شهدت إيران سلسلة جديدة من الحوادث والحرائق في الأيام الأخيرة، كان آخرها اندلاع حريق بعد انفجار بمصنع للصلب في محافظة “كرمان” جنوب البلاد يوم أمس الأحد، وهو خامس حريق يضرب مصادر الطاقة والبنية التحتية الإيرانية خلال أسبوعين.
مقاطع فيديو نشرتها وسائل اعلام إيرانية أظهرت شرارات وألسنة اللهب والانفجارات في المصنع المملوك لشركة زارند الإيرانية للصلب، لافتة إلى أن “الانفجار نتيجة لتدفق الحديد المنصهر الامر الذي تسبب في رد فعل عندما اصطدم ببركة تبريد”.
انفجارات ومشكلات فنية..
وسائل إعلام محلية إيرانية كشفت أن “الحريق في مصنع زارند رافقه انفجار قوي من دون أن تتضح طبيعته ومسبباته، بينما أكد مسؤول محلي أن “الحريق حادث عرضي على أرجح التقديرات، والتدفق المفاجئ للمواد المنصهرة من الفرن العالي تسبب في تلف للكابلات حول الفرن”.
وكانت النيران اشتعلت النيران في خط أنابيب نفط في جنوب غربي البلاد يوم الخميس الماضي، بعد يوم واحد من حريق اجتاح داخل مصفاة نفطية، جنوب العاصمة الإيرانية، طهران، وذلك عقب ساعات قليلة، من اندلاع حريق في سفينة حربية إيرانية قرب ميناء جاسك بمحافظة هرمزغان أدى إلى غرقها، لیلة الثلاثاء الماضي.
مدير طوارئ العاصمة الإيرانية، أكد أن “الحريق تسبب باشتعال خطوط الطوارئ للغاز المسال الامر الذي أدى تضرر نحو 18 مستودعا للنفط في مصفاة نفط طهران، وارتفاع سحب دخان كثيفة تتصاعد في محيط بلدة بهشتي في مدينة ري”.
وأعلن رئيس مقر إدارة الأزمات، “إسماعيل نجار” وقتها، أن ملابسات الحادثة لا تزال مجهولة وأن السلطات ستجري التحقيقات حول الحريق وأنه سيتم الإعلان عن معلومات إضافية قريبا، في حين لفتت مصادر مطلعة داخل المصفاة إلى أن الحريق ناجم عن خلل فني.
إلى جانب ذلك، ذكر مسؤولون إيرانيون أنه لم يكن هناك عمليات تخريبية وراء حرائق المصفاة وخطوط الأنابيب، وألقوا باللوم على درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير عادي، والتي كانت أيضاً سبباً لانقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع.
وفي وقت سابق من الأسبوع الفائت، غرقت سفينة حربية إيرانية – وهي واحدة من أكبر السفن في البحرية الإيرانية – بعد أن اشتعلت فيها النيران أثناء رسوها قبالة ساحل بحر عمان، اذ أصيب 20 شخصا بجروح مختلفة كانوا على متن السفينة أثناء احتراقها.
كما لقي طياران حربيان إيرانيان مصرعهما بسبب “مشكلة فنية” تعرضت لها طائرة مقاتلة، من طراز “أف – 5” في قاعدة دزفول الجوية.
يذكر أن إيران تشهد منذ الصيف الماضي اندلاع عدة حرائق في الغابات وحوادث مماثلة في بعض المنشآت النووية والصاروخية ومحطات الطاقة ومن ضمنها بما حريق في معمل كيماويات في ضواحي مدينة قم.
أعمال تخريبية..
معظم الحرائق التي نشبت في المنشآت الحيوية كانت غامضة ولم تقدم السلطات تفسيرات مقنعة حول أسبابها، بينما تشير تواترها إلى أنها بفعل فاعل، ولا سيما أنها تأتي في خضم توترات لم تهدأ مع إسرائيل الجهة التي تحملها طهران عادة المسؤولية عن عمليات تخريبية أو اغتيالات في الأراضي الإيرانية أو في الساحة السورية.
يذكر أن الحوادث الأخيرة، تأتي في ظل سلسلة الحرائق الغامضة التي شهدتها إيران، منذ يوليو (تموز) من العام الماضي، وأصابت بعضاً من أكثر المواقع والمنشآت حساسية، مثل منشآة نطنز النووية، وسط تقارير عن تورط إسرائيل في حوادث مختلفة شهدتها طهران.
