تراجعت المشاركة الجماهيرية من قبل سكان قطاع غزة في مسيرات العودة التي تنطلق أسبوعياً عند الحدود القريبة من السلك الفاصل مع الجانب الإسرائيلى شرقي غزة، التي انطلقت في أذار 2018، كنتيجة لتواصل الحصار الإسرائيلى على قطاع غزة منذ اثنى عشر عاماً.
فبعد الحضور الجماهيري الكبير الذي شهدته مسيرات المخيمات على طول الشريط الحدودي بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل اسرائيل، تراجع المئات عن المشاركة في تلك المسيرات، بسبب ازدياد تردي الأوضاع المعاشية في القطاع الذي يعاني حصاراً خانقاً، إضافة لاتضاح الأهداف الحزبية من وراء تلك المسيرات على حساب المصالح الوطنية.
فبالرغم من المساعي التي تبذلها الهيئة القيادية المشرفة على المسيرات إلا أن تراجعاً لافتاً حصل بين الفئات الشبابية المشاركة، كون هؤلاء الشبان لم يلمسوا حتى اليوم أي تحسن لأوضاعهم الاقتصادية، كما أن المستقبل ما زال مجهولاً وقاتماً.
وحول هذه الظاهرة قال عضو المكتب السياسى للجبهة الديمقراطية “طلال أبو ظريفة” في حديث خاص لمرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي: إن مسيرات العودة نجحت فقط في إعادة البوصلة للقضية الفلسطينية على الساحة العربية والدولية، على الرغم من وجود قضايا ساخنة في المنطقة، إلا أنها أثرت في حضور الملف الفلسطيني”.
وأضاف القيادي في من اليوم الأول للمسيرات، أعلنت القيادة المنظمة أنها ستستمر حتى تحقيق أهدافها وهي كسر الحصار المفروض على قطاع غزّة منذ 12 عاماً، وتحسين طبيعة الحياة بما فيها البعدين الاقتصادي والحياتي, لكن بعد مرور اكثر من عام على إنطلاقتها، لم تحقق أى من تلك الأهداف بل تعمقت الأزمات وتراكمت.
لكن مصدر مطلع في الهيئة العليا لمسيرات العودة رفض الإفصاح عن هويته، قال، إن ضعف المشاركة في المسيرات، دفع القيادة في الهيئة إلى ابتداع طرق أخرى للحشد، من خلال ارسال رسائل نصية إلى هواتف عناصر الفصائل، التي تتشكل منها عضوية الهيئة تطالبهم بالمشاركة.
وبحسب المصدر، فإن المشاركة في المسيرات ليست إجبارية، لكن حماس الفصيل البارز والذى خطط لهذه المسيرات، تقدم مكافأة لمن يشارك بمنحة تقدر بـ100 دولار، مقدمة من قطر تأتى عبر السفير القطري محمد العمادي، الذى يدخل قطاع غزة شهرياً بأمر من إسرائيل, وذلك في إطار إحتواء التصعيد مقابل نقل الأموال إلى حماس.
إلى ذلك هناك أسباب أخرى أكثر أهمية، جعلت الغزيين يتراجعون على الرغم من الجهود والمشاركة المضنية التي قدموها، ومن هذه الأسباب تراكم أعداد كبيرة من المصابين دون رعاية صحية أو إنسانية، عدا فقدان المئات من المصابين أطرافهم, دون وجود أى علاج يقدم لهم.
عدد من المصابين عبروا في أحاديث منفصلة لـ”مرصد مينا”: عن بالغ إستيائهم وإمتعاضهم، نتيجة تجاهل قيادة مسيرات العودة لأحوالهم وتركهم دون رعاية، أو حتى توفير لهم مصادر دخل يعيشون من ورائها، بعد أن بات المئات منهم عاجزين عن القيام بأي أداء بدنى.
الجريح سعيد مفلح أصيب بطلق ناري في القدم، أدى إلى قطع الاوردة وتهشم عظام ساقه, مناشدات عديدة طالب بها الجريح وزارة الصحة في غزة والهيئة القيادية للمسيرات، من أجل توفير له العلاج اللازم أو منحه فرصة العلاج خارج غزة، لم يجد أى نتيجة إيجابية في مناشدته، وفى نهاية المطاف أضطر الأطباء إلى إبلاغه نيتهم قطع ساقه، نتيجة التعفن الذى أصاب الجرح وعدم إستجابة ساقه للأدوية التي يقدمونها له.
أما الجريح سامي علي، أصيب الأخر بطلق ناري متفجر في بطنه، وتم إستئصال أجزاء من أمعائه يعانى من ظروف صحية صعبة, لم يجد سامي أي مجيب لصرخاته، والذى يعانى من ظروف معيشية صعبة غير قادر على توفير الدواء اللازم، وخلال حديثه والدموع تعتلى محياه، أشار إلى أنه قام بالتوجه إلى أحد المسؤولين في الفصائل الفلسطينية شارحاً ظروفه الصحية والمعيشية, فرد عليه ذلك المسؤول قائلاً” لا أحد أجبرك على الذهاب للمسيرات، وليس لدينا ما نقدمه لك في الوقت الحالي.
حالة المصاب سامي ومفلح اختصار وعينة لقرابة 30 ألف مصاب، يعانون من ظروف قاهرة، خرجوا جميعهم يلبوا نداء الوطن في مواجهة ألة البطش الاسرائيلية، لكن الاحتلال جعل من هذه المسيرات ساحة تجارب لسلاحه حيث تعمد الاحتلال بإستخدام أنواع من الطلقات النارية المحرمة، والتى تعمل مجرد دخولها للجسم تقطيع وتهشيم كل ما يقف بطريقها، وهذا ما رفع من نسب الجرحى مبتوري الأطراف.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.