تتأزم العملية التركية المرتقبة شرقي سورية أكثر فأكثر، مع تدافع العرب والغرب والولايات المتحدة الأمريكية لرفض ذلك الاجتياح، لما له من توابع خطير على حاضر سورية الجغرافي ومستقبلها.
الجامعة العربية، من جانبها، أعلنت اليوم- الأربعاء، عن رفضها التام للتوغل التركي شمال شرق سورية، على خلفية إعلان أنقرة إكمال استعداداتها لشن عملية عسكرية تستهدف قوات سورية الديمقراطية “قسد” شمال شرق البلاد، محذرة من أن هذه الخطوة تهدد بمزيد من الصراعات وقد تمهد لعودة داعش.
وذكرت الجامعة العربية عبر موقعها الرسمي، أن الامين العام للجامعة “أحمد أبو الغيط” أعرب عن قلقه وانزعاجه حيال الخطط المعلنة، والاستعدادات الجارية من جانب تركيا للقيام بعملية عسكرية في العمق السوري.
انتهاك صريح
وقال مصدر مسؤول بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية: “هذه العملية المزمعة من جانب أنقرة تمثل انتهاكاً صريحاً للسيادة السورية، وتهدد وحدة التراب السوري، وتفتح الباب أمام المزيد من التدهور في الموقف الأمني والإنساني.”
واعتبر المصدر أن التوغل التركي في الأراضي السورية، يهدد بإشعال المزيد من الصراعات في شرق سوريا وشمالها، وقد يسمح باستعادة داعش لبعض قوتها، لافتاً إلى أن التدخلات الأجنبية في سورية مدانة ومرفوضة أياً كان الطرف الذي يمارسها، وأن المطلوب الآن هو إعطاء دفعة للعملية السياسية بعد تشكيل اللجنة الدستورية، وليس الانخراط في مزيد من التصعيد العسكري.
المصدر أشار إلى أن المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية، أكد في وقت سابق وخلال اجتماعه الأخير شهر سبتمبر الماضي، على إدانة التدخلات الخارجية في عموم سورية، مطالباً الجانب التركي بسحب قواته من كافة الأراضي السورية.
رفض الفرض!
كما أكد المجلس على رفض أية ترتيبات قد ترسخ لواقع جديد على الأراضي السورية، بما لا ينسجم مع الاتفاقات والقوانين الدولية، لا سيما فيما يتعلق بالعلاقات مع دول الجوار.
وأعلنت تركيا، أن الجيش التركي سيعبر خلال الساعات القادمة إلى الأراضي السورية، بهدف شن عملية عسكرية ضد قوات سورية الديمقراطية “قسد”، وذلك بعد إعلان البيت الأبيض سحب القوات الأمريكية من المنطقة قبل أيام.
مواقف غربية
أعربت المملكة المتحدة البريطانية عن قلقها إزاء ما يحدث من تطورات على الجانب العسكري بين سوريا وتركيا، بعد التصعيد التي أعلنته الأخيرة، للقضاء على ما أسمته التنظيم الإرهابي، أي حزب العمال الكردستاني، في سبيل إنشاء المنطقة الآمنة شمل شرق سورية في المنطقة الحدودية بين البلدين.
من جهتها هددت الولايات المتحدة الأمريكية يوم الاثنين، الحكومة التركية أنها ستقوم بتدمير اقتصادها في حال تجرأت وتجاوزت قواتها العسكرية حدود سوريا.
التصريحات الأمريكية الأخيرة جاءت عبر تغريدة أطلقها الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” عبر حسابه الشخصي على موقع “تويتر” قال فيها: “كما أكدت بشدة سابقا، وللتجديد فقط، سأدمر وأهدم الاقتصاد التركي (مثلما فعلت ذلك سابقا) في حال فعل تركيا أي شيء سأعتبره، انطلاقا من حكمتي العظيمة والتي لا مثيل لها، متجاوزا للحدود”.
أنقرة: سنعبر
مدير الاتصالات بالرئاسة التركية “فخر الدين ألتون”، قال: الجيش التركي سيعبر خلال الساعات القادمة الحدود التركية- السورية، وذلك في إشارة إلى إمكانية بدء العملية العسكرية التي قالت أنقرة أنها ستنفذها شمال سوريا ضد مسلحين أكراد.
وفي تغريدةٍ له على موقع تويتر كتب “ألتون”: “الجيش التركي والجيش السوري الحر سيعبرون الحدود بعد قليل”.
في غضون ذلك، حذر مستشار الإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا “بدران جيا كُرد” من إمكانية حصول عمليات إبادة ونهب وقتل وتغيير الديمغرافي خلال العملية العسكرية التركية في منطقة شرقي نهر الفرات.
الأكراد.. تائهون
مسؤول كردي سوري، قال أمس الثلاثاء: الإدارة الذاتية لقوات سورية الديمقراطية، قد تعقد مباحثات مع النظام السوري وروسيا، عقب إعلان الولايات المتحدة الأمريكية الانسحاب من الحدود السورية التركية شمال شرق سورية، مما يفسح المجال لتركيا البدء بعملية عسكرية مرتقبة في المنطقة.
وقال المسؤول في قوات سورية الديمقراطية “بدران جيا كرد” لوكالة رويترز: “السلطات التي يقودها الأكراد في شمال سورية، ربما تبدأ محادثات مع النظام السوري وموسكو لملئ أي فراغ أمني، في حال انسحاب القوات الأمريكية بالكامل من منطقة الحدود مع تركيا.
مصر تعلق
أكد الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” رفض بلاده لما أسماها “سياسة فرض أمر واقع جديد”، وذلك في إشارة إلى التدخل العسكري الذي تنوي تركيا تنفيذه شمال سوريا ضد المقاتلين الأكراد.
وقال “السيسي” خلال مؤتمرٍ صحافيٍ جمعه مع مع نظيره القبرصي: “هناك حاجة ملحة للحوار بين جميع الأطراف السورية”، وهو ما جاء بعد أيامٍ قليلة من الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية السورية، التي تعتبر واحدة من أهم خطوات الحل السياسي لإنهاء الحرب السورية.
من جهته أشار الرئيس القبرصي “نيكوس أناستاسيادس” إلى وجوب تعزيز التعاون الإقليمي المشترك لتحقيق الاستقرار في المنطقة، وذلك في وقتٍ تشهد فيه المنطقة توتراً جديداً على خلفية قضية التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط بين قبرص وتركيا.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.