يواصل سوق النفط الغرق في دوامة النصير المجهول رغم محاولات الإنقاذ التي بذلتها مجموعة أوبك + والضغوط والوساطة الأمريكية في ظل محادثات سعودية روسية مستمرة لكن الأسعار النفطية إلى انخفاض (في ظل تذبذب ملحوظ) يستفيد منه المستهلكون للنفط عالميًا على حساب المنتجين عبر شراء كميات وتخزين المعروض للاستفادة منه في أوقات لاحقة.
مخزون فائض
قالت مصادر ملاحية إن حجم النفط المخزّن في البحر بلغ نحو 160 مليون برميل من النفط على متن السفن، بما يعادل مثلي المستوى قبل أسبوعين، وهو مستوى قياسي غير مسبوق.
وتزامنًا مع أكبر فائض معروض نفطي في التاريخ، سارع المتعاملون لإيجاد مساحات التخزين في البر والبحر مع سعيهم لمعالجة تخمة معروض نتجت عن تراجع الطلب العالمي من جراء فيروس كورونا.. وحرب الأسعار بين السعودية وروسيا.
وقالت مصادر ملاحية إن حجم النفط في المخزون العائم على متن الناقلات بلغ 160 مليون برميل على الأقل بما يشمل 60 ناقلة عملاقة التي تبلغ سعة الواحدة منها نحو مليوني برميل.
حيث كان عدد الناقلات المستأجرة مع خيارات للتخزين بين 25 و40 ناقلة عملاقة في مطلع أبريل/نيسان الجاري وأقل من عشر ناقلات في فبراير/شباط الماضي، بحسب المصادر التي أكدت أن ناقلات أصغر يجري استعمالها أيضًا، ما يعزز كذلك الأحجام المخزنة.
هذا وتوجد أكثر من 770 ناقلة نفط عملاقة في العالم ويقدر المحللون أن ما بين 100 إلى 200 ناقلة منها ستستخدم للتخزين العائم في الأشهر المقبلة.
سوابق تاريخية
المرة السابقة التي وصلت فيها مستويات المخزون العائم إلى قريب من اليوم، كانت في عام 2009، عندما خزن المتعاملون أكثر من 100 مليون برميل في البحر قبل أن يبدأوا في تصريفها.
جريجوري لويس، محلل قطاع الشحن البحري لدى مجموعة “بتيج” للخدمات المالية العالمية، اعتبر في مذكرة له هذا الأسبوع، “هذا غير مسبوق في تاريخ الناقلات”.
وأضاف “في حين أن مخزون الناقلات العملاقة يستحوذ على عناوين الأخبار، فإن ناقلات أصغر للخام والمنتجات يجري استخدامها للتخزين”.
عادة ما تكون تلك الناقلات في مواقع مثل خليج المكسيك وسنغافورة، حيث توجد مراكز رئيسية لتداول النفط.
فروقات سعرية
تشهد سوق النفط حاليًا ارتفاعًا في الأسعار الآجلة عن الفورية، الأمر الذي يشجع المتعاملين على تخزين البراميل للاستفادة من فرق السعر في المستقبل.
واتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” ومنتجون حلفاء من بينهم روسيا، والتي تعرف بمجموعة أوبك +، على خفض الإنتاج 9.7 مليون برميل يوميًا، لدعم الأسعار وكبح امتلاء الأسواق.
ومن المأمول أن تخفض دول أخرى من بينها الولايات المتحدة الإنتاج بمقدار 10 ملايين برميل يوميًا أخرى، ما يصل بخفض الإنتاج إلى 20 مليون برميل بشكل يومي.
بدوره، قال “جوناثان تشابل” من إيفركور آي.اس.آي لاستشارات بنوك الاستثمار: “التصريف اللاحق لفائض المخزون هذا سيكون أكثر إيلاما للطلب على الناقلات، لكن في الوقت الحالي فإن التخزين العائم يظل المنفذ الوحيد على خلفية الاختلال الحاصل بين الإنتاج والاستهلاك”.
بين موسكو والرياض
أكد الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، وألكسندر نوفاك، وزير الطاقة الروسي، في بيان مشترك، الخميس، أن بلديهما سوف يستمران في مراقبة أوضاع السوق البترولية عن كثب مع استعدادهما لاتخاذ أي خطوات ضرورية تحقق استقرار السوق.
وقال المسؤولان، في البيان الصادر بعد اتصال هاتفي في إطار مشاوراتهما المنتظمة حول أوضاع السوق البترولية، إن بلديهما على أتم الاستعداد لاتخاذ أي إجراءات إضافية بالمشاركة مع الدول الأعضاء في اتفاق أوبك+ والمنتجين الآخرين، إذا ما بدت ضرورة لذلك.
تحفيز أمريكي وتأثير صيني
يوم أمس الجمعة، انخفضت أسعار النفط، لتتخلى عن مكاسب مبكرة؛ حيث غطى أسوأ انكماش اقتصادي للصين على الإطلاق، على أنباء بشأن خطط للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتحريك الاقتصاد الأمريكي مجددًا والتي أنعشت سوق النفط قليلًا.
وانخفض خام برنت 10 سنتات أو ما يعادل 0.4 % إلى 27.72 دولار للبرميل بحلول الساعة 08:15 بتوقيت غرينتش، في حين هبط الخام الأمريكي للتسليم في مايو/أيار 1.54 دولار أو 7.8% إلى 18.33 دولار.
كما وانخفض عقد تسليم يونيو/حزيران الأكثر نشاطا 3 سنتات أو 0.1% إلى 25.50 دولار.
إلى ذلك، يتجه الخامان القياسيان صوب تكبد خسائر للأسبوع الثاني على التوالي، مع استمرار أسعار الخام الأمريكي قرب أدنى مستوى في 18 عاما.
وكانت إحصاءات رسمية نشرت، الجمعة، كشفت عن أن الاقتصاد الصيني شهد تراجعًا للمرة الأولى في تاريخه في الربع الأول من 2020، بلغت نسبته 6,8 % على مدى عام، إلى حد كبير بسبب فيروس كورونا المستجد الذي أدى إلى توقف نشاط البلاد.
ونُشرت البيانات بعد أن وضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عملية من 3 مراحل لإنهاء إجراءات العزل العام في الولايات المتحدة.
يشار هنا أن الاستهلاك العالمي للوقود منخفض بنحو 30 % بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد التي قتلت أكثر من 110 آلاف شخص حول العالم، وتبقي على إغلاق عام في دول بكاملها.
أما تقرير أوبك الشهري فأكد “أن هناك انكماشا في الطلب على النفط في الربع الثاني من 2020، سيبلغ نحو 12 مليون برميل يوميا، وإن الطلب في أبريل سينكمش بنحو 20 مليون برميل يوميا.
وقال التقرير إنه من المتوقع انخفاض إمدادات المنتجين المستقلين في 2020 بمقدار 1.50 مليون برميل يوميًا.