ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، في تقرير خاص لها من تل أبيب، أن جهاز الموساد تأكد من أن إيران، لم تعُد تشكل خطرا أمنيا وشيكًا على الكيان الإسرائيلي، بسبب جائحة الوباء وتفشي كورونا في إيران.. الأمر الذي يمكن الموساد من الانخراط في مساعي لمواجهة الوباء. حيث استندت الصحيفة في دعواها إلى مصادر عديدة وصفتها بالمطلعة.
إيران والوباء
تعيش إيران واقعًا مأساويًا في ظل جائحة الكورونا التي فتكت بالآلاف في ظل نقص قدرة واستعداد نظام الملالي على مواجهتها، يضاف لها الكذب والتعنت وإنكار حقيقة الوباء والأرقام المعبرة عن عدد الإصابات الأمر الذي كشفته أرقام دولية وتسريبات لجهات معارضة.
وفي العاصمة طهران، أكد مصدر رفيع المستوى في وزارة الصحة الإيرانية، في حوار لمراسل صحيفة «الجريدة» الكويتية أن الإحصاءات التي يعلنها يوميًا المتحدث باسم الوزارة حول الإصابات والوفيات بالفيروس ليست واقعيّة، لافتًا إلى أن الأرقام الحقيقية أكبر بكثير مما يتم إعلانه.
حيث أعلنت وزارة الصحة الإيرانية في الأمس، عن تسجيل 117 وفاة إضافية في البلاد، بسبب الإصابة بفيروس كورونا، الأمر الذي يرفع العدد الكلي للوفيات في إيران إلى 4474. كما وسجّلت وزارة الصحة الإيرانيّة أمس 1657 إصابة جديدة بالفيروس ما يرفع عدد الإصابات في البلاد إلى 71686.
نذكر هنا أن تقييمات الجيش الإسرائيلي والفروع الاستخباراتية، تشير إلى أن عدد الضحايا في إيران يزيد بثلاثة أو أربعة أضعاف عن العدد الذي تعترف به السلطات.
إيران وكورونا والموساد
يبعث تعليق الموساد الإسرائيلي واهتمامه بأعداد المصابين بالوباء في إيران وكذب السلطات هناك، تساؤلات عن السبب الفعلي لهذا الإهتمام ورفع مستوى التركيز الذي يبدو أنه يستهدف تأكد الاستخبارات الخارجية من انشغال طهران وقياداتها بأزمة الوباء وتوسيعها لدرجة تمنع إيران – حاليًا – من القيام بأي خطوات جدية أو تحركات قوية تعيد خلط الأوراق الإسرائيلية التي تعاني أصلًا من أزمة داخلية مضاعفة يمثلها الشق السياسي وتشكيل الحكومة التي لمّا تنجح بعد (ويبدو أنها مستمرة بالتعقيد) والشق الصحي المتمثل بجائحة كورونا التي أثرت فعليًا على إسرائيل.
هنا يصادفنا تقرير أعده “رونين بيرغمان” لصحيفة “نيويورك تايمز” أكد أن جهاز المخابرات الإسرائيلية “الموساد” لعب دورًا كبيرًا في الحصول على المعدات الطبية والمعرفة التي تحتاجها إسرائيل لمكافحة فيروس كورونا.
جهاز الموساد وبتوجيه قيادته (مديره أصيب لاحقًا بالفيروس) اعتبر رصيده الأهم حاليًا، يتمثل في الحصول على المواد الطبية والمعرفة اللازمة للحد من انتشار الوباء في إسرائيل.
نقل بيرغمان عن مسؤولين أمنيين وسياسيين قولهم إن القتال على المواد الطبية أصبح معركة استعراض عضلات بين الدول التي بدأت تتنافس على المواد المحدودة وبدون حياء.
وهنا يأتي دور إيران التي كانت تواجه أزمة كبيرة بسبب انتشار الفيروس، فقد قدّر قادة الموساد أنهم يستطيعون تخفيف أعمال المراقبة والتتبع عنها في الوقت الحالي، بهدف التركيز على توفير المواد الطبية من أقنعة واقية وأجهزة تنفس تساعد السلطات على احتواء كوفيد – 19، وذلك بحسب عدد من الأشخاص على معرفة بعمليات الجهاز.
شهدت بداية آذار/ مارس إنشاء مركز قيادة ومقره في شيبا، لتولي عملية توزيع المعدات على المراكز الطبية في إسرائيل وبرئاسة يوسي كوهين مدير الموساد. حيث كان هناك ممثلون من الموساد ووحدة المشتريات في وزارة الدفاع والوحدة السرية 81 في الاستخبارات العسكرية، والتي تتخصص في تطوير أجهزة التجسس المتقدمة.
بدوره.. قال البرفسور يتسحاق كريس ” مدير مركز سيبا الطبي” وهو جنرال برتبة عميد، وجراح سابق في الجيش، إن الموساد لعب دورًا محوريًا في مساعدة المؤسسات الطبية بالمعدات والخبرات من الخارج. وفي مقابلة مع الصحيفة قال إن “مركز شيبا كان الوحيد في إسرائيل القادر على تجنيد الموساد للمساعدة” و”هل تتخيل مستشفى ماونت سيناي يطلب المساعدة من سي آي إيه؟” في إشارة للمركز الطبي في نيويورك.
كما ورفض البرفسور كريس تحديد حجم المساعدة التي قدمها ضباط الموساد إلى المؤسسة الصحية في إسرائيل، أو كيف حصل الجهاز على المعدات الطبية ومن أين؟ وبحسب ستة مسؤولين حاليين وسابقين فقد اعتمد الجهاز السري على اتصالاته الخارجية لمنع نقص كان سيؤثر على النظام الصحي في إسرائيل.
الموساد.. تحول في الوجهة
عمل الموساد الإسرائيلي خلال السنوات الماضية ومنذ تأسيسه كجهاز أمني؛ على حماية أمن كيان الاحتلال داخليا وخارجيا. فكان له السبق بتأمين إسرائيل في المنطقة.. حين أحدث خرقًا نوعيًا لصفوف الأنظمة العربية، وساعد قادة الاحتلال في مختلف خطط إدارة عمليات التطبيع وتنفيذ سياسات أكثر تطرفا في المنطقة بحُرية ومرونة.. ليصبح بعدها أحد أهم أذرع إسرائيل القبيحة والتي تمارس أقذر عمليات الاغتيال والتصفية والنهب العام على المستوى الدولي.
ومع تفشي الوباء عالميًا، حاول الموساد الاستفادة من خلاياها المنتشرة في مختلف البلدان.. فجندت تلك الخلايا بالإضافة لقوى وعناصر جديدة لضرب الأسواق العالمية التي تعاني ركودًا اقتصاديًا في ظل جائحة كورونا.. لتحقيق أهداف إسرائيل.
كان تنفيذ الموساد لعملية الاستيلاء على آلاف المعدات المخبرية للكشف عن مصابي فايروس كورونا من أسواق أوروبا الغارقة في وحل الوباء، وبؤرة تفشي الفيروس. نقطة تحول فعلي وجديد في سيرورة الجهاز الأمني وطرق عمله وتغير أهدافه.. هذا ما كشفته تقارير سابقة، ليأتي إعلان الموساد اليوم أن إيران لم تعد تشكل أي خطر حالي على الكيان الصهيوني ليؤكد انشغال الجهاز الأمني المخصص للشؤون الخارجية بأعمال تتجاوز قضايا التجسس وحماية إسرائيل.