اجتمع هذا الشهر ممثلو الحكومات الأوروبية في قبرص لحضور قمة خاصة للهجرة، حيث ناقشوا قضية تحديد “مناطق آمنة” في سوريا لترحيل أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين إليها. وأثارت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين هذا الموضوع مرة أخرى أثناء إعلانها عن حزمة مساعدات للبنان، حيث يعيش نحو مليون ونصف مليون لاجئ سوري.
فيما أكد الخبراء والدبلوماسيون الغربيون أن تراجع العنف في سوريا لا يعني الأمان. ورسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة، غير بيدرسن، صورة قاتمة خلال جلسة لمجلس الأمن في 25 أبريل/نيسان، قائلاً: “لا توجد علامات على الهدوء في أي من المناطق في سوريا. الصراع لم يُحل بعد، والعنف مستمر، وهناك احتمالات كبيرة لاندلاع أعمال عدائية جديدة”.
في شمال غرب سوريا، تستمر الحرب في المناطق التي يسيطر عليها معارضو الرئيس السوري بشار الأسد، وتتعرض البنية التحتية المدنية لضربات جوية سورية وروسية بشكل متكرر، كما تستمر المعارك على طول الجبهة في محافظة إدلب. يحكم المحافظة تحالف من الإسلاميين المتطرفين، هيئة تحرير الشام، بقيادة أبو محمد الجولاني، الذي يحاول تقديم نفسه كرجل دولة براغماتي ولكنه يُظهر جانبه القمعي والمتسلط.
الوضع ليس أفضل في مناطق أخرى من شمال غرب سوريا حيث تسيطر الميليشيات العربية الموالية لتركيا. تمتد مخيمات النازحين داخلياً عبر هذه المناطق، ويواجه السكان تعسف أمراء الحرب المحليين. تتواجد البنية التحتية التركية بشكل واسع في هذه المناطق، ما يتطلب رعاية تركية دائمة، وهو ما يمثل مشكلة قانونية وسياسية.
في الشمال الشرقي لسوريا، تتصاعد التوترات بين القبائل العربية والإدارة الكردية، وتندلع أعمال عنف بين الحين والآخر. يظل تنظيم “الدولة الإسلامية” تهديداً كبيراً، وخاصة في محافظة دير الزور الشرقية. كما تتكرر المواجهات مع القوات التركية والموالين لها من العرب السوريين.
في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، انتهت الحرب إلى حد كبير، لكن الاضطرابات لا تزال مستمرة. أبلغ المبعوث الأممي بيدرسن عن القتال بين قوات النظام والجماعات المتمردة السابقة في محافظة درعا، وعن انتفاضة يبدو أن الأقلية الدرزية في بلدة السويداء على وشك تنفيذها. ورغم الإعلان عن قرارات عفو جزئية، فإن النظام لا يضمن الإفلات من العقاب لجميع معارضيه.
الصراع على السلطة داخل النظام يتفاقم مع تزايد عمليات النهب المنظم، وفقاً لمصادر محلية. يجري التركيز على طرد الناس أكثر من إعادة توطينهم، حيث تجرى غارات منتظمة على الشركات. ويشير العديد من الخبراء إلى أن جلب السوريين إلى سوريا لن يحل المشكلة، حيث لا يوجد ضمان لبقائهم هناك.
في الوقت الحالي، يتعين على المجتمع الدولي التركيز على إبطاء المزيد من الهجرة بدلاً من ترحيل اللاجئين إلى سوريا التي لا تزال تعاني من حالة من عدم الاستقرار والعنف المستمر.
جميع حقوق النشر محفوظة لصالح مركز أبحاث مينا.