هيئة التحرير
بالتزامن مع بدء سريان العقوبات الأمريكية المشددة على شركتي نقل إيرانيتين مختصتين بنقل المواد المستخدمة في صناعة الصواريخ البالستية، يكشف نواب من الحزب الجمهوري، عن تحرك جديد داخل الكونغرس، يهدف لتشديد العقوبات على النظام الإيراني إلى الحد الأقصى، لافتين إلى أن الغاية حالياً؛ هي إفلاس النظام ووقف عمليات تمويل الإرهاب.
وكان وزير الخارجية الأمريكي، “مايك بومبيو” قد اعتبر أن العقوبات والإجراءات الأمريكية ضد إيران، تمثّل تحذيراً واضحاً لكلّ من يتعامل مع خطوط شحن الإيرانية، ويخاطر بالمساهمة في خطط إيران النووية.
ضربة قاضية أم عقوبات
أمام التحرك الأمريكي، يشير الناشط الإيراني، “علي مشائي” – اسم مستعار لأسباب أمنية- لمرصد مينا، أن العقوبات الأمريكية الجديدة؛ إن تمت؛ فإنها تمثل ضربة قاضية للقوة المالية للنظام وهجوم شامل على مقدراته، وهو ما يتضح من خلال حملة إدارة الرئيس “دونالد ترامب” على كافة حلفاء إيران، سواء حزب الله في لبنان، ونظام “بشار الأسد” في سوريا، الذين يواجهان حصاراً دولياً كبيراً، بالإضافة إلى الميليشيات العراقية.
وجهة نظر “مشائي” في العقوبات الأمريكية القادمة، يدعمها ما تؤكده صحيفة واشنطن فري بيكون، الأمريكية، بأن العقوبات والتشريعات الجديدة ستتناول وقف كافة أشكال المساعدات المقدمة لدول المنطقة، التي تمتلك فيها إيران نفوذاً كبيراً، الأمر الذي يتزامن مع تطبيق قانون قيصر على النظام السوري، وإدراج حزب الله على قوائم الإرهاب الأوروبية.
في السياق ذاته، فإن أبرز ما يميز حزمة العقوبات المقترحة، وفقاً “لمشائي”، أنها تركز على جوانب كانت مستثناة في الحزمات السابقة، خاصةً وأنها ستشمل إلغاء الإعفاءات الممنوحة لبعض الجوانب الاقتصادية الإيرانية بموجب الاتفاق النووي، وتوسيع حزمة العقوبات لتشمل ميليشيات عراقية لا تزال خارج دائرة العقوبات الأمريكية، بالإضافة إلى استهدافها صقور النظام الإيراني، وفي مقدمتهم المرشد الأعلى للثورة، “علي خامنئي”.
وكانت الحكومة الإيرانية قد استفادت خلال السنوات الماضية، من بعض الإعفاءات الممنوحة لبعض الدول للتعامل مع إيران، وفي مقدمتها السماح للحكومة العراقية بتوقيع عقد مع إيران لتزويد العراق بالتيار الكهربائي لمدة عامين، بقيمة 800 مليون دولار في أواخر.
كما استشهد “مشائي” بتصريحات النواب الجمهوريين، التي أكدوا خلالها أن حزمة العقوبات المقترحة ستكون عامة، وتشمل أيضاً كافة القطاعات الحيوية والاقتصادية كالصناعات البتروكيماوية والمؤسسات المالية ومصانع السيارات في البلاد.
قناعات جديدة على حساب العمل العسكري
تركيز الولايات المتحدة على سلاح العقوبات الاقتصدية وضرب البنية المالية للنظام، يرى فيه مصدر عراقي، تبدلاً في التكتيك الأمريكي في التعامل مع الملف الإيراني، موضحاً: “يبدو أن واشنطن تعلمت من درسها في العراق، وارتفاع تكاليف التدخل العسكري المباشر، خاصة في منطقة كالشرق الأوسط، التي تمتثل بؤرة الصراعات الطائفية والعرقية والمذهبية على مستوى العالم، وبالتالي فإن التوجه إلى الحرب الاقتصادية واعتبارها مركز الثقل في مواجهة طهران هو الحل الأمثل، خاصةُ مع ما حق بالاقتصاد المحلي من خسائر”.
