في ظل الانقسام الفلسطيني بين حركة “حماس” والسلطة الفلسطينية، عكست المحادثات الرسمية الأولى بين الإسرائيليين والفلسطينيين، من خلال مباحثات وزير الدفاع الإسرائيلي “بيني غانتس” والرئيس الفلسطيني “محمود عباس”، جدية حكومة رئيس الوزراء “نفتالي بينيت” في تحسين العلاقة مع السلطة الفلسطينية في وجه حركة “حماس” التي تحكم قطاع غزة، وذلك خلافا للعلاقات مع حكومة “بنيامين نتانياهو” التي اتسمت فيها الاتصالات مع السلطة بالانقطاع شبه الكامل.
اللقاء بين غانتس وعباس يعد اللقاء الأول لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى مع عباس منذ العام 2010، اذ كانت هناك لقاءات لبعض الوزراء بالحكومة الإسرائيلية مع بعض المسؤولين في السلطة الفلسطينية، لكنها تناولت وبحثت القضايا المدنية، بينما تصدرت القضايا الأمنية والاقتصادية اللقاء الجديد، بعد أن حث الرئيس الأميركي “جو بايدن” الحكومة الإسرائيلية على تقديم الدعم المالي للسلطة الفلسطينية.
لقاء استثنائي..
عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” حسين الشيخ أكد أن “الرئيس الفلسطيني محمود عباس التقى في مدينة رام الله، وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي “بيني غانتس”، موضحاً أن “اللقاء بحث العلاقات الفلسطينية – الإسرائيلية من كل جوانبها”.
وأكد مصدر فلسطيني، أن “الجانب الفلسطيني طرح خلال اللقاء عدة ملفات هامة، أولها الخصم الذي تفرضه إسرائيل على أموال الضرائب، وأثر ذلك على الحياة الاقتصادية وكذلك أثره البالغ على خزينة السلطة الفلسطينية”،
كما طرح ملف وقف الاقتحامات للمدن والمناطق المصنفة “أ” والتي تخضع للمسؤولية الأمنية الفلسطينية، باعتبار أن أفعال الجيش الإسرائيلي تضعف مكانة السلطة الفلسطينية، إلى جانب “القوة المفرطة” التي يعامل بها جنود الاحتلال الفلسطينيين في نقاط التماس والحواجز.
ويأتي اللقاء في ظل توقف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل منذ نهاية مارس من العام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أميركية دون تحقيق تقدم لحل الصراع الممتد بين الجانبين منذ عدة عقود، كما يأتي اللقاء بعد ساعات على عودة بينيت من واشنطن حيث التقى الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض.
وزارة الدفاع الإسرائيلية قالت في بيان لها: إن “وزير الدفاع بيني غانتس التقى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مساء (الأحد) لمناقشة السياسة الأمنية ومسائل مدنية واقتصادية، وضم الاجتماع منسق عمليات الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية غسان عليان والمسؤول الكبير في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ ورئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج.
وناقش “غانتس” والوفد المرافق له مع عباس وقادة من السلطة الفلسطينية مجموعة من القضايا الأمنية والسياسية والمدنية والاقتصادية، واتفق الاثنان “على الاستمرار في التواصل بشأن مختلف القضايا المثارة”، وفق بيان لوزارة الأمن الإسرائيلية.
كما بحث “غانتس” مع عباس “إعادة تشكيل الواقع الأمني والمدني والاقتصادي في الضفة الغربية وقطاع غزة”، مؤكدا أن الحكومة الإسرائيلية مستعدة للقيام بخطوات وإجراءات من أجل دعم وتعزيز اقتصاد السلطة الفلسطينية.
بدورها، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم الاثنين عن مصدر مقرب من رئيس الوزراء نفتالي بينيت، نفي “أي عملية دبلوماسية مع الفلسطينيين” قائلا: “لن تكون هناك مثل هذه العملية”، ولفت إلى أن “الاجتماع كان بموافقة مسبقة من رئيس الوزراء، وغطى قضايا روتينية بين المؤسسة الدفاعية، والسلطة الفلسطينية”.
وسائل إعلام إسرائيلية ذكرت أن “بايدن حث رئيس الحكومة الإسرائيلية، على تقديم الدعم المالي للسلطة الفلسطينية، والقيام بخطوات وتقديم مساعدات إنسانية واقتصادية للفلسطينيين، وذلك خلال اللقاء الذي جمعهما في البيت الأبيض”.
يشار إلى أن وزير الخارجية الأميركي “أنتوني بلينكن” أعلن أواخر شهر مايو الماضي، خلال لقائه الرئيس “عباس” في رام الله، أن واشنطن “مهتمة بإعادة بناء علاقة مع السلطة الفلسطينية ومع الشعب الفلسطيني، مبنية على الاحترام المتبادل”، مضيفاً أنها ستمضي قدماً في عملية إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس.
حماس وشروط المصالحة..
في المقابل، شن المتحدث الإعلامي باسم حركة حماس “عبد اللطيف القانوع” هجوماً حاداً على الرئيس الفلسطيني “محمود عباس”، بعد اللقاء الذي جمعه أمس الأحد مع وزير الدفاع الإسرائيلي “بيني غانتس”، ووصف اللقاء بـ”طعنة في ظهر شعبنا”.
