طرح خبراء أمريكان من بينهم السفير الأمريكي السابق في سوريا روبرت فورد، وآندرو تابلر، الباحث في “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، و تريفور فيلسث مدير سابق لمكتب سوريا في مجلس الأمن القومي الأميركي. طرحوا رؤيتهم لسياسة الإدارة الأمريكية تجاه الملف السوري، وذلك من خلال قناة الحرة الأمريكية.
السفير روبرت فورد أن لإدارة بايدن ثلاثة أهداف في سوريا وهي: “هزيمة داعش، دعم وقف إطلاق النار خاصة في غرب سوريا، والتأكد من وصول المساعدات الإنسانية خاصة إلى شمال غرب سوريا وإدلب وشمال حلب”. من جهته يتساءل آندرو تابلر عن كيفية تحقيق الأهداف التي ذكرها السفير فورد فيما “تعطي الإدارة الأميركية الأولوية للشؤون الإنسانية، ولكن “كيف يمكننا حث نظام الأسد على المساعدة في هذا المجال؟، كان هناك تهديد بفرض عقوبات لحث النظام السوري على تقديم بعد التنازلات”.
الباحث الأميركي ريتشارد غولدبرغ قال إنه “لا يوجد أي ردع أميركي لإيران في سوريا .إن استمرار الوجود الأميركي في سوريا والعراق ضروري لتحقيق أهداف أمننا القومي. لا تدعوا الأشخاص الذين سوقوا للانسحاب المتخبط من أفغانستان يوهمونكم بشيء آخر”. فيما يعتقد الباحث الأميركي جون آلان غاي أنه “يتم استهداف جنودنا في سوريا بصورة منتظمة. ليس لوجودهم هناك أي علاقة بالمصالح الحيوية لأميركا وليس لدينا خطة المغادرة”.
وردا على سؤال مقدم برنامج “عاصمة القرار” عن عدم مغادرة القوات الأميركية سوريا إلى الآن، يعتقد الصحافي الأميركي تريفور فيلسث، أن “الظروف الميدانية قد تحول دون أي خروج أميركي من سوريا، ومن بينها الالتزام الذي قدمته واشنطن لحلفائها في قوات سوريا الديمقراطية بعدم الانسحاب، وعدم معارضة الرأي العام الأميركي لاستمرار القوات الأميركية في عمليات محاربة الإرهاب في سوريا والعراق. فضلا عن أنه لدى الإدارة الأميركية مخاوف من أن يؤدي انسحاب كهذا إلى عواقب مشابهة لما حصل في أفغانستان، ما سيضر بشعبية الرئيس بايدن”. برأي الصحافي الأميركي تريفور فيلسث.
يقول آندرو تابلر إن هدف الإدارة الأميركية السابقة (ترامب) كان دائماً “التأثير على الموقع التفاوضي للنظام السوري، وعدم السماح لهذا النظام وإيران وروسيا بالفوز، لأن أهم أداة لأميركا في سوريا هي العقوبات”، فيما يأسف السفير روبرت فورد لأن “العقوبات تحظى بشعبية في واشنطن، دون أن يكون هناك أي تقييم لنجاحها، لا سيما أنها لم تجلب أي نوع من التنازلات السياسية الهامة من نظام الأسد الذي لا يهتم بالرفاه الاقتصادي للشعب السوري. إضافة إلى أن العقوبات تسبب مشاكل لمنظمات الإغاثة الإنسانية” في سوريا. ويلاحظ آندرو تابلر أن هناك “جهودا من قبل الإدارة الأميركية في ما يتعلق بالمساعدات الإنسانية لتخفيف العقوبات، وذلك عبرالسماح ببعض الاستثناءات خاصة في ما يتعلق بنقل النفط ، وبالتالي هناك تعديل لبعض العقوبات لتحفيز النظام للمساعدة على المستوى الإنساني. ولكن رغم ذلك، فإن النظام السوري لم يغيّر سياسته رغم تشجيعه والتخفيف من العقوبات عليه. والسؤال الأساسي برأي تابلر هو: هل تستمر أميركا في هذا الاتجاه أم تمنع نظام بشّار الأسد من الحصول على الموارد التي يحتاجها للاستمرار في القيام بما يفعله؟ لا يوافق السفير روبرت فورد على فرض المزيد من العقوبات قائلا ” لا نرى أي نجاح لها إلى الآن، فهل فرض المزيد من العقوبات سيغير سلوك نظام الأسد في دمشق؟ لا أعتقد ذلك”.
