الملخص التنفيذي:
منذ رسوم الكهوف الأولى وأساطير الحضارات والخلق، إلى معارك القدّيسين، وصولاً إلى حروب الأمر الإلهي، وحروب القوة والسيطرة؛ تمتدّ قائمة القرون ومشاهد القتل والعنف والذبح التي تجعل تاريخنا البشري مسرحاً لاستعراض العنف الممتدّ على كامل الجغرافيا.
ومع توالي فصول مشاهد المسرحية، تحولت المشاهد إلى ظواهر تنازعتها الأسباب الدينية والمجتمعية والاقتصادية والسياسية، إذ حاول كل طرف قوننتها حسب مصلحته. فالبشرية لم تتنصّل بعد من حنينها المتواصل إلى أصولها الوحشيّة الطوطميّة ولم تُعقلن رغبات العنف البدائي، بل ألبست أنواعه المختلفة لبوساً متحضّراً، يصبح معه العنف مقنّعاً بأقنعة “التمدّن” و”التحضّر” و”التديّن” الزائفة.
محاور الدراسة:
- مقدمة: بدائيون بأثواب حضارية
- العنف واللاعنف في الطبيعة البشرية
- العنف والحاجة إلى المشروعية
– أساطير الآلهة ومشروعية العنف المؤسس للتاريخ
– العدالة والقانون مشروعية العنف
- تطور ظاهرة العنف (المادي والرمزي) وشرعنته
– مشروعية العنف (السلطة)
– العنف ضرورة لتفادي عنف أكبر (القدرة والقوة)
– الانغماس في ثقافة العنف (العنف الرمزي)
- خاتمة
بدائيون بأثواب حضارية
عبر التاريخ تكررت مفاهيم ومصطلحات عكست حالة المجتمعات وتطورها، ففي المجتمعات البدائية لا أحد يحلم بالخروج عن القواعد الاجتماعية التي انحصرت بما كان يطلق عليه شريعة الغاب “الإنسان – الغريزي”، ثم حُكم الأقوى وفقاً لقوانين استمدت من الأساطير لقوننة الغرائز التي اختلفت بمفهومها عن “القانون الغريزي” عند الإنسان البدائي، إذ كان لابد من العنف “لإدارة الغريزة” وتطبيق الأسطورة كوسيلة للقيادة والتحكم بالمجتمعات، وجرى استعمال الميل الطبيعي للإنسان العنيف الذي لا يكتفي بالتعبير عن مشاعره وعواطفه برموز مجردة فقط، إنما بطريقة مباشرة تجسيدية، يستمدّها من “الأسطورة والدين” اللذين تخضع فيهما الحقائق اليومية للمؤثرات الدينية الشعائرية، حتى بات العنف مرافقاً لشريعة “العرف” المتحكم في نواحي الحياة كافة، والذي يجتاز عتبة المعايير الاجتماعية، والشرائع “الإلهية” ليتسلل إلى القوانين “الوضعية” الإنسانية كافة، عبر ممارسة العنف الرمزي أو المادي.
فالمجتمعات ككل، بدءاً من الإنسان البدائي “الإنسان/القطيع” الذي حكمته شرائعه وقوانينه البدائية “قوانين القطيع” إلى الإنسان المتحضر الذي وسّع دائرة القطيع إلى دائرة المجتمع، اتجه نحو قوننة العنف عبر أساطير تلائم تطور المجتمع الفكري. فالإنسان المتحضِّر تلزمة شرائع اجتماعية تختلف عن الإنسان البدائي، وعليه استلزم وجود صراع بين الآلهة “سماوياً”، استمدت منه المجتمعات قوانينها لمنهجة نمط الحكم فيها الذي تحول “أرضياً” إلى صراع على الآلهة، وما أنتجته من عنف غير مقونن فقاضيه جلاده، وحكَمُه خصْمُه. إذ يصبح العنف هو السائد بيد الطاغية، لتبقى مدينة أفلاطون الفاضلة أسيرة كتب الفلاسفة، وتستمر المجتمعات المتمدنة بارتداء عباءة الإنسان البدائي تحت ثياب الحضارة.
العنف البدائي العابر للتاريخ والثقافات، صار أكثر تطوراً في أدواته وأصنافه ومشروعية استخدامه، فالغاية تبرر الوسيلة، حتى لو أحالنا إلى المقبرة الكبرى للجنس البشري، كما رآه إيمانويل كانط.
العنف واللاعنف في الطبيعة البشرية
منذ الحقب البدائية وصولاً إلى العصر الحديث، درج علماء الاجتماع على تناول ظاهرة العنف، على أنها ظاهرة إنسانية سوسيولوجية صاحبت وجود الإنسان كسلوك متصل بالجانب الغريزي الحيواني “حبّ البقاء” والسيطرة على الطبيعة وخيراتها المادية. فكان لابد من استخدام الإنسان العنف في أيِّ حركة إيجابية في الحياة، كالبحث عن الطعام “الصيد”، والدفاع عن النفس ضد الحيوانات المفترسة، والنشاط الجنسي.
وقسمت المدرسة النفسية انطلاقاً من “فرويد”، الغرائز إلى نزوتين توجّهان الكائن وتمدّانه بالطاقة الحيوية، نزوة الحياة (أيروس) ونزوة الموت (تاناتوس) الأولى: منبع الطاقة الجنسية المسؤولة عن كل علاقة إيجابية عاطفية ومتعاطفة وعن التقارب والتوحّد والتجمّع مع الآخرين.
