في 7 أكتوبر 2023، ظهرت تداعيات مشابهة لتلك التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة على النقاش العام والتعايش في أوروبا. كما شهدت تلك الفترة موجة تضامن بين المتطرفين الإسلاميين، فقد تلت الفظائع التي ارتكبتها حماس في إسرائيل موجة دعم بين المتطرفين في أوروبا. في ألمانيا، ظهرت دعوات علنية لإقامة خلافة في مظاهرات نظمتها مجموعات مثل “مسلم انترأكتيف”، بينما تم إحباط خطط لهجمات خلال موسم عيد الميلاد. مؤخرًا، شهدت مدينة مانهايم حادثة قتل ضابط الشرطة روفين لاور في هجوم بسكين.
تواجه دول الاتحاد الأوروبي، مثل ألمانيا، مشكلة مع الإسلاموية، ولم تبدأ هذه المشكلة حديثًا. التحديات لا تقتصر على تنفيذ الهجمات، بل تبدأ بنشر أيديولوجيات التقسيم التي تصنف المجتمع إلى “صالحين” و”أشرار”، وهو ما يروّج له الإسلاميون. ورغم أن هذه الفئة تمثل أقلية صغيرة من المسلمين، فإنها تتمتع بصوت عالٍ على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يصل محتواهم إلى مئات الآلاف. تشير الاستخبارات إلى انتشار “تيكتوك-إسلامية”، حيث تساهم الرسائل البسيطة والسريعة في تسريع تطرف الأفراد، الذين أصبحوا يعتمدون على الإنترنت للتشدد بدلاً من المساجد التي كانت تخضع للمراقبة.
بعد هجوم مانهايم، تسعى الحكومة الألمانية إلى تشديد إجراءات الترحيل ضد المجرمين والخارجين عن القانون، وقد يكون “إعجاب” واحد كافيًا لترحيل شخص يمجد الإرهاب. لكن العقوبات القاسية لن تعالج المشكلة الجذرية. يجب أن تبدأ الوقاية في المدارس من خلال تعزيز التعليم الديني الإسلامي بإشراف معلمين مؤهلين في أوروبا، إلى جانب تعزيز المحتويات الإيجابية على وسائل التواصل الاجتماعي لمواجهة التطرف. بدلاً من طباعة منشورات توعوية، يمكن استثمار الأموال بطرق أكثر فعالية.
يؤدي الصراع في الشرق الأوسط إلى استقطاب واسع. يطالب البعض بأن يتبرأ المسلمون في ألمانيا من حماس، رغم أنه لا حاجة للتبرؤ من أمر لا علاقة لهم به. وفي الوقت نفسه، ينظر البعض إلى جانب واحد فقط من المعاناة في غزة أو إسرائيل، ما يزيد من التوترات. بدلاً من ذلك، يجب أن يكون هناك رفض واضح لتبرير إرهاب حماس.
في أوروبا، يتعرض كل من يحاول التعبير عن تعاطفه مع غزة أو إسرائيل للانتقاد الفوري. هذا الاستقطاب يولد عداوة تترجم إلى تبادل اتهامات مثل “إبادة جماعية” و”أبارتايد” و”معاداة السامية”، ما يزيد من تعقيد الأوضاع. فالظلم لا يلغي الظلم الآخر؛ بل يفاقمه.
هناك مخاطر حقيقية من تصاعد التوتر بين المسلمين والمجتمعات الأوروبية. يشعر العديد من المسلمين في أوروبا بأنهم مرفوضون ومشتبه بهم لمجرد هويتهم الدينية أو العرقية. من ناحية أخرى، يجب الحذر من الانسياق وراء شعارات الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تعزز العداء للإسلام وكراهية الأجانب. تبني هذه الشعارات لن يؤدي إلى حلول ناجحة.
تظهر مقاطع الفيديو العنصرية مثل تلك التي تم تصويرها في “زيلت”، إلى جانب زيادة معاداة السامية والعنصرية ضد المسلمين، اتجاهًا خطيرًا. لم تختفَ هذه الأفكار مطلقًا، بل بقيت مكبوتة لعقود. اليوم، يشعر البعض بالجرأة على التعبير عن هذه الأفكار علنًا. يتعين على المجتمع التصدي لهذه الموجة من خلال توضيح أن مثل هذه السلوكيات غير مقبولة، ولن يتم التسامح معها. فقط من خلال تحرك قوي من المجتمع المدني يمكن وضع حد لهذه الانقسامات.
جميع حقوق النشر محفوظة لصالح مركز أبحاث مينا.