بات الخلاف بين الإقليم الكردي في شمال العراق والحكومة الإتحادية في العاصمة بغداد، سمة بارزة ومتكررة بين الجانبين في جولات مكوكية بين أربيل وبغداد استمرت وتعددت الجلسات دون الوصول لحلول فعلية تنهي أزمة الإقليم المستمرة منذ الاستفتاء الفاشل على الإستقلال.
وعاد خلال الأسبوع الجاي من العاصمة العراقية بغداد إلى إقليم كردستان العراق وفد رفيع برئاسة، قوباد الطالباني، نجل الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني، بعد أسبوعين من المفاوضات مع الحكومة الاتحادية، من دون التوصل إلى أي اتفاق بشأن القضايا الخلافية بين بغداد وأربيل.
مفاوضات مستمرة
بقي الوفد الكردي في العاصمة بغداد خلال الإسبوعين الماضيين في زيارة مستمرة لمواصلة المباحثات حول حقوق وواجبات كل طرف في النقاط الخلافية..
وقبل يومين، قام المكتب الإعلامي لرئيس حكومة إقليم كوردستان بإذاعة بيان إعلامي، ذُكر فيه أن مجلس وزراء إقليم كوردستان عقد يوم الأربعاء جلسته الاعتيادية برئاسة رئيس مجلس الوزراء “مسرور بارزاني” وحضور نائب رئيس مجلس الوزراء “قوباد طالباني”.
حيث ثمّن رئيس مجلس الوزراء، في مستهل الاجتماع، جهود ومساعي الوفد المفاوض لحكومة إقليم كوردستان مع الحكومة الاتحادية، الذي بقي في بغداد لمدة أسبوعين أجرى خلال تلك الفترة سلسلة لقاءات واجتماعات مع كبار المسؤولين في الحكومة الاتحادية.
ليشير “مسرور بارزاني” خلال ذات الاجتماع إلى أن حكومة إقليم كوردستان نفذت جميع التزاماتها في إطار الدستور، كما لم تترك أي مبرر للحكومة الاتحادية بهدف التوصل إلى اتفاق عادل يضمن حقوق إقليم كوردستان ومستحقاته المالية..
وأكد رئيس وزراء الإقليم: “لن نتنازل عن حقوقنا الدستورية مطلقاً، وما يؤسف له أن مسألة الرواتب والمستحقات المالية أصبحت ورقة ضغط سياسية تستخدم ضد مواطني إقليم كوردستان”.
نتائج أولية
عرض الوفد الحكومي الكردي المفاوض، نتائج زيارته إلى بغداد.. حيث أشار إلى أن الزيارة تهدف إلى تأمين المستحقات المالية لإقليم كوردستان، متناولًا كيفية الاتفاق على حصة الإقليم في مشروع موازنة 2021 والذي صوّت عليه مجلس الوزراء الاتحادي لاحقاً، وفق البيان.
كما استعرض الوفد المفاوض، مضمون المحادثات إزاء تطبيق قانون تمويل العجز المالي (الاقتراض)، حيث شدد على أن زيارته إلى بغداد كانت من أجل تنفيذ القانون وليس التفاوض حوله، وأعلن تطبيق كل ما على الإقليم من التزامات ولم يترك أي مبرر وسبب في عدم تمويل إقليم كوردستان، وعلى ضوء ذلك أكد مجلس الوزراء أنه يجب على الحكومة الاتحادية إرسال المستحقات المالية لإقليم كوردستان بموجب قانون تمويل العجز المالي.
استعانة بالأمم المتحدة
خلال اجتماعها الاعتيادي يوم الأربعاء لاستعراض نتائج المباحثات مع العاصمة، طالبت حكومة اقليم كوردستان، الأمم المتحدة، بالمشاركة كطرف ثالث في مباحثات أربيل – بغداد لتحديد حقوق وواجبات كل طرف.
وناشد رئيس حكومة إقليم كوردستان، الأمم المتحدة بالمشاركة كطرف ثالث، من الآن فصاعدًا في المحادثات بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية لتحديد حقوق وواجبات كل طرف.
إلى ذلك، قرر مجلس وزراء الاقليم، اطلاع برلمان كوردستان والأحزاب والجهات السياسية والرأي العام في الإقليم على تفاصيل المحادثات وآخر المستجدات مع الحكومة الاتحادية.