والثانية: تهدف إلى التدمير وتفكيك الكائن الحي. وكلا الغريزتين في صراع مفتوح داخلياً وخارجياً، وانفجار العنف يعود إلى فقدان الإنسان “التكيّف النزوي” أي فقدان الكوابح الغريزية لعدوانيته، لذلك يكون العنف في هذا المقام متصلاً بالتهديد المباشر الذي يستهدف وجود الذات البشرية إن كانت تعيش في مجتمع بدائي لا تحكمه القوانين المنظمة، وهي التي تحيلنا إلى إمكانية السيطرة على العنف وترويضه.
الجانب الفطري في العنف حلّت محلّه الكوابح الحضارية، وإمكانية السيطرة عليه، وقوننته للحفاظ على الحياة. هذا ما اتفق عليه فلاسفة العقد الاجتماعي جان جاك روسو، وتوماس هوبز، وغيرهم، من الذين عدوا العنف في التاريخ البشري حال الطبيعة المتميزة بالوهم الفطري، وأن الانتقال من حال الطبيعة إلى الحال المدنية أوجد في الإنسان تبدلاً ملحوظاً إذ أحلّ في سلوكه العدل محلّ الوهم الفطري، وأكسب أفعاله أدباً كان يعوزه من قبل، عند ذلك حلّ صوت الواجب محلّ الباعث المحرك الجسماني، والحقّ محلّ الشهوة”. (1)
أسطورة العدوانية والعنف الحيواني الشرس لدى البشر للحفاظ على الاستمرارية والبقاء، جرى تفكيكها، فهي لم تعد كافية لتفسير العنف المَعيش. لكن نفس العوامل التي ارتقت بالإنسان فوق كل الكائنات الحية وضعته في وضعية محفوفة بالخطر، ليتحول عنفه من عنف غرائزي حيواني إلى عنف عاقل “الإنسان: حيوان عاقل”، هذا ما وضحه العالم الإيثولوجي “كونراد لورنز” الذي عدَّ العنف البشري ناتجاً عن أولاً: التهديد المباشر كغريزة تلقائية في مجتمع بدائي لا تحكمه القوانين المنظمة المتحكمة بالعدوانية، ثانياً: الحماس المناضل المرتبط بالحاجة إلى الانتماء الذي تطور عند الإنسان من استجابة مقنّنة غريزياً ليشمل موضوعات متعددة وشروطاً مختلفة كالإحساس بتهديد للجماعة، وجود عدو خارجي هو مصدر للتهديد، ازدياد عدد أفراد الجماعة، صورة بطل أو زعيم تلتفّ حوله الجماعة، لتمارس عنفها كاستجابة انفعالية لا تخضع لمنطق أو إقناع عقلاني. (2)
معظم الاتجاهات التي تتضمن مبادئ أساسية في تفسير ديناميّات العنف باعتباره طبيعة فطرية وأساسية لدى البشر تؤكد:
أولاً: أنّ العنف البدائي المتصل بالتهديد للذات البشرية لا يمكن أن يبرّر من طرف العقل؛ أو أن يكون عقلانياً، في مجتمع تحكمه القوانين المنظمة.
ثانياً: أنّ العنف الغرائزي يتخذ بعداً اجتماعياً إضافة للذاتي، فالإنسان “كائن اجتماعي” له ارتباطاته الطبيعية بالعائلة والعشيرة، ثم بالمجتمع في صورته الشمولية حسب ماركس. وهذا ما دفع إلى التمييز بين العنف الفردي الموجّه إلى الذات كالانتحار، والعنف بين الأشخاص متمثلاً بالاعتداءات بأنواعها المختلفة انطلاقاً من الأسرة وصولاً إلى الجريمة، وبين العنف الجماعي المرتبط بالتطور التاريخي والاقتصادي والاجتماعي.
ثالثاً: أنّ العنف البشري يختلف من حيث معاييره والحكم عليه حسب الثقافة السائدة نتيجة الترابط بين الثقافي والمجتمعي، ولما كانت الثقافة تنشئ وحدة مشتركة مرتكزة على منظومات متنوعة كالتراث والمعرفة والعمل، فإن تجلّيات العنف تختلف من مجتمع لآخر. ولكنها بمجملها تستند على إنكار الآخر بواسطة العنف.
رابعاً: أنّ العنف المعاصر للمدنية هو عنف “واع وموجه”، إذ لا وجود لعنف مجاني أو اعتباطي أو بدائي، حسبما قدّمته المدرسة الظواهرية مؤخراً في دراسة العنف باعتباره نمطاً كغيره من أنماط السلوك نتاج مأزق علائقي مع الآخر. أما التدمير والقتل فهما نتاج كارثة علائقية، وهذا ينطبق على أشكال العنف المادي الفردي في الجريمة والجماعي في الحروب. (3)
رغم اختلاف الدارسين لظاهرة العنف بأشكالها كافة باعتبارها (ظاهرة عابرة ويمكن الخلاص منها، أو مؤسّسة ومدشّنة للتاريخ البشري ولتطور البشر)، فإن النتائج تدل على إمكانية تسخير العنف البشري لغايات مختلفة، ومتعددة، كونه يستمدّ جذوره المحركة من الطبيعة البشرية، ومن بنية المجتمعات التي تضفي عليه مشروعيته، فرغم الفوارق الواسعة بين العنف الفردي وبين العنف الجماعي إلا أنَّ كليهما يعتمدان الحاجة إلى المشروعية.
