وجهت حركة جيش تحرير السودان، برئاسة مني أركو مناوي، الوساطة بين الفرقاء السودانيين بأنها غير حيادية، حيث رفضت في ذات الوقت قرار تمديد فترة التفاوض لشهر والمفترض أن ينتهي في مايو/أيار المقبل.
كبير المفاوضين في الحركة، محمد بشير عبد الله، بيّن الإشكاليات التي تواجه العملية التفاوضية؛ متهمًا الوساطة بالانحياز إلى طرف دون الآخر، ما يخل بدورها وتعاملها مع كافة الأطراف.
كما أوضح أن “الوساطة” قامت بالتنسيق مع وفد الحكومة الانتقالية وأصدرت بياناً ذكرت فيه أنها تشاورت مع أطراف التفاوض واتفقت على نظام للتفاوض غير المباشر.
ليؤكد عبد الله أن هذا البيان تم بدون مشاورة، بعيدًا عن أن التفاوض عن بعد غير عملي (تعليقًا على الحجر بسبب كورونا)، وتابع قائلًا: “ملف الترتيبات الأمنية من أعقد الملفات والذي من المستحيل حسمه بنظام الفيديو كونفرانس” .
وأكد كبير المفاوضين في حركة تحرير السودان، أن “الوساطة” لم تدخل معهم في مشاورات بشأن تمديد فترة التفاوض التي انتهت الخميس الماضي، إلى مايو/أيار المقبل، بل طلبت فقط منهم التوقيع على قرار التمديد فقط، الأمر الذي رفضته الحركة.
بدوره، أكد أمين الإعلام نور الدائم طه، أن عملية التفاوض في المرحلة السابقة ركزت على القضايا غير الجوهرية وتغافلت عن الموضوعات المتعلقة بجذور الأزمة.
حيث أكد طه، أضاف أن تحقيق السلام في السودان يمثل الخيار الاستراتيجي للحركة، وأن الشعب السوداني توّاق إلى سلام حقيقي يؤسس لدولة المواطنة المتساوية.
جيش وحركة
حركة تحرير السودان هي إحدى الحركات السياسية والعسكرية الرئيسية في دارفور إحدى مناطق النزاع والتوتر الرئيسية في السودان بعد انفصال الجنوب، وقامت للعمل على رفع الظلم الواقع على منطقة دارفور والمناطق المهمشة الأخرى على امتداد السودان وفقًا لأدبياتها.
عصفت بها الانشقاقات منذ تأسيسها، ترفض الحكم المركزي للسودان وتعتبر النظام الفدرالي هو الأنسب للبلاد وتنوعها العرقي والثقافي والديني.
وتتكون حركة تحرير السودان من مقاتلين ينتمون أساسا إلى قبائل الزغاوة والمساليت والفور، وهي من أبرز القبائل الأفريقية بإقليم دارفور.
فعُرفت الحركة في البداية باسم “جبهة تحرير دارفور” وكانت عضويتها مقصورة على بعض أبناء قبيلة الفور الأفريقية. وبعدما انفتحت على أبناء القبائل الأخرى بالإقليم أطلقت على نفسها الاسم الحالي وذلك يوم 14 مارس/ آذار 2003.
الحضور العسكري للحركة مثله، انتزاعها بلدة قولو غرب دارفور من أيدي القوات الحكومية نهاية فبراير/ شباط 2003، كما احتلت بلدة الطينة على الحدود التشادية نهاية مارس/ آذار التالي.
وتجدر الإشارة هنا، أن حركة تحرير السودان الخاصة بإقليم دارفور.. مغايرة بشكل كلّي الحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير السودان التي أسسها جون قرنق في الجنوب والتي قادت لانفصال الجنوب وتشكيل دولة جنوب السودان.
وتزعم المحامي عبد الواحد محمد نور – وهو من قبيلة الفور وكان عضوا في الحزب الشيوعي السوداني- حركة تحرير السودان منذ إنشائها ونشطت مليشياته المسلحة في جبل مرة ثم التحق بجنوب السودان ووصل كينيا ثم إريتريا. ويشغل مني أركوى – وهو من قبيلة الزغاوة – منصب الأمين العام للحركة واشتهر كقائد ميداني له علاقات وثيقة بالنظام الإريتري.
