قُتِل أيمن الظواهري، ومن قبله قُتِل أسامة بن لادن، ومع مقتل كل من قياديي “تنظيم القاعدة” يظهر السؤال:
ـ وما الذي تبقّى من تنظيم القاعدة، ومن يأويهم؟
يأتي هذا مصحوبًا بنغمة “إيران التي تقاتل القاعدة والتكفيريين” أقله هذا ما ينطق به حسن نصر الله زعيم “حزب الله”، وقد تابع في كل خطاباته “الحرب على الإرهاب”، وبرر بمواجهة اللبنانيين سلاحه متكئًا على هذه الحرب.
ـ أية حرب هذه إذا كانت “إيران الخمينية” هي الممر والمستقر لتنظيم القاعدة بدءًا من انطلاقته إلى الآن؟
لقد سلط قرار وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات ضد 3 من قياديي تنظيم “القاعدة” المقيمين في إيران، الضوء مجدداً على علاقة طهران بهذا التنظيم الإرهابي.
وكثر الحديث أخيراً عن هذه العلاقة، خاصة بعد أن نشر مكتب مدير الأمن القومي الأميركي الدفعة الثانية من خطابات الزعيم السابق لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وهي وثائق عثر عليها خلال الغارة التي نفذتها القوات الخاصة الأميركية في أيار/مايو 2011 على المجمع الذي يقيم فيه بن لادن في مدينة أبوت آباد الباكستانية والتي أدت إلى مقتله وكشف الكثير من أسرار التنظيم.
لقد جاء في بيان أميركي، أن القياديين الذين تستهدفهم العقوبات، مسؤولون عن تحويلات الأموال التابعة لتنظيم القاعدة في الشرق الأوسط وأيضاً تنظيم حركة المتطرفين من بعض دول آسيا إلى الشرق الأوسط.
والأشخاص الذين تستهدفهم العقوبات، هم:
فيصل جاسم محمد العمري الخالدي مسؤول أعلى في “القاعدة” وكان أميراً لإحدى كتائبها، حلقة وصل بين مجلس الشورى في “القاعدة” وفرع في حركة “طالبان باكستان”.
يزرا محمد إبراهيم بيومي وهو عضو في تنظيم #القاعدة منذ العام 2006 ويعيش في إيران منذ العام 2014، وحسب بيان وزارة #الخزانة_الأميركية كان للبيومي منذ منتصف العام 2015 دور في إطلاق سراح عناصر من “القاعدة” في إيران، وفي بداية العام 2015 كان وسيطاً مع السلطات الإيرانية وقبل عام من ذلك جمع تبرعات للتنظيم. البيان كان قد أشار إلى أن البيومي أرسل هذه الأموال إلى تنظيم جبهة_النصرة وهو فرع “القاعدة” في سوريا.
أبوبكر محمد محمد غمين “مسؤول عن التمويل والأمور التنظيمية لعناصر “القاعدة” الموجودين في إيران”. وحسب البيان قبل انتقاله إلى إيران، من وزيرستان في باكستان، كان يعمل ضمن جهاز الاستخبارات التابع للقاعدة”.
وکانت وثيقة سرية تعود لعام 2008 نشرتها صحيفة واشنطن بوست الأميركية العام الماضي، كشفت معلومات وبيانات تم جمعها من المقابلات التي أجريت مع مسؤولي الاستخبارات الأميركية الحالية والسابقة.
وحسب الوثيقة، فإن بعض شخصيات تنظيم القاعدة والتي تحمل أسماء مستعارة تم إدراجها ضمن الشخصيات المحسوبة على النظام_الإيراني خاصة بعد فرار العشرات من مقاتلي القاعدة إلى إيران بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، والهجمات الإرهابية.
بعض هذه الشخصيات وهم:
ـ أبو حفص الموريتاني، الذي عاد إلى موريتانيا عام 2012، وهو مستشار الشؤون الدينية لبن لادن، وخبير القاعدة في إيران فيما يتعلق بالشريعة الإسلامية، واسمه الحقيقي هو محفوظ ولد الوليد.
