سلطت صحف عربية الضوء على دور المرأة في الاحتجاجات التي تشهدها المنطقة في سورية ولبنان والعراق والجزائر وكافة دول الربيع العربي.
وبينما أشاد العديد من الكتاب بمشاركة النساء في صنع القرار في المنطقة العربية، انتقد آخرون محاولات “التنمر والتسليع” التي مورست ضد المرأة “لتسخيف الثورة”.
فالمرأة دخلت المعتقل، وعذبت بطرق وحشية وعانت سوء الظروف الانسانية والحصار والاصطهاد، لطالما عبرت عن مطالبها بتفعيل دورها، ورفضها للفساد، واحتكار السلطة وغيرها من المطالب الثورية التي طرحت في الاحتجاجات.
مرض الذكورية المقيت
يقول “أسعد عبد الرحمن” في الاتحاد الإماراتية إن “الاحتجاجات الأخيرة في لبنان جاءت لتسلط الضوء على دور المرأة في التغييرات السياسية الحاصلة حالياً، ليكون لها -كما للرجل- صوتها وحضورها في شوارع وميادين الاحتجاج اللبنانية، من خلال مشاركتها الواسعة في المظاهرات التي انطلقت ضد الوضع الاقتصادي في البلاد. وبالفعل فقد تنوعت المشاركة النسائية لتشمل جميع الأعمار والطوائف ومختلف الأدوار جنباً إلى جنب، وهو ما صبغ الاحتجاجات بلون موحد، وبخطاب وطني عابر للطوائف والمذاهب.
احتجاجات لبنان: لماذا اختار بعض العرب النظر إلى أجساد المحتجات؟
ويرى الكاتب: أن مرض الذكورية المقيتة لبعض السطحيين ومحاولات الطابور الخامس، كلها ركزت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفي عديد الحالات، وعلى نحو مبتذل ومهين، على أشكال النساء اللبنانيات وأنوثتهن، لتسخيف الثورة، بدل التركيز على أفعالهن الاحتجاجية والنضالية، وكأن الجمال يناقض الشموخ والعزة والكرامة وينافي الثورة. وكأن اللباس هو ما يحدد شجاعة البشر ومواقفهم. ولم تفلح كل محاولات التنمر والتسليع والاستلاب الثقافي والتهميش والتمييع.. مما مورس ضد المرأة اللبنانية، في صرف أنظارها عن الهدف الأول متمثلا في لبنان الذي كان بوصلتها على الدوام وفي كل مناسبة.
ويقول “أحمد شهاب الدين” في رصيف 22 المصرية: يعجبني ويملؤني بالحماسة للكتابة، إصرار الناس في بيروت على تسمية حراكهم ثورة، هم يريدون التغيير الشامل، لا قيادة لهم، تماماً مثل نظرائهم في دول الثورات العربية.
ويضيف الكاتب أن “أكثر ما يلفت نظر الثوار السابقين في دول الربيع العربي هذه الجرأة، وبشكل أكثر دقة، هذا الحضور النسوي الجريء والحميمي، والذي تجسّدت ذروته في مسيرة نسائية ضخمة، تحت ضوء الشمس وكاميرات المحمول والفضائيات، صورة ليست مستفزة فقط للإعلام المموّل خليجياً، والذي حرص على إثارة خيال العرب الجنسي في نموذج اللبنانية، الموديل الباحثة عن الإغواء، ولكن لأصحاب الثورات السابقة، الذين حرصوا على إبراز نزعة المحافظة المتطرفة لعدم استفزاز مشاعر الناس”.
مشاركة قوية
تقول صحيفة المجد الأردنية: إن المشاركة القوية للمرأة اللبنانية في المظاهرات حظيت بمقدار كبير من الاهتمام على وسائل التواصل الاجتماعي، بالرغم من مشاركة النساء والفتيات بتظاهرات سابقة خلال ثورات الربيع العربي في عدد من دول المنطقة، كالمشاركة النسائية القوية بالحراك السياسي الذي شهدته السودان مؤخرا وأدى إلى عزل الرئيس السوداني السابق “عمر حسن البشير”.
وترى الصحيفة: أن بعض تعليقات عدد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من العرب على الحضور النسائي القوي في الشارع اللبناني تميزت بالسلبية إلى حد التحرش اللفظي ببعض الحالات وإن جاء بشكل ساخر، وهو ما رفضه قطاع آخر من المستخدمين.
ويقول “أحمد إبراهيم” في الشرق القطرية: إن كنداكة السودان وبائعة مناديل العراق وراكلة رجل السلطة في لبنان، كلها صور انتشرت لنساء قررن الخروج في الاحتجاجات التي تعيشها الدول العربية للمطالبة بنفس مطالب المحتجين الرجال، بما أنهم يتقاسمون نفس الوطن ويعانون من نفس الفساد.
ويضيف الكاتب: أن مشاركة المرأة السودانية واللبنانية والعراقية في صنع القرار في المنطقة العربية التي تشهد حراكا سياسيا بل دمويا حادا، تثير اهتمام الناشطين في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان بشكل كبير، حيث أن إرساء الاستقرار فيها بحاجة لدور المرأة التي شاركت في بعض التحركات الشعبية العربية. وهنا لابد من الإشارة إلى أن المرأة العربية بطبيعتها داعية أساسية للأمن والأمان مع العلم بأن تلك المرأة نفسها هي التي دفعت غاليا ثمن الصراعات السياسية على حساب كرامتها وتفتت عائلتها وفقدانها لإمكانية التأثير الفعال في مجريات الأحداث التي تساهم في تهميشها، لا بل بتراجع كبير لدورها في ظل التطرف والتحجر الفكري.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.