أنهت اليوم القوات التركية انسحابها من نقطة “مورك” الواقعة بين ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي، وعلى الطريق الدولي M5الواصل بين حماه وحلب، وكانت تعد كأكبر نقاط المراقبة التركية في الشمال السوري، وإحدى النقاط التي تم إنشاءها في العام ٢٠١٧، إضافة إلى بعض المواقع العسكرية الصغيرة، على خلفية اتفاق سوتشي الروسي ـ التركي.
الانسحاب من “مورك” بدأته القوات التركية في ٢٠ أكتوبر/ تشرين الاول الفائت، بسحب آليات ومعدات عسكرية وتفكيك أبراج المراقبة، وأنهته اليوم بإخراج عشرات العربات العسكرية وشاحنات تحمل معدات لوجستية وعوارض إسمنتية، كما نقلت مصادر خاصة لمرصد مينا.
مصادر مينا أكدت أن عمليات انسحاب مماثلة بدأت الأربعاء الفائت من نقطة شير مغار في ريف حماه الغربي، وتم الحديث عن نيات للخروج من نقطة “صرمان” والموقع العسكري في”معر حطاط” في ريفي إدلب الشرقي والجنوبي الشرقي، اذ تقع جميع في مناطق خاضعة لجيش النظام السوري، ومحاصر من قبلها منذ أكثر من عام تقريبا.
تفاهم أم تخوفات..
مصادر روسية أفادت بأن الانسحاب التركي تم بتنسيق مع الجانب الروسي، اذ رافقت الشرطة العسكرية الروسية الآليات المنسحبة.
أما الجانب التركي فلم يتطرق بحديث رسمي عن الانسحاب حتى الآن، فيما عزا محللون أتراك الانسحاب التدريجي إلى تفادي مواجهة محتملة، بعد أن منعت روسيا وصول الإمدادات للنقاط التركية المحاصرة مؤخراً، وتحرض النظام على مهاجمتها، حيث تم الحديث قبلها عن رفض تركي لمطالب روسية في شهر أكتوبر الماضي، بتخفيض التواجد العسكري في الشمال السوري.
وكانت أنقرة وقعت مع موسكو في آذار/مارس الماضي اتفاق وقف لإطلاق النار في إدلب، بعد هجوم نفذته قوات النظام السوري بدعم روسي دفع بنحو مليون شخص الى النزوح من منازلهم، وفق إحصائيات الأمم المتحدة، ورغم الخروقات المتكررة فإن اتفاق وقف اطلاق النار ما يزال صامداً الى حد كبير.
يذكر أن تركيا تنشر 12 نقطة مراقبة داخل الأراضي السورية، بموجب اتفاق أبرمته مع روسيا في أيلول/سبتمبر 2018 في استانة.
إلى أين؟
الانسحاب التركي من “مورك” خلال الأيام العشر الأخيرة من أكتوبر/ تشرين الاول، تزامن مع قصف معتاد من قبل قوات النظام لقرى ومدن جنوب إدلب، وسط تحليق مستمر لطائرات استطلاع في المنطقة.
مصادر مينا أكدت أن “الجيش التركي لن يسحب قواته إلى خارج الأراضي السورية، إذ بدأ إعادة التمركز في كل من “كنصفرة” و”قوقفين” في ريف إدلب الجنوبي، وقرية “العنكاوي” في سهل الغاب بريف حماة الغربي، مشيرة إلى أن “الأتراك يجرون عمليات استطلاع لاختيار النقطة الرابعة”.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن “تركيا وضعت جدولاً زمنياً لسحب النقاط، ينتهي في أواخر شهر كانون الأول/ ديسمبر المقبل”، بينما تتزامن هذه التطورات الآن مع هدوء حذر تشهده منطقة خفض التصعيد المتفق عليها تخّلله سقوط بعد القذائف الصاروخية على مناطق متفرقة من جبل الزاوية ليل أمس.
وقالت مصادر “مينا”: إن “طائرة مسيرة عن بعد روسية الصنع وصفت بالانتحارية، نفذت هجوما على بلدة نحلة أريحا في ريف إدلب الجنوبي، مسببة إصابات في صفوف المدنيين، قفي عملية تعد الأولى منذ دخول اتفاق وقف النار بين موسكو وأنقرة في شمال غربي سوريا في مارس/آذار الماضي”.
يذكر أن هذه العملية تعتبر الأولى من نوعها منذ دخول اتفاق وقف النار بين موسكو وأنقرة في شمال غربي سوريا في مارس/آذار الماضي/ .
خلاف روسي – تركي..
مصادر سياسية مطلعة كشفت عن اجتماع عقد بين تركيا وروسيا، في العاصمة موسكو، وسط تصاعد الخلافات بينهما في الملف السوري، ولا سيما في المنطقة الشمالية، التي تنتشر فيها قوات تركية.
إلى جانب ذلك، أشارت المصادر إلى أن الاجتماع جاء بهدف منع حصول المزيد من الخلافات بين قطبي اتفاق أستانة، الخاص بسوريا، تحديداً في ظل التوتر العسكري في منطقتي شرق وغرب نهر الفرات.
وأوضحت المصادر أن الجانب الروسي يسعى إلى الحد من الانتشار التركي في منطقة شرقي الفرات، لافتةً إلى وجود قلق لدى الروس من استغلال الولايات المتحدة للورقة الكردية للتوغل أكثر في الشأن السوري، ما يدفعها إلى محاولة حلحلة القضية الكردية، كأولوية من أولوياتها في ملف سوريا.
من جهته، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “إن هناك مؤشرات تظهر عدم دعم روسيا للاستقرار والسلام في سوريا”، موضحا أن “استهداف روسيا مركز لتأهيل الجيش الوطني السوري في إدلب مؤشر على عدم دعمها للسلام الدائم والاستقرار بالمنطقة”.
وكانت مصادر مينا” أكدت حينها أن “الغارات الروسية استهدفت الأسبوع الفائت، موقعاً لفصيل فيلق الشام، المدعوم من تركيا، قبل وقت قصير من تخريج دفعة جديدة من المقاتلين التابعين للفيلق”.
كما لفتت المصادر إلى أن الفيلق كان بصدد تخريج دفعة من مقاتليه، الذين خضعوا لدورات تدريبية لأشهر، قبل الغارات المفاجئة، التي تعرض لها ليوم، مشيرةً إلى أن الغارات أسفرت عن سقوط 78 قتيلاً حتى الآن. موضحة أن “الاستهداف بعد أيام من سحب الجيش التركي قواته، التي كانت تتمركز بريف حماة الشمالي، المتاخمة لريف إدلب”.
وتصنف مدينة إدلب ضمن مناطق خفض التصعيد، بموجب اتفاق أستانة الموقع بين تركيا وروسيا وإيران في العام 2018.
خطوات تفاوتت خلالها التحليلات والتكهنات بشأن غاياتها وأبعادها العسكرية والسياسية، وأنباء عن تفاهمات مسبقة لإعادة هيكلة التواجد العسكري والسياسي في الشمال السوري، أو ترسيم جديد قد يكون دائم لشكل المنطقة، قبل الحل السياسي المستعصي على الأمم المتحدة، والذي تم الاتفاق على انهائه مع نهاية ٢٠٢٠، قبل انتخابات الرئاسة السورية ٢٠٢١، بدستور جديد يعيق تشكيله النظام السوري كما أشار المبعوث الأممي “غير بيدرسن”، تجنبا لانتخابات يشارك فيها سوريو الشتات تحت إشراف أممي.