“موسكو عادت إلى العالم من بوابة سوريا” هذا ما قاله الأمين لعام لحزب الله اللبناني “حسن نصر الله”، في شرح مسترسل عن تفاصيل التدخل الإيراني في سوريا مع انطلاق الربيع العربي، ودوره عبر قائد فيلق القدس الإيراني السابق “قاسم سليماني” في قمع الثورة السورية، الذي استدعى الروس لمناصرة نظام الأسد، كاشفا عن لقاء جمع “سليماني” بالرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، لإقناعه في الدخول إلى المنطقة.
قناة الميادين الموالية لطهران قابلت “حسن نصر الله” أمس الاحد في لقاء أسمته “حوار العام”، بالتزامن مع اقتراب ذكرى مقتل “قاسم سليماني”، الذي لقي مصرعه بضربة جوية أميركية بداية العام الحالي قرب مطار بغداد في العراق، وقال “نصر الله” إن ” سليماني ذهب إلى موسكو والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لساعتين ولعب دوراً في إقناعه لدخول روسيا العسكري، بعد عرض الشهيد سليماني للواقع الميداني”، مضيفا “الدخول العسكري الروسي في سوريا كان مؤثراً جداً”، موضحاً أن موسكو كانت مترددة بشأن الدخول في الحرب الدائرة في سوريا.
التدخل الإيراني..
بدأت الاحتجاجات في سوريا في آذار 2011، بمظاهرات سلمية تطالب بالإصلاح ثم إسقاط النظام السوري الذي واجهها بالعنف بمساندة إيرانية مباشرة، لتنتقل إلى العمل المسلح مطلع 2012.
“حسن نصر الله” كشف أن سليماني “كان أول من تنبه إلى الخطر القادم إلى سوريا تحت حجة الربيع العربي “، مشيرا إلى أن “قائد فيلق القدس السابق” كان في دمشق عند تنحي الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك (في شباط 2011)، وجاء إلى بيروت ليجتمع معي”.
وأضاف أنه وسليماني اجتمعا بعدها مع بشار الأسد في دمشق، وطلبا منه أن يستعد وأن تتجهز جميع أجهزة الدولة، موضحا أن قرار بشار الأسد “الصمود كان الدافع الرئيس لحلفائه في دعم دمشق والدخول في المواجهة إلى جانبها”.
انقلاب الضيف على الضيف..
تدخلت روسيا في سوريا داعمة نظام الأسد وحليفه الإيراني في أيلول 2015، في وقت كان النظام وميليشيات إيران يتراجعان أمام ضربات المعارضة على امتداد الخارطة السورية.
ومع دخول الروس إلى جانب النظام رجحت كفته واستعادت قواته مواقع استراتيجية، وهو ما يؤكده مسؤولون الروس ويعزون الفضل للجيش والأسلحة الروسية بذلك.
تقاطعت في السنوات الأخيرة مصالح روسيا وإيران على الجبهات السورية، وتطور المشهد شيئا فشيئا واصلا على ما يطلق عليه بالحرب الباردة، كون الروس يقفون أمام معادلة صعبة، على خلفية تقاربهم الكبير مع إسرائيل من جهة، وعلاقتهم المستمرة مع طهران، التي تشاركهم نظام الأسد في سوريا.
في تشرين الثاني الفائت أصدرت وكالة “فارس” الإيرانية تقريرا، تنتقد فيه الحضور الإيراني الذي وصفته بالباهت وغير المؤثر في سوريا، مقارنة بالتواجدين الروسي والصيني هناك، لافتا إلى استباق روسيا والصين للاستثمار في سوريا بشكل يفوق إيران، رغم التوافق السياسي بين طهران ودمشق.
وعسكريا، سيطرت روسيا على الجنوب السوري عبر تسوية مع فصائل المعارضة سلمت بموجبها للنظام المحافظة القريبة من خط الاشتباك الأقرب مع الجيش الإسرائيلي، وسط أنباء عن اتفاق مع إسرائيل على إضعاف التواجد الإيراني هناك.
