بعد أن أصبحت ليبيا مفتوحة أمام التدخل الدولي، الذي يرى منها تارةّ باباً كبيراً نحو العمق الإفريقي مثل تركيا، وتارةّ أخرى سبباً في إحكام مكتسبات التوغل القديم كدول أوروبية عديدة، لكن روسيا تعتبر أن تقوية نفوذها في ليبيا وإن كان متأخراً فهو مكسب كبير للدولة الباردة التي تبحث عن متنفس لها في المياه الدافئة، وعن توازن دولي مع أوروبا وأمريكا.
حذر المبعوث الدولي إلى ليبيا، غسان سلامة، الجمعة، في مؤتمر صحافي، من تداعيات “انهيار الهدنة في ليبيا، وأعرب سلامة عن خشيته من “تحول الصراع في ليبيا إلى حرب إقليمية مع تدخل أطراف خارجية.
كما قال المبعوث الأممي إلى ليبيا: ” إن مناطق كثيرة في العاصمة الليبية طرابلس تعرضت للقصف”، مشيراً إلى أن “مطار طرابلس تعرض للقصف فجرا، وفقدت أسرة 5 من أفرادها”.
وتابع في ختام جولة مفاوضات بين فرقاء ليبيا: “خضنا 3 أيام من المفاوضات على المسار السياسي بين الأطراف الليبية في جنيف، ووضعنا جدول أعمال للمسار السياسي”.
وأضاف سلامة في تصريحاته الصحفية: “لا يمكن لمسارات التفاوض الاستمرار تحت القصف، ولا بد من احترام الهدنة الموقعة في 12 كانون الثاني، مع تواصل المفاوضات على المسارات الثلاثة: الاقتصادي والسياسي والعسكري”.
كما أعلن “غسان سلامة” أنه “سيتم توجيه الدعوة خلال أيام لعقد جلسة ثانية من المفاوضات في جنيف بين الفرقاء، مع محاولة إقناع من لم يحضروا الجولة الأولى بالمشاركة”.
وشدد سلامة على أن “المسارات الثلاثة للتفاوض متزامنة ولكنها غير مترابطة، وأن التعثر أو التقدم في أي مسار لن يؤثر على المسارين الآخرين”.
وعملت أنقرة على تدعيم وجودها في ليبيا ليكون ملف مقايضة مع الروس بما يخص الملف السوري، حيث استغلت اعتراف الأمم المتحدة بحكومة “فايز السراج” التي تنتهج خطاً فكريا متقارباً مع الخط الفكري لحزب العدالة والتنمية التركي الذي يتبع نهج الأخوان المسلمين، ووقعت أنقرة وطرابلس على اتفاقات ثنائية بما يخص الدفاع المشترك، وأحقية تركيا بالمياه الليبية، وتم توقيع المعاهدة في الأمم المتحدة.
لكن الوجود التركي في ليبيا وجود غير مرحب به، إذ أصدرت العشائر الليبية عدة قرارات في الأيام الماضية تندد بالوجود التركي وتعتبره احتلالاً، كما أعلن الجيش الوطني الليبي اليوم الجمعة، أن القوات التركية سيطرت على مطار معيتيقة، الوحيد الذي ما زال يعمل في العاصمة الليبية طرابلس، الخاضعة لميليشيات حكومة فايز السراج، وتحدث عن مقتل عدد من الجنود الأتراك في المطار.
وقال مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الليبي “خالد المحجوب”، إن القوات التركية عمدت بعد السيطرة على المطار إلى نقل المعدات والآليات العسكرية، موضحاً أن ما بين 7 إلى 10 من الجنود الأتراك قتلوا في قصف بالمدفعية على المطار، الذي حوّلته أنقرة إلى قاعدة عسكرية.
وبيّن المسؤول الليبي، أن الضربات استهدفت مواقع للطائرات المسيرة ومنصة رادار في المطار، كما وقال “إن الميليشيات تخرق يوميا اتفاق الهدنة بإحضار الأسلحة والمرتزقة وتوجيه ضربات لقواتنا بشكل مستمر وبشكل يومي”.
وجرت مساء الجمعة، مباحثات المسار السياسي الليبي في يومها الثالث بجنيف، ولم تفصح بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قوائم المشاركين والقضايا المدرجة في جدول الاجتماعات، حيث لم يحدد موعد نهايتها، وغاب عنها ممثلو مجلس النواب الليبي، إذ انتقد المجلس البعثة الدولية بشأن تدخلها في اختيار ممثليه في طاولة الحوار.