العنف والحاجة إلى المشروعية:
اكتسب العنف مشروعيته عبر التاريخ البشري، من خلال العديد من الأفكار المؤسّسة لنشوء الجماعات البشرية، التي قطعت ردحاً طويلاً في محاولة ربح رهان الصراع ضد الطبيعة للبقاء ككائن أصيل وكأساس لوجود الحياة على الأرض، والتي انتقلت من تسخير الطبيعة والسيطرة عليها من خلال التطور “الأدواتي” إلى تسخير بني البشر بعضهم لبعض ونمو غريزة السيطرة، التي رافقت البحث عن الاستقرار.
على الرغم من أن إنسان العصور البدائية قد عاش على المشاع، فإن شواهد كثيرة تدل على اندلاع الحروب والصراعات، هذا ما سجّلته الرسومات على جدران الكهوف، ثم نقلته الأساطير التي تمثل القراءة الأولى للتاريخ الإنساني، وترقيعاً للنقص في ذاكرة الإنسانية عن الماضي عبر إحاطتها بجميع الفعاليات الذهنية للمجتمعات. فالأسطورة تمثل الخطاب الشامل الذي يحيط العالم. والإنسان بتفسيراته وتبريراته، ومن ضمنها، تقديم الدلائل على نمو ظاهرة العنف وتطوره واكتسابه المشروعية من أجل المنافع الاقتصادية الطبيعية التي اكتشف جدواها بمرور الوقت، والسيطرة على المجال، خصوصاً بعد اكتشاف أهمية الأرض، وممارسة الزراعة، أو بفعل اختلاف المعتقدات الدينية التي رافقت العجز عن تفسير الظواهر الطبيعية وتأليهها نتيجة الخوف، وإما بسبب اختلاف أنماط الحياة، وغياب قواعد التعامل الجماعي التي نمت بشكل مضطرد، وصولاً إلى إنتاج القوانين والأنظمة خلال العصر التاريخي.(4) الذي لخّصته الأساطير نتيجة ارتباط الوظائف الأساسية التي تنهض بها الحياة الاجتماعية مع “الديني المقدس” واحتوائه لها بمتغيراتها كافة داخل منظومة “الطقوس” التي تشتمل، إضافة إلى الممارسات الدينية، وأفعال التواصل والتبادل التي تتمّ بين الأفراد في حياتهم اليومية، وما يمارسونه من أنشطة سياسية واقتصادية.(5) هي جميعها تمثل الزاد الأساسي لمبررات شرعية العنف حتى يومنا هذا.
أساطير الآلهة ومشروعية العنف المؤسّس للتاريخ
عملت الأسطورة برواياتها ودلالتها الرمزية التي توفرها الحياة الاجتماعية على تغطية مسيرة الشعوب البدائية الأولى في المعرفة، وتفسير الظواهر، والحصول على الإجابات لتشكل وسيلة الإنسان الراهن في استكشاف جذور الماضي والتسجيلات التاريخية الباكرة، التي أدرجتها الأساطير خلال تواريخ حكومات الآلهة، أو أشباه الآلهة. فالتطور الذي رافق مسيرة الإنسان وانتقاله من كائن بيولوجي حيواني إلى كائن ثقافي وحضاري، يستعمل اللغة أداة رمزية للتعبير والتواصل، ويُعنى بالبناء الأسري والاجتماعي، ترافقت بتبنّيه عدد لا محدود من الاعتقادات والأرباب والطقوس المرتبطة بها، فكانت قوى الطبيعة المؤنسَنة تمثل الآلهة والإرادات السماوية التي شكلت ظهور “السلطة المقدسة”.
فرضت الضرورة (الخوف وطلب الحماية) الأساس الأول في ظهور الآلهة وفكرة المقدس ليكون لكل حضارة، وأحياناً لكل قبيلة، إله خاص، يضمن لأفراد القبيلة بقاءهم واستمرار النِعم (قطعانهم وزرعهم وتربتهم ومياههم) التي توفرها لهم الطبيعة. فكل الشعوب سواء كانت ذات كتاب معتقدي أم لا، تدّعي الانتساب إلى تراث حي، أي نظام من القيم المركزية التي ترجع بشكل متصل ومتواصل إلى أصل أسطوري، أو متعالٍ، وتؤيد بالذاكرة الجماعية التي تخلق نسقاً فكرياً يعطي تفسيره وتحليله لكل الظواهر المحيطة به، وتنصب سُلّماً من قيم “القداسة والدناسة”، لتغذي النسق الاجتماعي والممارسات الاجتماعية بالصور والرموز، وتعطيها مصداقيتها بإرجاعها إلى القول الأسطوري. فمعظم المجتمعات لا يمكن أن تتخلى نهائياً عن السيادة المتمركزة في نقطة خارجها وذلك من أجل جعل السلطات الحاكمة متعالية وشرعية. (6)
ساهمت الآلهة في انتقال العنف من طوره البدائي إلى طوره الشرعي المؤدلج، وجرى الارتباط بين البشر والعنف من خلال تحالفهم مع الآلهة المسؤولة عن حياتهم. فالآلهة البدائية كانت التجسيدات الوهمية لعنف اتسمت به المجتمعات البدائية، والتي شهدت جملة من التطورات:
أولها: تحول العنف من عنف أساسه البقاء واستمرار النوع إلى عنف مماثل ومتعال تقوم به آلهة تتصارع فيما بينها تعبيراً عن نزعات السيطرة والسلطة والانتقام، وعن نزعة “الخير والشر”، إذ ينقم “زيوس على أبيه كرونوس” فتندلع الحرب بين جبابرة أولمبوس، ويقتل الإله “ست أخاه أوزيريس” في مصر القديمة، ويغتال “إنليل أنكيدو” في بلاد “سومر”، هكذا صور اليونانيين والفراعنة وبلاد الرافدين.
