يواجه اليمن منذ أسابيع، موجة ثانية من فيروس كورونا، ضربت جميع المحافظات، الأمر الذي أدى إلى خلق تداعيات إنسانية وصحية كبيرة، وسط تحذيرات المنظمات الأممية والحكومة الشرعية، وتجاهل متعمد من قبل الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، حسبما يقول مراقبون.
وبالرغم من أن الوباء اقتحم صفوف الميليشيات الحوثية وأدى إلى وفاة شخصيات كبيرة، بينها قيادات سياسية وعسكرية وصحافيون، إلا أن الجماعة الانقلابية مازالت تخفي أعداد الإصابات وتمنع حملات توعية حول مخاطر الفيروس، فيما لم تصدر حتى اليوم سوى إحصائية واحدة لأعداد المصابين بالفيروس.
وحتى مطلع الأسبوع الجاري، وصل عدد إصابات كورونا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية الشرعية إلى 4697، بينها 932 وفاة، و1715 حالة تعافٍ، فيما لم تعلن جماعة الحوثي، منذ بداية جائحة كورونا مطلع 2020، إلا إحصائية واحدة كانت في 18 أيار\ مايو الماضي، أعلنت حينها 4 إصابات، بينها حالة وفاة.
ارتفاع مفاجئ ومتسارع..
حتى منتصف شهر آذار\ مارس الماضي، كان اليمن واحداً من أقل البلدان تأثراً بالجائحة، من حيث عدد الحالات المسجلة، إذ تراجعت وتيرة تفشي الفيروس لأشهر طويلة، لتبدأ موجة جديدة مباغتة منذ أسابيع، امتلأت على إثرها مراكز العزل الصحي، المحدودة في الأصل، ورفضت مستشفيات في أكثر من مدينة، على إثرها، استقبال المزيد من الحالات.
وخلال أقل من ثلاثة أسابيع، أعلنت وزارة الصحة في الحكومة الشرعية، تسجيل أكثر من 1250 حالة إصابة جديدة بالفيروس و140 حالة وفاة، وهو ما يساوي نحو ثلث إجمالي الإصابات المسجلة رسمياً، منذ مطلع العام 2020.
على إثر ذلك، أعلنت الحكومة حالة الطوارئ الصحية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، كما كشف وزير الصحة في عدن، “قاسم بحيبح”، أواخر الشهر ذاته، أن “أسطوانات الأوكسجين وأجهزة العناية”، لدى الجهات الصحية “نفذت”، وأن غرف العناية بمراكز العزل وصلت لطاقتها الاستيعابية القصوى.
وبينما ترجح مصادر الطبية، أن يكون العدد الفعلي، أعلى بكثير، حيث يرفض غالبية المصابين التوجه للمراكز الصحية المخصصة، المحدودة في الأصل، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، عبر حسابه على “تويتر” إن البيانات الرسمية لا تعكس الانتشار الحقيقي لفيروس كورونا في البلاد، داعياً إلى توخي الحذر والتزام الممارسات الاحترازية، للحد من انتشار أوسع للجائحة، ولتفادي مزيد من التدهور في الوضع.
يشكك الطبيب “عبدالله الخالد”، في الأرقام التي أصدرتها الحكومة، مؤكدا أن اليمنيين أصبحوا اليوم يصارعون كورونا، في وقت يصعب على معظمهم الوصول إلى الخدمات الصحية، مؤكدا أن نسبة كبيرة ممن ظهرت عليهم أعراض الإصابة بالفيروس، أصيبوا بحالة من الصدمة والإحباط، لرفض المستشفيات استقبالهم، لمجرد وجود أعراض إصابة بفيروس كورونا”.
ويشير “الخالد” إلى ضرورة أن يكون للوكالات الأممية والدولية الإغاثية دور فعال في هذا الوقت الحرج، ولا سيما أن معظم اليمنيين غير قادرين على اتخاذ إجراءات احترازية من الفيروس، بسبب عدم قدرتهم حتى على شراء كمامات وقفازات بشكل مستمر نتيجة الفقر، في حين يؤكد وفاة 7 أطباء في مستشفى بوسط مدينة تعز نتيجة إصابتهم بالفيروس.
