يخضع اقتصاد العراق، لأنماط الاقتصاد الريعي، حيث تعتمد البلاد على إيرادات بيع النفط لتمويل ما يصل إلى 95 بالمئة من نفقات الدولة.. الأمر الذي يتسبب بكوارث اقتصادية متتالية للبلد الذي يعيش أزمة مالية خانقة، بعد تراجع أسعار النفط خلال الفترات الماضية الذي فاقمته أزمة جائحة كورونا التي شلت قطاعات واسعة من اقتصادات العالم.. ليكون تراجع صرف العملة المحلية “الدينار العراقي” أبرز مؤشرات ونتائج تلك الأزمة بشكل سينعكس ولا شك على الشعب والطبقة الفقيرة “الواسعة” في البلاد.. بالتوازي مع عجز حكومي ظاهر بدفع رواتب الموظفين في البلاد.
وتعددت الحلول والمقترحات أمام وزارة الكاظمي المحكومة بضغط الشارع الغاضب من الفساد وسيطرة الميليشيات والأحزاب الغير نزيهة على مفاصل الدولة دون تقديمها أي حلول فعلية لأزمة البلد المستديمة..
وكان الدينار أظهر تراجعًا ملحوظًا أمام الدولار في السوق المحلية مطلع الأسبوع الماضي، حيث وصل سعر صرف الدولار الواحد بين 1360 و1380 دينارًا، فيما كان قبل ذلك مستقرا عند 1222.
فإلى جانب الإصلاحات الاقتصادية المؤلمة من قبل حكومة الكاظمي، يبقى متغير ما تؤديه لمزيد من الاضطرابات في بلد اندلعت فيه الاحتجاجات في الأول من أكتوبر تشرين أول 2019 والتي استمرت لعدة أشهر، طالب خلالها مئات الآلاف من العراقيين بوظائف وخدمات وبعزل النخبة الحاكمة التي قالوا إنها فاسدة.
قال مسؤولان أمنيان إن قوات الأمن العراقية وشرطة مكافحة الشغب انتشرت أمس السبت بالقرب من مقر البنك المركزي والمصارف الحكومية والمكاتب المالية الأخرى في بغداد، تحسبًا لاحتمال اندلاع الاحتجاجات بعد قرار البنك المركزي تخفيض سعر صرف العملة.
إجراءات أخيرة
في اجتماع مع اللجنة المالية في البرلمان العراقي، قبل يومين، لبحث أزمة تراجع سعر صرف الدينار أمام الدولار.. أعلن “مصطفى مخيف” محافظ البنك المركزي العراقي، حزمة إجراءات للمحافظة على سعر صرف الدينار أمام الدولار في الأسواق المحلية.
اللجنة البرلمانية المختصة وفي بيان لها قالت: إن مخيف “أكد أن البنك لديه حزمة من الإجراءات ستحقق توازنًا مريحًا في سعر الصرف لعام 2021”.
وبحسب البيان، من بين الإجراءات، إطلاق مبادرة بمبلغ 3 تريليونات دينار (نحو 2.5 مليار دولار) لدعم ذوي الدخل المحدود، ومضاعفة توفير العملة الصعبة (الدولار) في السوق، بالأضافة لزيادة نسب الفائدة على العملة العراقية المودعة في المصارف.
لتقدم اللجنة المالية دعوات للحكومة بـ: “إجراء إصلاحات سريعة لحماية الطبقات الهشة المشمولين بشبكة الرعاية الاجتماعية والعاملين في القطاع الخاص، ومواجهة التضخم وتوفير المواد الغذائية الضرورية من خلال البطاقة التموينية”.
تخفيض سعر الصرف
اتخذ المركزي العراقي قرارًا غير مفاجئ حول تصريف العملة المحلية مقابل الدولار.. حيث قرر البنك رفع سعر بيع الدولار للبنوك وشركات الصرافة إلى 1460 دينارًا عراقيًا، من 1182 دينارًا للدولار الواحد، كخطوة تستهدف تعويض تراجع الإيرادات النفطية الناجم عن تدهور أسعار النفط.
وعزى المركزي السبب الرئيسي وراء تخفيض قيمة الدينار، لضمان سد فجوة التضخم في ميزانية 2021 بعد انهيار أسعار النفط العالمية في ظل اعتماد بغداد شبه الكلي على النفط كمصدر دخل.