ما هي استراتيجية بايدن بشأن سوريا؟
يعتقد السفير روبرت فورد أن الولايات المتحدة “فشلت بشكل سيء في سوريا”، ويتساءل السفير الأميركي السابق في سوريا “كيف تستطيع الإدارة الأميركية حلّ الأزمة السورية في حين أنه لا يمكن أن يكون هناك غزو لسوريا على غرار ما حدث عام 2003 (في العراق)؟” ويضيف السفير فورد، أن ” فكرة أن يطيح الأميركيون ببشار الأسد قد انتهت”. على هذا يجيب آندرو تابلر أن “أميركا لا تحاول الإطاحة ببشار الأسد، لا أيام ترامب ولا الآن في عهد بايدن، بل أن واشنطن تحاول إدارة الأزمة السورية عن طريق المحفزات والتنازلات. لكن ما هو غير واضح هو ما سيفعله بشار الأسد تجاه هذه التنازلات. وكيف سيتصرف نظام الأسد، فيما تسمح أميركا بشراء ونقل الطاقة والغاز عبر الحدود”.
من جهته يشدد السفير فريديرك هوف أن “السياسة الأميركية تجاه سوريا قد تساعد في الاستقرار العالمي” . ويقربـ”فشل أميركا في وضع سياسات تحد من جرائم النظام السوري المدعوم من قوى دولية، ما جعل خصوم واشنطن يستنتجون أن أميركا يمكن أن تصبح عاجزة رغم قوتها العسكرية، إما بسبب نقص الإرادة أو الثقة”. ويضيف فريديريك هوف أن “فريق بايدن أمضى سنته الأولى في تقييم أداء الإدارات السابقة في الملف السوري ، والنظر في الخيارات المطروحة، وخرج بسياسة متواضعة، تركز على الاستجابة للحاجات الإنسانية للسوريين، ودعم التسوية الأممية، وإعلان رفض دعم التطبيع العربي مع نظام الأسد. ينبغي على واشنطن عدم القبول باستمرار بشّارالأسد في السلطة كأمر واقع والتخلي عن مبدأ الانتقال السياسي، وأن سوريا مرتبطة بأوكرانيا وتايوان، فهي كلها مناطق يسعى فيها خصوم أميركا إلى إضعاف قدرتها على إحلال السلام الدولي”.
إل ذلك، يقول جويل رايبورن إن “إدارة بايدن أغفلت وضع المحادثات بين النظام السوري والمعارضة على رأس أولوياتها، ولم تعين مبعوثا خاصا بسوريا لأنها ترى أن هناك ملفات أخرى أهم. إن إدارة بايدن تطمح إلى إدارة الأزمة السورية بدل وضع خطة شاملة لحلّها. إن الاستمرار في تجاهل الأزمة ينذر بانتقال الحرب خارج الحدود السورية”. برأي جويل رايبورن وهو مسؤول سابق في إدارة ترامب.
ويصف الكاتب الأميركي جوش روغن سياسة بايدن تجاه سوريا بأنها “غير منسجمة ومتناقضة، وإلى أن الهوة بين تصريحات إدارة بايدن وسياستها على الأرض يضر بمصداقية أميركا ويقوي النظام السوري وروسيا وإيران، ويُفقد الغرب ما تبقى له من أوراق ضغط للدفاع عن أبسط حقوق السوريين”.