وذكرت قناة “كان” الإسرائيلية عن مصادر استخبارية حينها، أن جهاز المخابرات الخارجية (الموساد) الإسرائيلي هو من يقف خلف الهجوم على الموقع النووي الإيراني، لافتة إلى أن “الحديث يدور عن هجوم سيبراني، وأن الأضرار التي لحقت بالمنشأة النووية الإيرانية أكبر مما تقول إيران”.
يشار إلى أن مفاعل نطنز لتخصيب اليورانيوم مساحته 100 ألف متر مربع، وقد أنشئ تحت الأرض بـ8 أمتار ومحمي بجدار سماكته 2.5 متر، يعلوه جدار خرساني آخر.
الحرب السيبرانية..
ويرى مراقبون أن “حرب اسرائيل السيبرانية ضد ايران، بدأت تأخذ ابعادا اوسع واخطر من ذي قبل، اذ تستهدف البنية التحتية بشكل كامل ولا سيما المنشآت النووية في هجمات الكترونية الدقيقة ومجهولة المصدر”، مؤكدين أن “العمليات المفاجئة والموجعة تعتبر بديل اوفر تكلفة واقل مخاطرة واسرع مردودا من شن حرب كبيرة مباشرة”.
“إيهود شنيئورسون” القائد السابق للوحدة 8200 المتخصصة بالتجسس الإلكتروني نصح إيران، بعدم الدخول مع اسرائيل بـ”حرب سيبراني” بعد استهداف رصيف الشحنات والحاويات في الموانئ الإيرانية العام الماضي، فيما حذر خبراء: الأمن السيبراني” إسرائيل من الكشف عن قدراتها الالكترونية، الأمر الذي من شأنه دفع إيران إلى تطوير وسائل دفاع في منشآتهم، وأيضا إلى المبادرة لهجوم مضاد والدخول إلى دوامة هجمات متبادلة.
كما، أشار “إيهود شنيئورسون”، القائد السابق للوحدة 8200 إلى أن “إسرائيل دولة متطورة جدا في عالم الهايتك – الذي يشمل أربعة أبعاد: هجومي، دفاعي، جمع معلومات استخبارية وإدراكي – ونما هذا المجال في جهاز الأمن عموما وفي الوحدة 8200 خصوصا. “
وتوقع “شنيئورسون” أن استخدام “السايبر سيستمر في ثلاثة مجالات: استهداف منظومات أسلحة إسرائيلية، مثل تشويش تكنولوجيا “القبة الحديدية”؛ استهداف بنى تحتية إستراتيجية، مثل منشآت المياه الإسرائيلية والميناء الإيراني؛ واستهداف الوعي، بدءا بالتأثير على مضامين وحتى كشف معلومات حساسة”.
وأكد المسؤول الإسرائيلي أن “السايبر هو من عائلة الأدوات في ترسانة القدرات لتوجيه ضربات. ولن يحل مكان الحاجة إلى القتال واحتلال مناطق، لكن هذه أداة هامة تضاف إليهم”. مشيراً إلى أن “للسايبر قدرات فتاكة أكثر مما تراه العين، وأي شيء يمكن أن يفعله خلل، بإمكان السايبر أن يفعله أيضا”.
“الهجوم السيبراني” يعتبر سلاحا تستخدمه الدول في حروبها ضد بعضها البعض، إذ يمكن من خلالها الوصول إلى معلومات حساسة أو تغييرها أو إتلافها.
وتصنف ايران من بين الدول الخمس الأولى في العالم من حيث القدرات والمهارات السيبرانية، فبعد تعرض مفاعل بوشهر الإيراني لفيروس “ستاكسنت” العام 2010، أنشأت طهران “قيادة الدفاع الإلكتروني” و”المجلس الأعلى للفضاء السيبراني”، وأصبحت تمتلك فرقا مدربة شنت هجمات إلكترونية واسعة النطاق خلال الأعوام القليلة الماضية، لاسيما في عامي 2012 و 2016، استهدفت العديد من الدول، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية، السعودية، تركيا، إسرائيل ودول أخرى في الشرق الأوسط، بهدف اختراق المؤسسات الصناعية والإدارات الحكومية عبر برمجيات خبيثة.