مرصد مينا- هيئة التحرير
كشف رئيس حزب «المستقبل» التركي المعارض، ورئيس الوزراء الأسبق، أحمد داود أوغلو، عن قيام نظام الرئيس رجب طيب أردوغان، والماكينة الإعلامية التابعة له، بالترويج لإشاعات تزعم قرب وقوع انقلاب في البلاد، في اتهام شبيه بالذي حدث في 2016.
واستنكر «أوغلو» الطريقة التي تستخدمها السلطة الحاكمة بتمرير وتنفيذ أجنداتها، قائلاً: «إن هذا الوضع هو الذي يحول بلدنا إلى دولة أقزام، ويحول السلطة الحاكمة إلى شركة دعاية، ويؤدي حقاً إلى تكوين صور مأساوية؛ لأن الدول ينبغي أن تدار بالجدية، وليس بالحملات الدعائية عبر وسائل التواصل الاجتماعي»، مرجحاً أن تكون هذه الأعمال بوادر واضحة من تخوّف السلطة الحاكمة من الشعب.
تصريحات العضو السابق في حزب العدالة والتنمية، نشرها الموقع الإلكتروني لصحيفة «سوزجو» المعارضة، مساء الإثنين، مشدداً على أن «خطابات وأقوال أردوغان، وحزبه العدالة والتنمية، ما هي إلا مساعٍ لتغيير الأجندة السياسية، ومحاولة لإضفاء الشرعية على ميولهم الاستبدادية الاستغلالية».
وأبدى داود أوغلو عن استغرابه من الطريقة التي ظهر فيها الرئيس رجب طيب أردوغان أثناء اجتماعه لقيادة الحكومة، «لا يمكن معالجة المشكلات الحرجة للدولة عبر اجتماعات عبر الإنترنت والفيديوكونفرنس، إذ إنه لا أحد متأكد من الأمن الإلكتروني. لذلك لا بد من عقد تلك الاجتماعات وجها لوجه مع مراعاة المسافات الاجتماعية»، منوهاً أنه على «السلطة أن تواجه مخاوفها أولاً، بدلاً من محاولتها تخويف الأمة».
هاجم المعارض الجديد قيادة البلد، التي باتت تخاف من كل شيء حولها، فقال: «إن الحكومة خائفة من فاتورة الاقتصاد، وخائفة من المشكلات، وخائفة من الديمقراطية، وخائفة من العدالة… والأهم من ذلك أن السلطة تخاف من الأمة. ولأنها خائفة فهي لا تريد سماع أصوات الجدارة والعدالة والفطرة السليمة والديمقراطية والاختلافات».
داود أوغلو خلال تصريحاته اتهم وسائل السلطة الإعلامية، بتكرار الحديث والديباجة السابقة عن محاولات انقلابية مزعومة، قائلاً: «مع الأسف بعض أنصار السلطة عند الحديث عن احتمالية انقلاب يدخلون في سباق عن عدد الأسلحة التي سيحملونها والرصاصات التي سيطلقونها وكمية الدماء التي ستسال وكيف سينتقمون»، مضيفاً أن «من عجزوا عن إدارة المصائب الكبيرة التي حلت بالبلاد منذ نهاية شباط، ولا يعرفون كيف سيسيطرون على الأضرار والفاتورة الثقيلة خلال الأشهر المقبلة، يحاولون اللجوء لطرق ما من أجل التلاعب في الأجندة السياسية».
ضعف السلطة الحاكمة
رئيس حزب «المستقبل» التركي المعارض، ورئيس الوزراء الأسبق، أحمد داود أوغلو، كشف في ختام تصريحاته أن بلاده «ما تزال دولة يمكن أن تقع بها انقلابات، فهذه الانقلابات لن تفشل إلا بعودة أردوغان للعاصمة التي يغيب عنها منذ 45 يوما (حيث يقيم بإسطنبول منذ تفشي كورونا)، وليس بالتغريدات التي تنشر هنا وهناك بخصوص هذه المزاعم»، لافتاً إلى أن «أزمة الكمامات هي واحدة من أكثر الأمثلة التي تكشف ضعف السلطة الحاكمة… لم تنجح السلطة في توزيع الكمامات».
وكانت محاولة الانقلاب الخامس في تاريخ تركيا الحديث، قد باءت بالفشل بعد ساعات من إعلانه، مساء الجمعة، ليل السبت، عام 2016، والذي وصف بـ«انقلاب عسكري»، إذ أعلن مسؤول تركي، عن إعفاء 29 ضابطاً برتبة عقيد ركن، وخمس جنرالات من مناصبهم في الجيش، على خلفية محاولة الانقلاب. واعتقال 754 عنصراً من القوات العسكرية التركية على رأسهم رئيس أركان الجيش الثالث أكرم جاغلر. وبقي الوضع متوتراً إلى أن أعلن رئيس الوزراء «بن علي يلديريم» في الساعة الرابعة فجراً وعبر اتصال هاتفي مع شبكة «إن تي في» السيطرة الى حد كبير على محاولة «الانقلاب الغبية»، وفقر تعبيره.
تاريخ حافل بالانقلابات
شهدت تركيا في تاريخها الحديث، العديد من الانقلابات كان أولها في 27 أيار/ مايو 1960، حين وقع انقلاب عسكري أطاح بالحكومة الديمقراطية المنتخبة ورئيس البلاد، حسب الرواية التاريخية، وعقب الانقلاب الأول بـ 11عاماً، جرى تنفيذ انقلاب عسكري ثانٍ في 12 آذار/ مارس 1971، وعُرف باسم «انقلاب المذكّرة»، وهي مذكّرة عسكرية أرسلها الجيش بدلاً من الدبابات، كما فعل في الانقلاب السابق. فيما جاء انقلاب «كنعان إيفرين» ثالثاً في 12 أيلول/ سبتمبر/ 1980، والذي رافقه حالة قمع سياسي ودموي غير مسبوقة، إذا اعتبر من أشهر الانقلابات في التاريخ التركي، وكان الرابع في 1997 وسميَّ بالانقلاب الأبيض على حكومة «نجم الدين أربكان» أو ما عرف بـ«الانقلاب ما بعد الحداثة» بعد وصول حزب الرفاه إلى السلطة سنة 1995، وبعد هذا الانقلاب بخمسة أعوام، تم تشكيل حزب العدالة والتنمية بتأسيس من رجب طيب إردوغان وعلي باباجان وداود أوغلو وعبدالله الغول، وآخرين، كرد فعل على الانقلاب، وحقق فوزاً ساحقاً في انتخابات عام 2002، وما يزال الحزب الحاكم برئاسة إردوغان على الرغم من استقالة المؤسسين الأوائل الثلاث الذين تم ذكرهم، وتشكيلهم أحزاب جديدة.