اكدت وكالة “اسوشيتد برس” ان هناك مخاوف من ان تكون مقاطعة بيبور الغربية الواقعة في جنوب السودان، قد بلغت مستوى المجاعة بعد الفيضانات الضخمة والعنف المميت دون وصول مساعدات اليها. ونقلت “أسوشيتد برس” عن إدموند ياكاني، المدير التنفيذي لـ “منظمة التمكين المجتمعي من أجل التقدّم”، قوله: “هذه المجاعة هي نتيجة التأثير الأوسع للعنف في حياة البشر”. وحمّل “ساسة ينزعون إلى استخدام العنف، بوصفه خياراً للسيطرة على السلطة”، مسؤولية ذلك.
وحسب الوكالة، فان تقرير “لجنة مراجعة المجاعة”، الذي أعدّه “التصنيف المرحلي للأمن الغذائي المتكامل”، والذي يُعرّف نفسه بأنه “مبادرة مبتكرة متعددة الشركاء لتحسين الأمن الغذائي وتحليل التغذية واتخاذ القرار”، لم يعلن وصول مستوى الأزمة إلى حد المجاعة، الأمر الذي يرفع مستوى جهود الإغاثة، نتيجة نقص البيانات، فيما رجحت المعلومات المتاحة، الوصول إلى مستوى المجاعة، وهذا يعني أن 20% على الأقلّ من الأسر، تواجه نقصاً غذائياً شديداً، وأن 30% على الأقلّ من الأطفال يعانون من سوء حاد في التغذية. وأشار التقرير إلى ظروف كارثية تشهدها أيضاً 5 مقاطعات في جنوب السودان، في ولايات جونقلي وواراب وشمال بحر الغزال، حيث يواجه من 5 إلى 10% من السكان خطر المجاعة.
ضعف المساعدات الغذائية
وأفاد التقرير نفسه أن عمال الإغاثة، قلقون من أن صعوبة وصول المساعدات الإنسانية، ستتفاقم في تلك المناطق، وأضاف أن نسبة نجاح تسليم مساعدات غذائية مخطط لها، إلى المناطق المتضررة في الأشهر المقبلة، هي أقلّ من 50%.من جهته، نبه ميشاك مالو، وهو ممثل لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو”، إلى “وضع كارثي”، مشددا على انه من الضروري زيادة المساعدات لهذه المنطقة من طرف المجتمع الإنساني والحكومة.
كما اكد موظف سابق في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ويدعى كريس نيوتن، انه نظراً إلى كل الأدلة المتاحة، يُرجّح أن تكون هناك مجاعة، ومن المتوقع ارتفاع معدل الوفيات في تلك المنطقة.
وتنتشر مشكلة الجوع في كافة أنحاء البلاد، إذ أظهر استطلاع حديث، أعدّه البنك الدولي عبر الهاتف، لأكثر من 1200 شخص في جنوب السودان، أن حوالى 73% أفادوا بأنهم لم يأكلوا ليوم كامل، نتيجة نقص المال، علماً أن الأزمة الاقتصادية تفاقمت، بعد انخفاض أسعار النفط، المصدر الأساسي لإيرادات البلاد، والتضخم وتداعيات فيروس كورونا المستجد. وفي مستشفى للأطفال في عاصمة جنوب السودان جوبا، ذكر أطباء أنهم شهدوا زيادة في وفيات الأطفال، نتيجة سوء التغذية. وقال جيمس ماوين تونغ، أبرز الأطباء في مركز التغذية بالمستشفى، إن 85 توفوا بين يناير وديسمبر، مقارنة بـ 62 خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، علماً أن المستشفى استقبلت عدداً أقلّ من المرضى.
خطر المجاعة
وفي هذا الخصوص، حذر وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، من أن خطر المجاعة يلوح في أفق جنوب السودان وخاصة في المناطق التي تشهد عنفا محليا وصراعات تفاقمها جائحة كوفيد-19 والفيضانات التي اجتاحت البلاد مبكرا هذا العام. وقال لوكوك: “هذا العام، يحتاج 7.5 مليون شخص الآن إلى مساعدات إنسانية – وهذا قريب من المستويات في عام 2017 عندما حذرنا من المجاعة”.
وبالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يعاني 1.3 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية – وهذا الرقم هو الأعلى في أربع سنوات. وتابع لوكوك يقول: “بكلمة أخرى، فإن 10% من سكان جنوب السودان سيكونون من الأطفال المصابين بسوء التغذية قبل أن يبلغوا عامهم الخامس”.
وبحسب الوكالات الإنسانية، فقد واجه نحو 6.5 مليون شخص – أي أكثر من نصف السكان – في جنوب السودان انعدام أمن غذائي حاد في ذروة موسم الجوع السنوي قبل بضعة أشهر. وجعلت جائحة كـوفيد-19 الوضع أسوأ، وتم دفع 1.6 مليون شخص ضعيف – معظمهم في المناطق الحضرية والمدن – إلى حافة الهاوية أيضا.
ودق وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، ناقوس الخطر هذا خلال إحاطة افتراضية أمام مجلس الأمن، شارك فيها أيضا ديفيد شيرر، رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى جنوب السودان (أونميس) الذي تحدث عن التطورات الأمنية والسياسية في دولة جنوب السودان، وقدم تقرير الأمين العام عملا بقرار مجلس الأمن 2514 الذي مدد بموجبه ولاية البعثة حتى 15 مارس 2021.
وتفيد المعطيات ان خطر المجاعة، يبرز مرة أخرى في المناطق التي تعاني من العنف المحلي. حيث تم الإبلاغ عن ظروف شبيهة بالمجاعة في جونقلي، ومنطقة بيبور الإدارية الكبرى، ودمر العنف في هذه المناطق سبل العيش وأجبر الناس على الفرار من منازلهم مما أدى إلى انخفاض إنتاج الغذاء.
يذكر أن الوكالات الإغاثية ساعدت أكثر من خمسة ملايين شخص في جميع أنحاء السودان هذا العام.
في المقابل، لم تؤيد حكومة جنوب السودان هذه الارقام، ودعت إلى توخي الحذر في الزعم بحدوث مجاعة، معتبرة أن أي مجاعة تحدث، على مرأى من الحكومة ومجتمع الإغاثة، هي “شهادة على فشل الطرفين”.