هيئة التحرير
قالت قيادة الولايات المتحدة لإفريقيا “أفريكوم” إنها تمتلك أدلة واضحة على أن مجموعة “فاغنر” الروسية، المدعومة من موسكو، حسب تعبيرها، “زرعت ألغاما أرضية وعبوات ناسفة في العاصمة الليبية طرابلس وحولها، منتهكة بذلك الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على الأسلحة، ومعرضة حياة الليبيين الأبرياء للخطر”.
وأشارت إلى أن الأدلة الفوتوغرافية التي تم التحقق منها تظهر “وجود الأفخاخ المتفجرة، وحقول الألغام الموضوعة بشكل عشوائي من ضواحي طرابلس إلى مدينة سرت منذ يونيو الماضي”، والتقييمات توضح أن هذه الأسلحة جلبت إلى ليبيا من قبل “فاغنر”، وفق بيان القيادة على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، اليوم الأربعاء.
وقال مدير العمليات في “أفريكوم”، برادفورد جيرينج ، إن فاغنر التي ترعاها الدولة الروسية، تظهر تجاهلا تاما لسلامة وأمن الليبيين، وإن التكتيكات غير المسؤولة لها تطيل أمد الصراع، وهي مسؤولة عن المعاناة ووفاة المدنيين الأبرياء دون أي داع، مضيفا أن روسيا قادرة على وقفها لكنها تفتقد الإرادة.
البيان لفت إلى أن التدخل الروسي في الأزمة الليبية يزيد من تعقيد الصراع، متابعا أن إدخال روسيا الألغام الأرضية والأفخاخ المتفجرة والطائرات الهجومية ودعمها المستمر لـ”فاغنر” التي يبلغ عدد أفرادها ألفي شخص إلى ليبيا يغير طبيعة النزاع الحالي، ويزيد من المخاطر المحتملة على غير المقاتلين.
وقال مدير المخابرات في “أفريكوم”، الأميرال هايدي بيرج، إن المعلومات الاستخبارية والصور المتحصل عليها توضح كيف تواصل روسيا التدخل في الشؤون الليبية، مضيفة أن استخدام مجموعة فاغنر المتهورة الألغام الأرضية والأفخاخ المتفجرة يضر بالمدنيين الأبرياء وأكملت بان استخدام روسيا الشركات العسكرية الخاصة في ليبيا ليس إلا جزءا من تاريخ طويل في استخدام هؤلاء الفاعلين غير الحكوميين كأدوات لاستعراض القوة، إذ تنشط الشركات العسكرية المدعومة من موسكو في 16 دولة أفريقية.
طائرات مقاتلة يقودها مرتزقة
وكانت افريكوم قد اعلنت في وقت سابق انها تمتلك أدلة بشأن نشاط طائرات مقاتلة روسية في ليبيا، كاشفة عن مخاوف من أن تلك الطائرات يقودها مرتزقة عديمو الخبرة لن يلتزموا بالقوانين الدولية خلال عمليات القصف.
وأوضحت أن تلك الأدلة تتمثل في صور فوتوغرافية لتلك الطائرات، وهي من نوع “ميغ 29″، في الجفرة وسرت، حسب بيان سابق على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.
وقال مدير العمليات بـ”أفريكوم”، عميد مشاة البحرية الأميركية برادفرد غيرنغ، إن تدخل روسيا المستمر في ليبيا يزيد من العنف ويؤخر الحل السياسي، مضيفا أن روسيا تواصل الضغط من أجل موطئ قدم استراتيجي على الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي، وهذا على حساب أرواح ليبيين أبرياء.
غرينغ أشار إلى أن هناك قلقا من أن هذه الطائرات الروسية تُشغل من قبل مرتزقة الشركات العسكرية الخاصة عديمي الخبرة وغير حكوميين، لن يلتزموا بالقانون الدولي، أي أنهم غير ملزمين بالقوانين التقليدية للنزاع المسلح، وإذا كان هذا صحيحا وحدث القصف، فإن أرواحا ليبية بريئة ستكون معرضة للخطر.
وأفادت “أفريكوم”، في أواخر مايو الماضي، بأنه تم نقل نحو 14 طائرة من نوع “ميغ 29” واخرى من نوع “سوخوي 24” من روسيا الى سوريا حيث أعيد طلاؤها لإخفاء مصدرها الروسي، ثم نقلت إلى ليبيا، بما يمثل انتهاكا لقرار حظر توريد الأسلحة الذي تفرضه الامم المتحدة.
