لم يكن من الغريب أو المفاجئ، أن يعلن رئيس الوزراء التركي السابق “أحمد داوود أوغلو” إطلاق حزبه المنافس لحزب العدالة والتنمية، لا سيما وأنها الخطوة، التي كانت متوقعة منذ شهور، ولكن الصدمة تجلت وفقاً لناشطين سوريين؛ في أن يضم الحزب التركي الوليد في صفوف كوادره المؤسسين، الرئيس السابق للائتلاف الوطني السوري المعارض “خالد خوجة”، الأمر الذي طرح مئات إشارات الاستفهام حول الانتماء الحقيقي لرجل اعتلى سدة أكبر مؤسسة سورية معارضة لولايتين متتاليتين.
اسم “خوجة” لم ينقل عن مصادر مطلعة ولا عن تسريبات، وإنما ظهر السياسي المجنس تركياً، ضمن صورة تم التقاطها أثناء الإعلان عن إطلاق حزب المستقبل التركي التابع لـ”أوغلو”، كما كُتِبَ اسم رئيس الائتلاف السوري السابق، بين أسماء مؤسسي الحزب باللغة التركية “ألبتكين هوجا أوغلو”.
إلى جانب ذلك، كتب عضو الحزب التركي “خالد خوجة” على حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي: “رحلة فكر كوني مركزها الإنسان بدأت قبل ١٢ عاماً مع أ. أحمد داوود أوغلو ونموذج نهضوي رائد في تركيا وجهد مستدام لدعم تحرر سوريا واكتمال الربيع العربي، تأخذ شكلاً جديداً مع حزب المستقبل حاملة معها بوادر الأمل دون تبديل ولا تفريط ولا كسل .. على بركة المولى”، الأمر الذي اعتبره عدد من المعلقين، أنه اعتراف من قبل رئيس أكبر مؤسسة معارضة سورية، بأنه تركيٌّ أكثر من كونه سورياً.
ووفقاً لسياسيين سوريين معارضين، فإن دراسة “خالد خوجة” للعلوم السياسية والطب في الجامعات التركية، إلى جانب أصوله التركمانية، وانتمائه غير المعلن لجماعة الإخوان المسلمين، مكنته من إنشاء علاقة قوية مع السياسيين الأتراك في حكومة العدالة والتنمية المحسوبة على تنظيم الإخوان، مما مهد الطريق أمامه لترؤس الائتلاف الوطني السوري عام 2015، الذي تأسس في اسطنبول، لا سيما وأنه يملك استثمارات ومنشآت اقتصادية في تركيا منذ سنوات طويلة، واصفين وجوده في حزب المستقبل التركي بأنه المكان الطبيعي له، وانه اختار البيئة التي رأى نفسه فيها، خصوصاً مع علاقته العميقة مع “أوغلو”.
مندوب تركيا السامي
مواقع التواصل الاجتماعي بدورها، زخمت بتعليقات السوريين؛ الذين استهجنوا خطوة “خوجة”، معتبرين أنه أكد على هويته الحقيقية، حيث وصفه بعضهم بمندوب تركيا السامي في المعارضة.
وغرد الناشط السوري “عوادي” على تويتر: “خالد خوجة مجنس تركي من القرن السابع عشر، والزلمي حسب الصحافة عنده نشاطه السياسي ومقرب من أحمد داوود أوغلو، فأنا شايف الحق ما عليه، الحق عاللي سلمه رئاسة الائتلاف”.
كما غرد الناشط السياسي “مسعود عكو” على حسابه أيضاً منتقداً انضمام “خوجة” للحزب التركي: “خالد خوجه رئيس ائتلاف المعارضة السورية السابق، عضواً في حزب داود أوغلو التركي الجديد بصفة مؤسس!… يمكنك القول ، بأن أردوغان فتح جناح جديد لحزبه، مثلا متل حزب الشيوعي السوري لصاحبه حزب البعث”.
إلى جانب ذلك، تساءل “عكو”: “كيف لشخص كان لدورتين متتاليتين رئيس أكبر تجمع للمعارضة السورية، يقوم ببساطة بتغيير اسمه لينضم إلى حزب تركي جديد، جلُّ أعضائه منشقون عن حزب الرئيس التركي، خالد خوجة رئيس الائتلاف السوري الأسبق صار “ألبتيكين خوجة أوغلو”.
من جهته غرد الناشط “زين العابدين”: “رئيس ما يسمى بالحكومة السورية المؤقتة المدعو عبدالرحمن مصطفى يتحدث وعلم تركيا خلفه، ولا أثر للعلم الذي يمثل الثورة السورية، والمدعو خالد خوجه رئيس مايسمى بائتلاف المعارضة السورية سابقاً، هو اليوم عضو مؤسس في حزب داود أوغلو الجديد، المنشق عن العدالة والتنمية”.
واعتبر عدد آخر من المغردين السوريين أن التحول النوعي في الضفة التي يقف عليها “خالد خوجة” تعكس إلى حد كبير، النفوذ والتأثير التركي في مؤسسات المعارضة السورية، التي أنشأت في تركيا، كما كشف حقيقة عدد من السياسين الذين زرعتهم حكومة العدالة والتنمية في صفوف المعارضة، موضحين أن تركيا استضافت مؤسسات المعارضة لتضمن السيطرة عليها وتشكيل تلك المؤسسات بما يحقق مصالحها في سوريا.
وولد “خوجة” في مشق عام 1965، وتلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي فيها، ووفقاً للمعلومات المتداولة عنه؛ فقد درس المرحلة الثانوية في مدينة “أوباري” الليبية، قبل أن ينتقل إلى مدينة اسطنبول، التي درس فيها العلوم السياسية 1985، وثم يدرس الطب في جامعة أزمير عام 1994.
وكان رئيس الوزراء التركي السابق “أحمد داوود أوغلو” قد أطلق اليوم – الجمعة حزبه الجديد، في خطوةٍ اعتبرها عدد من السياسيين الأتراك، بمثابة ساعة الصفر لبدء عملية الصراع السياسي بينه وبين حلفيه السابق “رجب طيب أردوغان”، لا سيما وأن الحزب الجديد يضم بين صفوفه قياديين وأعضاء سابقين في حزب العدالة والتنمية الحاكم.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.