بيان المركزي الأخير أوضح أن: “الأزمة المالية التي تعرض لها العراق بسبب جائحة كورونا أدت إلى حدوث عجز كبير في الموازنة العامة”.
ليؤكد ذات البيان أن قرار تخفيض قيمة العملة جاء كخطوة استباقية “حرصًا من البنك على تفادي استنزاف احتياطياته الأجنبية”، ولمساعدة الحكومة على تأمين رواتب الموظفين العموميين.
ورأى المركزي أن الاستمرار بسعر الصرف السابق “أصبح يشكل عائقًا كبيرًا لإجراء التنمية الحقيقية وتعزيز التنافسية للإنتاج المحلي الأمر الذي دفع البنك المركزي إلى التفكير الجدّي بالاستجابة لمتطلبات تمويل الموازنة بسعر الصرف الذي يتيح توفير الموارد الكافية لتغطية هذه الاحتياجات وضمان انسيابية دفع الرواتب والمتطلبات الحرجة للإنفاق الحكومي، وحرصًا من البنك على تفادي استنزاف احتياطياته الأجنبية”.
وسيدخل اليوم الأحد، السعر المخفض للعملة المحلية البالغ 1460 دينارًا لكل دولار، حيز التنفيذ، مع تأكيدات البنك أن التعديلات الأخيرة على سعر الصرف ستكون لمرة واحدة فقط.. وبذلك سيكون سعر شراء الدولار الواحد من وزارة المالية بـ 1450 دينارا، في حين سعر بيع الدولار للمصارف عبر نافذة بيع العملة الأجنبية 1460 دينارا.
ليختتم البيان بدعوة جميع المصارف وشركات الصيرفة والمؤسسات ذات الصلة، الالتزام بالصرف الجديد، مع التنويه أن السعر ثابت وغير قابل للتغير.
فساد متعلق بالعملة الأجنبية
قالت مؤسسة “عراق المستقبل” للدراسات والاستشارات الاقتصادية (مؤسسة مستقلة)، في بيان تداولته وسائل إعلام خلال الأسبوع الماضي، إن مبيعات البنك المركزي من العملة الصعبة بين عامي (2004 ـ 2020) وصلت 582 مليار دولار، بخسارة تقارب 20.7 مليار دولار في عام 2019 وحدها.
حيث يقوم المركزي العراقي بعمليات بيع يومية تقارب 200 مليون دولار للشركات والمصارف لأغراض استيراد البضائع والسلع الضرورية وتداولات محلية.
في حين تقول لجان الرقابة البرلمانية، إن مليارات الدولارات التي يتم بيعها من البنك المركزي، لأغراض استيراد بضائع وسلع، بيعت من قبل مصارف وتجار في السوق السوداء لتحقيق مكاسب مالية بملايين الدولارات.
وأطلقت المؤسسة تساؤلات عن مصير 26 مليار دولار فقدت في عام 2019، في بيان صدر شهر نوفمبر تشرين الماضي، حيث أعلن الجهاز المركزي للاحصاء اعلن خلال بيان له أنان قيمة استيرادات المواد والاحتياجات للعراق لسنة 2019 بلغت في مجملها 21 ترليون دينار أي ما يعادل 18 مليار دولار.. بالمقابل أعلن المركزي في تقاريره عن الحوالات والاعتمادات الخارجية لغرض الاستيراد بلغت خلال سنة 2019 مبلغ 44 مليار دولار..
“أي أن البنك المركزي قام بتحويل 44 مليار دولار لاغراض الاستيراد في حين لم تدخل بضائع سوى بقيمة 18 مليار دولار!”
وعود بضخ أموال
أوضح “عبد السلام المالكي” عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية العراقية، أمس السبت، تفاصيل الاتفاق بشان خفض سعر الدولار من قبل البنك المركزي العراقي، حيث بيّن أن حاكم البنك المركزي العراقي وعد بضخ مبالغ من الدولار لخفض السعر امام الدينار.
“المالكي” وفي تصريح مصور، قال إن “ارتفاع سعر الصرف يصب في مصلحة المصارف المشاركة بمزاد بيع العملة وأن اللجنة اتفقت مع محافظ البنك المركزي بمعالجة سعر الصرف من خلال اتخاذ عدة اجراءات”.