انشقت الحركة إلى قسمين: جناح مني أركو ميناوي الذي وقّع عام 2006 اتفاقية أبوجا وبعد ذلك أصبح كبير مساعدي الرئيس السوداني عمر حسن البشير، وجناح عبد الواحد محمد نور، وهو من قبيلة الفور وكان عضوا في الحزب الشيوعي السوداني، واختار باريس مقرا لمنفاه منذ التوقيع على اتفاقية أبوجا عام 2006.
توالت الانشقاقات، فانشقت عن الحركة فصائل شكلت قيادة شمال دارفور بزعامة جار النبي عبد القادر، وانشق فصيل يسمى حركة تحرير السودان/مجموعة الـ19، ومنه انشقت حركة تحرير السودان الموحدة بزعامة أحمد عبد الشافي.
وفي عام 2008، أعلن عبد الواحد محمد نور أن حركته افتتحت لها مكتبًا في إسرائيل، وطالب بأن يسمح لإسرائيل بافتتاح سفارة لها في الخرطوم.
الموقف من المجلس الانتقالي
لم تنظر حركة تحرير جيش السودان – عبد الواحد نور بارتياح إلى المجلس العسكري الانتقالي حين تأسيسه واستلامه السلطة بعد خلع البشير، واعتبرته وجهًا آخر من نظام الرئيس السابق عمر حسن البشير، رغم كل ما قيل عن “إقتلاع” الأخير واعتقاله وإقالة عدد من رموزه.
قال أمين الشؤون التنظيمية في أحد اللقاءات الصحفية: “الشعب السوداني كأي شعب يريد حكومة ديمقراطية تمثل جميع أطيافه، ولن يقبل بالحركات الإسلامية، بل سيأخذها إلى مزابل التاريخ. نحن بطبيعة الحال نعيش في ظل المشاكل منذ عشرات السنوات بسبب قبضة الإسلاميين والجيش، فالحرب الاهلية موجودة على كامل مساحة البلاد، باستثناء الخرطوم، وتم تقسيمنا على أساس قبلي وعرقي”. مضيفًا: “طالما هناك إرادة شعبية، فبإمكاننا خلق دولة مدنية يسند إلى الجيش دور حماية الوطن فيها، وليس الاستيلاء على السلطة”.
وبعيد تأسيس مجلس السيادة والحكومة المنبثقة عنه وفي لقاء جمع القيادي من الحركة “عبد الواحد ” ورئيس الوزراء حمدوك في باريس.. “أكدت الحركة تمسكها بالتغيير الشامل والسلطة المدنية الكاملة وتصفية نظام المؤتمر الوطني وكافة مؤسساته ومحاكمة رموزه، وكما جددت الحركة عدم اعترافها بالإعلان الدستوري والاتفاق الثنائي بين قحت والمجلس العسكري ولا بالحكومة التي أنشئت علي أساسه”.
الانفصال مرفوض
رفض بعض قيادي حركة جيش تحرير السودان الكلام عن إمكانية مطالبة الحركة بتقرير المصير في دارفور، حيث يقول: “لم ولن نطلب الانفصال. نحن شعب أصيل، ورؤيتنا تقوم على سودان موحد”.
مسار دارفور.. شروط سلام جديدة
بعد اتهام الوساطة بالتحيز، قدمت الحركات المسلحة التفاوضية “مسار دارفور” ورقة تفاوضية، طالبت فيها الحكومة الانتقالية السودانية، بإعادة هيكلة مجلس السيادة الانتقالي، ومؤسسات الدولة والفترة الانتقالية.
وأشارت الورقة التي تداولتها وسائل إعلام مختلفة ونقلت العين الإخبارية بعض بنودها، إلى أن “هيكلة المجلس الانتقالي تشمل اختيار 4 من أعضائه بواسطة اتفاق سلام دارفور، على أن تؤول رئاسة الفترة الانتقالية الأخيرة لشخص من دارفور”.
كما شملت الورقة “إعادة تشكيل مجلس الوزراء الحالي وتخصيص 30% من وزراء الوزارات الاتحادية، بينها وزارتان سياديتان، ونسبة 30% من وزراء الدولة، لإقليم دارفور، على أن يتم تخصيص 80% لمكونات مسار دارفور، مع مراعاة تمثيل المرأة وتنوع إقليم دارفور”.
أما المجلس التشريعي، فقد طالبت الورقة بـ”تخصيص نسبة 30% من مقاعد المجلس التشريعي القومي ورؤساء اللجان المتخصصة لإقليم دارفور مع الرئاسة”.