يشار هنا أم الحكومة المركزية مع حكومة إقليم كردستان الى “اتفاق مبدئي” في السادس من الشهر الجاري، يتضمن إرسال رواتب موظفي كردستان، مقابل تسليم 250 الف برميل الى الحكومة الاتحادية مع 50 بالمئة من ايرادات المنافذ الحدودية.
وهو اتفاق يشبه الى حد ما الاتفاق السابق في حكومة عادل عبد المهدي، مع اضافة بعض الفقرات، اذ سيضمن في موازنة 2021، ما قد يعجل في اقرارها داخل البرلمان.
الاقتراض ورواتب الموظفين
تتنوع أسباب الخلاف بين بغداد وأربيل، وتتداخل.. لكن النقطة الأبرز خلال الأسابيع الماضية والتي تصاعدت فيها حدة الخلافات بين الحكومة العراقية وحكومة الإقليم، فجرها إقرار البرلمان العراقي قانون “تمويل العجز المالي”..
ويمكن القانون المذكور الحكومة العراقية من الاقتراض الداخلي لتسديد رواتب الموظفين، لكنه يشترط القانون على حكومة إقليم كردستان تسديد ما عليها من مستحقات للحكومة الاتحادية، قبل الشروع بصرف رواتب الموظفين، في عقبة أثارت أزمة سياسية جديدة بين الطرفين.
الفقرة التي أشعلت الخلافات بين الجانبين، تضمنت: “تحديد حصة إقليم كردستان من مجموع الإنفاق الفعلي (النفقات الجارية ونفقات المشاريع الاستثمارية)، بعد استبعاد النفقات السيادية المحددة بقانون الموازنة لعام 2019، بشرط التزام إقليم كردستان تسديد أقساط النفط المصدر من الإقليم وبالكميات التي تحددها شركة تسويق النفط العراقية (سومو) حصرًا، والإيرادات غير النفطية الاتحادية، وفي حالة عدم التزام الإقليم لا يجوز تسديد النفقات للإقليم ويتحمل المخالف لهذا النص المسؤولية القانونية”.
رفضت القوى الكردية مشروع القانون وانسحبت من الجلسة في يوم الـ 12 من نوفمبر تشرين ثاني الماضي، لكن البرلمان العراقي صوّت على القانون، الأمر الذي تسبب في تصاعد وتيرة الخلافات.
وبذلك ألغى ذلك التصويت الاتفاق بين بغداد وأربيل، المنعقد في 15 أغسطس آب الماضي، والذي قضى حينها بإرسال الحكومة الاتحادية 320 مليار دينار شهريًا (268 مليون دولار) إلى الإقليم على مدى ثلاثة أشهر.
امتعاض كردي
اعتبرت قوى كردية مختلفة أن القرار حول الاقتراض جاء لمعاقبة شعب كردستان، حيث تصاعدت ردود فعل القوى الكردية إثر التصويت على قانون “تمويل العجز المالي”..
ووصف زعيم “الحزب الديمقراطي الكردستاني” ورئيس الإقليم السابق، مسعود البارزاني، القانون بأنه “ورقة ضغط سياسية ومعاقبة لشعب كردستان”.
ليعلن في بيانه حينها: “بأسف بالغ تطعن الجهات السياسية من المكونين الشيعي والسني في مجلس النواب العراقي مرة أخرى ظهر شعب كردستان، لجأوا إلى استخدام موازنة وقوت شعب كردستان كورقة للضغط على إقليم كردستان”.
حيث تناول “البارزاني” الاتفاقات بين الإقليم وبغداد، موضحًا: “يحدث هذا الأمر، بينما أبرم عدد من الاتفاقيات في الفترات الماضية بين حكومة الإقليم ونظيرتها الاتحادية ولم يتم تنفيذها”..
كما أشار إلى أن “القانون الذي شرعه مجلس النواب العراقي من دون أخذ الشراكة والاتفاقيات المبرمة بنظر الاعتبار يعتبر ورقة سياسية وضغطًا على الإقليم ومعاقبة لشعب كردستان، وتجاوزا على مبادئ الشراكة والتوافق والتوازن بين مكونات العراق، كما نعتبره تضييقاً للخناق على شعب كردستان ومحاربته”.