الجميع كان في حاجة إلى الإله، وحتى القتلة قساة القلوب من البشر كانوا بحاجة إلى إله يعبدونه، ومن هُنا ظهرت الآلهة العنيفة، وآلهة الحرب والقتل التي تسنّ القانون لكنها تعيش فوقه في حال تنفيذه لأنها قادرة على تأكيد تحررها منه. (7) فالتعالي الديني هو بداية انتقال الإنسان من حالة الفطرة والطبيعة التي يقف عندها الوجود الحيواني إلى حالة الثقافة والحضارة التي ميّزت الوجود الإنساني.
ثانيها: التأسيس للطقوس التي شكلت بداية انتقال البشر في تعاطيهم مع الآلهة من حاجتهم الأساسية إلى درء الخطر والكوارث الطبيعية والحماية إلى ما هو أبعد منها، ولعلهم انتقلوا “مما هو كائن إلى ما هو ممكن”، إذ أملوا زرعاً أوفر أو حظاً أكبر أو.. عبر تأدية نوع من الطقوس تضمن مصلحتهم، ومصلحة الآلهة لدرء شرِّها. فالمقدس قوة ذات وجهين، فهو يحيي ويميت في آن. والطقوس أولى التمثيلات الرمزية، والمحظورات وأولى القوانين في تنظيم علاقات البشر. (8) وكان استرضاء الآلهة، وفروض الولاء والطاعة يجري وفق تقديم “الأضحية” القربان المقدس من النساء والأطفال، العادة التي كرّست طقوس العنف الدموية، وكان أكثرها دموية الإله “مولوخ” معبود بعض الشعوب التي عاشت في الشرق الأوسط القديم كالفينيقيين والعبرانيين والقرطاجيين، وذُكر هذا الإله في الإنجيل بكونه إلهاً متعطشًا للدماء. (9)
الفعل الطقسي في تقديم (القربان البشري) لتهدئة إله وحشي، وتقديم الطاعة و(الرشوة) في مقابل نجاة الجماعة من غضبه، أعطى العنف مشروعيته باعتباره مقايضة للحصول على السلام، وجعل مصير الجماعة مرتبطاً بالاثنين (الضحية والإله)، فكلاهما يملكان القوة المقدسة القادرة على تبديل أحوال الجماعة. (10) التي استمرت برمزيتها في استبدال القربان البشري بـ (الذبيحة الحيوانية) التي تلعب الدور نفسه في تأدية أبسط حقائق العنف، ومؤدّاها أن العنف الذي لا يعرف الإشباع يستمر يتخزن إلى أن طفح به الكيل، فتدفق وتفشى في الأرجاء مسبباً الشرور. (11)
العدالة والقانون مشروعية العنف
انتقل البشر من “شريعة الغاب” وحكم القوة لإشباع الرغبات وسد الحاجات، إلى التنافس وغلبة الأقوى التي أسست: لـ “القوة تُنشىء الحق وتحميه” فللأقوياء الحق بالاستئثار في ملكية الأشياء (خيرات الأرض، النساء..) ولهم حق الانتقام والعقاب لرد الاعتداء، وهو الذي جعل ميزان العـدل قائماً على عنف القتل والثأر الذي لازال قائماً لدى بعضهم إلى يومنا هذا.
لم يتعارض قانون القوة مع ظهور الآلهة التي ثبّتت نوعاً آخر في المخيال الجمعي، وهو “العقاب والثواب” كتأمين سماوي للجماعة التي بدأت تتكون مع المجتمعات الزراعية، وشكلت بداية الحضارات. فقوى الطبيعة المدمِّرة كانت عقوبة جماعية لانحراف الجماعة أو عجزها عن معرفة ما الذي تريده الآلهة التي يُقدّم إليها القربان البشري على أمل الثواب والنجاة الذي زادت فرصه مع ظهور “وكلاء الآلهة” الكهنة والسحرة الذين أفرزتهم الضرورة على أنهم “مترجمون” غايات القوى العليا والعارفون بالمجهول، وعلى يدهم تمت صياغة معايير السلوك الاجتماعي “التابوهات” للتخلص من عقوبة الآلهة التي استمرت مع خطايا الأفراد وعدم تجنبهم المحرّمات. فما تنهي عنه الآلهة هو أمر مُلَوِّث لا يعرّض الجاني وحده للأذى ولا تصيبه وحده بالنجاسة، بل تصل لكل أفراد الجماعة. ليكون (الشيئول) العالم السفلي في حضارة بلاد الرافدين، و(تارتاروس) في اليونان بانتظار الجناة التي رسّخت مشروعية العدل بالقتل.