ليضيف المالكي، أن “محافظ البنك المركزي تعهد بضخ كميات كبيرة من الدولار لمعالجة سعر الصرف وانه طمئن اللجنة المالية بزيادة المبالغ الممنوحة للمصارف وفتح منافذ بيع العملة”.
متابعًا أن “المركزي ليس معني بوضع الأليات الخاصة بقانون الموازنة وهو مخول بمتابعة ملف الاقتراض وانه لن نسمح بالتعرض للاحتياطي النقدي للعراق وعلى الحكومة اتخاذ إجراءات اصلاحية ولن نسمح للحكومة باستقطاع رواتب الموظفين والحكومة لا تمتلك صلاحية التخفيض”.
وكان “مضر الكروي” عضو مجلس النواب العراقي، أطلق تصريحات مساء الجمعة، أن الموازنة المالية العامة للسنة المقبلة 2021 ستكون من اصعب الموازنات في العراق بعد موازنة عام 2003.
“الكروي” وفي حديث صحفي، قال إن “موازنة 2021 لم تصل حتى الآن رسميًا إلى مجلس النواب”، ليؤكد أن “التسريبات التي نشرتها وسائل الاعلام يوم الخميس عن مضمون المسودة للموازنة يبدو أنها حقيقية، خاصة أنه لم يصدر نفي رسمي حيالها من المالية”.
مضيفًا، أن “موازنة 2021 وبعد النقاط التي تكشفت في التسريبات، ستكون الاصعب بعد 2003″، حيث أنه بحسب النائب: “من الصعوبة تمرير اي خفض لرواتب الموظفين او مخصصاتهم، ولكن يمكن التفاعل إذا كان التخفيض يشمل كبار الموظفين في الدولة العراقية”.
وأشار إلى أن “رفع سعر صرف الدولار إلى 1450 دينار، يعني ارتفاع الاسعار تلقائيًا، وقيمة الرواتب ستضعف معها، وسيكون الضرر كبيرًا على البسطاء”.. كما نوّه أن ” مكافحة الفساد في المنافذ الحدودية واستراداد الأموال المنهوبة وتصحيح مسار الجباية إضافة إلى تقليل النفقات في كل الوزارات والهيئات، سيمكن ذلك من إسعاف الموازنة المالية”.
ليختم شارحًا أن “سيطرة الدولة على الأسواق وتأمين قوت المواطنيين وخاصة الفقراء لتجنب استغلالها من قبل المتنفذين في جني الارباح؛ يعتبر أولوية لدى البرلمان”.. مؤكدًا أن “الميزانية لن تمرر إلا إذا كانت تحمي الفقراء والموظفين”.
الحكومة تبرر
أكد “مصطفى الكاظمي” رئيس مجلس الوزراء العراقي، خلال جلسة استثنائية للحكومة مساء السبت، لمناقشة الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية 2021، أن العراق يواجه خطر انهيار النظام والدخول في فوضى عارمة، ما لم يدخل في عملية “قيصرية” للإصلاح بحسب توصيفه. (حيث تسبب تسريب عن الموازنة باضطراب أسواق الصرف في العراق يوم الخميس الماضي).
ليوضح الكاظمي: “منذ عام 2003، نعاني من التأسيس الخطأ الذي يهدد النظام السياسي والاجتماعي بالانهيار الكامل.. ومن غير المعقول أن نخضع لمعادلة الفساد السابقة، إما أن نصحح الأوضاع أو نضحك على الناس”.
وتابع شارحًا: “تبنينا ورقة إصلاح بيضاء، فكل دول العالم المتطورة مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة اتخذت قرارات صعبة، وبدأت بخطوات جريئة وبروح التضحية”.
ليشدد على أن “الأزمة السياسية في العراق مرتبطة بثلاث قضايا، هي: السلطة والمال والفساد، ونعمل على معالجة الأزمة من منطلق اقتصادي، وبقرار جريء لتذليل عقبتي الفساد والمال”.
وكشفت تفاصيل ورقة الكاظمي البيضاء، مع قرار رفع سعر صرف الدولار إلى 1450 دينارًا بعد أن كان 1120 دينارًا معتبرةً إياه سعرًا معتمدًا بالبيع من وزارة المالية إلى البنك المركزي.
كما تضمنت إجراءات الورقة البيضاء، ما يقول عنها وزير المالية “علي عبد الأمير علاوي” إجراءات مالية ضرورية يعتبر مختصون أن تطبيقها سيزيد من أعباء الطبقة الفقيرة والمتوسطة، بحسب تقرير لموقع “شبكة رؤية” العراقية.