وقال مدير الشؤون العامة بالقيادة، العقيد كريس كارنز إن “أفريكوم” على علم بأن تلك المقاتلات لم تكن في ليبيا مسبقا، ولم يتم إصلاحها هناك، ومن الواضح أنها قدمت من روسيا ولم تأت من أي بلد آخر.
وفي 27 أيار الماضي، نفى الناطق باسم قوات القيادة العامة، اللواء أحمد المسماري، وصول طائرات حربية حديثة لدعم قوات القيادة العامة، واصفا ما يثار بانه مجرد شائعات، وقال المسماري إن جميع الطائرات المستخدمة في كل العمليات العسكرية قديمة وانه تم إصلاحها وإدخالها الخدمة.
وتابع كارنز: إدخال روسيا طائرات هجومية مسلحة إلى ليبيا يغير طبيعة النزاع الحالي، ويزيد من احتمال تعرض جميع الليبيين، خصوصا المدنيين الأبرياء، للخطر.
وأشارت أفريكوم إلى أن روسيا، بصفتها تاجر الأسلحة الأول إلى أفريقيا، تواصل الاستفادة من العنف وعدم الاستقرار في جميع أنحاء القارة، إذ تنشط الشركات العسكرية الخاصة المدعومة من قبل الحكومة الروسية، مثل مجموعة فاغنر، في 16 دولة من مختلف أنحاء القارة الأفريقية، وتشير التقديرات إلى وجود نحو 2000 فرد من المجموعة في ليبيا.
وتابع مدير الشؤون العامة لـأفريكوم العقيد كريس كارنز: لقد تمسكت روسيا بلا هوادة برواية إنكار غير قابلة للتصديق في وسائل الإعلام، ومن الصعب إنكار الحقائق، فالتدخل الروسي وإخفاء النشاط في ليبيا واضح ويؤخر التقدم الذي يستحقه الشعب الليبي.
وحذر مسؤولون في القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا “أفريكوم” في تصريحات إلى جريدة “واشنطن إكزامينر” الأميركية، من أن الوجود الروسي في ليبيا أكثر خطورة من التهديد الذي تشكله فلول داعش العاملة في الجنوب.
الحكومة الروسية تنفي
وتشير المعطيات المتوفرة الى ان مجموعة فاغنر موجود في ليبيا وأجزاء أخرى من القارة الأفريقية منذ أوائل العام 2018. ويعتقد أن مجموعة “فاغنر” شاركت في أعمال عسكرية في أوكرانيا وسوريا وأماكن أخرى. وتنفي الحكومة الروسية أي علاقة لها بهذه المجموعة. وحسب تقرير سري للامم المتحدة فان عدد عناصر المجموعة الموجودين في ليبيا يتراوح بين ـ800-1000 عنصر. وورد في التقرير المكون من 57 صفحة أن عناصر المجموعة يعملون في ليبيا منذ أكتوبر عام 2018 ، ويقدمون مساعدات فنية لإصلاح المركبات العسكرية ويشاركون في العمليات العسكرية. وقد عمل عناصر المجموعة في وحدات المدفعية والرصد والقنص كما قدموا مساعدات فنية في العمليات الإلكترونية. ومعظم أعضاء المجموعة من روسيا، لكن يوجد بينهم عناصر من بيلاروسيا ومولدوفا وصربيا وأوكرانيا، حسب التقرير. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد صرح في وقت سابق من العام الجاري أن أي مواطنين روس يعملون في ليبيا هم خارج الإطار الحكومي ولا يتلقون رواتب من الدولة الروسية.
وافادت تقارير أن ديميتري أوتكين هو من أسس المجموعة، ويعتقد أنه كان أحد عناصر القوات الخاصة في جهاز المخابرات العسكرية الروسي. وقد أفادت وسائل إعلام أن الاسم السري لديميتري كان “فاغنر”، الذي حصل عليه بسبب إعجابه بالنظام النازي الذي استخدم مؤلفات الموسيقي الألماني فاغنر لتدعيم رؤيته الأيديولوجية في ألمانيا. وظهر نشاط فاغنر أول مرة من خلال الدور الذي لعبته المجموعة في النزاع الروسي الأوكراني حول شبه جزيرة القرم. ولا يتوفر سوى تخمينات عن تمويل مجموعة فاغنر وإدارتها، وهناك تكهنات بأنها تخضع لإدارة الاستخبارات العسكرية الروسية. وتفيد التقارير بأن بعضهم يحصل على دخل شهري قدره 5300 دولار أمريكي.
وظهرت تقارير عن نشاط لمجموعة فاغنر في مدغشقر وجمهورية إفريقيا الوسطى. وقد قتل ثلاثة صحفيين روس يحققون في نشاط فاغنر في إفريقيا الوسطى عام 2018.