أفلاطون: (إرمو في تارتاروس كل من سرق من الأماكن المقدسة أو من قام بالقتل الحرام أو من قام بعمل مماثل لهذه الأعمال. هؤلاء لن يستطيعوا الصعود من هناك). (12)
فهذا العدل لم يكن رحيماً، مثله مثل الآلهة التي لم تكن بريئة في مزاولاتها التدميرية أو قبولها القرابين، بل “واعياً” لقوة العنف، و”قصدياً” للاستبداد لكبح الجماعات وتأديبها والهيمنة عليها وإخضاعها بما يتناسب مع ضرورة التعاون، من أجل الحفاظ على “السلطة التنفيذية” الممسكة بعناصر “المراقبة والمعاقبة” كلها لضبط السوء والإخلال الحاصل في المجتمع، بدءاً من لعنة الآلهة وأثرها، انتقالاً لتطبيق قانون عقوبات صارم عنفي وسط شريعة “عنفية مقدسة” يشرف عليها وكلاء الآلهة (كهنة المعابد والملوك) الحاكمين باسم الإله. مثلما فعل “حمورابي” الذي وضع أقدم الشرائع المكتوبة إذ تعود إلى عام 1790 ق.م، في حضارة بلاد الرافدين التي قامت على “العدالة الانتقامية” المرتبطة بمقولة “العين بالعين والسن بالسن”. وما يزال الثأر والقصاص كامناً وراء معظم العقوبات القضائية حتى هذا اليوم. (13)
تطور ظاهرة العنف (المادي والرمزي) وشرعنته
(كان الوصول إلى درجة عالية من المدنية أمراً ضرورياً، من أجل أن يدرك الإنسان/الحيوان تلك الفروقات بين “الخير/الشر، الإهمال/المسؤولية! فالمذنب يستحق العقاب لأنه يمكن أن يتصرف على نحو آخر). فريدريك نيتشه (1844 – 1900)
الانتقال الأول إلى المدنية ظهر مع تشكل الحضارات وما رافقها من انتقال الآلهة إلى الحكم غير المباشر، فالآلهة لم تكتفِ بوجودها الماورائي، بل صارت مُلّاكاً لأرض واسعة، وإقطاعات تعود لمعابدها، يديرها رجال كهنوت، كالأوقاف الدينية في عصرنا الحاضر. وكحكام للمدن أصبحت الآلهة مسؤولة عن مصالحها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولهم “ديموقراطيتهم البدائية”. (14)، يجتمعون في “نيبور” برئاسة آنو وإنليل (وادي الرافدين)، وفي “تثاليا” فوق جبل أوليمبوس بقيادة زيوس (بلاد الإغريق)، وفي “أون/هليوبوليس” يجتمع التاسوع بقيادة رع (مصر القديمة)، لينتقوا الأمراء والملوك ويقرروا مصائر المدن والحكام ومن سيسقط ومن سيرتفع. فبعد أن كانت الآلهة قوى طبيعية أصبحت “قوى تاريخية”، ووزعت مهامها الاجتماعية في تنظيم شؤون البشر عبر قانون له تشريعاته العنفية لمجابهة العنف بشكليه الرمزي والمادي وإدارته.
(إن المرء ليشعر بنفسه أكثر من مجرد إنسان حين يتمكن من فرض نفسه، ومن جعل الآخرين أدوات تطيع رغبته مما يعطيه لذّة لا تضاهى) سارتر. (15)
أدى انتقال التحكم بمصير البشر من يد سلطة الآلهة وعقوباتها المدمِّرة إلى يد وكلائها “السلطة التنفيذية” إلى اتساع مساحة العنف، من خلال استخدام (القوة والسلطة) على أنهما أداتا الحكم. وأضيف إليهما ارتباط العنف موضوعياً بغير المقدس كالتردّي الاقتصادي والاجتماعي، وضعف عائدات المعابد لخلل ما في الأنماط الإنتاجية، لذا يلجأ الكاهن الأكبر لتمثيل المقدس بالذي يراه مناسباً، متماهياً مع الأسباب الأبرز والأكثر حضوراً في حياة المدينة.
فهذه السلطة تشكلت نتيجة ظرف استثنائي فرضته الحاجة الاجتماعية. وكلما كانت السلطة أكثر قدرة وعلى صلة بالآلهة، فإنها تمثل مُتخيلاً مجتمعياً يستجيب لضرورات الجماعة وبقائها واستمرارها. والقائد ليس متقدماً على نظرائه من البشر، بل هو مفارق لهم في الطبيعة والخواص والمكانة، وهي صفات لا تحصل بالاكتساب، بل بالاصطفاء، أي إن المزاج الجماهيري أخذ يتعالى بمفهوم السلطة إلى درجة التقديس. (16)
ورغم أن العنف والمشروعية يقعان على طرفي النقيض، ولكنهما، حتى يومنا هذا، يجدان مشروعيتهما بالاستناد إلى الحق والقانون وإلى العدالة، ويستند إلى معطيات تكسبه مجاله الشرعي كـ (السلطة والقدرة والقوة والسيطرة).
