أعلنت مواقع إعلامية جهادية تابعة لتنظيم داعش الإرهابي؛ عن اختيار قائداً جديداً للتنظيم، خلفاً لـ “البغدادي”، الذي قتل قبل أيام، في عملية عسكرية أمريكية شمال سوريا بالقرب من الحدود مع تركيا.
وأوضحت المواقع أن التنظيم اختار “أبا إبراهيم الهاشمي القرشي” قائداً له و”أبا حمزة القرشي ” متحدثاً باسمه، معترفاً بذلك بمقتل “البغدادي” والناطق السابق “أبي الحسن المهاجر” بشكل رسمي.
في غضون ذلك، كشفت سجلات حصل عليها الجيش الأمريكي أن التنظيم كان قد جند ما يزيد عن 100 ألف طفل خلال سنوات حكمه لمناطق واسعة من سوريا والعراق، مشيرةً إلى أن الأطفال موزعين بالتساوي على الجنسين “صبية وفتيات”.
ووفقاً للسجلات التي رفعت عنها المخابرات الأمريكية صفة السرية، فإن كل اثنين من الأطفال الداعشيين ارتبطوا بشخص بالغ تولى مهمة تدريبهم وإعدادهم، مشيرة إلى أن الغالبية العظمى من هؤلاء الأطفال يحملون الجنسية العراقية بواقع يزيد عن 70 ألف طفل من إجمالي عدد الأطفال الوارد في السجلات.
في تطورٍ سابق، أفرجت وزارة الدفاع الأمريكية أيضاً صباح اليوم الخميس، عن صور جوية تم التقاطها أثناء عملية مداهمة مخبأ زعيم تنظيم داعش الإرهابي “أبو بكر البغدادي”، بالقرب من الحدود السورية- التركية.
وبينت الصور المنشورة؛ جانباً من العملية العسكرية التي أودت بحياة البغدادي وعدداً من أفراد أسرته ومساعديه، من بينها لحظة تفجير المنزل الذي كان يختبأ به، ومسحه من الوجود.
وعن تفاصيل العملية، قائد القيادة المركزية التي تشرف على القوات الأميركية بالشرق الأوسط؛ الجنرال “كينيث مكنزي” أن “البغدادي” اصطحب معه إلى النفق طفلين صغيرين دون سن الثانية عشرة؛ وليس ثلاثة كما تداولت وسائل الإعلام نقلاً عن الحكومة الأمريكية، مشيراً إلى احتمالية أن يكون الطفلين قد لقيا حتفهما عند تفجير “البغدادي” نفسه في النفق.
وأفاد الجنرال “كينيث مكنزي” بأن القوات الأمريكية دمرت موقع تواجد البغدادي بالكامل كي لا يتحول إلى ذكرى مستمرة أو مزار بالنسبة لمناصريه وأتباعه، مشيراً إلى أن الموقع المستهدف بدا كأنه ساحة لانتظار السيارات بها حفر كبيرة.
أما عن القطعة العسكرية، التي تولت مهمة استهداف زعيم تنظيم داعش الإرهابي “أبو بكر البغدادي”، فقد أشارت واشنطن إلى أنها فرقة تابعة للقوة الخاصة “دلتا فورس”، المختصة في مكافحة الإرهاب ومطاردة قادته.
وتعتبر فرقة “دلتا فورس” المعروفة رسميا باسم فرقة العمليات الأولى؛ واحدة من أقوى وحدات المهمات الخاصة في الجيش الأميركي، كما أنها تشترك في مهام سرية مع وكالة الاستخبارات المركزية وتنشط في مجال حماية الشخصيات الهامة، لا سيما خلال زيارتها للبلدان التي تشهد اضطرابات.
وكان خبر مقتل البغدادي قد فجر الكثير من إشارات الاستفهام، لا سيما مع تضارب الروايات والتفاصيل التي تم تداولها خلال الساعات الأولى من إذاعة الخبر.
