كشفَ نجلْ وزير الدفاع الأسبق “فراس طلاس”، أن أسماء الأسد تتحرك مُجدداً ضد شركات موالية هامة في مناطق سيطرة الأسد. وبحسب منشور فراس الذي نشره في موقع فيسبوك، فإن جدلا يدور في الدائرة الصغرى المحيطة بأسماء الاسد، إذ طلبت دراسة مصادرة أملاك “شام القابضة” و “سوريا القابضة”، وذلك بعد أيام قليلة من إصدار النظام السوري قراراً بحل شركة أبراج سوريا، التابعة لشركة سوريا القابضة، والتي كانت مكلفة منذ عام 2008 ببناء مشروع أبراج سوريا وسط العاصمة دمشق.
إلى جانب ذلك، بينت مصادر أن حكومة النظام أصدرت أمراً بتصفية أملاك الشركة وبيع ما تملكه من عقارات وأسهم، دون وجود أي تعليق رسمي من قبل حكومة النظام أو إدارة الشركة.
وبحسب بيانات شركة أبراج سوريا، فإنها تضم نحو 70 رجل أعمال سوري، ويترأسها رجل الأعمال السوري، “هيثم جود”، كما تتبع بشكل إداري واسثماري إلى شركة سوريا القابضة، والتي كانت تتولى تنفيذ عشرات المشاريع العقارية في سوريا.
في السياق ذاته، أوضحت المصادر أنه كان من المقرر أن تنهي الشركة تنفيذ المشروع عام 2014، إلا أن العمل في بناء الأبراج توقف تماماً مع اندلاع الثورة السورية، مشيرةً إلى أن المشروع كان يقام على أراضي تابعة للقطاع العام، فوق ما كان يعرف سابقا بـ “كراجات لبنان – الأردن”، التي تم نقلها إلى خارج العاصمة.
وبالعودة إلى ما ذكره “طلاس” فإنه بعد طلبَ أسماء من الدائرة الصغرى المحيطة بمصادرة الشركتين، اقترح أحدهم “أحد النافذين في الدائرة المقربة من الاسد” أن تشمل المصادرة كل أملاك الشركاء في الشركتين بحجة انهم واجهة لرامي مخلوف، لافتا إلى أن بعض الشركاء تم إجباره من قبل بشار الاسد على المشاركة في شام القابضة أو سوريا القابضة، متسائلا: هل تريد أسماء إحلال أذرعها الاقتصادية مكانهم وبأموالهم “فترقبوا”!
صورة غير مسبوقة
حافظ الاسد الذي حكم سوريا رسميا منذ العام 1970 حرص على إبعاد زوجته أنيسة مخلوف عن الحياة العامة، فيما حضرت أسماء الأسد زوجة بشار في الوسط العام عبر تأسيسها ما عرف بالأمانة السورية للتنمية، إلا أن تأثيرها في الدائرة الضيقة لم يكن بالقوة التي امتلكتها والدته أنيسة وشقيقها محمد مخلوف، والد رامي مخلوف، إلا أن السنوات القليلة الماضية، وبشكل أكثر تحديد، الشهور الأخيرة شهدت تصدر أسماء الأسد للمشهد، بالتزامن مع الخلاف بين بشار وابن خاله رامي الذي كان يمثل لسنوات طويلة واجهة النظام الاقتصادية والقوة المالية الداعمة للميليشيات المسلحة.
وفي سابقة بتاريخ عائلة الأسد ارتفعت مؤخرا صورة ضخمة لأسماء الأسد، في الاجتماع السنوي الأول لجمعية «العرين» الذي أقيم بملعب حي باب عمرو في مدينة حمص، والذي شهد اعنف المعارك بين المعارضة والنظام في العام 2012. الاجتماع جاء إليه نحو 15 ألف شخص من مصابين وجرحى وذوي قتلى من قوات النظا، إلا أن أسماء الأسد اكتفت بصورتها التي أخذت واجهة أحد الأبنية المطلة على ساحة الملعب، بينما ارتفعت على مبنى مجاور صورة لبشار الأسد، الأمر الذي أثار غضب الموالين للنظام، ودفع إدارة الجمعية للاعتذار رسميا.
