بقي الجنوب السوري مستودع التوتر الأبرز في مختلف مراحل الثورة السورية التي كان مهدها مع انطلاق شرارتها في درعا.. يضاف لذلك البعد الطائفي الذي عمل نظام الأسد على استغلاله هناك بين دروز السويداء وسكان محافظتي درعا والقنيطرة في مشهد تكرر عبر السنوات الماضية.
مؤخراً.. يسيطر الترقب على عموم الجنوب السوري، بعد تبادل الاتهامات بين فصائل محلية من السويداء من جانب، وبين فصائل المصالحات في درعا “الفيلق الخامس” المحسوب على الروس من جانب آخر، حيث يتمحور الخلاف حول المسؤولية عن التسبب باندلاع الاشتباكات التي خلفت عدداً من القتلى من كلا الجانبين.
وحتى اليوم، لم تنجح جهود التهدئة التي تقوم بها وفود روسية ووجهاء من درعا والسويداء في احتواء التوتر والسيطرة عليه، بسبب التهديدات المتبادلة بالثأر للقتلى من الجانبين، وفق ما نقلته “المدن” اللبنانية عن مصادر محلية.
المصادر ذاتها أوضحت أن التوتر بدأ الخميس، بعد تعرض شخصين من مدينة بصرى الشام بريف درعا، للخطف على يد عصابة مسلحة من السويداء طمعاً بالفدية المالية.
وحسب شبكة “السويداء 24” المحلية، بدأ التوتر الخميس الماضي حين اختطف مسلحون مجهولون مدنيين اثنين ينحدران من ريف درعا، حيث كانا يستقلان سيارة محملة بالأبقار، وفُقدا قرب بلدة القريّا جنوب السويداء، إذ تبين أنهما تعرضا لعملية خطف، على يد عصابة طمعاً بالفدية المالية.
وأضافت أنه في صباح الجمعة تسللت مجموعات مسلحة من بصرى الشام باتجاه بلدة القريّا وحاولت خطف 3 مدنيين من أبناء البلدة، لا صلة لهم بحادثة الخطف الأولى، وبعد فشل العملية أطلقت المجموعة المهاجمة الرصاص ما أدى إلى مقتل شخص واحد وإصابة شخصين آخرين بجروح.
توجهت على إثر ذلك مجموعات محلية من أبناء بلدة القريّا والقرى المجاورة إلى مكان مقتل المدني، وحاولوا اللحاق بالمسلحين باتجاه بصرى الشام، لكنهم وقعوا بكمين نصبه عناصر “الفيلق الخامس” بين بصرى الشام وبلدة القريّا، ودارت اشتباكات عنيفة استمرت ساعات، أسفرت عن مقتل 13 شخصاً من السويداء كحصيلة أولية.
بدوره، ريان معروف، مسؤول التحرير في شبكة “السويداء 24″، أشار في حديثه مع”المدن”، إلى وجود مفاوضات لتسليم جثث قتلى أبناء القريّا بعد أن تم سحبهم إلى مدينة بصرى الشام من قبل عناصر الفيلق الخامس، بقيادة أحمد العودة، وذلك في إطار احتواء الموقف.
وعن حصيلة قتلى الاشتباكات من جانب “الفيلق الخامس”، اشارت الأنباء المؤكدة إلى مقتل عنصر واحد، وإصابة ثلاثة عناصر بجروح. حيث أكد معروف مقتل يحيى نجم، المتهم بالتسبب في تفجير الخلافات الأخيرة، بعد اتهامه باختطاف الشخصين من درعا، مبيناً أن “نجم فجر قنبلة يدوية بنفسه، بعد محاصرته في منزل في القريّا من قبل فصائل السويداء المحلية، ومطالبته بتسليم نفسه”.
كما أشار معروف، إلى حالة من التوتر الشديد التي تسود محافظة السويداء على خلفية الأحداث الأخيرة، وذلك في إشارة منه إلى البعد العشائري للاشتباكات.
مصدر آخر من السويداء، قال لـ “المدن”، إن “أبناء السويداء يرفضون الانجرار للفتنة، وهم يعملون على حفظ دماء الجميع، والاكتفاء بالقتلى من كل الأطراف”.
وأضاف طالباً عدم الكشف عن اسمه، “من سقط في عداد القتلى هم من الفصائل الداعمة للنظام السوري، سواء الفصائل في السويداء، أو الفصائل في درعا، وهم أساساً كانوا ولا زالوا وقوداً لصراعات تخدم آل الأسد”.
المصدر ذاته اتهم النظام السوري بتأجيج الخلافات بين محافظتي السويداء ودرعا، وذلك بعد التوترات التي سادت السويداء مؤخراً، نتيجة الاشتباكات التي اندلعت بين قواته وفصائل محلية، جنوب السويداء.
وتشهد محافظتا درعا والسويداء الخاضعتان لسيطرة النظام السوري عمليات خطف وحوادث أمنية متكررة، في ظل تجاهل السلطات الأمنية، أو بتحريض خفي من بعض المسؤولين في الأجهزة الأمنية، وفق ما يقول ناشطون في المحافظتين.
من جهة أخرى، تتواصل عمليات الاغتيال في محافظة درعا، حيث قتل أحد عناصر الأمن العسكري التابع لقوات النظام جراء إطلاق مسلحين مجهولين النار عليه في درعا البلد بمدينة درعا، وفق مواقع محلية.
وتجدر الإشارة أن الفتنة والقمع والفلتان الأمني التي تسبب بها نظام الأسد في الجنوب السوري لم تقتصر نيرانها على السوريين هناك.. بل وصلت إلى اللاجئين الفلسطينيين في درعا وعموم الجنوب..
فقد كشف فريق الرصد والتوثيق في مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية، أن عدد الضحايا من أبناء مخيم درعا جنوب سورية منذ بداية الأحداث في سورية وصل إلى” 268 ” ضحية بينهم 134 قضوا جراء القصف، فيما قضى”34″ برصاص قناص، و 47 بطلق ناري، و”4″ تحت التعذيب، في حين سجل إعدم “20” لاجئاً ميدانياً، بينما قضى “8” لاجئين لأسباب مجهولة لم يتسن لفريق التوثيق في مجموعة العمل التأكد من السبب الحقيقي وراء مقتلهم، “4” أشخاص نتيجة تفجير سيارة مفخخة، وشخصان قضيا نتيجة نقص الرعاية الطبية، وآخر حرقاً، كما تم قتل 3 لاجئين من أبناء مخيم درعا بالسلاح الأبيض.
يُذكر هنا أن عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين قضوا منذ بداية الأحداث في سورية بلغ 4040 ضحية، وفق الاحصائيات التوثيقية لمجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية.