريب وجمع قوات والتخطيط لهجمات، قد تطال أهدافا كبيرة في الخارج.
الجنرال إبراهيم فاني، الأمين العام لوزارة دفاع دولة ماليّ، حذر من أن “هذا السرطان سينتشر إلى الخارج إذا لم نحارب معا لهزيمته”، وجاءت الأنباء الأخيرة، بموازة دراسة البنتاغون لعملية سحب 1400 عسكري من غرب أفريقيا، يقدمون الدعم العسكري والاستخباراتي، لكن مسؤولين كانوا يشاركون في تدريبات عسكرية بموريتانيا هذا الأسبوع، قالوا إن البنتاغون لم يقرر بعد مسألة سحب قوات من المنطقة.
تجدر الإشارة أن مسؤولين أميركيين حذروا من تحالف محتمل بين القاعدة وداعش في أعقاب هزيمة الأخير ومقتل زعيمه أبو بكر البغدادي في غارة أميركية، وقال مسؤولون في غرب أفريقيا إن المجموعات النشطة في منطقة الساحل تنسق مع المجموعات الأخرى في الشرق الأوسط.
وبيّن مسؤول في مكافحة الإرهاب في واشنطن رفض الكشف عن هويته لصحيفة “واشنطن بوست” أن الوكالات الأميركية رصدت نهاية العام الماضي قيام التنظيمين معًا بعملية منسقة لعزل مدينة وغادوغو، عاصمة بوركينا فاسوا التي يقطنها 2.2 مليون نسمة.
وقال مسؤول مكافحة الإرهاب، إنهم قاموا بالسيطرة على الطرق السريعة وفجروا جسورًا، وشنوا هجمات ضد المواكب العسكرية، وحول ارتفاع مستويات التنظيمات الارهابية، قال مسؤول عسكري فرنسي إن هؤلاء المسلحين “أصبحوا أكثر تنظيما وقدرة على الحركة” وهم “يقومون بهجمات احترافية لم نشهدها من قبل”.