هيئة التحرير
أظهرت مصر مخاوفها، من انفراد الاتحاد الأفريقي بمناقشة ملف أزمة سد النهضة، بعيداً عن هيئة الأمم المتحدة، في وقت يُعول مجلس الأمن الدولي على الاتحاد لحل الأزمة المترتبة عن المشروع الكهرومائي الضخم الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق، وأثار توترات حادة بينها وبين مصر والسودان.
وفي تصريحات تلفزيونية، كشف السفير والمندوب الدائم للجامعة العربية لدى الأمم المتحدة، ماجد عبد الفتاح، أن مصر ستُطالب بإشراك خبراء مياه من الأمم المتحدة إذا فشلت المفاوضات في الجانب الإفريقي، وقال: «سنرفض أن يقتصر الأمر على الاتحاد الإفريقي فهو لهُ مسؤولية على المُستوى الإقليمي والأمم المتحدة على المستوى الدُولي».
وبحسب ما أدلى به السفير ماجد عبد الفتاح، فإن مصر ستتخذ خطوات مُختلفة وتذهب لمجلس الأمن بصيغة جديدة في حالة ما إذا لجأت إثيوبيا لملء السد قبل التوصل لاتفاق، وشدد على عدم رغبة مصر في اتخاذ إجراءات عقابية جديدة ضد إثيوبيا.
الإنذار المبكر
ومن المرتقب أن تجتمع اللجنة الخُماسية التي شُكلت من الجامعة العربية مع الأمين العام للأمم المتحدة، لتنسيق المواقف وضمان عدم انفراد الاتحاد الأفريقي بملف سد النهضة. وقال المندوب الدائم للجامعة العربية لدى الأمم المتحدة، إن اللجنة ستطلب من الأمين العام للأمم المتحدة التدخل على المستوى الفني والسياسي، معقبا: «الأمم المتحدة دائما ما تنادي بتفادي النزاعات وإعطاء الإنذار حال ذلك، ومصر أعطت الإنذار المبكر منذ فترة وأمس أعطت إنذاراً آخر».
وشرح السفير المصري، مواقف الدول المعنية بالأزمة، مؤكداً أن الجامعة العربية تُساندُ بشدة مصر إضافة إلى تُونس التي تبذلُ جُهُودًا كبير للتوصل إلى اتفاق، مُوضحا أن موقفي مصر والسودان مُتطابقان غير أن السودان لا يُريد أن يقْدِم على المشاركة في تشكيل القرار في هذه المرحلة، لذا إنْ تعقدت الأمور في الاتحاد الأفريقي فسنتوجه للضغط من خلال مجلس الأمن.
إثيوبيا تعترض
بالمُقابل اعترضت إثيوبيا على رغبة مصر في إحالة ملف أزمة سد النهضة إلى مجلس الأمن الدُولي، ويرى مندوب إثيوبيا في الأمم المُتحدة، السفير، «تاي أسقي سلاسي»، أن الاتحاد الأفريقي يبذل جهودا كبيرة في تلك القضية. وقال: «لا نعتقد أن قضية سد النهضة لها مكان شرعي في مجلس الأمن اليوم. رفع قضية سد النهضة إلى مجلس الأمن تم على نحو غير منصف».
وأكد السفير تاي أسقي سلاسي، أن بلاده لن تتسبب بإلحاق الضرر بمصر أو السودان، وقال «لدينا واجب وطني بحماية شعبنا وتحقيق الرفاهية له»، مشدداً على أن أيّ نزاع في المستقبل بشأن الحقوق المائية بين الدول الثلاث يجب أن يحال إلى رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا.
ودافع مندوب إثيوبيا على رغبة بلاده في استغلال مياه النيل، وقال إنها ترى أنها تقسم مياه النيل بشكل عادل خاصة بعدما عانى الشعب الإثيوبي من الفقر.
وانتقل الجدل المُحتدم على الساحتين المصرية والإثيوبية، إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اشتعلت التعليقات الساخرة تارة والغاضبة تارة أخرى.
الأحقية التاريخية لمصر
ونشرت الناطقة الرسمية باسم رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، على موقعها في «تويتر»، قصيدة مُكونة من 37 بيتا حملت عُنوان «إثيوبيا تتكلم»، كتبت فيها بيلين سيوم: «أمهات يطلبن الراحة… من سنوات من الفقر… أبناؤهن يريدون مستقبلا مشرقاً… والحق في السعي لتحقيق الرخاء».
وتحول رد وزير المياه سيليشي بيكيلي، على سؤال أحد الصحافيين، في مؤتمر صحافي في كانون الثاني/يناير الماضي في أديس أبابا، عندما أجاب «إنه سدي» إلى هاشتاغ تصدر مواقع التواصل الاجتماعي، وحظي الهاشتاغ بدعم واسع من الإثيوبيين وغيرهم.
ولم يبق المصريون مكتوفي الأيدي، وإنما ردوا سريعا في مواقع التواصل الاجتماعي، ودافعوا بشدة على الأحقية التاريخية لمصر في مياه النيل.
احتجاجات وقتلى
اندلعت أمس الثلاثاء، مظاهرات عدّة في المدن الإثيوبية احتجاجاً على مقتل مغن شهير من أكبر مجموعة عرقية في البلاد، قالت بعض وسائل الإعلام إنها بسبب الخلاف المستمر بين البلدين حول سد النهضة منذ 10 سنوات. وأعلنت الشرطة الإثيوبية عن مقتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص، وإصابة أكثر من 80 آخرين في هذه الاحتجاجات.
كما هزت ثلاث انفجارات المدينة لم تكشف السلطات عن طبيعتها، واكتفى مفوض الشرطة الاتحادية في إثيوبيا إنديشو تاسيو بالقول: «قُتل بعض المتورطين في زرع قنبلة، علاوة على مدنيين أبرياء».
وأشارت وكالة «رويترز» إلى أن هذه الاحتجاجات تسلط الضوء على الانقسامات المتنامية في قاعدة نفوذ رئيس الوزراء أبي أحمد وسط أبناء عرق الأورومو إذ يزداد تحدي النشطاء العرقيين للحكومة بعد أن كانوا حلفاء لها.
يُشار إلى أن خدمات الهاتف عملت بشكل متقطع، وتعطل الإنترنت، وهي خطوة اتخذتها السلطات من قبل أثناء الاضطرابات السياسية، وقالت منظمة نتبلوكس التي ترصد انقطاع الإنترنت في العالم إن الإنترنت توقف في حوالي الساعة التاسعة صباحا بالتوقيت المحلي، وأن ذلك الانقطاع هو الأشد خلال العام المنصرم، في خطوة كي لا يعلم أحد ما يجري في البلاد.