ترتيب الواجهة الاقتصادية
أسماء الأسد بحسب التقارير تحاول إعادة ترتيب واجهة النظام الاقتصادية خصوصاً بعد وفاة خال الأسد محمد مخلوف الذي كان ممسكاً بأموال وأعمال العائلة لعدة عقود، وهذا المنحى الجديد هو إحدى الرسائل من أسماء الأسد إلى الحاضنة الشعبية للنظام، لجمعهم حولها في مواجهة رسائل رامي مخلوف ابن خال الرئيس، بعد انتصارها عليه واستبعاده من الواجهة الاقتصادية للنظام السوري، وقد لوحظت كثافة هذه الرسائل بعد إعلان مخلوف، في 13 من الشهر الحالي، التبرع بسبعة مليارات ليرة سورية (حوالي ثلاثة ملايين دولار). وهي جزء من أرباح مؤسسة “راماك” من أسهمها في شركة “سيرتيل”.
يشار إلى أن أسماء الأسد قامت قبل أسبوعين بجولة إلى قرى الساحل المتضررة من الحرائق التي نشبت مطلع الشهر الحالي في منطقتي الساحل والغاب، وظهرت وحيدة في جولتها رغم تزامنها مع جولة الرئيس الأسد إلى المناطق ذاتها، فيما بدا، آنذاك، تقاسم أدوار داخل النظام، في الاقتراب من العائلات المتضررة والغاضبة من الإهمال والعجز الحكومي.
ورقة الفقراء..
رداً على تبرع مخلوف لضحايا الحرائق، أعلنت «الأمانة السورية للتنمية»، المنظمة غير الحكومية التي تشرف عليها أسماء الأسد، عن حملة تبرعات للمتضررين، وحسب بيان لها، السبت، فإن الحملة لاقت «تجاوباً كبيراً»، إذ بلغ حجم التبرعات خلال أسبوعين ستة مليارات ليرة سورية (ما يقارب مليونين ونصف المليون دولار أميركي).
في المقابل، لم يتأخر رد رامي مخلوف، الذي تم الحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة لعدم تسديده مستحقات للدولة على شركة «سيرتيل»، وعبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»، بمطالبة المعنيين في النظام والحكومة، بتسهيل صرف المبلغ الذي تبرع به لمتضرري الحرائق التي حصلت مؤخراً في منطقتي الساحل والغاب، من أرباح شركة «سيرتيل»، لأن الحجز على أمواله وليس على الشركة.
وقال مخلوف في منشور له على فيسبوك، المنصة التي يستخدمها لتوصيل رسائله، إن قانون الشركة ينص على أنه بإمكان 10 بالمئة من المساهمين، الطلب لعقد هيئة عامة وتوزيع الأرباح، إذ يتوجب على شركة «سيريتل»، و«بقوة القانون»، دفع مبلغ ٧ مليارات تُصرف على «المتضررين من الحرائق».
رامي مخلوف الذي اعتمد أسلوبا “عاطفيا” في مخاطبة جمهوره من المؤيدين، دعا إلى عدم التأخر في الصرف، لأن «الظروف الاقتصادية صعبة»، وهناك ما يقارب ٦٠٠٠ عائلة تنتظر توزيع أرباح الشركة بفارغ الصبر لتأمين لقمة العيش على حد قوله. وأن مبلغ المنحة ليس من المبالغ المحجوز عليها، كون الحجز على رامي مخلوف شخصياً، وليس على شركة «سيريتل»، ولا على شركائها، فليس هناك أي مشكلة بالدفع طالما أن المبلغ ليس لشخصه. وقد انتهز هذه المناسبة، ليؤكد، أن «شركة (سيريتل) ليست للدولة، وإنما تتقاضى الدولة من عائداتها، ٢٠ بالمئة، أي ما يعادل 50 بالمئة تقريباً من أرباحها، وهي شركة مساهمة عامة طرحت جزءاً من أسهمها للاكتتاب العام، وبموجبه، يملكها أكثر من ٦٠٠٠ مساهم”
وفيما بدا محاولة مباشرة لاستقطاب الحاضنة الشعبية تمنى مخلوف على المعنيين، أن “لا يحرموا أهلنا من هذه المساعدة فهم بأمس الحاجة لها، وألا يحاولوا خلق الأعذار، فكل الإجراءات قانونية ودستورية فنحن خلقنا لنساعد بقوة من أعطانا الساعد”.