شرقا، عززت القوات الروسية خلال الأسبوعين الفائتين، من تواجدها العسكري على الحدود السورية العراقية، والتي تعد الممر البري الوحيد لإيران إلى شرق المتوسط عبر العراق، وتحديدا في محافظة دير الزور بمدينة البوكمال شرقي سوريا وقرب محافظة القائم العراقية، بالتزامن مع انسحاب للحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة لطهران ومنها حزب الله بشقيه اللبناني والعراقي.
أما الشمال السوري فتحرك الروس على مدار الأسبوعيين الماضيين في المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية في ريف الرقة، في محاولة منهم وفق محللون وضع قدم لها في المنطقة الغنية بالثروات الباطنية، وسط التواجد العسكري الأميركي، ومحاولة منافسته، وبخاصة في منطقة التنف والمناطق النفطية في دير الزور والحسكة.
إهانة المضيف..
قال “نصر الله” في مقابلته أمس إن “ميزة سوريا في استقلالية قرارها وشجاعة قيادتها وعدم خضوعها لا للأعداء ولا للحلفاء”، مشيراً إلى أن “سوريا لم تكن مستهدفة من أجل فلسطين والمقاومة فقط بل أيضاً من أجل احتلالها ونهب نفطها وغازها”.
في حين تعمد الحليفان روسيا وإيران على مدى سنوات الثورة السورية، إهانة نظام الأسد عبر إعلانات صريحة من قبل مسؤوليهم بنسب النصر لهم، وأنه لولاهم لما بقي الأسد على رأس الحكم في سوريا.
كذلك تلاحقت إهانات الضيوف عبر تسريبات لطالما صمت تجاها نظام الأسد، إلا أن آخرها كانت روسية مؤخرا هذا العام ، جاءت كالصاعقة على “بشار الأسد”، إذ تحدثت عن “عجز” الرجل وفساد نظامه، وركز إعلام الأخير أنها أي التسريبات “لا تعبر عن موقف الإدارة الروسية”، لكن ردود أفعاله الأولى لم تظهر ذلك مع استمرار الإهانات، فأوعز حسب مصادر خاصة لمينا للنائب في البرلمان “خالد العبود”، بتهديد الرئيس الروسي بوتين، والقوات الروسية المنتشرة في اللاذقية، بقاعدة حميميم الجوية، عبر تهديد فيسبوكي صريح للقوات الروسية، خاصة في “جبال اللاذقية” وهددها بحريق يطالها، في تلك المنطقة، متوعدا بما سمّاه “إشعال جبال اللاذقية ضد المحتل الروسي” كفرضية منه، ردا على “فرضيات” روسية تناولت مصير الأسد، وإمكانية رحيله، كبوابة لحل سياسي في سوريا.
جيفري على الخط..
قبل أسبوعين أوضح “جيمس جيفري”، المبعوث الأميركي السابق للملف السوري والتحالف الدولي ضد “داعش”، أنه “نصح” إدارة الرئيس المنتخب “جو بايدن” بالاستمرار بالسياسة التي اتبعتها إدارة الرئيس “دونالد ترمب” في سوريا، لأنها “ناجحة”.
وأضاف أن بلاده تقدم “الدعم الضروري” لإسرائيل في جهودها لمنع “تموضع” إيران في سوريا لافتاً إلى وجوب خروج إيران وقواتها من سوريا في “أية تسوية نهائية”.
وقال المبعوث الأميركي السابق، رداً على سؤال أن روسيا “في خضم المستنقع السوري”، مضيفاً أن الروس “يدركون أنهم في المستنقع، لكن حتى لو كنت في مستنقع، وهذا حصل معنا في فيتنام، فإن الأمر يأخذ وقتاً كي تدرك ذلك وتتصرف على هذا الأساس”، لافتاً إلى أن أميركا “ستواصل الضغط إلى أن يدركوا ذلك” ويوافقوا على تسوية في سوريا، إذ قال: “أميركا تقبل سوريا بوجود روسيا وبخروج إيران”.