هيئة التحرير
حرب نفوذ جديدة تشهدها مدينة إدلب السورية، بين تنظيم تحرير الشام، “جبهة النصرة سابقاً” ومجموعة من الفصائل المتشددة المنشقة عنها، والتي يرى فيها مصدر سوري خاص، بأنها نهاية مرحلة تقاسم النفوذ في المدينة، وبداية مرحلة جديدة قد يكون عنوانها الأبرز، تعميق سطوة التيارات المتشددة، لافتاً إلى أن ذلك قد يمنح النظام وروسيا مبرراً جديداً لشن عملية عسكرية أكثر ضرواة من سابقتها، لاستعادة السيطرة على إدلب، التي تعتبر آخر معاقل المعارضة الكبرى في سوريا.
وكانت مدينة إدلب قد شهدت خلال اليومين السابقين، اندلاع اشتباكات قوية بين جبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة، من جهة، وبين حراس الدين وجبهة أنصار الدين، على خلفية اعتقال تنظيم الجبهة للقياديين من التنظيمين الآخرين، على رأسهم “أبو صلاح الأوزبكي” و”أبو مالك التلي”.
إدلب لا تقبل القسمة على ثلاث
تباين الأفكار والعقيدة بين الأطراف الثلاثة المتقاتلة في إدلب، يرى فيها المصدر في حديثه مع مرصد مينا، أنها عامل كفيل بتحويل المعركة بينهم إلى معركة وجودية في المدينة، التي يقول إنها لم تعد تقبل القسمة عليهم جميعاً، لافتاً إلى أن الفترة القادمة قد تشهد سيطرة كاملة للنصرة على المدينة، على اعتبار أنها الحركة الأقوى تسليحاً وعدداً، بالإضافة إلى احتمالية تلقيها دعماً من النظام وروسيا، لا سيما بعد سلسلة الإجراءات التطبيعية، التي اتخذتها الحركة مع النظام كفتح العديد من المعابر بين مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة النظام السوري.
كما يذهب المصدر في حكمه حيال سير الأحداث في المدينة، إلى أن النصرة افتعلت المشكلة من خلال عمليات الاعتقال التي نفذتها، لخلق شرارة تمكنها من حكم المدينة بشكل كامل، لافتاً إلى أن الخلافات الحالية ترتبط بشكل وثيق بطبيعة تفكير وأيديلوجيا الحركات المتشددة، التي تستند إلى الحرب العقائدية ورفض التشاركية في القرار.
وكانت جبهة النصرة قد أعلنت عام 2015، سيطرتها على مدينة إدلب بالكامل، وذلك عقب أسابيع قليلة من سيطرة الجيش الحر على المدينة، بعد معارك استمرت لأشهر مع النظام السوري.
بين المتشدد والأكثر تشدداً
وصف المعارك الجارية في إدلب، يحدده المحلل السياسي “حسام يوسف”، بأنها معارك بين الطرف المتشدد المتمثل بجبهة النصرة، والطرف الأكثر تشدداً المتمثل المتجسد بكل من حراس الدين وأنصار الدين، لافتاً إلى أن نتائج المعارك الحالية، أياً كانت، لا تخدم إلا مخطط النظام في استعادة السيطرة على إدلب، كخطوة نهائية في سياق طي الملف العسكري في البلاد.
ويُحسب “التلي” بالإضافة إلى كل من القياديين السابقين في الجبهة أبو الفتح الفرغلي وأبو اليقظان المصري، على التيار الأكثر تشدداً في جبهة النصرة.
الملف الليبي وتطوراته، كان من وجهة نظر “يوسف” أيضاً حاضراً في ما تشهده مدينة إدلب، موضحاً: “من خلال سنوات الثورة السورية، يمكنني القول بأن الحرب الحالية قد تكون مقدمة لفرض واقع متطرف في إدلب، لمنح روسيا ذريعة قوية بشن عملية عسكرية قوية ضدها، وهذا بدوره قد يكون متمخضاً عن اتفاق روسي-تركي، لمقايضة النفوذ بينهما، بحيث تثبت تركيا نفوذها في ليبيا، مقابل منح الفرصة لروسيا لدخول إدلب”.
كما يوضح “يوسف” أن الدور التركي في إدلب يعتبر الأقوى بين كافة الأطراف الدولية، كما أن المدينة تعتبر منطقة نفوذ تركية بحتة، على اعتبار أن الجيش التركي يمتلك عدة نقاط عسكرية فيها، لافتاً إلى أن الخاسر الأكبر من كل ما يدور هو الشعب السوري وثورته.
وتعتبر مدينة إدلب، مركز انتشار للجيش الوطني السوري، المدعوم من تركيا، كما أن الجيش التركي يتواجد بكثافة في المدينة منذ سنوات، بعد إطلاق معركة غصن الزيتون، ضد لفصائل الكردية، في مدينة عفرين، بريف حلب.