استمرار العنف ومشروعيته (السلطة):
(مجتمع من الخِراف سيحكمه، إن عاجلاً أو آجلاً، حكومة من الذئاب)، برتران دي جوفينيل. (17)
إن تجلّي العنف مع وجود السلطة لا يقتصر على السلطة والحكم باسم الإله (الواحد ضد الجميع)، بل يطول أشكال السلطة كافة إلى يومنا هذا، وهو ما أجمع عليه المفكرون يساريون أو يمينيون. وقد درجت العادة في عدِّ السلطة مرادفاً للعنف. ولكن هذا لا ينطبق كلياً على السلطة الأكثر استبداداً (حكم السيد للعبيد الذين يفوقونه عدداً)، فهذه لم تتأسس على تفوق أدوات الإكراه “العنف” بل على تنظيم متفوق للسلطة (تنظيم التضامن بين السادة)، ولم يحدث أبداً أنّ حكومة وطدت سلطتها على أساس أدوات العنف وحدها، فحتى الحكم الشمولي (التوتاليتاري) الذي يعتمد ممارسة التعذيب وسيلةً أساسية للحكم، يحتاج إلى أسس للسلطة (البوليس السري، شبكة المخبرين) (18)
وهذا يأتي تأكيداً لما قاله أفلاطون (الأنظمة المستبدة تسعى لإضعاف أنظمة التحكم، والسيطرة والإرادة لدى الأفراد لأجل السيطرة على أفعالهم، لكنها في الوقت ذاته تقوي أنظمة التحكم، والسيطرة العنفية المتمثلة بأجهزتها القمعية لتعمل على إفساد المجتمع). (19) فمن لا يجد من يدعمه، لا يكون لديه السلطة الكافية لاستخدام العنف بنجاح.
(السلطة تبدأ من فوهة البندقية)، ماوتسي تونغ. (20)
فالعنف هو الملجأ الأخير للسلطة لمواجهة المتمردين، لحاجته إلى خلق التبرير والمشروعية معاً، وإحلال العنف محل السلطة قد يحقق النصر، ولكن الثمن يكون مرتفعاً، ولا يدفعه المهزوم وحده، بل المنتصر، وعلى حساب سلطته، فيصبح جلاد الأمس ضحية اليوم، وتختفي حينها سلطته، كالتجربة الستالينية في روسيا.
من الناحية السياسية، يمكن القول: من فوهة البندقية تنبع أكثر القيادات فاعلية، مُسفرة عن أكثر أشكال الطاعة كمالاً، أما ما لا يمكنه أن ينبع من فوهة البندقية، فهو السلطة. ومماهاة السلطة السياسية مع (تنظيم العنف)، أمر لا يكون له معنى إلا إذا عددنا القانون مكملاً لتصوّر قديم لوصايا الرب التي ظهرت مع اليهودية والمسيحية التي تقول: إن (العلاقة بين الأمر والطاعة) تكفي لتوصيف جوهر القانون. (21)
مشروعية العنف لتفادي عنف أكبر (القدرة، القوة)
ترتبط مشروعية العنف حسب “ماكس فيبر” بوجود الدولة التي تتخذ معالمها العقلانية المؤسسية، لأن الارتقاء إلى مستوى الفاعلية العقلانية المتحررة من الاعتبارات الوراثية والتقليدية، وتكيُّفها وفق أسلوب يمنح النواميس المشروعة والأنظمة الكفيلة بتقوية التنظيمات وتطويرها، يجعل العنف مشروعاً ما دام نظام الدولة هو الذي استوجبه. وللدولة حسب فيبر ثلاثة أسس لمنح مشروعية العنف، منها سلطة الأمس الأزلي أي سلطة العادات والتقاليد وهي سلطة تقليدية، والسلطة الكاريزمية، والسلطة الشرعية التي تتأسس عليها الدولة. (22) وبهذا تكمن قدرة الدولة على إدارة العنف التي تبناها ماركس بحسب “أن الدولة تشكل أداة قمع تمتلكها الطبقة المسيطرة، وأن الجسم السياسي للدول وقوانينه ومؤسّساته بُنى فوقية قاهرة، وتعبير عن عنف مبطّن”. (23)
القدرة على إدارة العنف تتجلّى على نحو أكثر وضوحاً في كتاب “الأمير” لميكافيللي، حين ينصح الأمير أن يكون ثعلباً وأسداً في الآن نفسه، (الغاية تبرر الوسيلة). (24) لم تقتصر هذه المقولة على القدرة السياسية في إدارة العنف، بل شكلت مبرراً لمعظم أشكال العنف المزود بالقوة المُستخدمة في الثورات والحروب للوصول إلى غايات سياسية. فالحروب لا تكون نتاج رغبة قتل دفينة ولا غريزة عدوانية لا يمكن قمعها، وليست تعبيراً عن أخطار اقتصادية اجتماعية يُسفر عنها نزع السلاح، بل عن واقع انعدام ظهور بديل سياسي لها في الشؤون الدولية. بحيث يبدو توماس هوبز على حق (إن المواثيق، في غياب السيف، ليست أكثر من كلمات).
واقع الحرب لا يزال يمثل الاستمرار العتيق للسياسة عن طريق العنف، وإن أقل بادرة عنف يمكن أن تجرّ إلى نتائج كارثية، فمسرح العمل السياسي مازال ضيقاً وغير منتج في حلّ النزاعات التي تتواجه فيها قوى مسلّحة تقرّر كل من منطلق سيادته الاحتكام إلى السلاح لحلّ خلاف تعذّر حلّه بشكل آخر. أو حين تعدُّ دولة نفسها فوق القانون “محلياً أو دولياً” وتؤكد حقها في التدخل بدولة أخرى لأسباب يراها بعضهم واهية، كما فعلت أمريكا في العراق.
