ذكرت مصادر إعلامية عبرية، أن الجيش الإسرائيلي يعترف بانتهاء المواجهة العسكرية بينه وبين إيران! وسط تساؤل عن الصورة الإعلامية التي يقدمها حزب الله وكيل الملالي في لبنان، حول تجارة “المقاومة والممانعة” ضد الاحتلال الإسرائيلي، والتي اعتمدها حزب الله لتبرير غزو الأراضي السورية، وتمدده بهذه السلاسة فيها، وسط ترقب الجيش الإسرائيلي، للتهديدات الإيرانية الصادرة من طهران أو تلك الموجهة من داخل الأراضي السورية واللبنانية، والتي لا نشير إليها في التفاصيل التالية، ووضعها بين قالبي التضخيم والحقيقة.
أوضح المحلل العسكري في صحيفة “يسرائيل هيوم”، “يواف ليمور”، ألا حاجة لعيون وآذان حادة من أجل ملاحظة التغيرات في السياسات الأمنية الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة، منوها أن ما يعرف “المواجهة بين الحروب” مع إيران قد انتهت دون صياغة سياسة بديلة لها.
ويستذكر الخبير العسكري، أن فكرة “المواجهة بين الحروب قد ولدت في إسرائيل في مطلع العقد الماضي، لكن حجمها قد كبر وصورتها تغيرت خلال الحرب الأهلية في سوريا”، لافتا إلى أن إسرائيل استغلت الثورة في سوريا منذ 2011 من أجل دفع مصالحها خاصة منع نقل أسلحة متطورة من إيران لحزب الله في لبنان، كذلك منع إيران ومجروراتها من تعزيز قواتها على الأراضي السورية ومنع نشاطات “إرهابية” معادية لها في المناطق الحدودية في الجولان السوري المحتل.
وتقضي “فكرة المواجهة بين الحروب” النشاط العسكري الحذر بما هو دون مستوى الحرب، وبما لا يسبب لها بحال تورطت أو تم الكشف عنها، ومنذ 2011 نفذت إسرائيل في سوريا آلاف العمليات ضمن هذا النوع من المواجهة معظمها من الجو أو عمليات خاصة أو دبلوماسية واقتصادية ودعائية علاوة على السايبر وكافتها خطوات تمت من أجل تخفيف وطأة التهديدات.
ويقول “ليمور” لكن في المدة الأخيرة تلاشت ملامح المواجهة بين الحروب وذلك نتيجة الانتخابات العامة في إسرائيل والرغبة بتمرير الأعياد اليهودية دون تصعيد أمني في الشمال.
ويضيف: بيد أن الثورة أكثر تعقيدا فالامتناع الإسرائيلي عن المضي في مواجهة بين الحروب ينبع من الفهم بأن هذه لم تعد ذي صلة خاصة أن كل عملية إسرائيلية ستقود لتصعيد وربما لـ “حرب”.
ويوضح “ليمور” أن الأمر مرتبط بالأساس بإيران التي ردت على مهاجمة أهدافها بمئات العمليات خلال العامين الأخيرين وردت فقط أربع مرات.
ويتابع: لكن الآن هناك تغيير في السياسة الإيرانية وإسرائيل أدركت أنه على كل هجمة لها ستتعرض لهجمة مضادة فورية وذلك نتيجة حيازة طهران ثقة متصاعدة بالنفس في الآونة الأخيرة عقب عدة خطوات غير مرتبطة بإسرائيل وعلى رأسها الهجمات الإيرانية التي استهدفت المنشآت النفطية السعودية وبقيت دون رد وجسدت ذروة المواجهة بين الحروب بقيادة الجنرال قاسم سليماني الراغب بدفع مصالح بلاده دون التورط بحرب.
إيران تغزو العرب
ويقول “ليمور” إنه جزء من “المواجهة بين الحروب” الإيرانية نشر “سليماني” قوات وسلاح في العراق واليمن لا في سوريا ولبنان فحسب، منوها إلى أن الفكرة تتمثل بقيام طهران بالتهديد والتحرك الفعلي أحيانا عند الحاجة من خارج الأراضي الإيرانية وخلسة في معظم الأحيان.
ويرى المحلل الإسرائيلي أن التغيير في السياسة الإيرانية ينبغي أن تلزم إسرائيل أيضا بتغيير سياساتها ووسائل عملها كي تحمي مصالحها بكبح جماح إيران طالما أن “المواجهة بين الحروب” لم تعد ذات صلة بسبب الخوف من التدهور لحرب شاملة.