ليدعو البارزاني حينها، رئاسات الإقليم والبرلمان والحكومة إلى “عقد اجتماع مع ممثلي كردستان في بغداد والأحزاب السياسية للإقليم للوصول إلى قرار مشترك بهذا الشأن”، وقال “ينبغي اتخاذ قرار يكون على مستوى المسؤولية لمعالجة المشاكل ويحفظ فيه كرامة شعبنا ويضع حداً للسياسات والتصرفات التي تهدف إلى معاقبة شعب كردستان”.. وشهد الأسبوعان الماضيان انعقاد تلك الاجتماعات
أما رئيس الجمهورية برهم صالح، الكردي، فعلّق على إقرار قانون الاقتراض، وعلى الرغم من تأكيده أن إقرار القانون “كان ضروريًا لسداد رواتب الموظفين”، فإنه عبر عن أسفه من أن إقراره “تم بغياب التوافق الوطني، وتحديداً من المكون الكردي، ما يشكل سابقة سلبية في العمل السياسي”..
حيث أوضح الرئيس صالح، أن “الترحيب بتوفير رواتب الموظفين في العراق لا يمكن أن يكون مكتملاً من دون حل لرواتب أقرانهم من موظفي الإقليم، وهم مواطنون عراقيون، ولهم حقوقهم المنصوص عليها في الدستور”..
مؤكدًا على “عدم تحميل المواطنين والموظفين تبعات الصراعات السياسية التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم”، ليشدد على “ضرورة حل الإشكاليات العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، وتحديدًا ملف النفط، وتداركها وفق الدستور، وبشفافية، وبما يحقق العدالة وحقوق المواطنة لجميع العراقيين”. وتابع أن “الظروف الحساسة التي يمر بها البلد، تتطلب من الجميع التكاتف والتعاضد ونبذ لغة النعرات الطائفية والقومية”.
كما تحفظت حينها، حكومة وبرلمان إقليم كردستان على تصويت الكتل البرلمانية الشيعية والسنية على القانون من دون التوافق مع الكتل الكردية، حيث أن القانون – بحسب حكومة الإقليم – يتجاوز “مبادئ الشراكة والتوافق والتوازن”، أما برلمان الإقليم عن “أسفه” لاعتماد البرلمان الاتحادي مبدأ الأغلبية في التصويت على القانون، وعد ذلك “انتهاكاً لروح التعايش والمشاركة”.
ليؤكد رئيس إقليم كردستان “نيجيرفان بارزاني”، أن “حصة كردستان من الواردات الاتحادية ليست هبة، وإنما هي حق”، مشدداً على ضرورة أن “تقوم العلاقة بين أربيل وبغداد على أساس الاعتراف بحقوق وواجبات كل طرف منهما بموجب الدستور”..
وفي توضيح نشره على صفحته في “تويتر”، قال: “يجب إعادة النظر بهذه السابقة الخطيرة بسرعة، لا تزال لدينا فرصة لتصحيح هذا الظلم”.
محركات حكومة بغداد
يمكن القول أن حدة الخلافات بين الطرفين؛ تشهد تراجعًا ملحوظًا في أوقات الوفرة المالية.. لكن مع ظهور أزمة جائحة كورونا وما تبعها من أزمة اقتصادية خانقة تعرضت لها بغداد بالتزامن مع انهيار أسعار النفط منذ نيسان أبريل وخسارة بغداد نحو 60 % من وارداتها الثابتة، ازدادت صعوبة الخيارات أمام حكومة الكاظمي الجديدة.
في أيار مايو 2020، قرر الكاظمي إيقاف دفع رواتب موظفي الإقليم البالغة نحو نصف مليار دولار شهريًا، بعيد الأزمة المالية التي جعلته يواجه تحديات دفع رواتب موظفي الحكومة المركزية.. وعلى ضوء ذلك بدأت سلسلة مفاوضات مكثفة تمثلت في زيارات كبار مسؤولي الإقليم إلى بغداد شملت رئيس الإقليم نيجرفان بارزاني ونائب رئيس الحكومة قوباد طالباني، وجميعها أخفقت جميعها في التوصل إلى اتفاق.
في حين أكد مقربون من حكومة الكاظمي ومسؤولون في إقليم كردستان – بحسب تقرير لمركز الإمارات للدراسات – أن الكاظمي، رغم العلاقة الشخصية التي تجمعه مع قادة كردستان، أبلغهم حينها وبصراحةً صعوبة دفع مستحقات الإقليم المالية بالكامل بسبب عمق الأزمة المالية التي تضرب البلاد، وجعلتها قريبة من الإفلاس..
