هيئة التحرير
بعد ألمانيا وبريطانيا، يواجه حزب الله اللبناني خطر حظر نشاطه على الأراضي النمساوية، في ما يعتبر مرحلة جديدة من الحرب على الميليشيا المدعومة من إيران، على المستوى الأوروبي، بحسب ما يشير إليه المحلل السياسي، “حسام يوسف”، في تناوله لوضع الحزب على الساحة الدولية.
وكان البرلمان النمساوي قد تبنى أمس، السبت، مشروع تقدمت به الحكومة للحد من نشاطات الحزب على الأراضي النمساوية، في ظل إطلاق دعوات للمزيد من الإجراءات التصعيدية ضده داخل الاتحاد الأوروبي.
ضرب في أوروبا وألم في طهران
حجم الانتماء، الذي يربط حزب الله بإيران، يراه المحلل “يوسف” في حديثه مع مرصد “مينا” دليلاً على أن الحرب الأوروبية على الحزب هو جزء من حرب تستهدف النفوذ الإيراني على مستوى العالم، مضيفاً: “أي نشاط للحزب هو نشاط للحرس الثوري الإيراني، فالحرس الإيراني يعتمد على جهور الحزب في أوروبا من اللبنانيين، في تنفيذ عملياته والالتفاف على العقوبات، كونه يدرك تماماً أن الإيرانيين في أوروبا كلهم معارضين للحرس والنظام الإيراني، ولا يمكن الاعتماد عليهم”.
وكانت كل من بريطانيا وألمانيا قد أردجتا الحزب على قوائم الإرهاب ولاحقت عدد من الأعضاء النشطين فيه، كما جمدت الأرصدة البنكية للمقربين منه، ومنعت كافة الشركات من التعامل مع مؤسساته.
هنا يظهر في كلام “يوسف” دور الرغبة الأمريكية في ضمان تنفيذ العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران بشكل أكثر فاعلية، موضحاً أن شبكات حزب الله في أورروبا والحدود المفتوحة بين لبنان وسوريا والعراق وصولاً إيران، تمثل وسيلة إيرانية لكسب الأموال، لا سيما وأن نشاط حزب الله في القارة الأوروبية والأمريكية هو نشاط اقتصادي بالدرجة الأولى يقوم على عمليات غسل وتبييض الأموال، لصالح جهات إيرانية.
وسبق للمتحدثة باسم الخارجية الأميركية، “مورغان أورتاغوس”، أن أثنت على الخطوة النمساوية تجاه الحزب، واصفةً إياها بالخطوة الهامة لكبح نشاطاته الإرهابية والإجرامية.
مركب آلية للسقوط
تزامن الحرب الأوروبية على الحزب مع ربط الولايات المتحدة تقديم المساعدات المالية للحكومة اللبنانية بالحد من نفوذ الحزب داخل الدولة، يفسره مصدر خاص لمرصد مينا، بأنه محاولة لضرب قوة الحزب أيضاً على الجبهة الداخلية، موضحاً: “بعد حرب 2006 والتمدد الإيراني، وما رافق ذلك من تبدلات دولية وإقليمية، يبدو أن الولايات المتحدة وإسرائيل باتت تعتمد على سياسة التآكل الذاتي للحزب بدلاً من الحرب التقليدية، وبالتالي فإن حصاره على المدى الطويل والحد من قوته وبنيته المالية والعسكرية هي التكتيك الجديد، الذي بتعامل به الغرب مع سلاح حزب الله”.
وكانت الولايات المتحدة قد دعت لتوسيع عمليات القوة الأممية في جنوب لبنان، بما يسمح لها بالدخول إلى الملكيات الخاصة بالحزب وأعضاءه في جنوب لبنان، كما يشترط صندوق النقد الدولي على الحكومة اللبنانية إغلاق المعابر غير الشرعية التي يدريها الحزب على الحدود مع سوريا.
شمول الاستهداف الدولي للميليشيا اللبنانية لبنيته السياسية إلى جانب العسكرية، يرى فيه المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه لدواعي أمنية، دافعاً لحلفاء حزب الله الرئيسيين إلى أخذ موقف متوازن في المعادلة السياسية والابتعاد بمسافة معينة من الحزب، موضحاً أن أولى تلك المواقف جاءت من التيار الوطني الحر، الذي بدأ يتناول قضية سلاح حزب الله، ودعوته لتغليب مصلحة لبنان.
وكان القيادي في التيار الوطني الحر، “زياد الأسود” قد اعتبر في وقت سابق، أن الحزب بات أمام خيار إما الاستمرار في حمل السلاح أو حل الأزمة في لبنان.
سيناريوهات الحريري والفوضى الخلاقة
تضييق الخناق وقطع شرايين التمويل والتسليح عن الحزب، يعني بدجة كبيرة احتمالية عودة الفوضى وعمليات الاغتيالات على الساحة اللبنانية مجدداً، يقول المصدر، لافتاً إلى أن حزب الله خلال العقدين الأخيرين اعتاد على اثارة الفوضى على الساحة الداخلية من خلال عمليات الاغتيال والاستهداف للسياسيين، في إشارة إلى ما شهده لبنان في الفترة بين 2004 و 2007، التي تخللها اغتيال عدد من المعارضين السياسيين للحزب في مفدمتهم رئيس الحكومة الأسبق “رفيق الحريري” والإعلامي “سمير قصير” والقيادي في الأمن العام، “وسام الحسن”.
وكانت السلطات اللبنانية قد اعلنت قبل سنوات عن توقيف النائب السابق، “مشيال سماحة” الذي اعترف بإدخال متفجرات من سوريا إلى لبنان، لتنفيذ عمليات اغتيال لسياسيين معارضين للحزب.
يضيف المصدر: “في الوقت الراهن يعلم الحزب أنه مستهدف على الساحة الداخلية تحديداً، وان أوضاعه الآن لم تعد كما في السباق، وأنه بات مهدد بشكل وجودي، وهو ما يدفعه لمحاولة إثارة المشكلات على الساحة الداخلية لفرض سلاحه بالتخويف، أو محاولة فتح جبهة جديدة مع إسرائيل في محاولة منه لإعادة تشريع سلاحه من جديد”، لافتاً إلى أن الكثير من الأوساط اللبنانية والعربية باتت ترى في سلاح الحزب أداة إيرانية.