أظهرت أحدث الإحصاءات الرسمية الخاصة بالصادرات التركية انخفاضاً حاداً في مبيعات صادرات الدفاع والطيران في البلاد في الفترة من يناير إلى أغسطس 2020، وفقاً للبيانات الصادرة عن جمعية المصدرين الأتراك (Türkiye İhracatçılar Meclisi ،أو TİM).
وكانت صادرات الصناعات الدفاعية التركية قد انخفضت بنسبة 26.1٪ في الفترة من يناير إلى أغسطس 2020 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حسبما كشفت أرقام TİM، وذلك في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، والمتزامنة مع انتشار وباء كورونا.
إذ تراجعت قيمة الليرة التركية بشكل ملحوظ وأصيب الاقتصاد بحالة من الركود، كما شكل الوباء تحدياً غير متوقع لقطاع الدفاع التركي. بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت معدلات التضخم والبطالة، وتأثر الاقتصاد بأزمة العملة، فبعد أن كان سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي 1.7 قبل خمس سنوات، أصبح سعر الصرف اليوم 7.5 ليرة.
وكانت صناعة الدفاع التركية المتنامية قد حققت تقدماً مهماً في مجال التصدير في السنوات السابقة؛ إلا أنها تواجه عدداً من التحديات هذا العام بالإضافة إلى الوباء والأزمة المالية، إذ لا تستطيع الحكومة التركية الحصول بسهولة على أنظمة فرعية أجنبية لتجهيز منصاتها بسبب حظر الأسلحة الذي تفرضه بعض الدول الغربية وعمالقة الدفاع.
وبحسب أرقام TIM، انخفض إجمالي صادرات الأسلحة لصناعة الدفاع والطيران التركية بشكل حاد إلى 1.239 مليون دولار، بينما بلغ إجمالي مبيعات التكتلات الدفاعية التركية 1.677 مليون دولار في نفس الفترة من العام الماضي.
ورغم ما أظهرته أحدث الأرقام، نشرت رئاسة الصناعات الدفاعية التركية (SSB)، عبر حسابها على وسائل التواصل الاجتماعي، رسماً بيانياً يزعم أن صادرات الصناعات الدفاعية ستتجاوز 3 مليارات دولار في عام 2020.
وكانت عدة دول بما فيها فرنسا وفنلندا والنرويج والسويد وجمهورية التشيك وهولندا وإسبانيا وألمانيا، قد فرضت حظر أسلحة على الحكومة التركية بعد دخول قواتها إلى سوريا لمهاجمة الميليشيات الكردية في أكتوبر 2019. كما اتفقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 على الحد من صادرات الأسلحة إلى تركيا، ما دفع أنقرة إلى إدانة هذا القرار.
ووفقاً لموقعها على الإنترنت، تعتبر منظمة TİM مظلة للمصدرين الأتراك، حيث تمثل أكثر من 95000 مصدر في 27 قطاعاً و 61 اتحاداً للمصدرين، وقد تم تأسيسها في عام 1993 من قبل الحكومة التركية. ويقول موقعها على الانترنت إن الجمعية “تعد وتشارك الخطط الاستراتيجية لتنمية اقتصاد الدولة والصادرات مع الحكومة، وتنسق الأعمال المهمة مثل استراتيجية التصدير، واستراتيجية الابتكا ، ومراكز الحضانة.
وفي عام 2018، شهد قطاع الدفاع التركي أقوى نمو للصادرات بين جميع الصناعات التركية، إذ تجاوزت صادراته عتبة 2 مليار دولار لأول مرة. وفي كانون الأول/ ديسمبر) 2019، نشرت هيئة الرقابة الشرعية خطة استراتيجية للفترة 2019-23. وتهدف الخطة الطموحة إلى زيادة صادرات الدفاع والطيران التركية إلى 10.2 مليار دولار بحلول عام 2023. علاوة على ذلك، وفقاً للخطة، ستلبي الصناعة المحلية 75 بالمائة من المتطلبات العسكرية للبلاد في عام 2023. ومن المتوقع أن تحقق الإيرادات السنوية لصناعة الدفاع والطيران ارتفاعاً يصل إلى 26.9 مليار دولار بحلول 2023 من 6.7 مليار دولار في 2018. إلا أن أرقام الاحصاءات الأخيرة تزيد من الشكوك حول قدرة القطاع على تحقيق أهداف الحكومة التركية كما وردت في الخطة الاستراتيجية.
وفي أغسطس الماضي، أدرجت مجلة Defense News ومقرها الولايات المتحدة سبع شركات دفاعية تركية مثل شركة Aselsan المتخصصة في الإلكترونيات العسكرية وشركة صناعة الطيران التركية وشركة صناعة المركبات المدرعة BMC وصناعة الصواريخ Roketsan الشركة المتخصصة في التقنيات العسكرية STM وصناعة المركبات المدرعة FNSS والبرامج العسكرية Havelsan في مجموعتها ضمن أفضل 100 شركة عالمية ذات أعلى إيرادات دفاعية.
وبحسب للتقرير السنوي الصادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، أنفقت تركيا 20.4 مليار دولار على جيشها في عام 2019، حيث احتلت تركيا المرتبة 16 في تقرير الإنفاق العسكري لعام 2019، وزاد إنفاقها العسكري بنسبة 5.8 في المائة عن العام السابق.
وقد ارتفع الإنفاق العسكري التركي بنسبة 86 % خلال العقد 2010-19 ليصل إلى 20.4 مليار دولار، وقال التقرير إن هناك زيادة حادة في الإنفاق العسكري التركي بشكل خاص بين عامي 2017 و 2018، بنسبة 27 %، في حين أن الزيادة بين عامي 2018 و 2019 كانت 5.8 %. وقد أكد تقرير معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام على أن دول العالم مجتمعة أنفقت 1.9 تريليون دولار على جيوشها في عام 2019، وهو أكبر ارتفاع خلال عقد من الزمن.
وكان الرئيس رجب طيب أردوغان قد أصدر قراراً لجعل مصنعي الأسلحة ووكالات المشتريات الحكومية تحت سيطرته المباشرة وغير المباشرة واستخدم المجمع الصناعي العسكري للحفاظ على حكمه وتمويله.
يذكر أن مؤسسة القوات المسلحة التركية (TAFF) تهيمن على صناعة الدفاع. وقد تأسست TAFF في عام 1987 “لتعزيز القوة القتالية للقوات المسلحة التركية” ولعبت دوراً رائداً في إنشاء وتطوير صناعة الدفاع، كما تسيطر بشكل مباشر أو غير مباشر على الشركات الكبرى مثل Aselsan (الإلكترونيات)، Isbir (المولدات)، Aspilsan (منتجات حزمة البطاريات)، Havelsan (المعلوماتية)، Roketsan (الصواريخ) و TAI (الفضاء والأقمار الصناعية). وفي 24 كانون الأول/ ديسمبر 2017، أصدر الرئيس أردوغان مرسوماً بوضع المؤسسة العسكرية تحت سيطرته، و يترأس أردوغان اليوم مجلس TAFF، باعتباره الجهاز الرئيسي المؤثر في صنع القرار في المؤسسة.