ـ أبو الخير المصري، عمل رئيساً لمجلس إدارة تنظيم القاعدة، كما كان مسؤولاً عن العلاقات الخارجية للتنظيم، ومن ضمنها التواصل مع طالبان، كما تربطه علاقة طويلة الأمد مع زعيم القاعدة الحالي أيمن الظواهري وزعيمها السابق أسامة بن لادن.
ـ سيف العدل، وهو عضو في مجلس إدارة تنظيم القاعدة، وأحد المشاركين في التخطيط للعمليات الإرهابية وخبير الدعاية لتنظيم القاعدة، كما تبوأ في وقت سابق رئاسة العمليات العسكرية للتنظيم، فضلاً عن تعاونه الوثيق مع أبو محمد المصري، ويعتقد أن العدل يتواجد حالياً في إيران.
ـ أبو محمد المصري، عضو آخر في مجلس إدارة تنظيم القاعدة، وهو من أكثر أعضاء القاعدة قدرة وتمرساً في تخطيط العمليات، كان الرئيس السابق لتدريب أفراد التنظيم، ويعتقد أنه يتواجد في إيران أيضاً.
ـ سليمان أبو غيث، عضو في مجلس الإدارة لتنظيم القاعدة؛ والناطق الرسمي باسم التنظيم قبل اعتقاله وحجزه في الولايات المتحدة.
ـ أبو الليث الليبي، ويعرف أيضا باسم علي عمار عاشور الرفاعي، عمل قبل مقتله بغارة طائرة أميركية بدون طيار كقائد شبه عسكري، كان نشطاً في شرق أفغانستان والمنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان، ومارس هناك الحكم الذاتي بصلاحيات كبيرة، ويتمتع بعلاقات طويلة الأمد مع كبار قادة التنظيم.
ـ عبد العزيز المصري، عرف أيضا باسم علي سيد محمد مصطفى البكري، مشارك فعال في تنظيم القاعدة، وكبير خبراء المتفجرات والسموم، ضليع في مجال البحوث النووية منذ أواخر 1990، وتربطه علاقة وطيدة مع سيف العدل وخالد شيخ محمد.
أبو دجانة المصري، عمل مدربا للتفجيرات قبل اعتقاله، وهو عضو في حركة الجهاد الإسلامي المصرية، وزوج ابنة زعيم القاعدة أيمن الظواهري.
ـ محمد أحمد شوقي الإسلامبولي، عمل على تسهيل المهمات والعمليات لتنظيم القاعدة، وهو عضو بارز في الجماعات الإسلامية المصرية، كان على علاقة جيدة مع الاستخبارات الإيرانية في وقت سابق، وهو شقيق قاتل الرئيس المصري السابق أنور_السادات خالد الإسلامبولي.
ـ ثروت شحاتة، نائب الظواهري السابق، وخبير في تخطيط العمليات، تجمعه علاقة احترام مع قادة القاعدة وأبو مصعب الزرقاوي قبل مغادرته لإيران لاحقاً.
ـ علي مجاهد، وظيفته توفير المتفجرات، وتدريب المجندين على الكمبيوتر والإنترنت، وتسهيل حركة تنقل المتشددين رفيعي المستوى من إيران إلى العراق، التقارير تشتبه به بتنفيذ الهجوم على مترو الأنفاق في نيويورك في كانون الأول/ديسمبر عام 2005.
ـ أبو أنس الليبي، ويشتبه بعلاقته بتفجيرات شرق إفريقيا عام 1998، وهو عضو بارز في تنظيم القاعدة، وعضو في الكتائب الليبية المقاتلة، قبل أن يعتقل ويحتجز في الولايات المتحدة.
ـ أبو الضحاك، ويعرف أيضا باسم علي صالح حسين التبوكي، عمل كممثل للمقاتلين الشيشان في أفغانستان.
