أطلق عليها خلال سنوات الثورة السورية “سيدة القصر الثانية”، والحاكمة الأولى لآلة إعلام نظام الأسد، وها هي اليوم تثبت أقدامها أكثر في القصر الجمهوري، مغيبة المستشارة الخاصة برئاسة الجمهورية “بثينة شعبان”.
أصدر رئيس النظام “بشار الأسد” قراراً جمهورياً أمس الأحد، قضى بنقل “لونا الشبل” من ملاك الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون إلى ملاك رئاسة الجمهورية، وتعيينها في منصب مستشارة خاصة له، بعد أن كانت مستشارة إعلامية، الأمر الذي دفع وسائل إعلام إلى التساؤل عن مصير “بثينة شعبان”، التي كانت تشغل منصب مستشارة الشؤون السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية بمرتبة وزير، خاصة وأن “الشبل” و”شعبان” تتنافسان منذ سنوات على كسب ود “الأسد”، حسب تسريبات تخرج بين الفينة والأخرى.
ولحق تعيين “الشبل” كمستشارة خاصة “للأسد”، إعلان رئاسة الوزراء بعد كتاب من وزارة الإعلام، عن تغييرات وصفت بالشاملة، طالت كبرى مؤسسات إعلام نظام الأسد، في حين عزا متابعون للشأن السوري تلك التغييرات للصراع روسي – إيراني داخل القصر الجمهوري، والتحضيرات للانتخابات الرئاسية 2021.
التغييرات الجديدة..
بناءاً على اقتراح من وزير الإعلام “عماد سارة”، أصدر رئيس الحكومة “حسين عرنوس” قراراً أجرى خلاله تغييرات إدارية واسعة في كبرى مؤسسات النظام الإعلامية، شملت مدير مؤسسة الوحدة، التي تعد أكبر مؤسسات الطباعة والنشر التابعة للنظام، إلى جانب تغييرات في مؤسسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي، شملت مديري قناتي السورية والإخبارية، ومدير الأخبار المصورة، ومدراء إذاعات دمشق وسوريانا وصوت الشباب.
كما شملت التغيرات، مدير البرامج في قناة سوريا دراما، ورئاسة تحرير صحيفة تشرين، ومدير المعهد التقني للطباعة والنشر، وتعيين معاون جديد لوكالة سانا، إضافة إلى مستشار جديد لوزير الإعلام.
وأكدت مصادر مقربة من الإعلام السوري لـ”مرصد مينا” أن التغيرات الجديدة ليست إلا تغييراً للوجوه، اذ أن كافة التوجيهات تأتي من المخابرات السورية، على حد وصفها، مشيرة إلى أن التعيينات جاءت على أساسي طائفي بحت، تم على أساسه حصر غالبية المناصب في طائفة “الأسد”.
بين “الشبل” و “شعبان”
الإعلامية “لونا الشبل” مواليد محافظة السويداء 1975، بدأت عملها في التلفزيون السوري وقدمت عدة برامج، لتنتقل بعدها وتعمل لسنوات في قناة الجزيرة القطرية، قبل أن تقدم استقالتها مع انطلاق الثورة السورية في العام 2011، مدعية ان قناة الجزيرة تقوم بتزوير الحقائق، لتعود لمساندة نظام الأسد، الذي عينها كمستشارة إعلامية حينها.
يشار إلى أنه في العام 2017، دار حديث حول الاستغناء عن “الشبل”، بعد خلاف مع “أسماء الأخرس” زوجة “بشار الأسد”، لأسباب قيل وقتها إنها مرتبطة بالغيرة وميل “الأسد” للشبل.
وتشرف “الشبل” على المقابلات الإعلامية لـ”بشار الأسد” مع وسائل الإعلام الأجنبية، كما يعرف عنها تحكمها وإشرافها على التعيينات في وسائل الإعلام، إضافة إلى قربها من الحليف الروسي، ورضى الأخير عنها.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد فرضت عقوبات على “الشبل” يوم 20 أغسطس/ آب الماضي، وذلك بسبب قربها من “الأسد” بالإضافة إلى لعبها دورًا رئيسيًا في تحريك وتوجيه الآلة الإعلامية التابعة لنظامه.
إلى جانب ذلك، تساءلت وسائل الإعلام عن مصير المستشارة الخاصة السابقة “بثينة شعبان” المولودة في حمص 1953، وهي البعثية التي تعد من ركائز نظام الأسد القديمة لسنوات عديدة، إذ عملت كأول مترجمة لرئيس النظام السابق “حافظ الأسد”، لتتولى في العام 2003 منصب وزيرة شؤون المغتربين، وهو منصب أحدث حينها في محاولة لجذب السوريين الأثرياء المغتربين والاستفادة من ثرواتهم، وفي العام 2008 عينت في منصب المستشار السياسي والإعلامي لرئيس النظام “بشار الأسد”.
“شعبان” المقربة من إيران وحسب مصادر “مينا”، واجهت انتقادات حادة في الآونة الأخيرة عبر تسريبات، تحدثت عن حجم ثروتها، وبسبب تصريحات قللت فيها من حجم الأزمة الاقتصادية، التي تعصف بنظام “الأسد”.
وأيضاً في آخر مقالاتها كتبت عن الدور الأميركي في المنطقة، مستخدمةً مفردات يستعملها النظام الإيراني، واصفةً الولايات المتحدة الأميركية كـ”عدو شامل” وليس كخصم سياسي كما يعتمد رموز نظام الأسد على تسميته.
الصراع الروسي الإيراني
تحاول كل من روسيا وإيران في الفترة الأخيرة السيطرة على القرار في سوريا، ليس فقط عسكريا عبر أذرعهم في سوريا والمشاركة الرسمية في الحرب ضد المعارضة السورية وتغلغلهم ضمن الأفرع الأمنية، واقتصاديا عبر اتفاقيات وقعتها شركاتهم مع نظام الأسد، والمحاولات الأخيرة لفتح ملف إعادة الإعمار، الذي يرفضه الغرب دون حل سياسي في سوريا.
محللون عدوا تعيين “لونا الشبل” إبعاداً لخدمات “بثينة شعبان”، ضمن الصراع الروسي الإيراني سياسيا وإعلاميا، وتقرباً لنظام الأسد من الحليف الروسي على حساب الإيراني.
فبعد توثيق علاقتها مع الأسد، شكلت الشبل تحالفا بات يُعرف بتحالف لونا، ويضم وزير الإعلام “عماد سارة” وعدد من الوزراء وقادة الأفرع الأمنية الموالين لروسيا، في ظل تحالف آخر يتبع “بثينة شعبان” ومقرب من الإيرانيين.
كما رُدَّت ترقية “الشبل” صاحبة الخبرة في العلاقات العامة والتوجهات الإعلامية الحديثة، إلى استراتيجية إعلامية جديدة “لبشار الأسد”، في سعيه لترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية القادمة، عام 2021.
كذلك تم الحديث في الفترة الأخيرة عن سخط شعبي من الوضع الاقتصادي المنهار في سوريا، اذ لم يستطع إعلام الأسد احتواءه.
فهل تطيح التغييرات الإعلامية الجديدة بسيطرة طهران على آلة إعلام نظام الأسد، وتبني خطاباً أقرب إلى موسكو؟!