وأوضح الوزير أن البرلمان واللجنة المالية النيابية ورؤساء الكتل لديهم علم مسبق، بالاتجاه الذي تسلكه الحكومة، حيث أكد حصول الحكومة على دعم جميع الدول الكبرى وصندوق النقد والبنك الدوليين لورقة الإصلاح البيضاء.
أما عضو لجنة الاقتصاد في البرلمان العراقي “فلاح عبد الكريم” فأكد أن موازنة عام 2021 إذا مررت، فإنها ستطيح الحكومة والبرلمان، مبينًا أن الموازنة لن تمرر ما لم ترفع بعض بنودها، وأشار إلى أن إدارة الدولة للاقتصاد قاصرة.
ليطالب البرلماني العراقي “جمال المحمداوي” بمساءلة البنك المركزي العراقي، بسبب رفع سعر الصرف، واصفًا إدارته بـ “المتخبطة” التي تركت أثرًا بالغًا على المواطنين.
مواقف رافضة
سارعت بعض الكتل السياسية وزعماء التيارات لإبداء رفض قرار تخفيض سعر الصرف وتسريبات عجز الموازنة في تعريض وهجوم على حكومة الكاظمي وقراراتها.. وكأنهم غير مسؤولين عن الانتكاسة الحالية.
حيث وصف رئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي، آثار إقدام البنك المركزي العراقي على تخفيض قيمة الدينار العراقي بأنها “كارثية”، ودعا في تغريدة على موقع “تويتر” الحكومة العراقية إلى التدخل المباشر لتلافي تلك الآثار.
وكتب المالكي في تغريدته: “يبقى السؤال: ما هي إجراءات الحكومة لحماية المواطن ومراعاة ظروفه المعيشية من التلاعب والاستغلال الذي سيمس حياته بشكل مباشر”.
وعن نتائج تخفيض قيمة الدينار العراقي، قال المالكي إنها “آثار كارثية خطيرة، قد تؤدي لانهيار الوضع العام وتدمير بنية الدولة والمجتمع إن لم يصحبها تدخل مباشر من الحكومة وأجهزتها الأمنية والاقتصادية”.
كما سبقت كتل سياسية المالكي إلى مهاجمة قرار البنك المركزي العراقي رفع سعر صرف الدولار، متهمة الحكومة باللجوء إلى “حلول ترقيعية”، لمعالجة الازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، أما وزارة المالية، فدافعت عن هذا القرار الذي اعتبرت أنه يحظى بتأييد القوى السياسية والبرلمانية والجهات الدولية.
زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، البنك المركزي وكافة البنوك الأخرى بأنها “أسيرة الفساد والمفسدين”، مؤكدًا أن على الحكومة والبرلمان إنهاء ذلك، وقال الصدر في تغريدة على تويتر إن “تعويم العملة لا يكفي فقد يكون ذلك سلاحًا ذا حدين فيخرج العراق من أزمة ليقع بأشد منها، والمتضرر الوحيد هو الشعب”.
أما حزب الدعوة الاسلامية، في بيان إعلامي، فاعتبر أن اجراءات وزارة المالية والبنك المركزي بتغيير سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار، يؤثر سلبًا على الموظفين والفقراء وغيرهم، واعتبر الحزب ان، هذه السياسة الاقتصادية لن توصل البلد إلى بر الامان، أو تفكك الازمة الاقتصادية الخانقة التي باتت تسحق شرائح عدة من المجتمع، وسينجم عنها اختلالات على الاصعدة كافة.
في حين لم يصدر “عمار الحكيم ” وتيار الحكمة الذي يتزعمه، أي موقف رسمي إلى الآن، إلا أن النائب عن التيار “ستار الجابري”، كشف لشبكة رووداو الإعلامية، عن توجه نيابي لإعادة الموازنة إلى الحكومة لمعالجة الأخطاء الستراتيجية والمهمة فيما يخص صعود سعر الدولار والاستقطاعات الكبيرة من الموظفين ومخصصاتهم.
