هيئة التحرير
“تنظيم زينبيات”، يبدو أنه الاسم، الذي بات يشكل هاجساً ومبعث رعبٍ للنساء اليمنيات في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي، لا سيما وأنه التنظيم المكلف باحتجاز النساء واعتقالهن، وتولي مهمة توجيه الاتهامات لهن، كما يؤكد وزير حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية، “محمد عسكر”.
وتشير إحصائيات الحكومة اليمنية، إلى وجود أكثر من 320 إمرأة في المعتقلات الحوثية منذ بداية انقلابها قبل ما يزيد على خمس أعوام وحتى الآن.
خطف وظواهر دخيلة على المجتمع
عمليات الاعتقال الحوثية، بحسب ما يؤكده الوزير اليمني، غالباً ما تتم من خلال عمليات الخطف على الحواجز، ونقل المعتقلات إلى سجون سرية، معتبراً أن التعرض للنساء بهذه الطريقة تتعارض مع قيم المجتمع اليمني، الذي يكن مكانة كبير للمرأة، وأن الميليشيات بتعاملها هذا خلقت ظواهر دخيلة على المجتمع اليمني، على حد قوله.
إلى جانب ذلك، يلفت الوزير “عسكر” إلى أن تاريخ اليمن الطويل لم يشهد حوادث اختطاف للنساء، لا سيما وأن اليمن يعيش في ظل مجتمع محافظ جداً، في إشارة إلى وجود ايديولوجيا وطريقة تفكير مستوردة من خارج البلاد، لدى الميليشيات الحوثية.
وكانت منظمة حقوقية يمنية، قد اتهمت ميليشيات الحوثي بإدارة سجون سرية، تتحفظ فيها على مجموعة من النساء اليمنيات المعتقلات لديها، واصفةً تلك السجون بأوكار للتعذيب الوحشية.
اتجار بالبشر ومعدلات مضاعفة
خلافاً لما يتم تناوله على العلن، فإن الاعتقالات بحق النساء لا ترتبط فقط بالمسائل السياسية أو التوجهات المعارضة، يقول مصادر يمني خاص “لمرصد مينا”، كاشفاً أن ارتفاع معدلات خطف النساء خلال السنوات الماضية، ارتبط أيضاً بتزايد عمليات الإتجار بالبشر، خاصة في العاصمة صنعاء، التي قال إن معدلات خطف اليمنيات تزايد فيها منذ مطلع العام الحالي، بنسبة ستة أضعاف عن ما كان عليه سابقاً.
وتكشف بعض المنظمات الحقوقية عن وجود نحو 160 إمرأة مجهولة المصير في سجون الحوثي، من بين المختفيات قسراً، لافتةً إلى أن عوائل تلك المختفيات لا يعرفون أي شيء عنهن أو عن مصيرهن، منذ اختفاءهن.
مؤشرات ارتباط حالات الخطف بعمليات الاتجار بالبشر، يشير إليها المصدر الخاص، بأن الكثير من المعتقلات يتم توقيفهن من قبل حواجز الميليشيات بشكلٍ عشوائي، وغالباً دون تهم واضحة، خاصةً وأن عدد كبير منهن لا علاقة له بالسياسة أو الأنشطة السياسية، مضيفاً: “المرأة بحد ذاتها تحولت إلى هدف لميليشيات الحوثي وهو ما يثير الريبة حول ارتفاع معدلات الاعتقالات بين النساء وخطفهن والهدف من ذلك”.
من جهته، يؤكد التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، أن السجون السرية للحوثيين تضم حالياً أكثر من 300 معتقلة، بينهن 204 معتقلة تم اختطافهن في العاصمة صنعاء، التي تسيطر عليها الميليشيات.
تصاعد عمليات الخطف والاعتقال، يتم التمهيد له بحسب ما يشير إليه المصدر الخاص، من خلال حملة تحريض مشددة، بذريعة منع الاختلاط واللبس المحتشم، واعتقالها بحجة تهذيبها وتحسين أخلاقها، مضيفاً: “تركيز الحوثي على النساء، يمثل بدوره مؤشر على تكرار سياسات وممارسات النظام الإيراني، من خلال فرض نمط لباس في المجتمع اليمني متناغم مع نظيره المفروض على المرأة الإيرانية، وبالتالي ترسيخ ثقافة الملالي الإيراني في اليمن، وخلق جيل جديد تربى على تلك الثقافة”.
