هيئة التحرير
لليوم الثالث على التوالي تستمر المظاهرات في مدينة السويداء، جنوب سوريا، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية وأزمة الغلاء وارتفاع مستويات الفقر، كما يؤكد ناشطون من المدينة، لمرصد مينا، لافتين إلى أن التصعيد ضد النظام ستواصل ولن يتوقف.
وكانت سوريا قد شهدت خلال الأسبوع الماضي، انهياراً كبيرا في سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، الذي قارب حد 3000 ليرة، ما أدى إلى ارتفاع جنوني في الأسعار.
رسالة واضحة تتضمن الحل
خروج المظاهرات في مدينة السويداء، ذات الغالبية الدرزية، يرى فيه مدير مركز أنا إنسان، “مالك أبو الخير”، نتيجة حتمية لسياسات النظام السوري وعجز مؤسساته عن التصدي للظروف الراهنة، بالتزامن مع انهيار الليرة وغلاء الأسعار وتفشي الفساد، لافتاً إلى أن المظاهرات الحالية حملة رسالة واضحة إلى رأس النظام السوري، “بشار الأسد” بأن الحل الوحيد للأزمة في سوريا، هي رحيله عن السلطة، وفقاً لما نقله راديو مونتكارلو.
وكانت نسبة الفقر في سوريا قد وصلت إلى83 في المئة، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة لعام 2019.
إلى جانب ذلك، يشير “أبو الخير” إلى أن الانتفاضة الجديدة في مدينة السويداء لا ترتبط فقط بالعامل الاقتصادي المعيشي، وإنما جاءت أيضاً على خلفية المضايقات التي مارسها النظام بحق الأهالي، والضغط عليهم، بسبب رفضهم إرسال أبناءهم إلى الخدمة العسكرية، مضيفاً: “السويداء خلال عشر سنوات اختارت الوقوف على الحياد، خاصةً مع تحول الثورة السورية إلى العمل المسلح، الذي رفضت الانخراط به مغ أي طرف من الأطراف، وهو ما أزعج النظام على اعتبار أنه يقدم نفسه كراعي وحامي للأقليات في سوريا”.
كما يذهب “أبو الخير” في حديثه عن المضايقات التي تعرضت لها المدينة، إلى اتهام نظام “بشار الأسد” بالتخطيط والتدبير لهجوم داعش على المدينة قبل سنوات واختطافه عشرتا الفتيات واعدامه عدد كبير من الأهالي، لافتاً إلى ان أهالي السويدء يدركون دور النظام في ذلك.
وكان تنظيم داعش قد شن هجوماً واسعاً على المناطق الشرقي والشمالية من ريف السويداء عام 2018، ما أسفر عن مقتل قرابة 220 مدني، واختطاف عشرات النساء.
جزء من ثورة جياع وكرامة
مع اشتداد المظاهرات وانتقالها إلى مناطق أخرى من البلاد، كجرمانا بريف دمشق ومناطق من مدينة درعا، أكد ناشطون سوريون أن تلك المظاهرات هي جزء من ثورة الجياع، التي سنكمل ثورة السوريين، التي انطلقت عام 2011، وطالبوا خلالها بكرامتهم، لافتين إلى ان الاوضاع في سوريا أسوء من أي وقتٍ مضى، وأن الجوع سيدفع المزيد من الشعب السوري في الداخل إلى كسر حاجز الخوف والدفاع عن لقمة عيشهم.
وكان النظام السوري قد استعاد خلال السنوات الماضية، السيطرة على معظم مناطق سوريا، بعد التدخل العسكري الروسي المباشر صيف العام 2015.
أما عن دور قانون قيصر في الازمة المعيشية، يرى الناشطون انها مجرد ذريعة من قبل النظام لاحراج المجتمع الدولي واتهامه بقتل السوريين جوعاً، لافتين إلى أن الأوضاع المعيشية سيئة من قبل إقرار قانون قيصر، وأن الأزمة الحالية، هي إحدى مفرزات صراع المال والسلطة بين رأس النظام “بشار الأسد” وذراعه الاقتصادية، ابن خاله “رامي مخلوف”.
وكان “مخلوف” قد لوح بتبعات اقتصادية كارثية على سوريا وانهيار كبير في سعر صرف الليرة، على خلفية الأزمة التي نشأت بينه وبين النظام السوري، بسبب ما قال إنه محاولة بعض المتنفذين المقربين من الأسد، في إشارة إلى زوجته”أسماء الأخرس”، السيطرة على شركات “مخلوف” وعلى رأسها شركة سيرياتل للاتصالات الخليوية.
وبحسب ما يؤكده الناشطون فإن دخل المواطن السوري حالياً لا يتجاوز 35 ألف ليرة شهرياً أي ما يعادل 35 دولار أمريكي، على السعر الجديد للعملة، في حين تحتاج الأسرة السورية إلى ما يصل إلى 250 ألف ليرة شهرياً، أي ما يعادل 250 دولار لتغطية حاجاتها الأساسية.
كما يختم الناشطون حديثهم لمرصد مينا، بأن ما تشهد سوريا اليوم لا يمكن وصفه بالفقر ولا الفقر المدقع، وإنما هو شفير مجاعة حقيقية، يدفع السوريين ثمنها بسبب أطماع السلطة وصراعات العائلة الحاكمة، التي يبدو انها لم تعد تهتم لمواليها قبل معارضيها، مرجحين أن تتحول الحياة في مخيمات إدلب إلى جنة مقابل ما يمكن أن بحدث في مناطق سيطرة النظام إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه.
ويحمل السوريين عائلة “الأسد” بالتسبب بانهيار الاقتصاد السوري منذ استلام “حافظ الأسد” للسلطة عام 1970، حيث كان الدولار يعدل 3 ليرات سورية، ليصل مع نهاية حكمه عام 2000، إلى 48 ليرة، قبل أن يصل به الحال اليوم إلى حدود 3 آلاف ليرة.