أولى إشارات الاستفهام، بحسب محللين سوريين، تطرحها طبيعة الموقع الذي قيل إن عملية استهداف “البغدادي” تمت فيه؛ وهو مدينة إدلب السورية، التي تسيطر عليها جهات جهادية على خلافٍ عقائديٍ مع تنظيم داعش، والذي وصل إلى حد التكفير بين الطرفين واندلاع اشتباكات بينها على الأرض السورية خلال السنوات الماضية، مما يجعل من توجه “البغدادي” إلى تلك المنطقة ضرباً من الخيال، أو أمراً أشبه بلجوء رأس النظام السوري “بشار الأسد” للاحتماء لدى فصائل المعارضة في المدينة ذاتها.
ولفت المحللون إلى أن طبيعة المدينة ليس فقط ما يثير الشكوك في العملية، وإنما توسطها لمنطقة تعتبر واحدةً من أكثر مناطق العالم انتشاراً لأجهزة المخابرات الدولية، من أمريكية وروسية وإيرانية وتركية وأوروبية، ومخابرات تابعة للنظام وأخرى لحلف الناتو، إلى جانب وجود نشاط استخباراتي عربي، مضيفين: “في آخر أخبار البغدادي كان الحديث يدور عن وجوده في مناطق قريبة من الحدود العراقية بمدينة دير الزور، واليوم يتم الحديث عن قتله في إدلب بعد فترة وجيزة، ولمن يعرف الطبيعة السورية فإن المسافة التي يجب على البغدادي قطعها بين المنطقتين تعني أنه مجبر على المرور بمئات الكيلو مترات عبر مناطق تسيطر عليها عشرات الأجهزة الاستخباراتية التي تبحث عنه وترصد الملايين لقتله”.
وأشار المحللون إلى أن تلك المعطيات وعلى الرغم من أنها ليس الوحيدة، تجعل من التصريحات الأمريكية حول عملية تصفية البغدادي أمراً صعب التصديق، خاصةً مع التناقضات في التصريحات الدولية حولها، بين الجهات التي شاركت فيها والمدة التي استغرقتها.
حدة الجدل حول حقيقة مقتل البغدادي، جاءت أيضاً من موقع الحدث، حيث أشارت مصادر سورية محلية من موقع العملية في تصريحات لمرصد “مينا” إلى أن كل الأشخاص الذين أرسلهم الجيش الأمريكي إلى المنزل المستهدف للكشف عن هوية الموجودين فيه، لم يشاهدوا البغدادي أو زوجاته.
وأضافت المصادر: “من كان في المنزل هو قيادي من حراس الدين، وابن عمه، وكلاهما من محافظة حلب السورية، ولم يشاهد أي شخص أبو بكر البغدادي”، لافتةً إلى أن مجموعات من الجيش الأمريكي هاجمت براً المنزل الذي قيل إن الغدادي كان فيه؛ برفقة دليل من المنطقة، قبل أن تنسحب لاحقاً.
وأشارت المصادر إلى أن طائرات أمريكية أغارت على المنزل ودمرته بشكلٍ كامل بعد انسحاب القوة الأمريكية بفترة وجيزة، موضحين أن القوة الأمريكية أخرجت السكان الذين كانوا متواجدين في المنزل وأعدمتهم ميدانياً، رمياً بالرصاص.
ما يزيد الغموض حول مصير “البغدادي” وعائلته أيضاً، تأكيد مصادر استخباراتية دولية، احتمالية أنه لا يزال على قيد الحياة حتى الساعة، وأنه لم يقتل بالعملية السرية التي نفذها الجيش الأمريكي خلال الساعات الماضية، مشيرة إلى أن الباب لا يزال مفتوحاً أمام إمكانية وجوده حتى اليوم داخل الأراضي العراقية، ولم يغادرها، وأنه يتحصن في إحدى المواقع الجبلية.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.