شكك مراقبون سياسيون تونسيون، بقدرة زعيم حركة النهضة ومرشحها لرئاسة البرلمان التونسي “راشد الغنوشي” على الفوز بذلك المنصب، مشيرين إلى أن كتلة الحركة داخل البرلمان تعتبر ضعيفة ولا تتمتع بالاغلبية الكافية لتمرير تنصيب “الغنوشي”.
دائرة الشكوك، تأتي بعد إعلان رئيس مجلس الشورى في “حزب النهضة” عبد الكريم الهاروني، أن المجلس قرر “ترشيح رئيس الحركة راشد الغنوشي لمنصب رئيس البرلمان”.
فانتخاب رئيس للبرلمان التونسي، يحتاج إلى تصويت 109 بالموافقة، وهو العدد الذي لا تمتلكه الحركة على الرغم من أنها حلت أولاً في نتائج الانتخابات الماضية بأغلبية ضئيلة بحصولها على 52 مقعداً من مقاعد البرلمان، مشيرين إلى أن الحركة ستواجه مطباً سياسياً جديد في البرلمان، بعد فشلها في تشكيل الحكومة واختيار رئيس وزراء من كواردها.
في حين ترى مصادر سياسية أن، “الرفض السياسي للحركة وسياستها سيجعل من محاولات الغنوشي لرئاسة البرلمان مهمة شديدة الصعوبة، خاصةً وأن ذلك الرفض حال دون توليها رئاسة الحكومة أو حتى طرح مرشحٍ لها”، معتبرين أن الحركة ستكون مخطئة إن ظنت بأن معركة البرلمان ستكون أسهل من معركة ترؤس الحكومة.
أما البرلمان التونسي، فهو على موعد حاسم، يوم الأربعاء القادم، لتحديد هوية رئيسة ونائبيه ضمن الأغلبية المطلقة، وهو ما يعني بلغة الارقام، 109 أصوات على أقل تقدير، وذلك خلال الجلسة الافتتاحية له، والتي من المفترض أن يترأسها “الغنوشي”، بصفته العضو البرلماني الأكبر سنّاً.
ولكن، ربما قد تضطر الحركة لتقديم تنازلات سياسية كبيرة خلال الفترة المقبلة، في حال استمر عجزها عن استغلال الأغلبية النيابية الضئيلة داخل قبة البرلمان، لا سيما وأنها لا تضمن فوزها في أي انتخابات مبكرة جديدة قد تتم الدعوة إليها، على حد قول المحللين، الذين قالوا: “الحركة استغلت ضعف الإقبال لتحقيق ذلك الفوز الذي قد لا يكون مضموناً في المرات القادمة، خاصةً مع تناول القضاء التونسي للعديد من الملفات الخاصة بالحركة من بينها الجهاز السري المتهم باغتيال معارضين للحركة، إلى جانب قضايا الفساد.”
توقعات المحللين دعمتها تصريحات مجموعة من السياسيين التونسيين الذين رفضوا وصول الإخوان المسلمين أو التيارات المحسوبة عليهم إلى السلطة، حيث أكد القيادي في حزب التيار الديمقراطي التونسي “غازي الشواشي” في وقت سابق أن المرحلة التي تمر بها تونس حرجة جداً، وأن رئيس الحكومة المقبلة يجب أن يحظى بتوافق حزبي وسياسي عام، مشيراً إلى أن الحكومة المقبلة يجب أن تسند لشخصية اقتصادية قادرة على رفع سوية الاقتصاد المحلي، في إشارةٍ إلى رفض الحزب أي تشاركية مع حركة النهضة ضمن أي سياقات سياسية.
كما كان حزب تحيا تونس قد انضم إلى المعسكر الرافض لحركة النهضة، حيث اشترط في بيانٍ له أن تكون الحكومة القادمة، حكومة مصلحة وطنية بدلاُ من حكومة محاصصة حزبية، وهو ما اعتبر ضربة سياسية جديدة لحركة النهضة.
وكانت وسائل إعلامية، قد كشفت أن حزب النهضة التابع لتنظيم “الإخوان المسلمين”، في تونس يفكر في اختيار مرشحا من خارجا صفوف حزبه ليترأس الحكومة القادمة، كما أنه في الوقت ذاته يحاول التواصل مع الأحزاب التونسية الرئيسية من أجل تشكيل حكومة ائتلافية.
رغم أن قيادة حزب “النهضة” كانت قد صرحت في وقت سابق، أنها اتخذت قرارا في أن يكون رئيس الوزراء من ضمن قياداتها، لأن التونسيين قد منحوها مسؤولية تنفيذ برامجها الانتخابية- على حد وصف الحزب.
لكن على ما يبدو أن قرار الحزب، لم يلق تأييدا سوى من قبل حزب “الكرامة” المحافظ، والحاصل على 21 مقعدا، في حين واجهه بالرفض القوي العديد من شركائها المحتملين من بينهم التيار الديمقراطي الحاصل على 22 مقعدا، وحركة الشعب (16 مقعدا)، إضافة إلى حزب تحيا تونس الذي يقوده رئيس الوزراء الحالي يوسف الشاهد ويملك 14 مقعدا.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.