الطفلة “رشا عيسى” ابنة الـ 50 يوماً، لم تكن مجرد طفلة سَعِدَ ذويها بقدومها إلى الحياة، بقدر ما كانت أيام عمرها القصيرة جداً، شاهدة على حالة جشع المستشفيات اللبنانية وغلاء العلاج، لتغادر الحياة سريعاً، وكأنها أردات القول: “لا أرغب العيش في عالمٍ فقد أدنى درجات الإحساس بالإنسانية أمام جسدي الصغير”.
تعود قصة الطفلة “رشا”، بحسب ما نقل موقع مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، عن والد الطفلة، إلى أنها ولدت وهي تعاني من عيب خلقي في القلب، حيث ولدت بنصف قلب، ما جعلها بحاجة لإجراء عملية جراحية باهظة وسريعة لإنقاذ حياتها، إلا أن ضعف الإمكانيات المادية للعائلة، دفع المشافي اللبنانية لرفض استقبالها.
وأشار الموقع في تقرير له، حصل مرصد “مينا” على نسخة منه، إلى أن تكلفة العملية بلغت حوالي 12 ألف دولار، تكفلت وكالة غوث اللاجئين الفلسطنيين بدفع 90 في المئة منها، ليبقى 10 في المئة فقط من التكلفة، والتي لم تكن العائلة قادرة على تأمينها، الأمر الذي حال بين الطفلة والعملية التي كانت بالنسبة لها بمثابة “حياة أو موت”.
وبحسب التقرير، فإن عائلة الطفلة ذهبت بها إلى إحدى المشافي في مدينة صيدا لإجراء تحاليل وصورة لطفلتها، فطلبت منهم تلك المشفى 300 ألف ليرة لبنانية، ما يقارب 150 دولار وبعد التفاوض مع المشفى تم خفض المبلغ إلى 250 ألف لبناني، مشيراً إلى أن نتيجة الفحوصات والتحاليل اللازمة أظهرت ضرورة نقلها إلى مشفى آخر في بيروت، والتي طلبت بدورها من العائلة مبلغ200 دولار، لم تستطع العائلة تأمينه في فترة وجيزة، وعندما تم تأمين المبلغ كانت رشا قد لفظت أنفاسها الأخيرة وفارقت الحياة.
أما المشكلة الأكبر والمأساة الحقيقية بالنسبة لعائلة “رشا”، كانت برفض المشفى تسليم جثمان الطفلة لدفنها، قبل دفع كامل المبلغ المتبقي، حيث أضافت العائلة: “لم يراعوا الإنسانية ولم يتحلو بأي ضمير”.
حادثة الطفلة “رشا” وما رافقها من مأساة، فجرت الغضب في أوساط الناشطين الإغاثيين، حيث تساءل الناشط الإغاثي “محمود شهابي” عن دور الأونروا والسفارة الفلسطينية بلبنان، والجمعيات الإغاثية من ما حصل، محملاً كافة الجهات المعنية بشأن اللاجئ الفلسطيني المسؤولية عن موت الطفلة، مشيراً إلى أن كل تكاليف ومصاريف العلاج كان يمكن تأمينها، بما ينقذ حياة تلك الطفلة.
كما طالب الشهابي، وفقاً لما نقله التقرير، وكالة الغوث بالتخلص من الروتين الإداري المتعلق بالإحالات الطبية، وتسهيل إجراءات التحويل والحالات الطارئة، ومراعاة الحالات الصعبة، وتغطية كافة العمليات الجراحية، مشدداً على أنه لا يعقل أن يتم حرمان اللاجئ الفلسطيني من حقه في العلاج والصحة والمجال الطبي وهي أبسط حق إنساني.
وأشار موقع مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، إلى أن “رشا” لم تكن الطفلة الفلسطينية السورية الوحيدة، التي تربص الموت بها، وماتت بسبب الإهمال وغلاء الاستشفاء، وغياب وتملص المؤسسات والأجهزة الرعائية والإنسانية الضامنة المحلية والدولية، بشكل عام للاجئين الفلسطينيين، من القيام بهذه المهمة بالشكل الإنساني والاستشفائي المطلوب.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.