وكانت حركة “فتح” قد اتهمت “حماس” بعدم الجدية في اتمام المصالحة الفلسطينية، وردت حركة فتح على تصريح الناطق باسم حركة حماس حول اشتراطات الرئيس محمود عباس “بأن تعترف حماس بقرارات الشرعية الدولية قبل البدء بالحوار الوطني وإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة”.
الناطق باسم فتح “حسين حمايل”، قال في بيان له: إن “داخل حماس مجموعة من التيارات المتضاربة، وحسن يوسف تحدث عن أن حدود عام 1967 تقر وتعترف بها حماس، وأنه “لا مانع لحركته بإقامة دولة فلسطينية على حدود 67 إضافة إلى أن اسرائيل أمر واقع”، لافتاً إلى أن “حماس مقرة ضمنا ووافقت ووقعت في الحوارات التي جرت منذ عام 2007، بأنها تلتزم بقرارات الشرعية الدولية بما يخص دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من يونيو 1967”.
وأشار “حمايل” إلى أن “تصريحات حركة “حماس” في هذا الموضوع هي ذر للرماد في العيون من أجل إطالة عمر الانقسام، وأنها غير معنية بإنهائه، وأنها تخدم أجندات حزبية فقط لها، في ظل استمرار العدوان الاسرائيلي على شعبنا في كافة أماكن تواجده. مؤكداً أن “القضية بحاجة إلى أن نتوحد بشكل أكثر تجاه مقاومة الاحتلال بالضفة بما فيها القدس، كذلك قطاع غزة حسب ما تتفق عليه القيادة الفلسطينية والفصائل مجتمعة، لأن العدوان لم يتوقف على شعبنا الفلسطيني، وما زالت وتيرته تتصاعد في كل مكان”.
يذكر أن “حماس” رفضت الاشتراطات التي وضعها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، من أجل البدء بالحوار الوطني الشامل لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الداخلية.
وأكد الناطق باسم الحركة عبد اللطيف القانوع، أن “اشتراطات عباس لتشكيل الحكومة وتحقيق الوحدة الوطنية هو ارتهان للشروط الصهيونية ويتعارض مع حالة الإجماع الوطني الفلسطيني، ويجب أن تستند ترتيبات الحوار الوطني وتحقيق الوحدة على اتفاق القاهرة وهو مُجمع عليه فصائليا بالرعاية المصرية”.
وثيقة النوايا الحسنة..
الخلاف الذي عاد إلى الواجهة بين حركتيّ “فتح” و”حماس” حول العملية السياسية وتشكيل الحكومة الوطنية، جاء بعد طرح وثيقة جديدة للمصالحة، إذ كشف رجل الأعمال الفلسطيني “منيب المصري” أمس الأحد، عن بنود الوثيقة المصالحة الجديدة التي طرحها على الفصائل الفلسطينية،
وقال رجل الاعمال الفلسطيني “المصري: “قدمنا وثيقة للمصالحة الفلسطينية من قبل (هيئة النوايا الحسنة) المكونة من عدة شخصيات فلسطينية، لتبدأ من حيث انتهت اجتماعات القاهرة الأخيرة التي مثلها الشيخ صالح العاروري وجبريل الرجوب”.
وأضاف “المصري”: “التقيت يحيى السنوار في غزة وكان مشجعا لمبادرة المصالحة وكان موقفه متقدما جدا وأشكره جدا على موقفه، كما التقيت إسماعيل هنية وقيادة حماس في إسطنبول لعرض مبادرة المصالحة وكان هناك توافق مهم وسمعنا كلاما طيبا وموقفا إيجابيا جدا”. مشيرا أن “الرئيس محمود عباس طلب موافقة كتابية من حركة حماس على اعترافها بالرباعية الدولية لتشكيل الحكومة، ونحن قلنا يجب على الرباعية الدولية الاعتراف بحماس وأنهم جزء من النسيج الوطني الفلسطيني وأنها ليست إرهابا”، لافتاً الى أن “الرباعية الدولية يجب أن تعترف بحركة حماس أنها جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني الفلسطيني”.
وذكر “المصري”: “نريد إعمار غزة وفك الحصار عنها ونقول لها بأنها جناح مهم من الوطن، ونريد مشاركة الكل الفلسطيني وننفذ الوثيقة التي نتفق عليها بشكل كامل”.
يشار أن اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرر الأسبوع الفائت، الأسبوع الفائت بحث الملف الداخلي والسياسي وأهمية ترتيبه تحقيق الوحدة الوطنية في مواجهة الاحتلال، فيما أكد عضو اللجنة “واصل أبو يوسف”، أن “الاجتماع ناقش مناقشة التحرك السياسي، لاسيما مع قرب عقد الاجتماع السنوي للأمم المتحدة، لافتاً إلى أهمية وجود مسار للتنسيق مع الأردن ومصر لتشكيل موقف مشترك، في ظل حديث “بينيت” عن عدم إمكانية إيجاد دولة فلسطينية وعاصمتها القدس المحتلة”.