ـ خالد السوداني، عضو في مجلس شورى تنظيم القاعدة، ومن المفترض أن يكون موجوداً في الأردن أو باكستان أو إيران.
ـ قاسم السوري، ويعرف أيضا باسم عز الدين القسام السوري، يعمل على الربط بين قادة القاعدة في وزيرستان وباكستان والعراق، وتخطيط وتنسيق العمليات الإرهابية في أوروبا مع العديد من الخلايا التابعة لتنظيم القاعدة.
ـ أبو طلحة حمزة البلوشي، وكانت مهمته تسهيل وتوفير ما يلزم للتنظيم ويعمل في إيران.
ـ جعفر الأوزبكي، عمل كممثل للقيادة العليا لتنظيم القاعدة للتفاوض على إفراج أعضاء القاعدة المحتجزين لدى إيران.
يضاف إلى هذه القائمة اسمان بارزان، الأول محسن الفضلي مؤسس تنظيم خراسان الإرهابي الذي قتل في غارة جوية العام الماضي وماجد الماجد أمير كتائب عبدالله عزام الإرهابية وقد تدرب في إيران وتميز في تجنيد السعوديين للجماعات الإرهابية.
ومن أفراد أسرة بن لادن الذين كانوا في إيران ابنه سعد وأسرته وإخوانه وأخواته وأبناؤه محمد وحمزة ولادن وأخواتهم وخالتهم.
وهنا يعود السؤال:
ـ ما حقيقة “التحالف الخطير” بين تنظيم القاعدة وولاية الفقيه؟
نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية تقريرا، ذكرت فيه أنه في شهر نوفمبر، نشرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تقارير تتحدث عن العلاقة التي تربط إيران بتنظيم القاعدة، ما أثار موجة من القلق. وقد اكتشف الأمريكيون هذه العلاقة السرية، وتكتموا عليها منذ 2 ماي 2011، وتحديدا إبان إعلان مقتل أسامة بن لادن في باكستان.
وقالت الصحيفة، في تقريرها (وكانت صحف عربية قد قامت بترجمته)، إن وكالة المخابرات المركزية أماطت اللثام عن العلاقة التي تربط كلا من إيران الشيعية وتنظيم القاعدة السني، في مواجهة العدو المشترك “الأمريكيين” في منطقة الشرق الأوسط. ويمكن الاطلاع على هذه الوثائق من خلال موقع المخابرات المركزية على الإنترنيت.
ونقلت الصحيفة على لسان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، مايك بومبيو، أنه بالفعل توجد علاقات مشتركة بين الطرفين، حيث تعاونت إيران -وما زالت- مع تنظيم القاعدة، في حين تربطهما العديد من الاتفاقيات، على غرار اتفاق “عدم اعتداء”.
وأضافت الصحيفة أن بعض هذه الوثائق، التي رفعت عنها السرية، تتحدث عن “الابن المفضل” لأسامة بن لادن، الذي يدعى حمزة. وضمن هذه الوثائق، يوجد مقطع فيديو يعرض حفلة زواج حمزة بن لادن في سنة 2007 في إيران. وقد أضحى حمزة بن لادن عقب ذلك المتحدث الرسمي الثاني باسم تنظيم القاعدة بعد زعيم التنظيم، أيمن الظواهري.
ومن المثير للاهتمام أنه قد وقع نشر وثيقة تتكون من 19 صفحة، كشفت عن توافد موجة من المقاتلين الفارين من أفغانستان إلى إيران؛ هربا من القوات الأمريكية، بين سنتي 2001 و2002. وقد استقر هؤلاء المقاتلون التابعون لتنظيم القاعدة بسهولة في إيران، تحت مرأى ومسمع أجهزة المخابرات الإيرانية.
وأكدت الصحيفة أنه ومن خلال إحدى الوثائق الأمريكية تبين أن المخابرات الإيرانية عرضت على مقاتلي تنظيم القاعدة المستقرين في إيران مدّهم بكل ما يحتاجونه، من أموال وسلاح، ومعلومات تتعلق بالحليف اللبناني، حزب الله، شريطة أن يوجه التنظيم ضربات تستهدف المصالح الأمريكية في السعودية وباقي دول الخليج.
