موجة تفجيرات وأحداث أمنية جديدة تهز الأراضي العراقية، والتي يرى فيها مجموعة من المحللين والباحثين أنها مرتبطة بعدة أحداث سياسية وأمنية شهدتها البلاد مؤخراً، لا سيما مع ارتفاع مستوى دمويتها وعدد القتلى فيها.
يشار إلى أن مدينة الصدر شهدت الاثنين انفجاراً ناجماً عن عبوات ناسفة، استهدف سوقاً شعبياً، ما أدى إلى مقتل 30 مدنياً وأصابة العشرات، وفقاً للأجهزة الأمنية.
داعش في الواجهة وفاعل خلف الكواليس
مع تبني تنظيم داعش لهجمات مدينة الصدر، تتزايد حدة الجدل حول الفاعل الرئيسي الواقف وراء التفجيرات، لا سيما في ظل التناقض الكبير بين تبني التنظيم الإرهابي وبين ما صدر عن خلية الإعلام الأمني، التي أكدت أن التفجير ناجم عن عبوة ناسفة.
يشار إلى أن التنظيم أشار في بيان له، أن الهجوم كان انتحاريا ونفذه أحد عناصر التنظيم ويدعى “أبو حمزة”، الذي فجر نفسه في تجمع بمدينة الصدر، فيما تشير روايات الأمن العراقي إلى أن عبوة ناسفة انفجرت في سوق “الوحيلات” الشعبي.
تعليقاً على تبني داعش للهجوم، بقول الباحث في شؤون الشرق الأوسط، “صلاح الباجه جي”: “حالة التناقض بين ما ذكره تنظيم داعش والأمن العراقي، يطرح إشارات استفهام كبيرة حول مصادقية بيان التنظيم الإرهابي، خاصة وأنه سبق له أن تبنى الكثير من العمليات، التي تبين ألا علاقة له بها”، مشيراً إلى أن تبني التنظيم يأتي لتصعيد التوتر الأمني وصرف النظر عن قضايا مرتبطة بالميليشيات لا سيما قضايا اغتيال الناشطين.
كما يلفت “الباجه جي” إلى أن تصريحات الرئيس الإيراني الأسبق، “محمود أحمدي نجاد”، الأخيرة، تدفع باتجاه وضع إيران والميليشيات المرتبطة فيها، ضمن دائرة الاتهام في المسؤولية المباشرة وراء جزء كبير من الهجمات التي طالت العراق، معتبراً أن تبني داعش للعملية يحمل فوائد لكلا الطرفين، فبالنسبة لداعش تريد أن ظهر بانها لا تزال تمتلك قوة كبيرة على الأرض العراقية، أما إيران فتريد أن تستغل خطر داعش لإحراج الكاظمي وحكومته وإظهار أهمية الاحتفاظ بسلاح الميليشيات.
وكان الرئيس الإيراني الأسبق، قد كشف في تصريحات له عن وجود علاقات قوية بين النظام الإيراني وتنظيمات متطرفة بينها حركة طالبان، لافتاً إلى ان النظام الإيراني جزء من خطة شيطانية تستهدف المنطقة ككل.
في ذات السياق، يوضح المحلل السياسي، “حسام يوسف” أن الهجمات في العراق تحمل جانبين أساسيين، الأول هو المنفذ والثاني هو المتبني لتلك الهجمات، مضيفاً: “إيران والميليشيات تستغل نفوذها داخل العراق للوصول إلى نقاط التفجير والعمليات الإرهابية لتنفيذ تلك الاعتداءات، على اعتبار أن عناصر تنظيم داعش لا يملكون ذات القدرة على الوصول إلى النقاط الحساسة، وبعد التنفيذ يأتي دور تنظيم داعش لتبني العملية وتقديم الخدمة الأكبر للإيرانيين”.
كما يتسائل “يوسف”: “كيف يمكن لتنظيم محاصر ومطارد وفاقد للقوة، الوصول إلى مناطق شديدة الحراسة والإجراءات الأمنية بكل تلك الكميات من المتفجرات، خاصةً وأن مناطق انتشار التنظيم وجيوبه بعيدة جداً عن مواقع تنفيذ الهجمات”، معتبراً أن جهة وحيدة فقط قادرة على إيصال كل تلك الكميات من المتفجرات، وهي الميليشيات وداعميها، التي لا تخضع لعمليات التفتيش.
إيران ومصادفات غريبة
أكثر ما يميز الموجة الجديدة من الانفجارات في العراق عن سابقتها، هو تزامنها مع كشف الحكومة العراقية عن هوية المتهم الرئيسي بجريمة قتل المحلل الامني، “هشام الهاشمي”، وفقاً لما يراه المحلل الاستراتيجي “صلاح علاوي”، لافتاً إلى أن ارتباط القاتل بميليشيات حزب الله العراقي، سيثير مجدداً قضية سلاح الميليشيات وملف اغتيال الناشطين العراقيين وبزخم أكبر قبل الانتخابات النيابية.
يشار إلى أن الحكومة العراقية أعلنت في وقتٍ سابق، أن قاتل “الهاشمي” اسمه “أحمد الكنانيط، وهو ضابط في وزارة الداخلية برتبة ملازم أول، وينتمي لـ “جهة خارجة عن القانون”، على حد وصفها، فيما أكدت مصادر خاصة أن “الضابط الذي اعترف بقتل الهاشمي، ينتمي لفصيل شيعي مسلح، نفذ سلسلة عمليات ضد الناشطين والصحفيين في السنوات الأخيرة”. فيما ذكر التلفزيون العراقي.
في ذات السياق، يشير “علاوي” إلى أن اتساع دائرة الأحدث الأمنية قبيل الانتخابات، يشدد على وجود غايات سياسية وراء تلك الاعتداءات، خاصة وانها طالت مراكز حيوية في البلاد بينها مطارات ومستشفيات واعتداءات على أبراج الطاقة والكهرباء، معتبراً أن تنظيم داعش وعقيدته لا تركز على الغايات السياسية والانتخابية بقدر تركيزها على الجانب العقيدي الديني والإضرار الأمني، ما يضع العديد من إشارات الاستفهام حيال مسألة تبني داعش لبعض تلك الهجمات.
ويوضح “علاوي”: “الهدف الحقيقي من اشتهداف المناطق الشيعية وربط تلك الهجمات بتنظيم داعش، يسعى لخلق المزيد من الذرائع للإبقاء على سلاح الميليشيات وإذكاء نار الطائفية في البلاد وإحراج حكومة الكاظمي”، مشيراً إلى أن داعش لا تظهر سوى في الحالات الحرجة، التي تقترب من سلاح الميليشيات.