هيئة التحرير
سياسة جديدة تطبقها ميليشيات الحوثي في اليمن، لجني أموال الزكاة، عبر ما تسميه “اللائحة التنفيذية لقانون الزكاة”، والذي يصفه مصدر يمني في حديثه لـ “مرصد مينا” بأنه سرقة موصوفة لما تبقى من أموال اليمنيين وقوتهم بغطاء الشرع والدين، لافتاً إلى أن اللائحة الجديدة تمنح زعماء الحوثيين خمس ثروات اليمن شعباً ودولةً.
وكانت الميليشيات قد أقرت اللائحة الخاصة بها يوم الخميس الماضي، والتي تقضي بتخصيص 20 في المئة من الأموال في البلاد، لمن وصفتهم بـ “بني هاشم” من قيادتها، في إشارة إلى أنهم من آل بيت النبي محمد، عليه السلام.
سياسية جديدة بعد الأتوات وضرائب الجهاد
السياسة الجديدة في تحصيل أموال الزكاة، عبر الخمس، يرى فيها المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، مؤشراً على أمرين، الأول هو تطبيق الحوثيين للقانون الإيراني بشكل حرفي، والذي يمنح رجال الدين، من طبقة السادة، “الذين يوصفون بأنهم من سلالة آل البيت”، خمس ثروات البلاد وأموال الزكاة، معتبراً ذلك خطوة جديدة على طريق ترسيخ النظام الإيراني على الأرض وربط اليمن بمفاهيم ولاية الفقيه وتقسيم المجتمع اليمني إلى طبقة سادة لديها كل شيء وشعب لا يملك أي شي، بالإضافة إلى أنها وسيلة للتغطية على عمليات الفساد داخل الحركة.
وتطبق إيران سياسة الخمس ليس فقط على أراضيها، وإنما على الشيعة المنتشرين في مناطق نفوذها في كل من سوريا ولبنان والعراق، حيث ترجعها إلى أن الإسلام أمر بخمس أموال الدولة والمسلمين لآل بيت النبي، عليه الصلاة والسلام.
أما النقطة الثانية في سياسة الخمس، يرى فيها المصدر، الموجود في صنعاء، بأنها مرتبطة بتجفيف منابع التمويل الإيراني، بسبب العقوبات الأمريكية وتصفير مدخول النفط، ما دفعها نحو محاولة السيطرة على أموال اليمن، عبر الضرائب والأتوات وتنشيط السوق السوداء وإدارة عملياتها، مؤكداً أن التمويل الإيراني قد تراجع خلال الأشهر الأخيرة بنسبة كبيرة؛ أثرت على ميزانية الميليشيات.
وبحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة، فإن الحوثيين جنوا خلال سنوات الانقلاب ما يصل إلى 1.4 مليار دولار من توزيع وبيع النفط في السوق السوداء، في حين اتهمت الحكومة الشرعية اليمنية، الميليشيات بتوسيع عمليات السوق السوداء لتشمل، الأدوية والمواد الأساسية.
كما سبق لناشطين يمنيين، التأكيد بأن الميليشيات فرضت عدد من الضرائب والأتوات، من بينها ضريبة الجهاد المقدس، بالإضافة إلى فرض ضرائب على الصيادلة ومصادرة كميات من الأدوية النادرة، إلى جانب فرض ضريبة على المحامين على كل معاملة أو قضية.
شراء الولاءات وطبقة المستفيدين
الحديث عن منح خمس أموال اليمن لمجموعة معينة من الناس، يعني خلق طبقة معينة مستفيدة من حكم الحوثيين واستمراره، يقول المحلل السياسي، “حسام يوسف” لمرصد مينا، مضيفاً: “كأي نظام استبدادي أو حكم الأمر الواقع، يقسم الحوثيون الشعب اليمني إلى طبقة مستفيدين داعمة لهم ولاستمراهم، وتقويتها عبر إغراقها بالأموال، وطبقة ضعيفة فقيرة تتحمل كافة سياساتهم المرتبطة بمشروع إيران في المنطقة وتبعاتها، وهي الطبقة التي تسرق أموالها إما باسم الدين أو بالقوة”.
كما ينوه “يوسف”، إلى أن الحركة الحوثية تعلم أن لغة الخطاب الديني لا تثمر مع كافة الفئات المحسوبين عليها، وأن هناك فئة لا يمكن كسب ولائها إلا بالأموال والسلطة وإغراءاتها، موضحاً: “الخطاب الديني قد تستعمله الحركة لغسل أدمغة العوام والفئة الجاهلة، لإقناعهم بالقتال والتبرع بأموالهم وإنشاء قاعدة شعبية لها، أما الفئة الأخرى فهي طبقة القيادات والشيوخ والوجهاء وهي الشريحة التي تستمال بالأموال والسلطة، على حساب الشعب، الذي بات على شفى المجاعة”.
وتأتي ضرائب الحوثي وقوانين الزكاة الخاصة به، بالتزامن مع تحذيرات الأمم المتحدة من خطرانهيار الأمن الغذائي لـ 20 مليون يمني، وسط توقعات بأن تصل نسبة الفقر إلى 75 في المئة، لافتةً إلى أن الحرب تسببت بارتفاع معدلات الفقر بنسبة 47 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية.
عنصرية ومخالفة للدستور
أصداء السياسة الحوثية وقراراتها المالية، وصلت إلى الحكومة الشرعية، حيث يعتبر رئيس الوزراء اليمني، “معين عبد الملك” أن القانون الجديد للزكاة يقوم على ترسيخ أسس العنصرية والتمييز العائلي في المجتمع اليمني، مضيفاً: “هذا القانون لا يكشف فقط عمق إيغال هذه الجماعة في تمزيق نسيج المجتمع ورفضها لقيم المواطنة المتساوية، بل يوضح أيضا مدى استخفافها بالشعب وبالعالم وبكل فرص ودعوات السلام”.
في السياق ذاته، يحذر وزير حقوق الإنسان اليمني، “محمد عسكر”، من دور مثل تلك القوانيين التمييزية بنسف مفهوم المواطنة على يد فئة قادمة من كهوف الجبال، على حد وصفه، مشدداً أن لا أحد في العالم له الحق بالسيطرة على 20 في المئة من أموال الدول والشعوب وثرواتها.