فقد اضطرت حكومة الكاظمي للاقتراض الخارجي بقيمة 5 مليارات دولار، والاستدانة من المصارف المحلية لتوفير رواتب أشهر يونيو ويوليو وأغسطس الماضية، وإذا استمرت أسعار النفط على حالها دون 50 دولاراً، فإن العراق يواجه أزمة اقتصادية في الربع الأخير من هذا العام، ستكون الأكبر بعد العام 2003.
الدستور هو الحكم
نقلت وسائل إعلام كردية تأكيدات الكاظمي للوفود الكردية أن الدستور هو الفيصل في حسم الخلافات القائمة بينهما، خصوصًا المالية منها..
حيث طالبت حينها، الحكومة الاتحادية بكل إيرادات إقليم كردستان مقابل دفع 453 مليار دينار للإقليم فقط، وهو ما يعادل أقل من نصف نفقات الرواتب في إقليم كردستان، إلى جانب افتتاح معبر حدودي جديد يخضع لسيطرة بغداد مباشرة بين تركيا والعراق عبر الموصل، إلى جانب معبر إبراهيم الخليل. وهذا يمثل طلباً تركياً يعود إلى عدة سنوات مضت بافتتاح معبر كورافا (أوفاكيوي)، والذي لاقى رفضًا من حكومة إقليم كردستان.. كما اعتبرت الوفود الكردية تلك المطالب شروطًا جديدة أمام التوصل إلى اتفاق مع حكومة إقليم كردستان.
وكان “إياد العنبر” أستاذ العلوم السياسية، أكد في حديث للإندبندنت أن “الأزمة الحالية كانت متوقعة”، موضحًا أن الاتفاقات التي جرت بين حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي وحكومة الإقليم كانت “صفقات مجاملة بلا أساس دستوري أو اتفاقات قانونية”..
حيث أضاف المختص حول المشهد البرلماني الأخير أن “قانون الاقتراض الذي أقره البرلمان يعد تصحيحًا للخلل في موازنة 2019، التي فصلت بين التزام الإقليم بتسديد مستحقاته للحكومة الاتحادية ورواتب الموظفين”.
منوهًا أن ما جرى حينها: “محاولة للضغط على حكومة الكاظمي لجعلها مقيدة في قضية صرف الأموال أو مجاملة الإقليم”، ليشير “العنبر” إلى أن الكاظمي “جامل الإقليم في هذه القضية منذ تسلمه السلطة”.
انعكاسات متداخلة
وفي ظل الخلاف المحتدم بين بغداد وأربيل، تُلقي التداعيات الاقتصادية بظلالها على البلاد وتبدو أكثر في إقليم كردستان؛ حيث أن وقف بغداد دفع رواتب موظفي الإقليم سيجبر حكومة الإقليم للعودة إلى نظام الادخار الإجباري ودفع نصف راتب كل ثلاث أشهر، كما حصل بعد إجراء الاستفتاء على الاستقلال في أيلول سبتمبر 2017، حينما أوقفت بغداد دفع الرواتب، ما أدخل الإقليم في أزمة اقتصادية هي الأقسى بعد العام 2003.
والعودة إلى الادخار الإجباري يعني تزايد استياء مواطني الإقليم من حكومتهم، واحتمالات خروج احتجاجات شعبية واسعة، يريد من خلالها “الاتحاد الوطني الكردستاني” استثمارها لإسقاط غريمه “الحزب الديمقراطي الكردستاني” الذي يستحوذ على الجزء الأكبر من القرار في الإقليم.
لن تتأثر بغداد بشكل كبير بالخلافات القائمة، لكنها ستعاني في قضية الالتزام باتفاق تخفيض إنتاج النفط (اتفاق “أوبك بلس”) المقر في أبريل 2020؛ فقد كان على العراق أن يخفّض إنتاجه بنحو مليون برميل عن إنتاجه الطبيعي البالغ 3.5 مليون برميل، ولكن صعوبة سيطرة بغداد على صادرات النفط التي يقوم بها الإقليم دون علمه يتم حسابها على حصة العراق في “أوبك”، حيث أشارت تقارير إلى أن الإقليم بات يصدر أكثر من 600 ألف برميل يوميًا لحاجته الماسة للأموال.