والجدير بالذكر أنه وفضلا عن نية إيران استخدام مقاتلي تنظيم القاعدة أداة لخدمة مصالحها، كشفت الوثائق أيضا أن واشنطن بدورها عملت على فتح خطوط تواصل مع المسلحين السنة، الذين ينحدرون من محافظة سيستان وبلوشستان، الواقعة جنوبي شرق إيران، تحديدا على الحدود مع باكستان وأفغانستان. وكان الأمريكيون يسعون من خلال ذلك، حسب الوثائق، إلى زعزعة الاستقرار في الدولة الشيعية.
وأفادت الصحيفة بأن إيران كانت على صلة بأحد رموز تنظيم القاعدة، أبو حفص الموريتاني، الذي غادر الجزائر منذ التسعينات متجها إلى أفغانستان. وقد كان الموريتاني، الذي يعد أحد المقربين من بن لادن، من بين أهم المطلوبين من قبل واشنطن، قبل أن يلجأ إلى إيران، حيث تولى مهمة المتحدث باسم تنظيم القاعدة، في حين عمل على التواصل مع الأجهزة الاستخباراتية الإيرانية خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر سنة 2001.
ووفقا للوثائق الأمريكية، اتفق الموريتاني مع الإيرانيين على نقل مقاتلين ينتمون إلى القاعدة لإيران بصفة سرية في ظل عمليات التعقب الأمريكية اللصيقة. وفي سنة 2002، التحق بهؤلاء المقاتلين مدبر هجمات السفارات الأمريكية في تنزانيا وكينيا، المصري سيف العدل، إضافة إلى ذراع بن لادن الأيمن، أبو محمد المصري.
ونوهت الصحيفة إلى أنه خلال تلك الفترة اتهمت لجنة التحقيق الأمريكية، التي كلفت بمهمة إجراء تحقيقات بشأن أحداث 11 من سبتمبر سنة 2001، كلا من الإيرانيين وعناصر من تنظيم القاعدة بالوقوف وراء هجمات 11 من سبتمبر. وقد أكدت هذه اللجنة أن القاعدة وطهران تربطهما علاقة منذ تسعينات القرن الماضي، حيث التقى مبعوثون يمثلون الطرفين في السودان، التي كان أسامة بن لادن مستقرا فيها آنذاك.
وحسب وثائق وكالة المخابرات المركزية، غضت طهران الطرف عن تنقل مقاتلين لتنظيم القاعدة عبر أراضيها نحو العراق إبان الغزو الأمريكي لبلاد الرافدين سنة 2003. وقد عمد هؤلاء المقاتلون إلى تعزيز صفوف أحد رموز الجهاد ضد الأمريكيين في ذلك الوقت، أبو مصعب الزرقاوي.
وفي الختام، نقلت الصحيفة ما ورد في رسالة، كتبت بتاريخ 18 من أكتوبر سنة 2007، بعث بها أسامة بن لادن إلى أحد قادته الميدانيين في العراق، جاء فيها: “هل تعلم أن إيران تعدّ الطريق الرئيسي الذي تمر عبره تمويلاتنا ورجالنا، كما نستغله لتبادل المعلومات فيما بيننا”. وأضاف بن لادن في رسالته، أنه “في حال قررت أن تفتح جبهة قتال ضد إيران، فأنصحك ألّا تعلن ذلك على الملأ، ووجه ما شئت من ضربات لطهران في صمت…”.
هذه هي طهران، والسؤال اليوم:
ـ كيف لـ “حزب الله” أن يقاتل التنظيمات التكفيرية إذا كانت “المُرضعِة” واحدة، وبمعنى آخر، إذا كان حزب الله وهذه التنظيمات “أشقاء بالرضاعة”؟
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مركز أبحاث ودراسات مينا.