تلقى المتظاهرون العراقيون يوم السبت، إعلان رئيس الوزراء العراقي “عادل عبد المهدي” تقديم استقالته من منصبه، بالاحتفالات في جميع المدن التي تشهد احتجاجات شعبية على الواقع العراقي.
وفي إعلان الاستقالة، طالب “عبد المهدي” مجلس النواب العراقي بإيجاد البديل المناسب له، مشيراً إلى أن خطوة الاستقالة كانت مهمة جداً لحلحلة الأزمة الحاصلة في البلاد وتهدئة الأجواء فيها.
وأضاف “عبد المهدي”: “بعد مرور عام على تشكيل الحكومة يبدو أننا وصلنا إلى نقطة النهاية”، معتبراً أن العراق في ظل الأوضاع الراهنة لا يحتمل حكومة تسيير أعمال يومية، في إشارة إلى أهمية الاسراع بتشكيل الحكومة الجديدة.
كما لفت رئيس الوزراء المستقيل، إلى أن الحكومة كانت مطالبة بإفساح الطريق أمام حكومة جديدة، يمكنها معالجة الوضع الراهن، متمنياً على النواب أن يتوافقوا بسرعة على الحكومة الجديدة وأن لا يطول وضع تصريف الأعمال.
من جهته يرى الخبير في العلاقات الدولية الدكتور “عمر عبد الستار” أن قرار رئيس الوزراء هو أقل شيء ممكن أن تقدمه الحكومة العراقية للشعب، بعد حملة الاضطهاد الكبيرة التي مورست بحق أبناء الشعب العراقي الثائر.
“عبد الستار” قال في حديثه مع مرصد “الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي” تعقيبا على استقالة رئيس الوزراء، وذلك بعد شهرين من الاحتجاجات العراقية، التي قدم الشعب فيها أكثر من 400 قتيل، إضافة إلى آلاف الجرحى، فضلا عما تعرض له المحتجون من قمع غير مسبوق، بالقول: “هذا أقل شئ تقدمه الحكومة للشعب”.
وأضاف الخبير، أن “هذا ليس إصلاحا ولكنه هروب للأمام من قبل الحكومة، ونجد أن تياري الصدر والبدر اللذين لم يقوما بتشكيل كتلة أكبر في عام 2018، حينها أحضروا عادل عبد المهدي، بشكل غير دستوري، الأمر الذي أدى إلى أنهم وضعوا أنفسهم تحت أمرين رئيسين، أحدهما ضغط شعبي؛ لأن 80% من الشعب العراقي لم ينتخبهم، وهم الآن خرجوا ضدهم، والأمر الثاني أنهم جعلوا أنفسهم تحت ضغط دولي، إضافة إلى إصطفافهم مع إيران”.
ويتابع الخبير حديثه مع مرصد “الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي” بالقول: والآن بذهاب عادل عبد المهدي يبقى الوضع على حاله، سيجد هؤلاء أنهم لا يملكون الكتلة الأكبر في العراق وليس لديهم الحق بتشكيل الحكومة وربما سيأتون بعد “عادل المهدي” بـ “عزت الشابندر”، بما ان هناك أنباء انتشرت مؤخرا أن الأخير قادر على أن يجمع الفرقاء، وقادر على أن يقنع المنتفضين، وأعتقد أن عزت الشابندر لن يستطيع ذلك، كما لم يستطع من قبلُ عبد المهدي.
مضيفا: “كما يقال في علم الاجتماع السياسي أن هناك صمامات أمان بين البيئة التي تغذي الإرهاب والتي نجدها في العراق وثار عليها المنتفضون، وبين العوامل التي ممكن أن تؤدي إلى الانفجار أي سلوك الحكومة العنيف، والضغط الغير محتمل، وصمامات الأمان من الممكن أن تدخل في هذه الحالة، وهنا نجدها بدخول الأمم المتحدة، حيث صرحت الممثلة الخاصة لأمين العام للأمم المتحدة في العراق ” جانين هينيس بلاسخارت” أنها ستذهب إلى مجلس الأمن الثلاثاء القادم، إضافة إلى أن السيستاني طلب من البرلمان أن يقر القوانين لإجراء الانتخابات”.
كما يرى “عبد الستار” أن العراق على ما يبدو ذاهب لإجراء انتخابات مبكرة، ولكن هذا يحتاج إلى حل البرلمان العراقي.
إذن إزاحة عبد المهدي هي ليست طلب المتظاهرين، وإنما نستطيع القول بحسب وجهة نظر الخبير العراقي: إنه باستقالة عبد المهدي لا تصل الأزمة العراقية إلى درجة الانفجار، فقط لا غير، وباختصار فإننا نجد أن دعوة السيستاني اليوم، واستقالة المهدي، وما قالته الممثلة الخاصة للأمم المتحدة هو فقط لمنع الانفجار بعد التوتر الكبير الذي شهده العراق، لكن ليس في سبيل حل الأزمة، وهذا يعني الأزمة ستستمر”.
إلى ذلك أظهر إحصاء أجرته وكالة الأنباء “رويتر” استنادا على مصادر من الشرطة ومصادر طبية أن عدد قتلى الاحتجاجات المناهضة للحكومة العراقية والمستمرة منذ أسابيع بلغ 408 قتلى على الأقل معظمهم من المتظاهرين العزل.
وقالت مصادر مستشفيات: “إن عدة أشخاص توفوا متأثرين بجراح أصيبوا بها في اشتباكات يوم الخميس الماضي مع قوات الأمن في مدينة الناصرية الجنوبية”، مما يرفع عدد القتلى هناك إلى 46 على الأقل وإلى 408 في شتى أنحاء العراق منذ أول أكتوبر تشرين الأول.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.