يشار الى أن بيانا صدر عن نقابة الأطباء والصيادلة في اليمن، أفاد بوفاة 75 طبيباً يمنياً نتيجة إصابتهم بفيروس كورونا.
تكتم في صنعاء..
في صنعاء، اذ ترفض وزارة الصحة التابعة للجماعة الحوثية، الإفصاح عن بيانات بشأن أرقام الإصابة المسجلة، يتفشى الوباء بصورة مقلقة، وفقاً لمصادر طبية.
وفي وقت تكشف فيه مصادر طبية عن ارتفاعا حادا بأعداد الإصابات في العاصمة والمناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية، تحدثت أنباء عن إصابة رئيس الحكومة التابعة للجماعة، “عبدالعزيز بن حبتور”، تدهور حالته الصحية، من دون الإفصاح عن ملابسات حالته.
كما أُعلن أواخر الشهر الماضي، عن وفاة وزير النقل في الحكومة ذاتها، “زكريا الشامي”، بسبب ما قالت الروايات الرسمية بأنه “مرض عضال ألم به”، في حين تؤكد مصادر أخرى، أنه توفي متأثراً بالإصابة بـ”كورونا”.
ويؤكد مصدر طبي في صنعاء، رفض الكشف عن هويته، أنّ وزير الصحة في حكومة الحوثيين، “طه المتوكل”، أصيب بالفيروس منذ منتصف آذار\ مارس الماضي، ولا يزال مصيره غامضاً حتى الآن.
وحسب المصدر، فقد سجل خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة العشرات من حالات الوفاة والمئات من الإصابات، غالبيتها في مشافي حكومية بينها “السبعين” و”الثورة” و”الجمهوري” و”الكويت”، مشيرا الى أن الميليشيات الحوثية منعت استقبال المرضى من المواطنين في المشافي وخصصتها لأعضاء الجماعة الحوثية والمقربين منها فقط.
الحوثي يمنع حملات توعية..
على صعيد الانتشار المتسارع للجائحة في صنعاء، و تجاهل الجماعة المتعمد للوضع الصحي في المناطق الخاضعة لسيطرتها، أكد المصدر الطبي لمرصد “مينا” أن وزارة الإعلام التابعة للجماعة الانقلابية أصدرت مطلع الشهر الجاري تعميمين تضمنا منع أي تصاريح أو بث برامج أو تعليق ملصقات توعوية تتعلق بالحد من انتشار الفيروس في مناطق ومدن السيطرة الحوثية، كما حثت العاملين في أجهزة الدولة المختطفة بصنعاء ومناطق أخرى على عدم الاعتراف بالفيروس أو الحديث عنه إعلاميا، وكذا عدم السماح لأي جهة كانت القيام بحملات ميدانية توعوية بأخطار كورونا.
وبحسب المصدر، فقد اتهمت الجماعة عبر تعميماتها المنظمات الدولية بتعمد تضخيم الأمور وإعطائها أكبر من حجمها، وادعت أن فيروس كورونا لا يوجد إلا في عقول القائمين على تلك المنظمات التي تسعى لتنفيذ تلك البرامج لحرف الأنظار عن حملات التجنيد والحشد.
كما أكد المصدر الطبي أن التعميمات الحوثية جاءت عقب نشر معلومات باعتزام منظمات دولية ومحلية معنية بالمجال الصحي، القيام بحملات توعوية وبرامج تثقيفية في صنعاء ومدن أخرى يرافقها توزيع بروشورات وملصقات تحذيرية وبرامج خاصة في وسائل إعلام محلية تصب جميعها حول خطورة الفيروس وأهمية التباعد الاجتماعي والالتزام بالقواعد والتدابير الوقائية تجاه الفيروس الذي عاود التفشي بقوة في أوساط المواطنين بمناطق سيطرة الجماعة