وسبق للمبعوث الأميركي الخاص بإيران، “براين هوك” أن أكد بان العقوبات تسببت بخسائر تصل إلى 50 مليار دولا، حتى مطلع العام 2020، في حين يشير صندوق النقد الدولي إلى انكماش الاقتصاد الإيراني بنسبة 9.5 في المئة العام الماضي.
حديث المصدر في ما يتعلق بتبدلات السياسة الأمريكية، تقاطع مع ما يعلنه مطلقو مقترح تشديد العقوبات من النواب الجمهوريين، الذين رأوا أن تفويض استخدام القوة العسكرية الصادر عام 2002، في أعقاب أحداث 11 أيلول 2001، بات غير مناسب، لا سيما وان السنوات الماضية شهدت ظهور الكثير من الميليشيات والتنظيمات المتطرفة.
وكان وزير الخارجية الأمريكي، “بومبيو” قد أكد العام الفائت، أن الإدارة الأمريكية تسعى لتصفير مداخيل النظام الإيراني من بيع النفط، الذي يمثل الشريان الأساسي للميزانية الإيرانية.
رهانات وتكتيكات طويلة الأمد
يعتبر المصدر العراقي، أن تشديد العقوبات بالشكل المطروح من قبل الحزب الجمهور، مؤشراً على اتباع الإدارة الأمريكية، ذات الخلفية الحزبية الجمهورية، تكتيك طويل الأمد، يقوم على ثلاث عوامل، الأول الحد من قدرة لنظام على تمويل ميليشياته، وبالتالي الحد من قدرة تلك الميليشيات على شن العمليات، وبالتالي منع إيران من اتخاذ تصعيد عسكري كبير في المنطقة، أماالعامل الثاني فهو منع النظام من الوصول إلى مرحلة انتاج القنبلة النووية، التي قد تستخدمها إيران لاحقاً كسلاح ردع.
أما عن العامل، فيحصره المصدر، بمراهنة الإدارة الأمريكية على تآكل النظام من الداخل، واندلاع ثورة جياع في إيران تكون كفيلة بتصديع الجبهة الداخلية في البلاد، وإثارة التوتر، مضيفاً: “الفرق بين الحرب على صدام حسين في العراق والنظام الإيراني، هو أن الولايات المتحدة كانت مجبرة على التحرك سريعاً في أفغانستان والعراق عسكرياً لاستعادة هيبتها على المستوى الدولي بعد أحداث 11 أيلول، والضرب بيد من حديد، أما الآن فالوقت في صالح واشنطن وضد طهران”.
وكانت إيران قد شهدت خلال الأشهر الماضية سلسلة احتجاجات شعبية بسبب تردي الأوضاع المعيشية والغلاء، بالتزامن مع ارتفاع معدلات الفقر إلى 40 في المئة بحسب بيانات رسمية، في ظل توقعات بارتفاع عدد العاطلين عن العمل إلى 6 ملايين شخص.
وشهدت الأسابيع الماضية، تلويح المرشد الاعلى للثورة في إيران، “علي خامنئي”، استعداده للتفاوض مع الغرب والولايات المتحدة، من خلال تغريدة على تويتر أكد فيها على إيمانه بالعمل الدبلوماسي، مذكراً بصلح الإمام “الحسن” والخليفة الأموي “معاوية بن أبي سفيان”، خلال الحرب بينهما على الخلافة، ما اعتبر مؤشراً على تراجع في الخطاب التصعيدي الإيراني مع تشديد العقوبات الاقتصادية.