في الوقت الذي يزداد قلق القادة الساسة المعارضين للنهج الايراني في العراق، لحماية ما تبقى من المدن السنية من المشروع الإيراني، كشف زعيم التيار الصدري في العراق، “مقتدى الصدر”، أمس الثلاثاء، عن وجود “ضغوطات” تمارس من بعض الجهات “لم يسمها” ضد المحافظات السنية بحجة محاربة الإرهاب.
زعيم التيار الشيعي “الصدر” قال في تغريدة على “تويتر” إن “هؤلاء تناسوا أنهم أكثر المتضررين من الإرهاب، وأن ذلك يعني أن الإرهابيين سيستغلون ذلك للقيام بأفعالهم الإرهابية في شتى مناطق العراق، وقد تنتفع من ذلك بعض الجهات السياسية من هنا وهناك لأجل الدعاية الانتخابية أمام الجمهور الشيعي أو السني”.
وشهدت الفترة الأخيرة جدلاً حول موعد الانتخابات البرلمانية المبكرة، اذ تؤكد الحكومة عزمها على إجراء هذه الانتخابات في موعدها المقرر في السادس من شهر حزيران / يونيو المقبل، بينما تتعالى أصوات مشككة بإمكانية إجرائها في موعدها، وتطالب أخرى بتأجيلها.
دعاية انتخابية..
إلى جانب ذلك، شدد “الصدر” على أنه من “الضروري أن يكون التنافس الانتخابي تنافسا على أسس شرعية وأخلاقية وديمقراطية وإنسانية، بعيدا عن العنف والصدام وبيع باقي أراضي العراق للمحتل ولمن له مآرب أخرى.” مشيراً إلى أنه “من المعيب أن تتصادم القوى السياسية من أجل الانتخابات، والمحافظات أجمع تعيش تحت خط الفقر والجوع والوباء والخوف”.
وفي الوقت الذي تفضل معظم الأطراف عدم إجراء الانتخابات في ظل جائحة “كورونا” والانهيار الاقتصادي وانتشار فوضى سلاح الميليشيات التي تهدد مفهوم الانتخابات الناجحة، يصر زعيم التيار الصدري “مقتدى الصدر” على الالتزام بالموعد المحدد، ليبرز تياره الجهة الوحيدة المستعدة لتعبئة جمهورها العقائدي الواسع، إدراكاً منه بأنه في هذه اللحظة قادر على المنافسة القوية، حسبما يقول خبراء وباحثون.
كما أطلق زعيم التيار الصدري “مقتدى الصدر”، في وقت سابق قبل أيام تحذيرات من تأجيل الانتخابات المبكرة، مؤكداً أن “هناك أصوات تعلو لإلغاء أو تأجيل الانتخابات من قبل الأحزاب وبعض مثيري الفتن، داعيا المواطنين إلى تحديث سجلاتهم”.
وفي أكثر من مناسبة تعهد رئيس الوزراء “مصطفى المالكي” بتوفير كافة المتطلبات الرئيسة لإنجاح الانتخابات وضمان سير نزاهتها، اذ يمثل حصر السلاح المنفلت والقضاء على المليشيات أهم التحديات التي تواجهها حكومة الكاظمي بحسب المحلل السياسي “عبدالله الخالدي” الذي أكد لمرصد مينا في وقت سابق، أن “إجراء الانتخابات في ظل السلاح المنفلت وسطوة الميليشيات سيترك آثاره السلبية على العملية الانتخابية”.
وأشار الخالدي” الى أن “الميليشيات ستعمل على ابتزاز المنافسين السياسيين لمرشحيها بالإضافة الى منع الكثير من الناخبين من الوصول الى صناديق الاقتراع من خلال توتير الأجواء.”
ثكنات إيرانية..
من جانبه طالب الكاتب والمحلل السياسي “جبار المشهداني” بعقد حوار وطني لإنصاف المناطق السنية للحد من الانتهاكات التي حصلت ضد ابنائها، مؤكداً أن “الحكومة مكبلة من قبل قوى تبحث عن مصالحها في الوقت الذي تحتاج فيه عمليات مكافحة الارهاب لقرارات وطنية وسد الثغرات”.
وأكد “المشهداني” في تصريحات إعلامية، أنه “على السلطات العراقية حماية المناطق السنية التي تحولت لثكنات للحرس الثوري لمنع استثمارها انتخابيا اذ لايمكن السكوت على مظالم السنة من منطقة الزبير في البصرة الى الموصل خاصة وأن ايران تتحمل مسؤولية الفوضى في تلك المدن”.
في سياق متصل، كشف السياسي العراقي، “مشعان الجبوري” عن مضمون وثائق تعود لاستخبارات الحرس الثوري تتحدث عن “استغلال الشيعة لأوضاع السنة بعد تشريدهم وتدمير مدنهم”.
وأشار “الجبوري” إلى أن “وثائق استخبارات الحرس الثوري التي نشره (ويكيلكس)، تضمنت ما قاله ضابطا فيه للعبادي بعد تدمير مدننا: السُنة مشردون، مدنهم مدمرة ومستقبلهم مظلم، وهذه نقطة تحول تاريخية يجب على الشيعة استغلالها واستعادة ثقتهم بأنفسهم”.