بدوره “جمال المحمداوي ” عضو مجلس النواب عن كتلة النهج الوطني المنضوية تحت عباءة تحالف عراقيون، اعتبر – بحسب شبكة روداوو- أن البنك المركزي أخفق في إيقاف تدهور صرف العملة، داعيًا إلى مساءلته بشأن هذا “التخبط”، واتهم البنك المركزي بـ”الانحراف” عن أهدافه المرسومة له في القانون رقم (56) لسنة 2004، وأخفق في إيقاف تدهور صرف العملة العراقية مقابل الدولار ومهّد للطفيليين والفاسدين بالاستحواذ على مئات مليارات الدنانير من الارباح غير الشرعية.
ضجة وانعكاسات
أطلق خفض قيمة الدينار بمعدل هو الأعلى منذ عام 2003، مخاوف أن يؤدي على الفور إلى رفع أسعار السلع ما يضر بمستويات المعيشة التي تعاني أصلًا.
كما تسبب قرار خفض قيمة صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي بضجة كبيرة، حيث أثار مخاوف من دخول البلاد في مرحلة انهيار اقتصادي، تضاعف الأزمة التي يعيشها العراق منذ سنوات.
وتشير تقارير اقتصادية مختصة “كدوريات المركزي الأمريكي” أن خفض قيمة العملة يجعل واردات الدولة أكثر تكلفة على المستهلك المحلي، ما يؤدي إلى خفض عمليات الاستيراد.. حيث يعرّف تخفيض قيمة العملة الوطنية بأنه عملية تعديل تنازلية “متعمدة” لسعر الصرف الرسمي، تؤدي إلى تقليل قيمتها مقابل عملات أخرى.
من جهة ثانية يحتمل أن يتسبب خفض قيمة العملة بتأثيرات نفسية، تضعف ثقة المستثمرين باقتصاد البلد، وتؤثر سلبا على عملية استقطاب الاستثمارات الأجنبية.
في حين ترى أصوات أخرى أن خفض قيمة الدينار العراقي قد يفضي إلى رفع الطلب الكلي، ما قد يؤدي بشكل من الأشكال، إلى ارتفاع نسبة النمو في اقتصاد البلد.
حيث لا يمتلك اقتصاد الدولة العضو في منظمة أوبك سوى قاعدة تصنيع صغيرة وجميع السلع تقريبًا واردات مسعرة بالدولار، لذا فإن الدينار الأرخص سيجعل على الفور العراقيين العاديين يشعرون بالفقر، وربما تتمثل الفائدة الوحيدة المنتظرة منح العراق الغني بالنفط، مزيدًا من الأموال لتسديد مدفوعات عاجلة.
كارثة تنتظر الفقراء
اعتبر خبراء اقتصاديون وبرلمانيون عراقيون أن رفع سعر تصريف الدولار أمام العملة العراقيةسيزيد من معدلات الفقر بين العراقيين، كما أنه سيلحق أضرارًا وصفوها “كارثية” بالفقراء ومحدودي الدخل.
وأكد أستاذ الاقتصاد في بغداد “قيس جوهر” – وفق العرب- أن تخفيض قيمة العملة ستكون له تداعيات مدمرة على الاقتصاد وسيكون كارثة.
في حين اعتبر “أرشد الصالحي” رئيس الجبهة التركمانية العراقية اليوم الأحد أن خفض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار “خطأ” ارتكبه البنك المركزي، وأكد أن الخطوة ستقود إلى تعطيل عمل المصانع في البلاد.
وذكر الصالحي بحسب ما نقلته العرب عنه، أن “ارتفاع سعر الدولار، سيؤدي إلى وقف عمل المصانع المحلية، لأنها تشتري المواد الأولية بالدولار من الخارج، مما سيؤدي إلى ارتفاع سعر المنتج المحلي للمستهلك النهائي”.
أما “ضرغام محمد علي” رئيس المركز الاقتصادي العراقي فأشار أن “خفض الرواتب وسعر صرف الدينار سيرفع الأسعار ويؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية، وبالتالي سيؤدي إلى رفع نسب التضخم والفقر وانكماش تضخمي يؤذي السوق ويقلل فرص العمل بشكل خطير ويؤدي بالتالي إلى الكساد المدمر للاقتصاد العراقي”.
ليوضح وفق ما نقله عن ذات التقرير أن “المصارف الحكومية ستتضرر أيضًا بشكل كبير بسبب الإقبال على سحب الودائع الدينارية ما سيفرغ خزائنها بعد انعدام الثقة بالدينار”.