المصدر: Nordic Monitor
أكدت وثائق قضائية أن دبلوماسيين أتراك في العاصمة القرغيزية بشكيك، قاموا بإدراج أسماء صحفيين ومعلمين وأكاديميين، بالإضافة إلى رجال أعمال أتراك ضمن تحقيق في قضايا إرهابية، وذلك بناء على تهم ملفقة من قبل المدعي العام التركي.
وكانت وثائق سابقة قد كشفت كيف تم استخدام المعلومات التي جمعتها السفارة التركية في بشكيك لتوجيه تهم الإرهاب لمنتقدي النظام التركي وعائلاتهم.
ووفقاً لقرار أصدره المدعي العام بيرول توفان في 13 ديسمبر 2018 ، فتح مكتب المدعي العام في أنقرة تحقيقاً منفصلاً (ملف رقم 2018/224941) مع 25 مواطناً تركياً تم إدراجهم في ملفات التجسس التي أرسلها دبلوماسيون أتراك من قيرغيزستان دون أي أدلة ملموسة، وهذا بحد ذاته دليلاً على الانتهاك.
وشمل التحقيق مواطنين أتراك بمن فيهم المراسلين السابقين لصحيفة زمان التركية، والتي استولت عليها حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، بالإضافة إلى أكاديميين ومعلمين وأطباء كانوا يعيشون في البلاد ويعملون في مؤسسات قيرغيزية منذ عقود. وتضمنت القائمة أيضاً منتقدي أردوغان الذين أُجبروا على العيش في المنفى أو الذين ظلوا مختبئين في تركيا من اضطهاد النظام. وبحسب الوثائق تم اتهامهم بالانتماء إلى جماعات إرهابية بحسب أكينجي.
وفي مارس 2016، استولت الحكومة التركية على صحيفة زمان بعد أن كانت تبيع 1.2 مليون نسخة يومياً في الذروة. وقد تم الاستيلاء على الصحيفة بسبب قدمتها جماعة داعمة لأردوغان وموالية للقاعدة، حيث زعمت أن بعض مقالات الصحيفة الافتتاحية تشوه صورة الجماعة الجهادية. و بعد استيلاء الحكومة على الصحيفة، تحولت الصحيفة إلى ناطق باسم الحكومة، وثم بين عشية وضحاها تم إغلاقها بالكامل في يوليو 2016، مما أنهى مسيرة عقود من العمل وإدى إلى إغلاق موقعها على الإنترنت.
ويدير السفارة التركية في بيشكيك السفير جنكيز كميل فرات، الذي تسلم مذكرة دبلوماسية في عام 2019 من قبل وزارة الخارجية القيرغيزية، حيث طلب منه فيها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد.
وبحسب التقارير، قام السفير فرات بزيارة قرية أوروك في منطقة سوكولوك، حيث تشاجر الأتراك القرغيزيون مع أتراك الأهيسكا (أتراك جورجيون تم نفيهم من قبل الزعيم السوفييتي ستالين)، في 5 حزيران / يونيو 2019. وقد تصاعدت حدة الشجار في القرية التي تحوي مواطنين أصليين من قرغيز بالإضافة إلى أتراك الأهيسكا والأكراد والتتار، حيث اعتقل 32 شخصاً في نفس اليوم على خلفية الشجارات.
وأكدت الوثائق مرة أخرى أن أنشطة التجسس التي تقوم بها البعثات الدبلوماسية التركية تؤدي إلى عواقب وخيمة في ظل النظام القضائي التركي.
وتماشياً مع حملة تجسس ممنهجة أطلقت بعد محاولة انقلاب في تركيا في يوليو 2016، جمعت البعثات الدبلوماسية والقنصلية التركية حول العالم معلومات عن الرعايا الأتراك وأدرجت أسمائهم كما لو كانوا جزءاً من منظمة إرهابية وتم إرسال أسمائهم إلى المقرات الدبلوماسية.
وكان مرصد نورديك قد كشف سابقاً أن وزارة الخارجية التركية أرسلت قوائم بأسماء المواطنين الأتراك الذين تم تحديدهم في قرصين مضغوطين إلى مكتب المدعي العام في أنقرة والشرطة الوطنية ووكالة المخابرات التركية MIT في 19 فبراير 2018، وذلك عبر وثيقة رسمية لاتخاض مزيد من الإجراءات الإدارية أو القانونية، بالإضافة إلى معاقبة أقاربهم في تركيا والاستيلاء على ممتلكاتهم.
وبدوره أرسل المدعي العام أكينجي، الذي استلم وثيقة وزارة الخارجية في 23 فبراير 2018، أقراصاً مدمجة سرية تتضمن معلومات عن 4386 من معارضي أردوغان إلى وحدة الجرائم المنظمة التابعة لإدارة شرطة أنقرة، وذلك لاتخاذ مزيد من الإجراءات، وقد نقلت الشرطة نتائج تحقيقاتها إلى النيابة العامة.
ووفقاً للوثائق القضائية الصادرة عن المحكمة الجنائية العليا الرابعة في أنقرة في 16 يناير 2019، قامت وزارة الخارجية بجمع قائمة طويلة من الكيانات الأجنبية التي يمتلكها و/ أو يديرها أشخاص يُزعم أنهم مقربون من حركة غولن؛ وهي جماعة معارضة للحكومة التركية وتتواجد في 92 دولة في الأمريكتين وأوروبا وآسيا وأوقيانوسيا.
علاوة على ذلك ، كشف مرصد نورديك أن المخابرات التركية/ MIT تسللت إلى مخيمات اللاجئين في اليونان للتجسس على المعارضين الذين أجبروا على الفرار إلى اليونان هرباً من حملة قمع غير مسبوقة في الجارة تركيا
وثائق قضائية يعود تاريخها إلى 13 ديسمبر 2018، حيث توضح كيف أدت أنشطة التجسس التي قامت بها السفارة التركية في بيشكيك إلى فتح تحقيق جنائي في تركيا. (تم التعتيم على أسماء وعناوين المواطنين الأتراك لأسباب أمنية)
وتتواصل حملات التجسس الممنهجة التي تقوم بها البعثات الدبلوماسية التركية ضد معارضي الحكومة التركية في البلدان الأجنبية.
وفي مقابلة صحفية عقب مؤتمر ميونخ الأمني في فبراير 2020 أكد مولود جاويش أوغلو وزير الخارجية التركي تلك الممارسات بقوله: “إذا نظرت إلى تعريف كلمة دبلوماسي، إنها واضحة جداً. جمع المعلونات الاستخباراتية هو واجب الدبلوماسي.” مضيفًا أن “جمع المعلومات الاستخباراتية وجمع المعلومات هي حقيقة”.
وفي مقابلة حديثة مع The Globe and Mail، اعترف السفير التركي لدى كندا كريم أوراس بالتجسس على 15 كندياً تركياً، وأن أي سفارة ستركز على التهديدات التي تستهدف بلدها. وأضاف أوراس أن “هذا ما تفعله كل سفارة .”
من الواضح أن البعثات الدبلوماسية التركية تنتهك القوانين المحلية للدول المستقبلة ومبادئ القانون الدولي من خلال شن حملات غير قانونية لجمع المعلومات وتنفيذ عمليات استخباراتية واسعة النطاق. وفي أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في 15 يوليو 2016، بدأت بعض الدول الغربية تحقيقات بشأن أنشطة التجسس على الأتراك والمنظمات التركية في الخارج من قبل موظفي وزارة الخارجية التركية وممثلين عن السلطات المختصة والأئمة وضباط المخابرات الذين تم اعتمادهم كدبلوماسيين.