بينما يؤكد مراقبون أن عمليات انسحاب القوات الأميركية من العراق، تزيد من نسبة نفوذ المليشيات المسلحة في البلاد، والمكون السني لديه مخاوف مشروعة بشأن الانسحاب الأميركي من بلاده، وذلك بسبب تحكم الميليشيات الموالية لإيران بمناطقه وسيطرتها على الأوضاع الأمنية هناك.
وأكدت “مصادر مينا” أنه “مع اقتراب موعد الانتخابات، ترتفع لدى السنية المخاوف من فرض مرشحين معنيين على الناخبين بما يتوافق مع رغبات الأطراف السياسية الموالية لإيران”.
يشار إلى أن الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” أبلغ رئيس الوزراء العراقي “مصطفى الكاظمي” خلال زيارته الى واشنطن في شهر آب\آغسطس الماضي التزام بلاده بخروج سريع لقوات التحالف الدولي من العراق في غضون ثلاث سنوات.
إقليم سني..
المحافظات السنية شهدت موجة عنف، وضعت سكانها أمام المطالبة بتشكيل إقليم سني، إلا أن الكثير حذروا من حدوث نزاعات كبيرة في حال محاولة بعض الأطراف انشاء إقليم سني في العراق.
وفي هذا السياق، أعلن مجموعة من الأكاديميين والقانونيين والباحثين وقادة عسكريين ووزراء ونواب سابقين واقتصاديين بالإضافة إلى مشايخ من السنة، في وقت سابق، عن وضع خطة تثقيفية لفكرة انشاء “اقليم الوسط العراقي” أو ما يعرف بـ”الاقليم السني” الذي يضم محافظات (نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى) تحت جمهورية العراق الاتحادي الفدرالي.
وأكد أحد شيوخ عشائر قبيلة الدليم بمحافظة الأنبار، “مصطفى الدليمي”، في تصريح لشبكة رووداو الإعلامية: أن “الذي جاء بالساسة إلى العملية السياسية هي إيران وأدخلت من خلالهم المليشيات إلى مناطقنا، ويريدون أن يقضوا على ما تبقى من السنة في العراق” لافتاً إلى أنه “هناك تأييد لفكرة الإقليم بشرط أن يمثل أهالي المحافظة، وهناك تجارب ناجحة كأقاليم كوردستان”.
بدوره أكد عضو الغرفة السياسية لمشروع إقليم الوسط العراقي “الإقليم السني” حذيفة المشهداني لـ”مرصد مينا” في وقت سابق، إلى أن ” المادة 116 من الدستور نصت على أن النظام الاتحادي في جمهورية العراق يتكون من عاصمةٍ وأقاليم ومحافظاتٍ لا مركزيةٍ وإدارات محلية، كما أشارت المادة 119 الى حق محافظةٍ أو أكثر، تكوين إقليم بناءً على طلبٍ بالاستفتاء عليه”.
يذكر أن العراق يتألف من أقاليم وفق دستور العام 2005، والتي تشكّلت على غرار إقليم كردستان الذي كان الإقليم الوحيد القائم آنذاك، بصيغة الحكم الذاتي، وتنص المادة 116 من الدستور العراقي على: “يتكوّن النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمة وأقاليم ومحافظات لامركزية وإدارات محلية”.
وأكد عضو الغرفة السياسية “المشهداني” لـ”مرصد منيا أن ” شرط إقامة الإقليم أن يكون الطلب مقدم من قبل ثلث الأعضاء في كل مجلسٍ من مجالس المحافظات او عُشر الناخبين في كل محافظةٍ من المحافظات التي تكوين الإقليم”. لافتاً إلى أنه “رغم صراحة هذه المواد ووضوحها إلا انه لم يتم تفعيلها حتى بعد تقديم طلبات رسمية بهذا الخصوص من قبل بعض مجالس المحافظات او عُشر الناخبين فيها لأسباب مختلفة”.
كما، يوضح عضو الغرفة السياسية للإقليم أن ” تعدد الأقاليم في العراق لن يخدم مصالح ايران ولا سيما اذا احتفظت أمريكا بالقواعد العسكرية الأمريكية في المناطق السنية في قاعدة (عين الأسد) التي تعتبر أهم قاعدة عسكرية أمريكية.”
ويرى المراقبون أن مشروع إقامة “إقليم سني” سيواجه عقبات خطيرة في طريق تنفيذه، ولا يمكن تحقيقه طالما إيران تمد يد الوصاية على العراقيين، وإرادة السنة في مواجهة الاذرع التابعة لإيران وغيرهم من المليشيات الإرهابية قد تغيير اتجاه بوصلة المعادلة السياسية على الساحة العراقية برمتها، ولا سيما بعد اندلاع الثورة الشبابية الشعبية المناهضة للمد الإيراني في العراق.
يذكر أن الاقليم السني في حال تم الموافقة على تشكله، سيشمل محافظات الأنبار ونينوى وغالبية مناطق صلاح الدين، باستثناء اقضية بلد والدجيل والتي يصعب ضمها للإقليم السني بسبب النفوذ الميليشيوي فيها.