الحقيقة التي تقدمها الحروب والصراعات، أن العنف (مُعدٍ)، فعندما يظهر العنف إلى العلن ينقسم الناس إلى فريقين الأول: ينغمس فيه طوعاً وحماسة. والثاني: يحاول اعتراض مدِّه المتعاظم، باستخدام (العنف لردع العنف). والاثنان يشتركان معاً في انتصاره.
يبدو قول فريدريك نيتشه (أحبّوا السلام كوسيلة لتجديد الحروب، وخير السلام ما قصرت مدّته. إنني لا أشير عليكم بالسلم، بل بالظفر. فليكن عملكم كفاحاً وليكن سلمكم ظفراً). (25) هو الأساس لمجمل دورات العنف التي عاشها البشر.
الانغماس في ثقافة العنف (العنف الرمزي)
(قد تقضي عمرك وأنت تعتقد بأنك تدافع عن أفكارك، ثم تكتشف أنك في الحقيقة تدافع عن أفكارهم التي زرعوها في عقلك) برتراند راسل. (26)
كثيراً ما يستمدّ العنف مشروعيته من الوظائف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يقوم بها، باعتبارها شرطاً من شروط الاجتماع البشري فهو ضرورة للحفاظ على الأخلاق. فممارسة العنف تتصل بشكلها المباشر بقبول هذا العنف، والرغبة الحادّة في الطاعة، وفي الامتثال لحكم يمارسه القوي فرداً أو سلطة (سياسية، اقتصادية، دينية، مجتمعية)، كالخضوع لحكم الأكثرية الديمقراطية دون الاستناد إلى أي حدود قانونية، والتطور الاقتصادي “الاستهلاكي” لتكديس الربح ومواصلته، وكذلك الخضوع للسلطة الدينية متمثلة برجال الدين أو لمنظومة التقاليد والعادات المؤسسة للمجتمع والمرتبطة بمعايير أخلاقية (عنف الكبير ضد الصغير، عنف ضد المرأة..)، وكلها تتطلب استجابة الطرف الآخر وقبوله للعنف الممارس ضده “غريزة الخضوع” الماثلة في السيكولوجيا البشرية مثلها مثل رغبة التسلّط. فعلاقات النفوذ بأشكالها كافة تقوم على التأثير المتبادل بين الأفراد لتوطيد علاقات القوة كفعالية واقعية تنبع ضمنياً من اعتراف المغلوب بشرعية هيمنة الغالب، وعدم الخروج عليه.
ورغم أن حكم القانون يحدّ من هذه الطاعة غير المشروطة، لكنها تبقى قائمة على أكثر من منحى ضمن (الطابع الرمزي) الذي يجعل الأفراد والمجتمعات ككل (المتطوّرة والمتخلّفة) منغمسة في ثقافة العنف الممارس ضدها، ومساهمة في تعزيزه. فهذا النوع من العنف لا يكون صريحاً كما العنف المادي المباشر، إنما مستتراً تحت أقنعة المألوف العادي وأنظمة التقاليد والمقولات والخطابات المنغرسة في عقول الناس، وأبرز أمثلتها تقسيمات (شرق، غرب)، وتسميات: بلدان العالم الثالث، البلدان النامية، البلدان المتخلفة، التي تمثل أحكاماً قيمية ترمز إلى تقدم المجتمعات الغربية وتفوقها، وخضوع هذه الدول لمنظومتها في السيطرة.
العنف الرمزي
يتجلّى غالباً في ممارسات قيمية ووجدانية وأخلاقية وثقافية، تعتمد الرموز (اللغة والصورة والإشارات والدلالات والمعاني) كأدوات في السيطرة والهيمنة، لإخضاع من تستهدفهم، وذلك لخلق واقع إنساني مرغوب به ومخطط له، وتثبيته وتساهم باشتراك الضحية وجلادها في التصوّرات والمسلّمات نفسها. كالهيمنة الذكورية، والسيطرة الإيديولوجية (السياسية والدينية)، ومعاودة الإنتاج، التطبيع الطبقي والعائلي وغيرها من القضايا الفكرية. فجميع الموهومات الطوباوية تشكل أداة صراع، وتستخدمها الجماعات من خلال الطعن بالشرعية المخالفة لهم، فلا توجد أي مرجعية تعطي الشرعية للمرجعيات الأخرى، بل تتنافس معها. (27)
وهذا ينطبق على الصراعات الدينية “المقدسة” بأشكالها كافة بدءاً من صراع الشرعية، والدين الحقّ وانتهاء بصراع الطوائف والمذاهب التي تنتقل بين الصراع الرمزي الصامت والصراع المادي العلني لتشكل مساراً لأخطر أنواع العنف الذي يسلط الضوء عليه لاحقاً في بحث مستقل ومتمّم. فالعنف المؤسس للتاريخ البشري جعل البشر غارقين في قبضة عنف تزداد شدّته حين يدعمها المقدّس الديني لتكون سيفاً مسلطاً على رقابهم في حالتي الدفاع عن المقدّس أو الهجوم باسمه.
