على الرغم من التفشي العالمي لفيروس كورنا المستجد، وتصنيفه على أنه وباء عالمي بحسب منظمة الصحة العالمية، وارتفاع مستويات الإصابة في الكثير من الدول المتقدمة، وتحديداً الأوروبية، والتي دفعت بها الظروف القاسية لاتخاذ إجراءات غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، إلا أن هناك أربع دول عربية لم تعلن حتى الآن عن تسجيل أي إصابة بالفيروس، على الرغم من تفشيه في الدول المجاورة لها، وهي سوريا واليمن وليبيا وجرز القمر.
المفارقة هنا تكمن في أن الدول الثلاث الاولى، سوريا واليمن وليبيا، تخوض حروبا طاحنة منذ سنوات طويلة، أدت إلى ظهور عشرات الأمراض التي كان سبق وانقرضت، أو شبه تلاشت، كالكوليرا والليشمانيا وغيرها، ما طرح عدة إشارات إستفهام حول مصداقية بيانات تلك الدول حول فيروس كورونا، الأسرع انتشارا بين الأمراض التنفسية، وعلى الأخص بالنسبة لليمن وسوريا اللتين تشهدان انتشارا كبيراً لعناصر قادمة من إيران، التي تعتبر مركز تفشي الوباء وانتقاله إلى دول الشرق الأوسط المجاور.
في سوريا، تصاعد الحديث من قبل نشطاء محليين وأطباء رفضوا الكشف عن هويتهم، خوفاً من الاعتقالات، حول تفشي المرض في مناطق عدة من البلاد، مؤكدين أن مستشفى المجتهد الحكومي في العاصمة السورية، دمشق، قد استقبل عشرات الإصابات، كما أنه تم تسجيل كافة الوفيات على أنها ناجمة عن أمراض قلب أو فشل كلوي أو التهاب رئوي، وأن تلك الإجراءات تمت تحت رقابة مشددة من قبل قوات الأمن السورية، التي سبق لها وأن اعتقلت طبيبًا في المستشفى المذكور، بسب تصريحه بوجود أول حالة في سوريا في شباط الماضي، ليتراجع عن تصريحه بعدها.
وعن الإجراءات التي اتخذتها سلطات النظام، بتعليق الدراسة بكافة أشكالها وإلغاء الصلوات الجماعية بما فيها صلاة الجمعة، وإغلاق المطاعم والمقاهي، فقد أرجعتها الحكومة في دمشق إلى كونها إجراءات استباقية لمنع ظهور المرض، ليبقى الغريب في تلك الإجراءات أنها جاءت بالتزامن مع تواصل الرحلات الجوية في مطار دمشق الدولي، من وإلى الصين وإيران والعراق، التي تعتبر بؤر انتشار للمرض.
أما في اليمن، فإن الوضع بات أكثر قتامة منه في سوريا، لا سيما مع تضييق الميليشيات الحوثية على عمل الفرق الطبية في المناطق التي تسيطر عليها، وتحديداً في العاصمة، صنعاء، ما دفع الكثير من المنظمات الصحية الدولية إلى دق ناقوص الخطر، والتحذير من كارثة صحية في حال انتشار المرض في اليمن، الذي يعاني أصلا من انهيار كامل في القطاع الصحي، منذ انقلاب الحوثيين بدعم من إيران على السلطة الشرعية.
وكانت الكثير من دول العالم لا سيما إيطاليا وإسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة وألمانيا وكندا واليابان والإمارات العربية المتحدة والسعودية ومصر والأردن، قد أعلنت عن سلسلة إجراءات غير مسبوقة على أراضيها بعد تسجيل العديد من حالات الإصابة والوفاة بسبب المرض التنفسي، الذي لا يزال الأطباء يحاولون إيجاد عقار أو علاج له، في حين أعنلت مدينة ووهان الصينية، التي كانت أول منطقة ظهر فيها المرض على مستوى العالم، أنها انتصرت على كورونا وأنهت وجوده في المدينة، بعد أسابيع طويلة من العزل والحجر الصحي المشدد.