سيرسي لانيستر السورية
الشهور الأخيرة سجلت حضورا غير مسبوق لأسماء الأسد في المشهد السوري، الأمر الذي دفع الكاتب البريطاني “جيرمي هودج” منتصف العام الجاري إلى كتابة تقرير في موقع “ديلي بيست” تحت عنوان “سيرسي لانيستر السورية عادت وتريد انتقاما حقيقيا فهي الديكتاتور الحقيقي”، وذلك في تشبيه لشخصية أسماء، بسيرسي، بمسلسل لعبة العروش، والتي شريرة.
الموقع أشار إلى تصوير أسماء وزوجها بشار كشابين (46 و36 عاما) حيويين وقوة ممكنة للإصلاح بين ديكتاتوريات وملكيات العالم العربي، فقد كانت جذابة ومتعلمة في داخل عائلتها في لندن. وكان من السهل تخيل قدرتها على الحد من نزعات زوجها الديكتاتورية ثم حرف بلادها نحو الإنفتاح، ولديهما أولاد جذابون وتعمل في خدمة قضايا إنسانية مع منظمات غير حكومية، إلا أن ذلك كان قبل أن يتعامل بشار الأسد مع المتظاهرين بوحشية قادت إلى حرب أهلية قتل فيها أكثر من نصف مليون شخص، وهجرت نصف السكان، وأدت إلى أكبر أزمة لجوء في تاريخ أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وساعدت على ولادة تنظيم الدولة.
جيرمي أشار وفي وقت مبكر إلى أن استهداف أرصدة رامي مخلوف جاء في وقت بدأ فيه تأثير المقربين من أسماء بالنمو، فبعد وفاة أنيسة مخلوف بفترة قصيرة أخذ أقارب أسماء بالسيطرة على جزء من قطاع الخدمات الأساسية، وجاء بعد إصدار البطاقات الذكية لشراء المواد الأساسية مثل الأرز والغاز والشاي والسكر وزيت الطعام. ومنح العقد لشركة “تكامل” التي يملكها أحد أشقاء أسماء وابن خالتها محمد الدباغ، مشيرا إلى أن تحقيقات كشفت أن الموارد المالية من البطاقات الذكية تم وضعها في حسابات تعود إلى مجلس “تكامل” الذي يديره أقارب أسماء. وفي الوقت الذي تم فيه تجميد حسابات رامي مخلوف قامت وزارة المالية بالإفراج عن حسابات عم أسماء، طريف الأخرس التي جمدت لأكثر من عام.
ولفت إلى أن طريف الذي كان يملك شركة شاحنات صغيرة قبل الحرب في حمص، استخدم صلات ابنة أخيه بالسلطة ووسعها، وبدأ بالمشاركة في شحن الطعام والبضائع عبر سوريا إلى العراق ضمن ما عرف ببرنامج النفط من أجل الطعام قبل الغزو الأمريكي عام 2003. وتوسعت تجارة الأخرس في ما بعد لتشمل الشحن البحري والبناء والعقارات واللحوم وقطاع التعليب. وهو وأقاربه سيجنون الآن الثمار.
وأفاد الموقع أن دخول أسماء القطاع الإقتصادي، جاء بعد معركتها الطويلة مع سرطان النهد، ومنذ ذلك الوقت واصلت إن لم تزد من ظهورها في العام، ووثقت عمل جمعياتها في كل أنحاء سوريا، مصممة على تحضير أبنائها مستخدمة قوتها الجديدة لأخذ مكانهم داخل عائلة الأسد التي تحكم سوريا منذ 50 عاما، وعادة ما يرافق حافظ وكريم وزين والدتهم في جولاتها على المستشفيات لزيارة الجرحى وافتتاح المدارس الجديدة للموهوبين، فيما بدا الحديث في وسائل إعلام النظام حول قدرات الابن حافظ “18 عاما” لخلافة والده، وبدأ يجري جولات لزيارة مواقع البناء ومناطق أخرى أسوة بوالدته.
وختم الموقع، بأن الروس الذين أنقذوا بشار، باتوا قلقين من فساد نظامه والتأثير الإيراني، وربما ظنت أسماء أنهم منفتحون على وجوه جديدة وإن بنفس الإسم، والكلام لجيرمي.