القفز للأمام
في مجمل تعليق الحزب الديمقراطي الكردستاني” البرزاني”، على تصويت البرلمان العراقي حول قانون الاقتراض، واعتباره تنكرًا للتفاهمات السابقة وللتوافق والشراكة وتجاوز عملي لاتفاق أغسطس آب الأخير بين بغداد وأربيل بشأن دفع 320 مليار دينار (268 مليون دولار) شهريًا إلى نهاية العام الحالي والاتفاق على موازنة 2021.. محاولات لإلقاء العبء كله على بغداد وتجنب تحمل المسؤولية
الكاتب والصحافي “سامان نوح” أشار – بحسب إندبندنت عربي- إلى أن موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني الهجومي، الذي وصف بالمتشنج من الاتفاق “سيعمق الأزمة المالية لحكومة الإقليم، وستتعقد المشكلة المزمنة المتعلقة بدفع رواتب الموظفين، حيث تتأخر الحكومة أحياناً لأكثر من شهرين في دفع الرواتب على الرغم من استقطاع نحو 20 في المئة منها”.
حيث اعتبر الصحفي أن الصدمة التي شكلها قرار البرلمان وإنهاءه عمليًا للاتفاق السابق المؤقت بين حكومتي بغداد وأربيل، دفعت بعض قادة الديمقراطي الكردستاني لإعلان مواقف وصفت حتى من بعض قوى الإقليم “بالمتشنجة”..
ليشير إلى أن الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الإقليم والمشاكل الداخلية بين قواه الرئيسة والفشل في تطبيق مشاريع الإصلاح المعلنة منذ سنوات، قد تكون المحرك وراء تصدير الديمقراطي الكردستاني “خطابًا قوميًا لإقناع جمهوره في الإقليم بأن الإشكالية الحالية والأزمات المستمرة تتعلق بعدم التزام بغداد بالتفاهمات بين الطرفين”.. لافتًا إلى أن تلك المواقف كما يراها بعض المتابعين للشأن الكردي، بل وحتى بعض القوى الكردية “ليست مواقف سياسية، بل مجرد ردود فعل”.
في العمق.. تحركات واشنطن
تحاول الولايات المتحدة، ممارسة ضغوط على طرفي الأزمة في بغداد مصطفى الكاظمي وفي أربيل مسعود البارزاني، للتوصل إلى تفاهم بشأن تقاسم عائدات النفط.
وثمّن قبل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو “المساعي التي تبذلها حكومتا العراق وإقليم كردستان من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن الموازنة وحثهما على الالتزام بالتقاسم العادل للعائدات”.. حيث بحث الوزير الأميركي مع رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني “الموازنة ومساعي التوصل إلى اتفاق بشأنها”.
ليقترح بومبيو “أن تكون للولايات المتحدة والأمم المتحدة مشاركة فاعلة وعلى مستوى عال في حل المشاكل والتوصل إلى اتفاق بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية العراقية قائم على أساس الدستور” في توافق مع مطالب رئاسة الإقليم يوم الأربعاء بمشاركة الأمم المتحدة كوسيط.
بدورهم، اعتبر مراقبون أن الأحزاب الكردية ربما تواصلت مع الإدارة الأميركية لمطالبتها بالضغط على بغداد لتمرير اتفاق مالي يضمن مصالح الإقليم الكردي.
خيار يبدو منطقيًا – بحسب تقرير للعرب – بعد فشل المفاوضات المباشرة بين الوفد الكردي والأطراف الشيعية والسنية المختلفة في بغداد بشأن عوائد النفط والرواتب والمنافذ وغيرها.
إلا أن حكومة الكاظمي، حتى إذا أرادت أن تنفذ رغبات الإقليم، فإنها ستجازف لو فعلت ذلك في ظل تربص القوى الشيعية الموالية لإيران وانتظارها لأي خطأ من الحكومة كي تقلب الطاولة عليها.
وخلال الأسابيع الماضية اشتكى ساسة أكراد من نفس عدائي شيعي في بغداد، قالوا إنهم شعروا بأن دوافعه عنصرية أو طائفية.
في حين تقول أحزاب شيعية موالية لإيران إن الإقليم الكردي يشارك في الاستفادة من عائدات نفط البصرة ويمنع بغداد من مشاركته عوائد النفط الذي يستخرجه من مناطقه.
ليطالب العديد من النواب والساسة الشيعة الحكومة بالتوقف عن إرسال أي أموال الحكومة الكردية.. ويقول مراقبون إن هذا السجال سيكون جزءا من مادة الحملة الانتخابية المنتظرة في المناطق الشيعية.