طالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدستور جديد للبلاد، بينما يشكك المنتقدون في أنه يسعى للحصول على المزيد من السلطة والحكم مدى الحياة.
وقد جاء إعلان أردوغان على حين غرة، بعد اجتماع لمجلس الوزراء يوم الاثنين الماضي، حيث قال إن الوقت قد حان لمناقشة دستور جديد، لأن “مصدر مشاكل تركيا” يكمن في حقيقة أن الدساتير كانت دائماً من كتابة الانقلابيين، وقد تم إجراء تغييرات عليها بشكل متكرر، لكنهم بحسب أردوغان، ما زالوا يستنشقون روح الجيش.
كما أعلن أردوغان أن تفاصيل الإصلاحات القضائية والاقتصادية المتوقعة سيتم الإعلان عنها قريباً، مضيفاً أن تركيا بحاجة إلى “دستور مدني”. وبمجرد موافقة حزب الحركة القومية الذي حقق مع حزب أردوغان، العدالة والتنمية، الأغلبية المطلقة في البرلمان، سيبدأ النقاش، وبعد ساعات قليلة، كانت هذه الموافقة موجودة بالفعل.
وقال دولت بهجلي، رئيس حزب الحركة القومية، الذي تبادل أردوغان معه وجهات النظر بشكل واضح في الأسابيع القليلة الماضية، إن وضع دستور جديد ضروري، لكي يترسخ النظام الرئاسي الذي تم تقديمه في 2018.
وأضاف بهجلي إن “مثل هذا الدستور من شأنه أن يحرر النظام الحالي من تناقضاته السياسية والقانونية ويعزز قيادة البلاد. فبعد كل شيء، فإن النظام البرلماني ” بمخلفاته ورواسبه” يضعف النظام الرئاسي، الذي يمنح أردوغان بالفعل سلطة واسعة.”
من ناحية أخرى، رفض بهجلي الإصلاحات التي وعد بها أردوغان، وأجبره على اتخاذ إجراء من خلال المطالبة بحظر حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، وهو ثالث أكبر كتلة في البرلمان.
ورغم من أن أردوغان وبهجلي لم يفصحا بذلك، إلا أن المعلقون الأتراك يشككون في أن تصريح أردوغان يهدف إلى البقاء في منصبه بعد عام 2028، ثم سيتعين على أردوغان، الذي عليه أن يواجه انتخابات جديدة في عام 2023، ترك منصبه على أبعد تقدير.
وفي ذات السياق، لا يستبعد المعلق المستقل مراد يتكين أن أردوغان يسعى إلى توسيع صلاحياته وإلى “حكمٍ مدى الحياة مثل فلاديمير بوتين في روسيا، وشي جينبينغ في الصين، وسلالة سعود في المملكة العربية السعودية “. ومع ذلك، فإن هذا “السيناريو الأسود” لن يؤدي إلا إلى تسريع تفكك النظام، الذي بدأ بالفعل في كل زاوية من زواياه، حسب يتكين.
وكتب سونر كاجابتاي من مركز أبحاث معهد واشنطن على تويتر، أن مبادرة أردوغان كانت أول اعتراف له بأنه لن يفوز في الانتخابات المقبلة، كما اتهمه بمحاولة شق المعارضة للحصول على أغلبية ضئيلة.
ومنذ أيام، دأبت وسائل الإعلام التابعة لحزب العدالة والتنمية على نشر شائعات بأن نواب حزب الشعب الجمهوري، أكبر حزب معارض، قد يتركون المجموعة البرلمانية. بالإضافة إلى ذلك، فإن حزب الشعب الجمهوري مهدد باختبار شديد الصعوبة، لأن مرشحه الرئاسي السابق محرم إينجه يفكر في تأسيس حزب آخر.
في هذه الأثناء، بدأت الاحتجاجات الطلابية المستمرة في اسطنبول تتلاشى في الخلفية، ومن بين 159 شخص اعتقلوا يوم الاثنين أطلق سراح 98 بحلول يوم الثلاثاء، بينما واصل الأساتذة والطلاب يوم الثلاثاء احتجاجهم الصامت في الحرم الجامعي، ورفعوا لافتات مع رقم 159 في الهواء تطالب باستقالة رئيس الجامعة. وكان الطلاب قد تظاهروا أيضاً يوم الاثنين أمام مبنى عميد جامعة البوسفور الذي عينه أردوغان مطلع العام الجاري، حيث قامت الشرطة بقمعهم بشدة.
واندلعت الاحتجاجات الأخيرة بعد اعتقال أربعة طلاب علقوا ملصقاً أمام مبنى المديرية يظهر الكعبة المشرفة، ملفوفة بعلم قوس قزح. حيث تم اتهام المعتقلون بـ “إهانة القيم الدينية” و “تحريض الناس على الكراهية والعداوة”.