“اللهم ابتدئ التخريب الآن، فإن خراباً بالحق بناء بالحق”.. ربما كان هذا المقطع الشعري للشاعر العراقي مظفر النواب يصلح شعاراً لجماعات الإسلام السياسي بسبب المكاسب التي جنتها بعدما لعبت دوراً حاسماً خلال الفوضى التي اجتاحت العالم العربي قبل عشر سنين تحت مسمى “الربيع العربي”، ولولاها لما كان لَيُقدَّر للإسلاميين أن يتمكنوا من الوصول إلى الحكم أو المشاركة فيه في عددٍ من الدول العربية.
لم تكن قد مضت سنة واحدة على اندلاع ثورات الربيع العربي، حتى بدأت الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية تعد نفسها للحكم مستفيدة في ذلك مما حققته من انتصاراتٍ عبر صناديق الاقتراع، خاصة في جمهورية مصر العربية. لكن ما لم تضعه هذه الأحزاب في الحسبان هو أن ممارسة الحكم تختلف اختلافاً جذرياً عن ممارسة المعارضة أو التنظير لممارسة الحكم وإدارة شؤون السلطة.
والآن هنا، وبعد مرور عقدٍ من الزمان على ثورات الفوضى الخلاقة، كيف يمكن قراءة تجربة الإسلاميين في الحكم؟ ما الذي تغير في القوم؟ وما الذي غيروه بأنفسهم؟ هل قضت تجربة الحكم على يوتوبيا التيارات السياسية الإسلامية وفضحت عجزها وضعف كفاءاتها؟ أليست ممارسة الحكم وشؤون السياسة تتطلب نَفَساً تقنياً ومهارة أكثر مما تحتاج فهلوية وديماغوجية هؤلاء الذين نصّبوا أنفسهم ظلاً لله على الأرض؟