طعن وتهم لا أخلاقية
“الشرف والدعارة”، تهم تتصدر قائمة الاتهامات الحوثية للنساء، حيث يلفت المصدر الخاص إلى أن كافة المعتقلات كن يجبرن على تقديم اعترافات بأنهن خضن بأعمال الدعارة والأعمال اللا أخلاقية، مضيفاً: “الحوثي يسعى للقضاء على المعتقلات بشكل كامل، بمن فيهن اللاتي يخرجن إلى الحياة مجدداً، فهم يدركون معنى أن تطعن المرأة بشرفها في المجتمع اليمني، خاصةً وأن الكثير من المعتقلات واجهن رفضاً مجتمعياً بعد خروجهن، والبعض خسرن حياتهن على يد عوائلهن، وهذا هو أبشع استهداف أو ممارسة تركتبها الميليشيات في اليمن، قتل النساء وهن أحياء”.
شهادة المصدر الخاص، تؤكدها المعتقلة السابقة في سجون الحوثي، “سميرة الحوري”، مشيرةً بدورها إلى أنها أجبرت قبل الإفراج عنها؛ على الاعتراف أمام الكاميرا بممارسة مهنة الدعارة، التي لفقتها الميليشيات، على حد قولها، وأن الكثير من المعتقلات تعرض لضغوط كبيرة حتى يصورن اعترافات مماثلة.
ما ذكره المصدر الخاص، سبق وأكده تقرير أممي صدر مطلع شهر ايار الجاري، إذ رصد تقرير أعده فريق خبراء من الأمم المتحدة معني باليمن انتهاكات قامت بها ميليشيات “الحوثي”، على الصعيدين الإنساني والعسكري.
التقرير الذي قُدّم للجنة في مجلس الأمن الدولي، ونشر في الرابع من شهر أيار الجاري، ذكر أن الحوثيين يستخدمون شبكة “الزينبيات”، التي يترأسها مدير إدارة البحث الجنائي في صنعاء سلطان زابن.
وتشكل “الزينبيات” ما يشبه “الجهاز الاستخباراتي”، وتشمل مسؤولياتهن تفتيش النساء والمنازل، وتلقين النساء أفكار الجماعة، وحفظ النظام في سجون النساء، كما يقمن بانتهاكات تتمثل بـ”الاعتقال والاحتجاز التعسفي للنساء، والنهب، والاعتداء الجنسي، والضرب، والتعذيب، وتيسير الاغتصاب في مراكز الاحتجاز السرية”، وذلك وفقاً لما ورد في التقرير.
عنف واغتصاب وانسانية معدومة
الحديث عن ما تعانيه المرأة اليمنية داخل السجون الحوثية، يعني التعرض لحوادث الاغتصاب والانتهاك الجنسي، وهو ما تؤكده الشاعرة والمهتقلة السابقة، “برديس السياغي”، الأمر الذي دفع الكثير من المعتقلات إلى محاولة الانتحار، على حد قولها، كاشفةً أن البعض منهن، بين عمر 13 عام و 35 عام، أجبرن على تصوير فيديوهات جنسية، لمنعهن من الحديث عن ما يتعرضن له داخل تلك السجون.
في ذات السياق، تضيف “السياغي”: رجال الحوثي يبقون السجينات في المعتقل إلى حين اختفاء آثار التعذيب عن أجسادهن، كما أنهم كانوا يصادرون كل ما في حوزتهن من أوراق ثبوتية، وتهديدهن عند الخروج والإفراج بتلفيق قضايا دعارة لهن”.
أما عن دور فرقة زينبيات، تشير الشاعرة اليمنية في حديث إعلامي، إلى أن تلك الفرقة تعنى بإدارة سجون النساء والمشاركة في عمليات التعذيب، لافتةً إلى أن عمليات التعذيب تمتد إلى الصعق الكهربائي والحرمان من الطعام والحجز في زنزانة إنفرادية، وهي التي كانت تتولاها الفرقة النسائية.
وتتكون فرقة “زينبيبات”، التي تم تأسيسها بعد انقلاب الحوثيين عام 2015، من مجوعة غير معروفة العدد من النساء المواليات للحوثيين وزوجات للقياديين في الميلشيات، في حين يشبهها مجموعة من الناشطين اليمنيين بفرق الحسبة النسائية التي شكلها تنظيم داعش سابقاً.