اختطف مجهولون ملثمون، في العاصمة الليبية طرابلس، اول امس دكتور العظام المشهور في ليبيا، الجراح الصديق بن دلة. وقد تم نقله الى جهة غير معروفة. وترجح بعض المصادر ان ميليشيات السراج، قد تكون وراء عملية الاختطاف وذلك لمعالجة احد قادتها سرا.
وقد كتب ابن دلة في تدوينة له عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” قائلًا إن والده أبلغ العائلة في الرابعة والربع مساء الثلاثاء بأنه سيعود إلى منزله بعد ربع ساعة، إلا أن 4 مجهولين كانوا يستقلون سيارتين، أغلقوا عليه طريق 11 يونيو بالعاصمة طرابلس، وأقدموا على اختطاف والده من سيارة عمله.
مجهولون ملثمون
وأشار نجل بن دلة إلى محاولة اختطاف سابقة لوالده، قائلا: “منذ أسبوعين، حاولت مجموعة إغلاق الطريق على والدي، إلا أنه نجا من حادثة الاختطاف”، داعيًا أي شخص يملك أي معلومة بشأن والده التواصل مع أي فرد من أفراد العائلة.
وقد ادان أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية الليبية مصطفى الزايدي عملية اختطاف الدكتور الصديق بن دلة مدير مستشفى الخضراء العام.
وقال مصطفى الزايدي عبر حسابه الشخصي على موقع فيسبوك أدعو إلى حماية وتأمين الخبرات الطبية الوطنية ووقف حملات الاعتقالات التعسفية والخطف الإجرامية بحق أطباء مبجلين وأساتذة كبار مضيفاً وأدعو الأطباء والصيادلة والمهنيين الصحيين إلى ضرورة الوقوف معا في وجه العبث الذي يمارس ضد الطواقم الطبية.
وقد نفذ الأطباء والعناصر الطبية وشبه الطبية بمستشفى الهضبة وقفة أمامها أمس، احتجاجاً على خطف الصديق، بينما قالت إدارة المستشفى إنها تواصلت مع جميع الجهات الرسمية. بدورها، قالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا إن تصاعد ظاهرة الاختطاف والاحتجاز غير القانوني وجرائم السطو المسلح والسرقات بطرابلس بات يمثل مؤشراً خطيراً. ولاحظت وزارة الصحة في حكومة الوفاق ارتفاع وتيرة الاعتداءات المستمرة على الكوادر والمرافق التابعة لها في الآونة الأخيرة، ما يؤثر سلباً على تقديم الخدمات الصحية للمواطنين في كل ربوع ليبيا.
تكرر عمليات الخطف
وتعد حوادث الاختطاف شائعة في العاصمة طرابلس، التي تسيطر عليها المليشيات المسلحة وتخضع لحماية الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة السراج، وتطال عمليات الاختطاف رجال القانون والسياسيين والصحفيين، والأطباء وغيرهم.
وكانت ميليشيا النواصي، قد اختطفت خلال شهر نوفمبر الماضي، مدنيين وصلوا إلى مطار طرابلس على متن رحلة جوية قادمة من مدينة بنغازي.
وفي شهر أكتوبر الماضي، اختطفت مليشيا تعرف بـ”ثوار طرابلس” منزل محمد بعيو المكلف من فايز السراج بإدارة إعلام حكومته واقتادته صحبة طفليه، إلى أحد مرتكزاتها بالعاصمة الليبية. وفي سبتمبر الماضي، اختطف مجهولون الجراح عبد المنعم الغدامسي، أحد الأطباء بمستشفى الخضراء أيضاً، بالقرب من منزله بطرابلس، قبل أن يطلقوا سراحه لاحقاً.
وفي مايو الماضي، اختطفت ميلشيا النواصي، رئيس مخابرات فايز السراج في طرابلس عبد القادر التهامي، الذي توفي بعدها بساعات وسط تداول أنباء عن تعذيبه بعد اقتياده لمكان مجهول ثم إعلان وفاته بأزمة قلبية في وقت لاحق.
وخلال العام الماضي، تم اختطاف 6 أطباء لدى توجههم إلى غدامس جنوب البلاد في قافلة طبية لإجراء عمليات جراحية.
ونظم أطباء وعاملون بعدة مستشفيات ليبية وقفات احتجاجية تنديدا باستمرار اختطاف فريق طبي في مدينة الزنتان. وأعلنت نقابة أطباء طرابلس وقتها، عن تضامن النقابة مع الأطباء المختطفين معلنين عن وقفات احتجاجية في مناطق مختلفة من ليبيا.
ورفع المحتجون لافتات تطالب بالإفراج عن الأطباء الستة الذين كانوا متوجهين إلى غدامس جنوب ليبيا في قافلة طبية لإجراء عمليات جراحية بالمدينة. وتعرض الفريق الطبي المكون من ستة أطباء يعملون في مستشفى شارع الزاوية في طرابلس للاختطاف على يد مجموعة مسلحة عند مرورهم من طريق الجبل باتجاه غدامس واقتيدوا إلى مدينة الزنتان. وأكدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان متابعتها بـ”قلق واقعة اختطاف ستة أطباء قرب مدينة الزنتان بالجبل الغربي”.
إصابات في صفوف الميلشيات وراء عمليات خطف الأطباء
وعلى مدى العامين الماضيين وثّق مكتب منظمة الصحة العالمية في ليبيا العشرات من حالات خطف الأطباء، التي غالباً ما تقيد ضد مجهول ولا يعرف مرتكبوها. وكما في كل حادثة، فإن الجناة الذين غالباً ما يكونون مسلحين وملثمين، على متن سيارات دفع رباعي معتمة الزجاج، يستهدفون ضحيتهم في وقت قصير جداً، ما يعني بحسب مسؤول أمني أن عملية مراقبة دقيقة للضحية تسبق عملية خطفه.
ولاحظت مصادر أمنية أن الأطباء المختطفين على صلة بالجراحة أو متخصصين فيها، في مؤشر على أن الميليشيات المسلحة ربما تلجأ إلى خطفهم لمساعدتها في علاج بعض جرحاها الذين لا يمكن نقلهم للمستشفيات العامة، ربما لصلتهم بأنشطة إجرامية أو لأنهم مطلوبون جنائياً.
وقال مسؤول أمني، انه عندما يتعرض قائد ميليشيات لإصابة خطيرة أو يتطلب علاجه الخضوع لجراحة، تفضل الميليشيات بقاء الأمر طي الكتمان، لافتاً إلى أنه في هذه الحالة توفر الميليشيات كل الأمور الطبية والصحية اللازمة، ويبقى فقط خطف الطبيب الذي وقع عليه الاختيار. وتابع: “في الغالب يلتزم الأطباء الصمت حتى بعد الإفراج عنهم، خشية تعرضهم أو ذويهم لمخاطر أمنية”. وقال سكان في طرابلس إن حوادث خطف الأطباء ليست بعيدة عن العناصر المسلحة التابعة لحكومة الوفاق، في ظل غياب جهاز أمني قوي يوفر الحماية المطلوبة للجميع، بمن فيهم الأطباء.