خاتمة
ليس بوسع الإنسان المنفصل عن أفق النماذج البدائية، والساقط بحكم خطيئته أن يحمي نفسه إلا من خلال “شرعنة العنف” وإدارته عبر نقله من الغرائزي البدائي إلى المعقلن الأسطوري الغابر والنفعي المعاصر الذي جعل البشر يغترفون من العنف أسس حياتهم، وتأسيس مستقبلهم، ليحكموا إغلاق دائرة العنف إذ لا وجود لعنف ينهي العنف مرة وإلى الأبد، ولا لحرب تنهي الحروب كافة، وذاك اللاعنف الذي تنشده البشرية لم يكن سوى مبدأ سهل الكسر في الأمور المصيرية، فعقيدة الـ “أهيمسا” التي روّج لها غاندي لم تكن سوى تكتيك لخلق مزيد من السخط الأخلاقيّ والمظلوميّة، والبشرية المحكومة بالعنف مازالت أبعد من اختراع التقاليد اللاعنفية ووضع قواعد للسلام لا تعكرها السياسة أو تزيحها عن معناها مصالح الدول.
المراجع
1- العقد الاجتماعي- الكاتب: جان جاك روسو، ترجمة: بولس غانم، اللجنة اللبنانية لترجمة الروائع بيروت 1972 (صفحة 31)
2- PDF كتاب التخلف الاجتماعي- مدخل إلى سيكولوجيا الإنسان المقهور، الكاتب: مصطفى حجازي (صفحة 184- 187)
3- المرجع السابق (189- 192)
4- الإنسان والطبيعة عبر التاريخ مسارات التطور، موقع هسبرس، الكاتب: عبد اللطيف الركيك https://www.hespress.com/writers/332171.html
5- الطقوس وجبروت الرموز قراءة في الوظائف والدلالات ضمن مجتمع متحوّل، بقلم: منصف المحواشي- إنسانيات .
https://journals.openedition.org/insaniyat/4331
6- PDF من العود الأبدي إلى الوعي التاريخي الأسطورة الدين الأيديولوجيا، الكاتب: شمس الدين الكيلاني، دار الكنوز الأدبية، بيروت -الطبعة الأولى 1998 (صفحة 14- 18)
7- PDF الإرهاب المقدس، الكاتب: تيري ايجلتون، ترجمة: أسامة إسبر، بدايات للطباعة والنشر، سورية-الطبعة الأولى 2007 (صفحة 9)
8- PDF العنف والمقدس، الكاتب: رينية جيرار، ترجمة: سميرة ريشا، المنظمة العربية للترجمة، بيروت – الطبعة الأولى 2009 (صفحة13- 16)
9- ويكبيديا- الإله مولوخ
https://ar.wikipedia.org/wiki/مولوخ
10- مرجع سابق، الإرهاب المقدس (صفحة 172)
11- مرجع سابق، العنف والمقدس (صفحة 35)
12- ويكيبديا
https://ar.wikipedia.org/wiki/تارتاروس
13- القانون في المجتمعات الأولى- الحوار المتمدن، العدد: 1479، بقلم: حياة محمد تاريخ
www.m.ahewar.org/s.asp?aid=58673&r=0
14- أساطير بابل وتطور المعتقدات الدينية- مجلة تحولات، العدد 29، 2012، بقلم: الأب سهيل قاشا.
www.tahawolat.net/MagazineArticleDetails.aspx?Id=155
15- PDF في العنف، الكاتبة: حنة أرندت، ترجمة: إبراهيم العريس – دار الساقي، بيروت – الطبعة الأولى 1992 (صفحة 34 )
16- PDF علم نفس الجماهير وتحليل الأنا، الكاتب سيغموند فرويد، ترجمة: جورج طرابيشي- دار الطليعة، بيروت- الطبعة الأولى 2006 (صفحة 12- 13)
17- برتران دي جوفينيل: فيلسوف واقتصادي فرنسي، (1903- 1987).
18- مرجع سابق: في العنف (صفحة 44- 45)
19- PDF جمهورية أفلاطون، إعداد أحمد المنياوي- دار الكتاب العربي للنشر- الطبعة 2010 ( صفحة 72)
20- ماوتسي تونغ: زعيم الحزب الشيوعي الصيني منذ 1935 حتى 1976
21- مرجع سابق: في العنف (صفحة 31- 35، 49- 50- 52)
22- رجل العلم ورجل السياسة، الكاتب: ماكس فيبر، ترجمة: نادر ذكرى- دار الحقيقة، بيروت – الطبعة الأولى 1982 (صفحة 47 -48)
23- مرجع سابق: في العنف (صفحة 36)
24- PDF الأمير، لميكافيللي، ترجمة: أكرم مؤمن- مكتبة ابن سينا- الطبعة 2004 (صفحة 89- 91)
25- PDF هكذا تكلم زاردشت، الكاتب: فريديك نيتشة، ترجمة: فليكس فارس، مطبعة جريدة البصرة، الاسكندرية، 1938 (صفحة 37)
26- برتراند رسل: فيلسوف ورياضي وكاتب إنجليزي
27- PDF العنف الرمزي، تأليف: بيير بورديو، ترجمة: نظير جاهل- المركز الثقافي العربي، بيروت- الطبعة الأولى 1994 (صفحة 6- 25).
جميع حقوق النشر محفوظة لصالح مركز أبحاث مينا.