خيار وحيد
كما حذر من أن سياسة ضبط النفس التي تمارسها إسرائيل الآن مفيدة بالمنظور القصير لكنها مضرة جدا بالمنظور القريب، ويشير على سبيل المثال للصاروخ، أرض- جو الذي أطلقه حزب الله ضد طائرة مسيرة إسرائيلية في الأسبوع الماضي، وهو سلاح لم يستخدمه من قبل واحتاط عليه لحالة حرب.
وينقل “ليمور” عن جهات عسكرية كثيرة في إسرائيل تقديرها بأن تجاهل إسرائيل لخطوة حزب الله المذكورة تنطوي على خطأ وكان يفترض أن ترد حتى تشير لحزب الله أنه تجاوز خطا أحمرا حتى، بثمن اندلاع مواجهة محدودة داعية لصياغة استراتيجية جديدة وتنفيذها بسرعة.
يخلص المحلل العسكري الإسرائيلي للقول إنه لا خيار آخر أمام إسرائيل إلا الرد، رغم المخاطرة لا سيما، أن الولايات المتحدة وروسيا والدول الأوروبية، من غير المتوقع أن ترد على التصميم الإيراني محذرا من أن عدم فرملتها من قبل إسرائيل ستكتشف قريبا أن المنطقة قد تغيرت وليس لصالحها.
فترة أمنية
وقد أطلق في الفترة القليلة الماضية أن رئيس حكومة الاحتلال ووزير الأمن فيها “بنيامين نتنياهو” التحذير تلو التحذير من أن إسرائيل، تمر في خضم فترة أمنية حساسة ومتفجرة للغاية في عدد من الجبهات، وما لبث أن انضم له “كوخافي” وحذّر من احتمال اندلاع مواجهة عسكرية في الفترة القريبة، بسبب التغييرات في منطقة الشرق الأوسط، مما “يتطلب من الجيش التجهز للحرب بسرعة”.
وأضاف أن إسرائيل تتعامل اليوم، وفي نفس الوقت مع عدد كبير من الجبهات والأعداء، وأن التهديد الرئيسي الذي تواجهه يأتي من إيران، وعملائها في لبنان وسوريا والعراق، ولكنه أكد أن الجبهة الشمالية تشكل التحدي الاستراتيجي الرئيسي الماثل أمام إسرائيل في الوقت الحالي.
تحصينات دفاعية
وكشف “كوخافي” أنه أنهى خلال الأيام الماضية، وضع اللمسات الأخيرة على خطة أمنية متعددة السنوات، تشمل شراء معدات قتالية ذات قدرة تدميرية، وتحسين الوسائل الدفاعية للتصدي أيضاً للطائرات المُسيّرة في المنطقتين الشمالية والجنوبية.
وما يتبين هو أن هذه التحذيرات، سواء الصادرة عن “نتنياهو” أو عن “كوخافي” ، تشي بوجود تحسبات إسرائيلية لـ”التهديد الإيراني”، وذلك على خلفية عدة تطورات مستجدة، جزء منها مرتبط بإيران وجزء آخر متصل بالمواقف الأخيرة للإدارة الأميركية الحالية.
ذعر مبرّر أم لا؟
رأت تحليلات إسرائيلية أن “كوخافي” يعمل على إثارة ذعر غير مبرر من أجل تسريع وزيادة الميزانية الأمنية الإسرائيلية، واتهمه بأنه يعمل بإمرة “نتنياهو” من أجل صرف انتباه الرأي العام عن أزمته الشخصية، لكن جلّ هذه التحليلات أكدت في الوقت ذاته أن “كوخافي” بحاجة إلى زيادة في الميزانية الأمنية تقدّر بأربعة مليارات سنويا.
وأكد المحلل العسكري لصحيفة معاريف “طال ليف رام” أن تصريحات “كوخافي” تنطوي على تلميح يتعلق بالاستعداد العسكري المطلوب لمواجهة التطورات الأخيرة، وتآكل قوة الردع للأمريكيين كقوة عظمى.
وأيضاً في ظل تقديرات تشير إلى أن أعداء إسرائيل ضد حزب الله في لبنان يمكن أن يسمحوا لأنفسهم بمزيد من المخاطرة في عملياتهم في المنطقة، وخاصة على خلفية استمرار العمليات الإسرائيلية ضد التمركز الإيراني بالقرب من الحدود ومشروع الصواريخ الدقيقة المشترك بين حزب الله وإيران.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.